مصدر لـ «الشرق الأوسط»: رفاعي طه كان في مهمة لتوحيد «النصرة» و«أحرار الشام» قبل مقتله

كتابه تضمن اعترافًا وتبريرًا لمذبحة الأقصر عام 1997

رفاعي طه
رفاعي طه
TT

مصدر لـ «الشرق الأوسط»: رفاعي طه كان في مهمة لتوحيد «النصرة» و«أحرار الشام» قبل مقتله

رفاعي طه
رفاعي طه

كشف قيادي أصولي مصري بلندن لـ«الشرق الأوسط» أن رفاعي طه (أبو ياسر) الذي كان يعد مسؤول الجناح العسكري لـ«الجماعة الإسلامية» في فترة التسعينات، «كان في مهمة لتوحيد جبهتي النصرة وأحرار الشام في سوريا، لمواجهة نظام الأسد، غير أن قصفًا صاروخيًا استهدف سيارته، ما أدى لمقتله على الفور». وقال ياسر السري (أبو عمار المصري) مدير ومؤسس «المرصد الإعلامي الإسلامي» بلندن، وهو هيئة حقوقية تهتم بأخبار الأصوليين حول العالم، وقال إن طه (أبو ياسر) كان يتحرك بجواز سفر دبلوماسي سوداني إبان وجوده في السودان في الفترة التي سبقت اعتقاله في سوريا عام 2001، وأوضح السري أنه أشرف شخصيا على إصدار كتاب رفاعي واسمه «إماطة اللثام عن بعض أحكام ذروة سنام الإسلام»، مضيفا: «وفقني الله لطباعته عام 2001 وصادرته شرطة اسكتلنديارد بعدها بشهور واعتقالي وتوجيه الاتهام لي لطباعته». وكشف السري أن أبو عمر المصري، وهو قيادي من «جبهة النصرة» قتل أيضا في الهجوم الصاروخي في سيارة طه.
ورفاعي طه أحد القيادات البارزة بالجماعة الإسلامية، ومسؤول الجناح العسكري بها، اتهم في تسعينات القرن الماضي بارتكاب «مذبحة» الأقصر (جنوب) ضد سياح أجانب، وحكم عليه وقتها بـ«الإعدام»، ثم اتهم أيضا في محاول اغتيال الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في أديس أبابا عام 1995. وأسفرت مذبحة الأقصر حينها عن مصرع 58 سائحا، وكان للعملية تأثير سلبي على السياحة في مصر، وأقيل على إثر ذلك الهجوم وزير الداخلية الأسبق، اللواء حسن الألفي.
وأُفرج عن طه عقب ثورة يناير 2011، قبل أن يهرب خارج مصر عقب فض اعتصامي بميداني رابعة (شرق القاهرة) والنهضة (غربي القاهرة).
والجماعة إسلامية، هي جماعة مصرية، تأسست أوائل سبعينات القرن الماضي، وتبنت مبدأ التغيير بالقوة، قبل أن تراجع منهجها صيف 1997 بكتب المراجعات الشهيرة، وتتخلى عن العنف، لتأسس بعد سقوط نظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، حزب «البناء والتنمية». إلا أن رفاعي طه لم يوقع على تلك المراجعات مما دفعه إلى الخروج إلى إسطنبول، ومنها إلى الداخل السوري.
وأكدت مصادر مقربة من تنظيم «جبهة النصرة» أن من بين القتلى «رفاعي طه وهو قيادي بارز وشرعي سابق في مجلس شورى الجماعة الإسلامية».
بدورها لم تعلن أي جهة رسمية عن تبنيها العملية سواء من قبل قوات التحالف أو من قبل وزارة الدفاع الروسية التي نفذت عملية اغتيال سابقا راح ضحيتها القائد السابق لـ«جيش الإسلام» زهران علوش، إضافة لعمليات مماثلة ضد تنظيم «جبهة النصرة» في ريف إدلب قتل على إثرها القيادي في التنظيم الملقب «أبو فراس السوري» والمعروف بقربه من زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن».
من جهته أكد عاصم عبد الماجد، القيادي التاريخي بالجماعة الإسلامية، وفاة الشيخ رفاعي طه، ومسؤول الجناح العسكري، في سوريا.
وأوضح عبد الماجد في تصريحات صحافية له، أن سيارة رفاعي «تعرضت لقصف بصاروخ جوي، عندما كان في مهمة لتوحيد النصرة وأحرار الشام».
رفاعي أحمد طه من مواليد 1953 ولد بأسوان وانتظم بكلية التجارة في جامعة أسيوط، حيث عاصر بزوغ الجماعة الإسلامية في جامعات الوجه القبلي الممتدة من بني سويف وحتى أسيوط وقنا. وينتمي طه للجيل الأول الذي لعب دورا هاما في تأسيس الجماعة الإسلامية المصرية قبل أن تصبح تنظيما.
