انطلاق عملية تحرير مركز الكرمة التابع لمحافظة الأنبار من «داعش»

انتهاء المرحلة الأولى لاستعادة غرب الأنبار

انطلاق عملية تحرير مركز الكرمة التابع لمحافظة الأنبار من «داعش»
TT

انطلاق عملية تحرير مركز الكرمة التابع لمحافظة الأنبار من «داعش»

انطلاق عملية تحرير مركز الكرمة التابع لمحافظة الأنبار من «داعش»

بدأت القوات الأمنية العراقية، أمس، بشن هجوم واسع النطاق على مدينة الكرمة المحاذية للعاصمة بغداد في محاولة لاستعادتها من سيطرة التنظيم داعش، حيث تواصل القوات تصعيد عملياتها العسكرية في مناطق مختلفة من محافظة الأنبار لتحرير المدن والمناطق التي ما زالت خاضعة لسيطرة تنظيم الإرهابي.
وتقف قوات أخرى تابعة لقيادة عمليات الجزيرة والبادية في حالة تأهب قصوى لدخول مدن هيت وكبيسة وراوة غرب الأنبار، بعد أن ألقت المروحيات العراقية مئات الآلاف من المنشورات في تلك المدن تحث وترشد الأهالي على الخروج من مدنهم وكيفية الخروج منها عبر الطرق الآمنة، التي حددتها القوات العراقية لهم.
وقال رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي النائب حاكم الزاملي لـ«الشرق الأوسط» إن «قواتنا المسلحة من الجيش والشرطة ومقاتلي العشائر وقوات سرايا السلام وبمساندة الغطاء الجوي لسلاح الجو العراقي، بدأت بشن عملية عسكرية واسعة لتحرير مناطق جزيرة سامراء وبحيرة الثرثار ومدينة الكرمة من سيطرة تنظيم داعش».
وتابع الزاملي: «انطلقت تلك القوات من المحور الجنوبي لمركز مدينة الكرمة بعد أن تمكنت من تدمير ثلاث مركبات مفخخة، يقودها انتحاريون من التنظيم الإجرامي وفجرتها عن بعد»، مضيفًا أن «قطعاتنا تمكنت وخلال مدة قياسية أمدها 72 ساعة فقط من تحرير أكثر من 6 آلاف كيلومتر من مناطق جزيرة سامراء والثرثاء، وتحرير تلك المنطقة الاستراتيجية بالكامل من سيطرة تنظيم داعش، الذين كانوا يستخدمونها منطقة انطلاق لإيصال الإمدادات والتعزيزات العسكرية لمسلحي التنظيم كونها نقطة ارتباط بين مناطق الرقة السورية ومدن الأنبار باتجاه مناطق حزام بغداد وسامراء ومحافظتي الموصل وصلاح الدين».
كما تابع بالقول إن «بتحرير هذه المنطقة الاستراتيجية تم قطع خطوط إمدادات التنظيم الإرهابي عن هذه المناطق بالكامل، وتمكنت قواتنا الأمنية من تحرير قرية أم الأرانب قرب بحيرة الثرثار، ورفع العلم العراقي على ضفاف البحيرة، فيما تم قطع طرقات إمدادات مسلحي تنظيم داعش من محافظة الأنبار إلى هذه المناطق».
وكانت قيادة العمليات المشتركة أعلنت الثلاثاء الماضي عن بدء عمليات كبرى لتطهير جزيرة سامراء، ضمن حملة عسكرية أطلق عليها عملية أمن الجزيرة، يُذكر أن عملية «لبيك يا رسول الله الثانية»، انطلقت في 14 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لتحرير مناطق شمال صلاح الدين من ثلاثة محاور، وأنها حققت نتائج جيدة أسفرت عن تحرير أكثر من ألف كيلومتر بما فيها مصفى بيجي (40 كيلومترًا شمال تكريت)، والتقدم باتجاه حمرين والحويجة، فيما تسيطر القوات المشتركة على قضاء سامراء، جنوب تكريت.
وفي سياق متصل، قال قائد العمليات الخاصة الثانية التابعة لجهاز مكافحة الإرهاب اللواء الركن معن السعدي لـ«الشرق الأوسط» إن «طيران التحالف الدولي وبالتنسيق مع جهاز مكافحة الإرهاب التابع لوزارة الدفاع العراقية، تمكن من قصف رتل لتنظيم تابع لـ(داعش). مكون من 40 مركبة تحمل مقاتلين وأسلحة ومعدات، كانت متجهة من إلى المعارك الحالية في منطقة الثرثار، شمال محافظة الأنبار»، وأضاف السعدي أن «القصف أسفر عن تدمير جميع المركبات التابعة للتنظيم ومقتل جميع العناصر التي كانت فيها، فضلاً عن انفجار عدد من المركبات المفخخة الموجودة ضمن الرتل العسكري».
