قصر «لا كول نوار».. حلم مجهض يستنشق الأزهار والورود من جديد

الدار استغرقت 3 سنوات لترميمه.. و«كريستيان ديور» تكشف من خلاله جانبًا مهمًا من حياة مؤسسها

منظر بانورامي للمنزل الذي خطف أنفاس كريستيان ديور أول ما رآه.. لكنه خضع الآن لعدة ترميمات تجعل منه تحفة فنية تستحق الزيارة
منظر بانورامي للمنزل الذي خطف أنفاس كريستيان ديور أول ما رآه.. لكنه خضع الآن لعدة ترميمات تجعل منه تحفة فنية تستحق الزيارة
TT

قصر «لا كول نوار».. حلم مجهض يستنشق الأزهار والورود من جديد

منظر بانورامي للمنزل الذي خطف أنفاس كريستيان ديور أول ما رآه.. لكنه خضع الآن لعدة ترميمات تجعل منه تحفة فنية تستحق الزيارة
منظر بانورامي للمنزل الذي خطف أنفاس كريستيان ديور أول ما رآه.. لكنه خضع الآن لعدة ترميمات تجعل منه تحفة فنية تستحق الزيارة

في 12 فبراير (شباط) 1947، أصبح كريستيان ديور، أشهر مصمم أزياء في العالم.. فبين ليلة وضحاها حقق ما لم يحققه غيره، حيث أعاد باريس إلى الخريطة عاصمةً للموضة العالمية دون منازع، وأعاد للمرأة الأنوثة التي افتقدتها طوال سنوات الحرب، وما تطلبته من تقشف واستعمال أقمشة خشنة وتصاميم عملية. في المقابل، قدم لها تصاميم رومانسية طبعها بالورود المتفتحة، فيما أصبح يطبع أسلوبه ويدخل في جينات الدار التي أسسها.
ما يعرف عنه، تفاؤله إلى حد الهوس بالورود والأزهار، التي كانت تلهمه وتغذي خياله، وفي الوقت ذاته تذكره بطفولته في بيت العائلة «لي رامب»، وتلك الساعات السعيدة التي كان يقضيها مع والدته يزرع الورود أو يقطفها. هذه الذكريات كانت وراء عدد من الإبداعات في مجال الموضة والعطور، التي لا تزال تلقى شعبية كبيرة حتى الآن، وليس أدل على هذا من عطره «ميس ديور» و«ديوريسيمو».
في عام 1957، توفي السيد كريستيان ديور فجأة، وبعملية حسابية بسيطة، كان من الممكن أن يختفي اسمه تماما ولا يتذكره سوى قلة من الناس؛ إذ إن سنوات عطائه لم تتعد عشر سنوات، حيث قدم أول تشكيلة له في عام 1947. لكن العكس حصل، فهو من أهم المؤسسات الثقافية الفرنسية، وفي كل مرة نكتشف وجها جديدا له، وتنسج الدار قصة مثيرة من خيط بسيط تلتقطه عن حياته. هذه المرة كان الخيط هو بيت «لو شاتو لا كول نوار» LE CHATEAU LA COLLE NOIRE، المطل على سهل Montauroux. منزل بني في عام 1858، على بعد 40 كيلومترا من مدينة «كان» بجنوب فرنسا، و18 كيلومترا من عاصمة العطور الفرنسية غراس. وقع في حبه من النظرة الأولى رغم أنه كان مهملا، وبعد أن اشتراه حاول ترميمه وتجديده ليكون البيت الذي يقضي فيه بقية أيامه، حسب ما كتبه في سيرته: «أفكر فيه كبيتي الحقيقي، البيت الذي سأنسى فيه يوما ما كريستيان ديور المصمم، وأصبح مجرد إنسان مغمور وعادي مرة أخرى». لكن الموت باغته ولم يعطه فرصة لتحقيق هذا الحلم. المهمة التي أخذتها دار العطور المتخصصة على عاتقها أن تحيي هذا الحلم، فالكل فيه يعرف أن المصمم كان خجولا، لا يميل إلى الأضواء ولا يبحث عنها، بل كان حساسا إلى درجة أنه كان يعاني من حالات قلق وتوتر وأرق، قبل أي عرض أزياء. يعرفون أيضا أن أسعد أوقاته كانت تلك التي يهرب فيها إلى جنوب فرنسا، بعيدا عن أفينو مونتين مقر الدار الرئيسي، لينام بين أحضان الطبيعة. كان دائما يتوق لبيت في الريف يلخص فلسفته وحياته، ويستعيد فيه ذكريات الطفولة، قبل أن تنقلب حياته رأسا على عقب بسبب الحرب وويلاتها. في عام 1951 عثر على بغيته متجسدة في «لو شاتو لا كول نوار» LE CHATEAU LA COLLE NOIRE، وهذا العام تفخر «دار كريستيان ديور للعطور المتخصصة» بافتتاحه. فقد اشترته عام 2013، واستغرق ترميمه ثلاث سنوات، لهذا فإن 2016، بالنسبة للدار، عام تاريخي.
وتؤكد الصور أن المنزل ليس مجرد معلم تاريخي، كان مؤسسه السيد كريستيان ديور يحلم أن يقضي فيه سنواته الأخيرة، بقدر ما هو لوحة فنية تدغدغ كل الحواس بمناظره وطبيعته الخلابة وهدوئه، وطبعا روائحه الزكية، وهو ما تعقد عليه دار العطور المتخصصة كثيرا من الآمال لبناء إمبراطورية في عقر عاصمة العطور.
