تخيم أجواء التشاؤم على بداية المحادثات السورية غير المباشرة التي تشهد اليوم أول لقاء بين المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا ووفد النظام عصرا وذلك عقب لقاء ثان مع وفد الهيئة العليا للمفاوضات الذي يرأسه أسعد الزعبي. وأفادت أوساط المعارضة السورية أن رئيس المنسق الأعلى للهيئة العليا رياض حجاب سيصل غدا إلى جنيف، وجديد هذه الجولة أن كامل هيئة التفاوض موجود في جنيف وأن الوفد عمد إلى إعادة تشكيل لجنتين لتنكبا على المسائل الخاصة بالمرحلة الانتقالية التي يردد دي ميستورا أنها ستكون في قلب الجولة الراهنة.
وأمس عقدت الهيئة مجموعة من الاجتماعات «الداخلية» ولكن أيضا مع ممثلي المجموعة الضيقة من أصدقاء المعارضة لتنسيق المواقف بانتظار ما سيأتي به وفد النظام من ردود على الأسئلة الخطية الـ29 التي طرحها دي ميستورا على الوفدين. وبعكس الكلمات التي استخدمها المبعوث الدولي، أول من أمس، التي أشار فيها إلى أن العواصم الثلاث التي زارها «موسكو ودمشق وطهران» موافقة كلها على موضوع عملية الانتقال السياسي، إلا أن مصادر مواكبة لمجريات جنيف، قالت لـ«الشرق الأوسط» إن المبعوث الدولي «لم يحصل على شيء» من جولته الأخيرة وإنه عاد «خالي الوفاض».
وأعرب منذر ماخوس، الناطق باسم وفد الهيئة العليا عن مخاوفه من خططك النظام وسلوكياته التي تهدف كلها، وفق ما قاله لـ«الشرق الأوسط» التي التقته أمس، إلى «إفشال الجولة الراهنة وإحراج المعارضة». وأشار ماخوس إلى أن النظام يستخدم ثلاثة أوراق ضاغطة لهذا الغرض، أولها ورقة المساعدات الإنسانية التي تراجعت في الأسبوع الأخير إلى حد التلاشي الكامل حيث لم تدخل إلى المناطق المحاصرة أي قافلة. كذلك، لم تؤمن المساعدات الإنسانية إلى المناطق المسماة صعبة الوصول إلا بنسبة 6.5 في المائة ونسبة 32 في المائة إلى المناطق المسماة «محاصرة». ويقول ماخوس إن النظام ما زال يستخدم سلاح التجويع لنزع الصدقية عن المفاوضين. أما الورقة الثانية فتتمثل في الجمود اللاحق بملف المعتقلين رغم كل الحديث الذي يجري حول الحاجة لتحريكه وأقله البدء بإخلاء سبيل النساء والقاصرين.
بيد أن الخطورة الكبرى تكمن في التصعيد العسكري. وقال ماخوس إن ما يحصل ميدانيا يذكره بما حصل في الجولة الأولى، حيث أدى الهجوم العسكري المنسق من قوات النظام والقوات الجوية الروسية إلى إجهاض جهود دي ميستورا الذي وجد نفسه مضطرا لتعليق المحادثات التي لم تبدأ أصلا. وخلاصة ماخوس أن النظام «يريد الالتفاف على جهود المبعوث الدولي لحرف الانتباه عن تشكيل الهيئة الانتقالية»، ونسف مساعي دي ميستورا إلى البدء بالنظر في العملية السياسية بعد أن غرقت الجولة الثانية في الشكليات والمبادئ. وخلاصة ماخوس أن موقف وفد الهيئة العليا هو «الترقب والحذر» وأن المعارضة «أخذت تفتقر لهوامش المناورة، وبالتالي فإذا كان موقف النظام هو التمسك بما يقوله مسؤولوه عن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية أو إثارة إشكاليات حول تمثيل المعارضة وموضوع الأكراد ومسلم صالح، فهذا سيعني بكل تأكيد «فشل المحادثات المحتم». لكن مصادر غربية رأت أنه يتعين على وفد المعارضة «الصمود لكشف النظام وإظهار أن من يعطل العملية السياسية ويرفض تنفيذ قرارات مجلس الأمن وبيان جنيف».
وأمس، عقدت المجموعة الخاصة بوقف الأعمال العدائية اجتماعا برئاسة دي ميستورا كذلك فعلت اللجنة الخاصة بالمساعدات الإنسانية. وقال سفير غربي لـ«الشرق الأوسط» مساء أمس، إن موضوع الإغاثة «يطرح تحديات جدية ويتعين علينا أن نعالجها بأسرع وقت».
وفي لقائه الصحافي مساء الأربعاء، أعلن دي ميستورا أنه يرغب في تركيز البحث على ثلاثة مواضيع هي الحكم الانتقالي وعملية الانتقال السياسي وكتابة الدستور. وأفادت مصادره في قصر الأمم أن المبعوث الدولي سيستمر على نهجه الحالي، أي على اللقاءات غير المباشرة، رغبة منه في تلافي الصدام بين وفدي النظام والمعارضة إذا ما التقيا وجها لوجه. وأفادت هذه الأوساط أن دي ميستورا امتنع حتى الآن عن كشف كافة ما يملكه من معلومات عن مواقف هذا الجانب أو ذاك، حتى يبقي الوفود في جنيف وحتى تنطلق المحادثات «ولاحقا المفاوضات» الجدية. وجاءت تصريحات نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد التي قال فيها إن المعارضة «تحلم» إذا اعتقدت أن هناك مرحلة انتقالية ستصل بواسطتها إلى السلطة، لتزيد من مخاوف وفد الهيئة ولتفتح الباب على التأزيم والتصعيد وتكثيف العمليات العسكرية.
وبأي حال، تتوقع مصادر دبلوماسية غربية أن تبدأ بالظهور منذ اليوم، أي مع الاجتماع الأول للمبعوث الدولي مع وفد النظام، الصعوبات الحقيقية إذا بدأ البحث بـ«مضمون عملية الانتقال السياسي». ووفق أكثر من مراقب، فإنه «لا شيء» يجمع بين رؤية المعارضة ورؤية النظام، وبالتالي سيتعين على دي ميستورا وخصوصا على الطرفين الأميركي والروسي وعلى مندوبي مجموعة الدعم لسوريا الموجودين في جنيف، أن يخرجوا كنوز الدبلوماسية وما تحمله لغتها من غموض «بناء»، للإبقاء على خيط الحوار الواهي قائما. وتضيف هذه المصادر أنه إذا فشلت هذه الجولة فلا أحد يستطيع التكهن بقدرة الأمم المتحدة على إعادة المتقاتلين إلى طاولة الحوار المباشر أو غير المباشر في جنيف أو في أي مدينة أخرى.
أجواء التشاؤم تخيم على انطلاق الجولة الثانية من المحادثات السورية في جنيف
مصادر غربية تتوقع أن تحيط الصعوبات ببحث «مضمون عملية الانتقال السياسي»
أجواء التشاؤم تخيم على انطلاق الجولة الثانية من المحادثات السورية في جنيف
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة