البرلمان اللبناني يخفق مجددًا بانتخاب رئيس رغم اقتراب المشاركة من النصاب القانوني

الحريري يتمسّك بترشيح فرنجية ويؤكد أن استمرار الفراغ يقتل البلد

رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري عقب الجلسة الـ 36 لانتخاب رئيس البلاد في مبنى البرلمان أمس (رويترز)
رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري عقب الجلسة الـ 36 لانتخاب رئيس البلاد في مبنى البرلمان أمس (رويترز)
TT

البرلمان اللبناني يخفق مجددًا بانتخاب رئيس رغم اقتراب المشاركة من النصاب القانوني

رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري عقب الجلسة الـ 36 لانتخاب رئيس البلاد في مبنى البرلمان أمس (رويترز)
رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري عقب الجلسة الـ 36 لانتخاب رئيس البلاد في مبنى البرلمان أمس (رويترز)

مرّة جديدة أخفق البرلمان اللبناني في انتخاب رئيس للجمهورية، ما أدى إلى تأجيل الجلسة الـ37 إلى 23 مارس (آذار) الحالي، لكن جلسة أمس تميّزت بعاملين أساسيين، الأول ارتفاع عدد المشاركين فيها إلى 72 نائبًا، أي بفارق 14 صوتًا عن النصاب القانوني الذي يتطلّب حضور 86 نائبًا لافتتاح الجلسة والبدء بعملية الاقتراع، وحضور رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ورئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، إضافة إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري الموجود بطبيعة الحال. أما العامل الثاني فتمثّل بتغيّب المرشحّين الرئيسيين وهما رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية مع نوابهما، بالإضافة إلى المقاطعة الحتمية لنواب «حزب الله» في دلالة واضحة على وقوف هذا الفريق وراء تعطيل الاستحقاق الرئاسي، وفق ما عبّر نواب من «14 آذار» من داخل البرلمان في وسط بيروت.
ونقل النواب عن رئيس المجلس نبيه بري بعد لقاء الأربعاء أمس تأكيده ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، مشددا على «أهمية التوافق لإنجاز هذا الاستحقاق في أقرب وقت ممكن».
ومن ساحة النجمة جدد الرئيس سعد الحريري، دعوته النواب الغائبين إلى «القيام بواجبهم الدستوري، وأن لا يتركوا الفراغ يقتل لبنان كل يوم»، مؤكدًا أن «الخلافات السياسية يبدأ حلّها من خلال وجود رئيس للجمهورية والخروج من الفراغ الذي نعيشه».
وقال الحريري في تصريح أدلى به بعد إرجاء جلسة انتخاب الرئيس: «اليوم وصلنا إلى 72 نائبًا نزلوا إلى مجلس النواب لانتخاب رئيس، لكن النصاب لم يكتمل، وآمل من النواب الذين غابوا أن يحضروا الجلسة المقبلة». وردًا على سؤال عن اشتراك مرشحه سليمان فرنجية بتعطيل الجلسة، أجاب: «لا أريد اتهام الجميع بالتعطيل وأتفهم الوزير فرنجية، وهناك أمور في حاجة إلى تبلور عند بعض الأفرقاء، وسأتمسك بترشيحي له أكثر بعد هذه الجلسة».
أما رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل فرأى في تصريح من مجلس النواب أنه «لا يوجد في أي بلد في العالم مرشح للرئاسة يتمكّن من استقطاب ثلث الهيئة الناخبة لكنه يخطف الانتخابات والقرار في البلد ويقول: إما يحكم الثلث والثلثان يُحكمون، وإما لا توجد ديمقراطية ودولة ومؤسسات»، معتبرًا أن «هذا الأمر يشكّل أكبر دليل على تشويه النظام السياسي».
وقال الجميّل: «إن الثلث الذي يعطّل انتخاب الرئيس هو الثلث الخاطف للدولة اللبنانية ولمصير اللبنانيين وللمؤسسات، وهو يأخذ البلد والمواطنين رهينة، كما يأخذ صحة اللبنانيين واقتصادهم ومستقبلهم رهينة». وتابع: «شبعنا مناورات، ومن غير الطبيعي أن ينزل 71 نائبًا من أصل 75 لانتخاب مرشحين غير موجودين وغير مستعدين لممارسة الحياة الديمقراطية في لبنان»، وسأل: «ما هذا المنطق؟ ماذا نفعل؟»، داعيًا الكتل السياسية التي لم تشارك في الجلسات إلى «إعادة النظر بموقفها وطريقة تعاطيها مع هذه الانتخابات والعودة إلى مصلحة لبنان واللبنانيين».
وشدد الجميل على أن «الحكومة شبه المعطلة لا تستطيع أن تكون بديلا عن رئيس الجمهورية، ويجب أن تكون كل الخيارات مفتوحة أمامنا». وطالب رئيس حزب «الكتائب» بـ«عدم انتظار الخارج ورهن قرارنا بالدول الخارجية، ونؤكد للبنانيين أن السلطة بمكان والنواب بمكان والشعب بمكان آخر، لأن هذا يؤدي إلى كوارث وهجرة بفعل فقد اللبنانيين الثقة ببلدهم، وبالتالي نثبت بأن هذا البلد موجود للحكم بطريقة دول العالم الثالث، ونأتي من خلال تصرفاتنا بأننا نقترب إلى العام الثالث، وآسف لنصل إلى هذه المرحلة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.