الشركات السعودية تبدأ إعلان نتائجها وسط تغيرات متوقعة في «البنوك» و«البتروكيماويات»

مؤشر السوق أنهى تعاملات أمس على مكاسب طفيفة

مستثمرون في البورصة السعودية (رويترز)
مستثمرون في البورصة السعودية (رويترز)
TT

الشركات السعودية تبدأ إعلان نتائجها وسط تغيرات متوقعة في «البنوك» و«البتروكيماويات»

مستثمرون في البورصة السعودية (رويترز)
مستثمرون في البورصة السعودية (رويترز)

دخلت الشركات السعودية المدرجة في سوق الأسهم السعودية فترة الإعلان عن نتائجها المالية للربع الأول من العام الحالي، وسط توقعات مختصين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أمس، بأن تحدث تغيرات بنسبة 25 في المائة عن النتائج المالية للفترة ذاتها من العالم المنصرم 2015.
وتوقع هؤلاء خلال حديثهم أن تسجل النتائج المالية للشركات السعودية، تقدما إيجابيا في قطاع المصارف والخدمات المالية، وتراجعا بسيطا في الصناعات البتروكيماوية، وثباتا في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، بالإضافة إلى تحسن نتائج شركات في قطاع الإسمنت، والتجزئة، والتأمين.
وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي أنهى فيه مؤشر سوق الأسهم السعودية تعاملات يوم أمس الأربعاء، على ارتفاع بنسبة 0.2 في المائة، ليغلق عند مستويات 6214 نقطة، أي بارتفاع 12 نقطة فقط، وسط تداولات بلغت قيمتها 5.1 مليار ريال (1.36 مليار دولار).
وبحسب معلومات توفرت لـ«الشرق الأوسط» أمس، فإن معظم البنوك السعودية ستعلن عن نتائجها المالية في الأسبوع المقبل، فيما من المنتظر أن تعلن شركات البتروكيماويات عن نتائجها في أوقات متفرقة، في وقت من المنتظر أن تكون فيه شركات قطاع الاتصالات آخر الشركات القيادية التي ستعلن عن نتائجها المالية.
وبحسب الأنظمة المتبعة في السوق المالية السعودية، فإن فترة الإعلان عن النتائج المالية للشركات في ربعها الأول من العام الحالي ستستمر حتى يوم 21 أبريل (نيسان) المقبل، فيما بدأت الشركات في الإعلان عن نتائجها اعتبارا من يوم الأحد الماضي.
وفي هذا الخصوص، أكد الدكتور خالد اليحيى، الخبير الاقتصادي والمالي، لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن سوق الأسهم السعودية مرشح للثبات فوق مستويات 6 آلاف نقطة لفترة زمنية طويلة، لكنه اشترط لتحقيق ذلك بقاء أسعار النفط فوق حاجز الـ35 دولارا.
ولفت اليحيى خلال حديثة إلى أن النتائج المالية للشركات السعودية المدرجة في تعاملات سوق الأسهم ستشهد تغيرا خلال الربع الأول من هذا العام بنسبة 25 في المائة، عما كانت عليه في الربع ذاته من العام المنصرم، وقال: «على صعيد القطاعات القيادية الكبرى، فإنه من المتوقع أن تسجل النتائج المالية للشركات السعودية، تقدما إيجابيا في قطاع المصارف والخدمات المالية، وبعض التراجع في نتائج شركات قطاع الصناعات البتروكيماوية، وثباتا في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات».
من جهة أخرى، أوضح فهد المشاري، خبير الأسواق المالية، لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن سوق الأسهم السعودية بدأت تلفت نظر السيولة النقدية التي تبحث عن الفرص الاستثمارية، مضيفا: «تدفق هذه السيولة إلى تعاملات السوق، لن يتم إلا بعد الإعلان عن النتائج المالية في الربع الأول من هذا العام، حتى يستطيع المستثمرون اتخاذ قراراتهم المناسبة».