وعلم رفاعي طه بتحول الجماعة الإسلامية إلى تنظيم، في يناير عام 1980. وانضم إليها وكان أحد الذين شملتهم قرارات 3 سبتمبر (أيلول) عام 1981، التي أصدرها الرئيس الراحل أنور السادات وقضت بالقبض علي 1536 معارضا من كافة الاتجاهات السياسية المصرية، من أقصي اليمين ألي أقصي اليسار، وأغلبهم كان من المتطرفين في هذا الوقت.
ظل رفاعي طه هاربا من الملاحقة، حتى وقع حادث اغتيال الرئيس السادات يوم 6 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1981، وتم القبض عليه يوم 16 أكتوبر في القاهرة، حيث كان يسعي إلى إعادة بناء التنظيم من جديد.
واتهم طه في قضية تنظيم الجهاد الكبرى، وحكم عليه بالسجن 5 سنوات قضاها، ثم خرج من السجن حيث تنقل بين عدة دول كان من بينها أفغانستان في فترة الثمانينات التي كان للجماعة الإسلامية المصرية معسكر خلدن، هناك خلالها وتنقل بين عدة دول أوروبية وغربية في إطار دعم وبناء الجماعة الإسلامية المصرية في الخارج.
وتولى رفاعي طه منصب رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية بالخارج ومسؤول الجناح العسكري بالجماعة، وشارك في تأسيس تنظيم القاعدة، كما ينسب له إصدار البيان الخاص بعملية تفجير المدمرة كول قرب السواحل اليمنية عام 2000 بالإضافة إلى كتاب «إماطة اللثام عن بعض أحكام ذروة سنام الإسلام»، الذي تضمن اعترافًا وتبريرًا لمذبحة الأقصر عام 1997 والتي تعد أبرز حادثة إرهاب ضد السائحين في تاريخ مصر الحديث وقد صدر ضده حكم بالإعدام، لكن تم الإفراج عنه عقب ثورة يناير ثم اختفى بعد فض اعتصام رابعة، وتواترت أنباء عن هروبه إلى تركيا برفقة محمد شوقي الإسلامبولي (شقيق قاتل الرئيس السادات)، وهو الأمر الذي ثبت صحته فيما بعد.
من جهته نعى عصام تليمة، القيادي الإخواني ونائب مكتب الدكتور يوسف القرضاوي السابق، وفاة رفاعي طه، الذي قتل أول من أمس بسوريا، إثر استهداف سيارة بغارة «درون» كان يستقلها من قبل قوات التحالف الدولي.
وقال تليمة على حسابه على «فيسبوك»: «رحم الله رفاعي طه، علمت بخير وفاته منذ قليل، وقد كان بيننا اتفاق على اللقاء، لكن قدر الله عز وجل حال بين اللقاء في الدنيا».
وقال الدكتور حذيفة عبد الله عزام، الباحث في شؤون «القاعدة»، والقريب من الجماعات المتشددة، في تصريحات صحافية، إن سبب وجود طه في سوريا هو أنه كان يسعى لتقريب وجهات النظر بين ما سماه بالصف القديم والصف الجديد داخل التيار الأصولي السوري، ويقصد به «جبهة النصرة، ذراع تنظيم القاعدة في الشام». وأوضح أنه كان في اجتماع بين الفريقين في مدينة سرمدا، شمالي إدلب، وتم استهداف سيارته عقب خروجه منه.
 وأوضح أن طه سافر أولا إلى تركيا ثم إلى سوريا، حيث مكنته ارتباطاته وعلاقته واسمه ومن سبقه من الجماعة الإسلامية إلى جبهات سوريا من الالتحاق بجبهة النصرة والعمل هناك معها.
جدير بالذكر، أن طه يعد من القادة التاريخيين الذين أسسوا «الجماعة الإسلامية» في جامعة أسيوط أواخر السبعينات من القرن الماضي، وخرج من الأقصر في عام 1987 بعد هروبه من المراقبة التي كانت مفروضة عليه بعد قضاء خمس سنوات في السجن نتيجة الحكم عليه في قضية «الجهاد الكبرى» المعروفة إعلاميا بقضية اغتيال الرئيس الأسبق محمد أنور السادات 1981، وتمكنت المخابرات المصرية عن طريق الإنتربول الدولي من القبض على رفاعي طه في مطار دمشق، عند وصوله إليه ترانزيت في رحلة بين السودان وأفغانستان، وتم ترحيله إلى القاهرة في عام 2001، حيث ظل سجينا إلى أن أطلق سراحه في ثورة يناير 2011.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.