أهميته العاطفية والعملية، تكمن في أنه لا يبعد عن بيت العائلة «لي رامب» بغرانفيل، حيث عاش طفولة سعيدة، يزرع فيها الورود ويستنشق فيها الأزهار والأخشاب العطرية مع والدته، مما حفزه عندما اشترى هذا المنزل، على أن يعيد كتابة كثير من العناصر القديمة فيه، حيث أشرف بنفسه على زرع آلاف الأشجار والأزهار العطرية، فيما أسند مهمة الديكور الداخلي للمهندس المعماري آندريه سفتشين. أول ما قام به المهندس أنه تخلص من الغرف الصغيرة وحولها إلى صالونات مفتوحة وأجنحة شاسعة تتيح دخول الضوء الطبيعي، وتجعل الداخل امتدادا للخارج. كان السيد ديور يذكره دائما بأنه يصمم له البيت الذي سيقضى فيه سنوات طويلة وسعيدة من حياته، قبل أن يباغته الموت ويجهض حلمه.
ولا تزال الكلمات التي كتبها في سيرته الذاتية عام 1956 يتردد صداها، مؤكدة على هذه الأهمية: «أكتب السطور الأخيرة هذه وأنا في مدينة مونتورو، حيث ساقني القدر إلى هذا المكان الهادئ في ريف الجنوب ليشهد آخر أعمالي. الليل ينحسر حاملا معه سلاما لا نهاية له». النهاية التي كان يقصدها هنا كانت وضع النقطة الأخيرة في سيرته الذاتية، ولم يكن يقصد بها خذلان قلبه له، وأنه قد يفسر بالنهاية.
شغفه بالمكان ظهر أيضا في كتاب نشرته ماري فرنس بوشنا، في عام 1993، بعنوان «كريستيان ديور.. الرجل الذي جعل العالم يبدو بلون جديد»؛ حيث كتبت أنه قال: «أريد أن يكون هذا المنزل بمثابة بيت عائلي، تشعر فيه بأن أجيالا عديدة توالت عليه وتوارثته. لا أريد أي شيء يبدو فيه جديدا، ويجب أن تكتسي كل جزئية فيه بمظهر معتق يعطي الانطباع بأن له تاريخا، وبأنه غني بذكرياته ومثقل بتجارب الزمن».
في عام 1968 بيع المكان وتعرض للإهمال، ثم بيع مرة أخرى في عام 1976 لمالك استخدمه لاستضافة السائحين وإقامة الحفلات الفخمة، خصوصا أن اسمه - أو بالأحرى اسم صاحبه السابق - كريستيان ديور، كان يثير كثيرا من الاهتمام ويزيد من الإقبال عليه. جماله شجع أيضا مجموعة Oasis في عام 1999 على تسجيل ألبومها الرابع «Standing on the Shoulder of Giants» فيه.
وبما أن بيوت الأزياء الكبيرة تتبع حاليا تقليدا مهما، يتمثل في العودة إلى جذورها ومحاولتها البناء على هذه الجذور، في زمن أصبح فيه الذواقة يريدون منتجات وأسماء لها أصل وتاريخ، كانت المسألة مسألة وقت لتستعيده الدار وتعيد له مجده القديم. وفي الوقت ذاته، تحقق حلم كريستيان ديور في أن يحمل اسمه ويتحول إلى معلم في عاصمة العطور غراس، التي تبعد عنه بنحو 18 كيلومترا فقط.
وكانت «دار كريستيان ديور للعطور المتخصصة» قد اشترته في عام 2013 بصفته جزءا من تراثها، وافتتحته هذا العام. ويقول المسؤولون إن العملية كانت طبيعية، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن السيد ديور استلهم عطره الشهير «ديوريسيمو» في المنطقة، وهو عطر تغلب عليه رائحة زنبقة الوادي وأزهار عطرية أخرى ولا يزال يحقق للدار كثيرا من النجاح. العامل الآخر الذي شجعها على استعادته، قربه الجغرافي من مدينة غراس، مسقط رأس عطارها فرنسوا ديماشيه، الذي سيبدأ من الآن فصاعدا ابتكار وصنع عطور «ديور» هنا، على أن يكون باكورتها عطر ستطلقه الدار في الأسواق في شهر مايو (أيار) المقبل، يحمل اسم «كول نوار» Colle Noire على اسم المنزل.
وهكذا عادت الحياة مرة أخرى للمكان، فيما أنيطت مسؤولية تصميم الديكور إلى المهندس إيف دي مارسي Yves de Marseille، الذي قام بعملية ترميم شملت الأرضيات وغرف الضيوف والاستقبال، فضلا عن بهو المدخل ومكتب السيد ديور، الذي كتب فيه سيرته الذاتية، ورسم فيه تصوره للأنوثة والرومانسية.
وحتى لا ينسى الناس علاقة المصمم بفنانين من عصره، ومدى دعمه لهم، أنشأ المهندس أجنحة تحمل أسماء فنانين، مثل: شاغال، وبيكاسو، ودالي.. وغيرهم.
ولم يقتصر التجديد على الداخل، بل امتد أيضا إلى الحديقة المترامية على مساحة 50 هكتارا تقريبا. أشرف على تصميم هذا الفضاء وتشذيبه، مهندس تنسيق المواقع المتخصص في هندسة المناظر الطبيعية، فيليب ديليو. في لقاء خاص، قال إنه حرص على أن يكون الخارج امتدادا للداخل، لهذا وضع أحواض زينة مستلهمة من طراز القرن الثامن عشر، وأحاطها بصناديق الأشجار، كما زرع شجيرات الورد وأزهار السوسن والبنفسج والياسمين، وما شابه من أمور يعرف أن كريستيان ديور كان يهتم ويحلم بها. أما بالنسبة للأشجار الوارفة، من أشجار الزيتون إلى شجر السرو، الذي يبلغ طوله الآن أكثر من 15 مترا، فقال: «كانت موجودة أساسا، وكل ما قمت به أني حاولت إعادة تنسيق المنظر الطبيعي للحديقة، بتقليمها حتى يتكشف جمالها أكثر، وزراعة عشرات الآلاف من شجيرات زهرة «مايو»، وأشجار العنب، وأشجار اللوز، والمزيد من أشجار الزيتون».

* مدينة غراس وعطور «ديور».. بالأرقام

- لإنتاج كيلوغرام واحد من أزهار الياسمين، يحتاج العطار إلى ما بين 8 آلاف و10 آلاف زهرة.
- لإنتاج لتر واحد من الزيت العطري الخام، يحتاج إلى 700 كيلوغرام من أزهار الياسمين.
- كمية الأزهار التي يقطفها عامل واحد في اليوم، تقدر بما بين 10 كيلوغرامات و20 كيلوغراما.
- طريقة القطف مهمة جدا؛ إذ يجب التأكد من قطف الزهرة من أسفل الكأس.
- تبلغ مساحة المعمل الذي أنشأته مؤسسة «إلفي آم آش» لدار «ديور» في مدينة غراس، 320م2.
- تحتوي عطور «ديور» على 50 - 100 زيت عطري خام.
- 30 عاما، هو متوسط العمر المتوقع لزهرة الياسمين.
- 15 عاما، هو متوسط العمر المتوقع لشجيرة الورد.
- 30 ألفا، هو عدد الأزهار المطلوبة لإنتاج كيلوغرام من الزيت العطري الخام.
- هناك مشروع تنوي خلاله «دار كريستيان ديور للعطور» زراعة 20 ألف شجيرة من زهرة «مايو»، رغم أنها زهرة ضعيفة للغاية، وإذا لم يتم قطفها في اليوم الذي تزهر فيه، تصبح غير صالحة للاستخدام.
- تخضع عملية زراعة الأزهار لمعايير صارمة، بداية من الدورة المحصولية للأزهار، وتبوير الأرض لمدة عامين، وحتى قطف المحصول يدويا.
> تشتهر مدينة غراس بأزهار مثل زهرة «مايو»، والياسمين، والميموزا، ومسك الروم، والنارنج. والفضل يعود إلى أن أرضها تنعم لأكثر من 300 عام بالماء والشمس، وتربة جيرية طينية. لهذا، وعلى الرغم من التطور الذي شهدته صناعة دباغة الجلود في المدينة خلال القرن الرابع عشر، فإن الروائح التي كانت تنبعث من هذه الأزهار والأعشاب شجعت على زراعة النباتات العطرية في القرن السابع عشر، الأمر الذي تحول إلى تقليد وثقافة يعتز بها السكان، ويتوارثون أسرارها أبًا عن جد.



المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.