وتوقع المشاري، خلال حديثه، أن تتحسن نتائج بعض شركات قطاع الإسمنت وليست جميعها، مبينا أن الأمر ذاته سينطبق على قطاعات أخرى أهمها: التجزئة، والتأمين، والزراعة، والصناعات الغذائية.
وفي سياق ذي صلة، أعلنت يوم أمس شركة الخبير المالية، المتخصصة في إدارة الأصول والخدمات الاستثمارية، ومقرها مدينة جدة (غرب السعودية)، وهي الشركة الحاصلة على ترخيص من هيئة السوق المالية السعودية، عن نتائجها المالية للسنة المنتهية في 31 ديسمبر(كانون الأول) 2015؛ حيث واصلت الشركة تحقيق نمو مضطرد في أرباحها، إذ بلغ دخلها الصافي لتلك الفترة 67.15 مليون ريـال (17.9 مليار دولار)، أي بزيادة 17 في المائة عن العام المالي 2014.
وإلى جانب ذلك، شهدت الشركة نموا في مجموع أصولها تحت الإدارة بنسبة 20 في المائة لتصل كما في نهاية السنة إلى أكثر من 4 مليارات ريال (1.06 مليار دولار)، في حين نمت قيمة الاستثمارات التابعة للشركة بنسبة 70 في المائة، لتصل إلى حوالي 1.2 مليار ريال (320 مليون دولار).
وفي هذا الشأن قال مساعد الدريس، رئيس مجلس إدارة الخبير المالية: «تراجع أسعار النفط واستمرار التوترات الجيوسياسية في العام 2015، حملا معهما عددا من الأعباء الكبيرة على الاقتصاد المحلي والإقليمي، لكن استطاعت الخبير المالية رغم الصعوبات التي سادت خلال السنة المالية، وبفضل السياسات الحريصة التي اتبعتها في الفترات السابقة، تحقيق نمو في العوائد للمساهمين، ونتيجة لذلك أوصى مجلس الإدارة بتوزيع أرباح على السادة مساهمي الشركة بنسبة 5 في المائة من رأس المال، بعد الحصول على موافقة الجمعية العمومية للمساهمين».
وتأتي هذه التطورات، في الوقت الذي كشف فيه محمد الجدعان، رئيس هيئة السوق المالية السعودية، أن نظام الشركات الجديد المزمع تطبيقه في الثاني من مايو (أيار) المقبل، يمنح الشركات التي تبلغ نسبة الخسارة لديها 50 في المائة فترة قصيرة لتصحيح أوضاعها قبل التصفية، مشيرا إلى أن الهيئة تعمل بالتنسيق مع شركة السوق المالية السعودية (تداول) على صياغة إجراءات ومبادرات تحفز الشركات العائلية على طرح أسهمها وإدراجها في السوق المالية.
وقال الجدعان، خلال افتتاح ملتقى «تحول الشركات العائلية إلى مساهمة 2016»، الذي نظمته غرفة الشرقية للتجارة والصناعة بمدينة الدمام أول من أمس: «إن نظام الشركات الجديد المزمع تطبيقه يتضمن مادة تنص على أن الشركات التي تبلغ نسبة الخسارة لديها 50 في المائة لا تمتلك سوى فترة قصيرة لتصحيح أوضاعها قبل التصفية»، مؤكدا أن الهيئة لديها إجراءات حاسمة بشأن شكاوى المساهمين ضد الشركات لمعالجتها سواء من خلال الشركات نفسها أو من خلال لجنة منازعات الأوراق المالية التي تنظر في كثير من شكاوى المستثمرين.
وأضاف أن الهيئة تعمل بالتنسيق مع شركة السوق المالية السعودية (تداول) والجهات الأخرى ذات العلاقة على صياغة الإجراءات والمبادرات الملائمة التي من شأنها أن تحفز الشركات العائلية بمختلف أنواعها على طرح أسهمها وإدراجها في السوق المالية، لتعكس الحجم الحقيقي لمساهمة هذه الشركات في الاقتصاد المحلي.
وشدد الجدعان على أن ذلك سيتم دون الإخلال بحماية المستثمرين، متوقعا أن يؤدي هذا الإجراء إلى إيجاد كيانات اقتصادية قادرة على دعم الاقتصاد الوطني وإتاحة مزيد من الفرص الاستثمارية لعموم المستثمرين.



هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
TT

هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)

تواجه فرنسا في الوقت الراهن تحديات اقتصادية وسياسية معقدة، تتمثل في ارتفاع معدلات الدين العام وتزايد عدم الاستقرار السياسي، مما يهدد استقرارها الداخلي ويثير القلق بشأن انعكاسات هذه الأوضاع على منطقة اليورو بشكل عام. تأتي هذه الأزمات في وقت بالغ الأهمية، حيث يمر الاتحاد الأوروبي بفترة تحول حاسمة بعد تبعات الأزمة المالية العالمية، مما يطرح تساؤلات حقيقية حول قدرة الدول الأعضاء على مواجهة الأزمات الاقتصادية المقبلة. في خضم هذه التطورات، تظل فرنسا محط الأنظار، إذ يتعرض نظامها السياسي للشلل بينما يتصاعد العجز المالي. فهل ستتمكن باريس من تجنب مصير الدول التي شهدت أزمات مالية مدمرة؟ وما الدروس التي يمكن لفرنسا الاستفادة منها لضمان استدامة الاستقرار الاقتصادي في المستقبل؟

تتجاوز ديون فرنسا اليوم 110 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وبلغت تكلفة اقتراضها مؤخراً مستويات تفوق تلك التي سجلتها اليونان. ويوم الجمعة، توقعت «موديز» أن تكون المالية العامة لفرنسا أضعف بشكل ملموس خلال السنوات الثلاث المقبلة، مقارنة بالسيناريو الأساسي الذي وضعته في أكتوبر (تشرين الأول) 2024. هذه المعطيات أثارت مخاوف متزايدة من أن تكون هذه الأوضاع الشرارة التي قد تؤدي إلى أزمة جديدة في منطقة اليورو. ومع ذلك، عند مقارنة حالة الاتحاد الأوروبي في ذروة الأزمة المالية العالمية، حين كان يواجه خطر التفكك الكامل، مع الوضع الراهن، تتضح الفروق الجوهرية، حيث يظهر الوضع الحالي قدرة الاتحاد على الصمود بشكل أكبر بكثير، مما يعكس قوة أكثر استقراراً وصلابة في مواجهة التحديات الاقتصادية، وفق «رويترز».

وبعد انهيار حكومتها الهشة في أوائل ديسمبر (كانون الأول)، توجد فرنسا حالياً في دائرة الضوء. فقد أدت الانتخابات البرلمانية المبكرة التي أجريت في يوليو (تموز) إلى انقسام الجمعية الوطنية، مما أدى إلى تعميق الأزمة السياسية في البلاد. وفي مسعى لتشكيل حكومة قادرة على استعادة الاستقرار، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السياسي المخضرم ميشيل بارنييه رئيساً للوزراء بعد الانتخابات، على أمل بناء إدارة مستدامة. لكن التوترات بين الحكومة والبرلمان اندلعت عندما دعا بارنييه إلى خفض الموازنة للحد من العجز المتوقع، والذي قد يصل إلى 6.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام. وقد أدى هذا إلى تجمع أعضاء البرلمان من مختلف الأطياف السياسية لرفض الموازنة، وكان التصويت بحجب الثقة الذي أدى إلى إقالة بارنييه هو الأول من نوعه منذ عام 1962.

وأثناء تطور هذه الأحداث، ارتفعت عوائد السندات الفرنسية لأجل عشر سنوات بشكل مؤقت إلى مستويات أعلى من نظيرتها اليونانية، مما أثار المخاوف من أن فرنسا قد تصبح «اليونان الجديدة». ومع ذلك، إذا تم النظر إلى ما حدث في اليونان في عام 2012، عندما وصلت عوائد سنداتها لأجل عشر سنوات إلى أكثر من 35 في المائة، يلاحظ أن الوضع اليوم مختلف بشكل جذري. ففي الوقت الراهن، تقل عوائد السندات اليونانية عن 3 في المائة، مما يعني أن العوائد الفرنسية قد ارتفعت بأقل من 60 نقطة أساس خلال العام الماضي لتصل إلى مستويات مماثلة.

ومن خلال تحليل التغييرات في عوائد السندات في منطقة اليورو خلال السنوات الأخيرة، يتضح أن اليونان قد نجحت في تحسين وضعها المالي بشكل ملحوظ، في حين أن فرنسا شهدت تدهوراً طفيفاً نسبياً.

قصة التحول: اليونان

بعد أن اجتاحت الأزمة المالية العالمية أوروبا في أواخر العقد الأول من الألفية، تعرضت اليونان لمحنة مالية شديدة، حيث تكشفت حقيقة الوضع المالي للبلاد، وارتفعت تكاليف ديونها بشكل كبير. وفي إطار استجابة لهذه الأزمة، حصلت اليونان على حزم إنقاذ من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي مقابل تنفيذ حزمة من الإجراءات التقشفية القاسية. ونتيجة لذلك، دخلت اليونان في ركود اقتصادي طويل دام لعقد من الزمن، بينما تعرضت لعدة فترات من عدم الاستقرار السياسي.