ويسيطر مسلحو التنظيم الإرهابي على أراضٍ صحراوية تربط الأنبار بصلاح الدين شمال مدينة الرمادي، فيما تصد القوات الأمنية والعشائر لعدد من الهجمات التي يشنها التنظيم المتطرف قادمًا من تلك الأراضي باتجاه الرمادي والكرمة.
وفي غرب محافظة الأنبار قامت طائرات مروحية تابعة لقيادة القوة الجوية العراقية بإلقاء مئات الآلاف من المنشورات التوجيهية على مدن هيت وكبيسة وعنة، تتضمن توجيهات للمواطنين للاستعداد للخلاص من حصار مسلحي تنظيم داعش لهم في تلك المدن وطريقة خروجهم منها استعدادًا لشن حملة عسكرية لتحريرها من قبضة «داعش».
وأعلنت شرطة الأنبار أمس، عن الانتهاء من المرحلة الأولى لعمليات غرب الأنبار الرامية لقطع إمدادات ومحاصرة «داعش» الإجرامي في قضاء هيت ومناطق غرب الأنبار.
وقال الناطق الرسمي باسم فوج 14 طوارئ شرطة الأنبار، الملازم سعود حرب سعود العبيدي لــ«الشرق الأوسط» إن «المرحلة الأمنية الأولى الرامية إلى قطع إمدادات ومحاصرة مسلحي تنظيم داعش الإرهابي في مدن هيت وكبيسة قد انتهت، وإن القوات الأمنية والقوات الساندة لها تتأهب للشروع بعمليات التطهير الكاملة لمدن هيت وكبيسة وراوه غرب الأنبار، بالتزامن مع وجود غطاء جوي كثيف للطيران الحربي على جميع محاور المناطق المستهدفة».
وأضاف العبيدي أن «قوات الجيش بصنوفها المختلفة وأفواج الشرطة الاتحادية ووحدة القناصين الخاصة ومقاتلي عشائر الأنبار سيشاركون في عملية تطهير تلك المدن، بعد وصول تعزيزات عسكرية إلى قاعدة عين الأسد، وانتشار تلك التعزيزات عند مداخل المناطق المستهدفة في خطوة تهدف إلى تأمين طرق الإمدادات للقوات الأمنية للشروع بالحملة الأمنية والبد بعمليات التطهير الكامل».
وأشار العبيدي إلى أن «طائرات مروحية تابعة للقوة الجوية العراقية قد قامت بإلقاء مئات الآلاف من المنشورات التوجيهية في سماء مدن هيت وكبيسة وراوة، طالبت فيها وزارة الدفاع العراقية من المدنيين والعائلات المحاصرة بمغادرة المدينة خلال 72 ساعة قبل اقتحام القوات الأمنية لها لتحريرها، وتضمنت المنشورات تعليمات توجيهية لكيفية الخروج وأماكن الطرق الآمنة وصولاً إلى القوات الأمنية التي ستقوم بنقلهم إلى الأماكن المخصصة لهم».
من جانب آخر، أعلن قائد عمليات الأنبار اللواء الركن إسماعيل المحلاوي، عن مقتل 15 عنصرًا من تنظيم داعش بينهم المسؤول العسكري للتنظيم المتطرف في مناطق شرق الرمادي مركز محافظة الأنبار.
وقال المحلاوي لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات الفرقة العاشرة التابعة لقيادة عمليات الأنبار تمكنت من قتل 15 مسلحًا تابعين لتنظيم داعش الإرهابي بينهم الإرهابي المدعو أبو تبارك المفرجي المسؤول العسكري لتنظيم داعش في منطقتي الحامضية والبوذياب، وتدمير عجلة مفخخة يقودها انتحاري بواسطة منظومة الصواريخ الروسية الكورنيت خلال محاولة التنظيم التقرب على قطعاتنا في منطقة الحامضية شمال شرقي الرمادي على الطريق الدولي السريع».
وأضاف المحلاوي: «وقامت قوة تابعة للفرقة 16 بالجيش العراقي تمكنت من تفكيك 14 عبوة ناسفة وتطهير 8 عمارات سكنية في مدينة الرمادي»، لافتًا إلى أنه «تم حرق وتدمير عجلة نوع (كيا) ودراجة نارية ومفرزة إطلاق صواريخ في شمال منطقة البودعيج وتقاطع السلام من قبل لواء 39 وكتيبة هندسة الفرقة الثامنة شمال ناحية العامرية جنوب الفلوجة».
وتابع المحلاوي أن «قوة من فوج طوارئ الأنبار الثاني تمكنت من حرق وتدمير عجلة نوع (كيا) أحادية وقتل إرهابيين من التنظيم في شمال منطقة البوريشة شمال الرمادي».
وتسيطر القوات الأمنية والعشائر على مدينة الرمادي والمناطق الشرقية والجنوبية والغربية منها، فيما تواجه تلك القوات عدد من الهجمات والتعرضات لعناصر تنظيم داعش في المحور الشمالي والشمالي الشرقي من المدينة، التي غالبا ما يتم صدها من قبل القوات الأمنية الموجودة في تلك المناطق.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.