بوساطة روسية.. مصالحة مع 6 فصائل بينها «جيش الإسلام» في ريف دمشق

ناشطون: النظام يسعى لتجنب معارك في مناطق حيوية حول العاصمة

قافلة مساعدات تابعة للصليب الاحمر الدولي، تجتاز الابنية المدمرة في قرية (تير معلا) شمال مدينة حمص التي تضم الآلاف من سكانها المحاصرين من قبل النظام (إ ف ب)
قافلة مساعدات تابعة للصليب الاحمر الدولي، تجتاز الابنية المدمرة في قرية (تير معلا) شمال مدينة حمص التي تضم الآلاف من سكانها المحاصرين من قبل النظام (إ ف ب)
TT

بوساطة روسية.. مصالحة مع 6 فصائل بينها «جيش الإسلام» في ريف دمشق

قافلة مساعدات تابعة للصليب الاحمر الدولي، تجتاز الابنية المدمرة في قرية (تير معلا) شمال مدينة حمص التي تضم الآلاف من سكانها المحاصرين من قبل النظام (إ ف ب)
قافلة مساعدات تابعة للصليب الاحمر الدولي، تجتاز الابنية المدمرة في قرية (تير معلا) شمال مدينة حمص التي تضم الآلاف من سكانها المحاصرين من قبل النظام (إ ف ب)

أعلن المركز الروسي لتنسيق الهدنة في سوريا أمس، التوصل إلى اتفاق مصالحة في بلدة الرحيبة في القلمون الشرقي بريف دمشق بين قوات النظام السوري، و6 فصائل عسكرية تسيطر على المنطقة: «يضمن فيها وقف إطلاق النار في منطقة الرحيبة ويساعد على انتشاره وتطبيقه في المدن والبلدات المجاورة»، وذلك بوساطة روسية، في الوقت الذي نشر فيه ناشطون صورًا لاحتفالات بإطلاق سراح معتقلين من سجون النظام، كجزء من الصفقة.
وفيما لم يعلن «جيش الإسلام» موقفًا يؤكد أو ينفي المصالحة، قال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن بأن هذه الخطوة «تأتي تعزيزًا للمصالحات القديمة في المنطقة»، مشيرًا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن اتفاقًا سابقًا كان توصل إليه النظام مع الفصائل العسكرية الموجودة حول العاصمة السورية.
والرحيبة، تعد منطقة عسكرية حيوية بالنسبة لقوات النظام، حيث تتواجد في محيطها قواعد وثكنات ومساكن عسكرية، وهي منطقة جبلية تبعد عن دمشق نحو 50 كيلومترًا في ريفها الشمالي الشرقي.
ويقول ناشطون سوريون بأن النظام يسعى إلى تجنب المعارك في تلك المنطقة في القلمون الشرقي، نظرًا لقربها من أوتوستراد دمشق – حمص الدولي، كما أنها تبعد مسافات قليلة عن منطقة عدرا، بوابة الغوطة الشرقية، والخاضعة لسيطرة النظام السوري.
وبالإضافة إلى أن تلك المنطقة الصحراوية تمر عبرها خطوط الغاز من البادية السورية إلى محطات توليد الكهرباء في ريف دمشق، يسعى النظام لتجنب معارك في مناطق حيوية حول العاصمة، عبر عقد مصالحات والتوصل إلى اتفاقات مع قوات المعارضة فيها.
وبينما لم تعلن موسكو عن الفصائل العسكرية الست التي انضمت إلى اتفاق المصالحة، سرت معلومات عن أن «جيش الإسلام» الذي يعتبر أبرز الفصائل العسكرية المعارضة التي تتمتع بنفوذ كبير في ريف دمشق الشرقي والقلمون الشرقي، سهل عملية التوصل إلى المصالحة. ولم يعلن «جيش الإسلام» عن الخطوة، كما لم تستطع «الشرق الأوسط» الحصول على تأكيدات أو نفي من الناطق باسمه النقيب إسلام علوش.
وتزامنت مراسم التوقيع على الاتفاق مع تقديم المساعدات الإنسانية، حيث قام العسكريون الروس بتوريد نحو 3.5 طن من المساعدات إلى ناحية الرحيبة. وأعلن ناشطون موالون للنظام عن وصول طائرة روسية إلى مطار دمشق الدولي تحمل على متنها مساعدات إنسانية إلى أهالي بلدة الرحيبة في القلمون الشرقي بريف دمشق.
وقال ممثل المركز الروسي لتنسيق الهدنة في سوريا، العقيد زرايف، للصحافيين أمس: «بمشاركة أصدقائنا من وزارة المصالحة والحكومة المركزية، متمثلة بنائب المحافظ، فضلا عن مركز تنسيق الهدنة بين الأطراف المتحاربة في سوريا، تمكنا من توقيع استمارات طلب المصالحة مع ممثلي مجموعات مسلحة، لقد توصلنا إلى اتفاق بين الطرفين».
بدوره، أعلن ممثل وزارة المصالحة في حكومة النظام السوري ياسر سعد الله، أن «المركز الروسي لتنسيق الهدنة لعب دورا كبيرا، وهو دائما ينسق أعماله مع وزارة المصالحة ويلعب دور الوسيط والضامن خلال المفاوضات مع المسلحين».
وفي وقت طالب بعض الناشطين جيش الإسلام بتوضيح الالتباس الذي يحيط بالمصالحة، وما إذا كان فعلا هو أحد الأطراف الموقعة عليها، نشرت مواقع إلكترونية في الغوطة الشرقية صورًا تظهر مقاتلين يحملون أعلام جيش الإسلام، ويواكبون أشخاصًا، قالوا: إنهم معتقلون في سجون النظام، قام «جيش الإسلام» بتحريرهم، مشيرين إلى أن «الفرحة تعم المنطقة».
وأوضح ناشطون في صفحة «تجمع عقربا في جنوب دمشق»، أنه «بضغط من جيش الإسلام في جنوب دمشق؛ أفرج النظام عن امرأتين وطفلة كان قد اعتقلهن صباح أمس على حاجز ببيلا».
وسبق الإعلان الروسي عن هذه المصالحة، إعلان عن انسحاب قوات «داعش» يوم الجمعة الماضي، من منطقة الضمير التي كان دخلها التنظيم واشتبك مع قوات النظام على أطرافها ومع قوات المعارضة في داخلها، علما بأن بلدة الضمير، التي لا تبعد أكثر من 10 كيلومترات جنوب الرحيبة، كان يسري فيها اتفاق المصالحة الموقع في العام 2013 بين النظام والمعارضة، ورعته فعاليات اجتماعية في البلدة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.