لكن الحكومة الحالية التي تنتمي إلى التيار الوسطي - اليميني نجحت في استعادة بعض الاستقرار الاقتصادي، حيث تمكنت من تحقيق فائض أولي في الموازنة، وهو ما مكنها من تقليص عبء الديون الضخم. كما شهد الاقتصاد اليوناني نمواً بنسبة 2 في المائة العام الماضي، وهو ما يعد تحسناً ملموساً.

ورغم أن فرنسا قد تحتاج إلى جرعة من العلاج المالي ذاته، فإنها تبدأ من نقطة انطلاق أقوى بكثير من اليونان. فاقتصاد فرنسا أكثر تطوراً وتنوعاً، ويبلغ حجمه أكثر من عشرة أضعاف الاقتصاد اليوناني. كما أكدت وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال ريتنغ» قبل أسبوعين تصنيف فرنسا الائتماني، مع التوقعات بأن تواصل البلاد جهودها في تقليص العجز في الموازنة. وأشارت الوكالة إلى أن «فرنسا تظل اقتصاداً متوازناً، منفتحاً، غنياً، ومتنوعاً، مع تجمع محلي عميق من المدخرات الخاصة»، وهو ما يعزز موقفها المالي.

الأمر الأكثر أهمية هنا هو أنه حتى في حال قرر المستثمرون الدوليون سحب أموالهم - وهو ما لا يوجد أي مؤشر على حدوثه - فإن فرنسا تملك إمداداً كبيراً من الأموال المحلية، يُمكِّنها من سد الفجوة المالية المتزايدة.

فعل كل ما يلزم

على الرغم من أن منطقة اليورو لا تزال تشهد تطوراً غير مكتمل، فإنه من المهم الإشارة إلى كيفية تعزيز النظام المصرفي في المنطقة منذ الأزمة المالية العالمية. كما ينبغي تذكر كيف أثبت البنك المركزي الأوروبي مراراً استعداده وقدرته على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الأزمات المالية في المنطقة. إلا أن ذلك لا يعني أن صانعي السياسات في باريس أو العواصم الأوروبية الأخرى يشعرون بتفاؤل مطلق بشأن التوقعات الاقتصادية للاتحاد.

ففي العديد من الجوانب، تبدو التحديات الاقتصادية التي تواجه فرنسا أقل حدة، مقارنة بتلك التي تواجهها ألمانيا، التي تعرضت حكومتها هي الأخرى لهزة قوية مؤخراً. ويعاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو من تداعيات سنوات طويلة من نقص الاستثمارات، حيث يواجه قطاعها الصناعي القوي سابقاً صعوبات حقيقية في التعافي. كما أن منطقة اليورو، التي شهدت تباطؤاً ملحوظاً في نمو إنتاجيتها، مقارنة بالولايات المتحدة على مدار السنوات الماضية، تواجه الآن تهديدات كبيرة بسبب الرسوم الجمركية التي قد تفرضها إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب.

لكن هذه التهديدات التجارية قد تكون هي التي تدفع الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوة كبيرة أخرى في تطوره الاقتصادي. فالتاريخ يثبت أن الاتحاد يتخذ خطوات حاسمة عندما يُدفع إلى الزاوية. وفي وقت سابق، قدم ماريو دراغي، الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، خطة لإصلاحات اقتصادية طال انتظارها، داعياً إلى استثمار إضافي قدره 800 مليار يورو سنوياً من قبل الاتحاد الأوروبي.

وقد لاقت هذه الخطة دعماً واسعاً من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي، حتى أن رئيس البنك المركزي الألماني، المعروف بتوجهاته المتشددة، دعا إلى تخفيف القيود على الإنفاق في ألمانيا. وإذا أسفرت الانتخابات في ألمانيا وفرنسا عن حكومات أقوى العام المقبل، فقد يُتذكر عام 2025 ليس بوصفه بداية لأزمة جديدة في منطقة اليورو، بل بوصفه عاماً شهدت فيه المنطقة اتخاذ خطوة كبيرة نحو تحقيق النمو الاقتصادي المستدام.