أكد الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين أمس أن «العلماء عليهم دور كبير في تحصين شباب الأمة وتوعيتهم بمخاطر الوقوع في براثن جماعات الإرهاب»، لافتا إلى أن الحكام أيضًا يقع عليهم دور في دعم الجهود التي يبذلها هؤلاء العلماء والحكماء لتحقيق التكاتف في مواجهة الفكر المتطرف، في حين أكدت دار الإفتاء المصرية أمس أن تنظيم «داعش الإرهابي يستغل النزعة الدينية لدى الصبية ورغبتهم في الشهادة والفوز بالجنة في تفخيخ أنفسهم»، مضيفة أن «داعش يُسيطر على الآباء ويجبرهم على إقناع أبنائهم بتفجير أنفسهم في سبيل نشر أفكار التنظيم».
وزار الطيب إندونيسيا على رأس وفد رفيع المستوى من مجلس حكماء المسلمين في زيارة تاريخية تُعد الأولى له، التقى خلالها الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو في مقر القصر الرئاسي بالعاصمة جاكرتا.
وقال الدكتور الطيب إن «الحكام والحكماء مسؤولون أمام الله عن مواجهة الفكر الهدام بما يحمي أبناءنا وشبابنا من الوقوع فريسة لهذا الفكر المنحرف»، مؤكدا أهمية الدور الكبير الذي يلعبه مجلس حكماء المسلمين في إرساء دعائم السلام والمحبة والتعايش المشترك بين الشعوب والمجتمعات المختلفة من أجل أن يسود السلام بين الإنسانية جمعاء، موضحا أن «حكماء المسلمين» الذي يتكون من عدد من كبار الحكماء والعلماء في العالم الإسلامي يحمل رسالة سلام إلى العالم أجمع من خلال نشر ثقافة الوسطية والسلام ومكافحة التطرف والإرهاب.
من جانبه، رحب الرئيس الإندونيسي بشيخ الأزهر وأعضاء الحكماء، مؤكدا أن «دور الأزهر في آسيا وجميع أنحاء العالم كبير جدا، وأن خريجي الأزهر أسهموا بشكل كبير في النهضة التي تشهدها إندونيسا حاليا.. فالأزهر الشريف هو حصن الأمة من التطرف ونعول كثيرا كما العالم أجمع على علماء الأزهر في نشر صحيح الدين وتوعية الناس بمخاطر التطرف والإرهاب».
وأضاف ويدودو أن بلاده بحاجة إلى دعم مصر في إنجاح القمة الإسلامية التي ستعقد قريبا في إندونيسيا، معربا عن خالص تحياته وتقديره للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مشيرا إلى أنه يتطلع إلى أن يزور مصر والأزهر قريبا.
في غضون ذلك، طالبت دار الإفتاء المصرية أمس، علماء النفس والاجتماع بضرورة دراسة الشخصية الداعشية، وما طرأ عليها من تحولات فكرية، وانحرافات في الفطرة، ودراسة الطرق النفسية التي يمارسها التنظيم على أعضائه، والتي حولتهم إلى آلات قتل وعنف، للدرجة التي حملت بعض الآباء إلى دفع أبنائهم إلى الموت، دون أن تتحرك فيهم عاطفة الأبوة وتمنعهم من تقديم أبنائهم للموت.
جاء ذلك تعليقا من الدار على شريط «فيديو مصور» أفرج عنه تنظيم «داعش» مؤخرا لعملية تفجيرية قيل إنها تمت في منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي، في ريف حلب بالشمال السوري، إذ قام بها طفل يُدعى أبو عمارة العمري، لم تتجاوز سنّه أحد عشر عاما بتنفيذ واحدة من أكثر العمليات دموية، بعدما أظهر الفيديو المصور والد الطفل وهو يساعده على ركوب سيارة مكتظة بالمتفجرات، بعد أن علمه كيف يقودها، ليمضي الطفل بعيدا ويفجر نفسه فيها.
ولفتت الدار في تقرير أعده مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية إلى أن تنظيم «داعش» يحمل أبناءه على التفكير العاطفي وليس التفكير المنطقي، إذ إن نمط التفكير المنطقي من شأنه البحث عن علل لفهم الأشياء ومآلاتها.. وبالتالي فهو خطر على تنظيم يتعامل مع أفراده كقطيع يُساق إلى الذبح، وهم فرحون دونما اعتراض، ومن ثم فالتنظيم يحمل أفراده على نمط التفكير العاطفي، الذي غالبا ما يحسم أصحابه مواقفهم بطريقة الأبيض والأسود، والإيمان والكفر، ومن ليس معنا فهو عدونا ومأجور قاتله.
وتابع مرصد الإفتاء أن التنظيم يستغل النزعة الدينية لدى هؤلاء الصبية، ورغبتهم في الشهادة والفوز بالجنة، بحيث يحولهم إلى أشخاص سطحيين متسرعين متهورين لا يستطيعون التمييز بين الصواب والخطأ.. وهذا ما ظهر جليا في العمليات التفخيخية والتفجيرية التي يقوم بها أعضاء التنظيم.
وأكد مرصد الإفتاء أن التنظيم يغرس في نفوس أعضائه عقيدة التفجير، ولا يميز فيها بين طفل أو شاب أو بين رجل أو امرأة، فهو يستخدم الجميع أداة للتفجير، ففي السابق استخدم النساء في مثل هذه العمليات النوعية، والتي كانت تُسمى بظاهرة «الأرامل السوداء»، إذ حمل نساء التنظيم على تفجير أنفسهن للفوز بالجنة، ومن قبلهن الرجال والشباب.. والآن يقدم الأطفال للموت، والأدهى أن من يقوم بتدريبهم هم آباؤهم، مستغلين ثقة هذا النشء في آبائهم، وأنهم هم من يرون لهم طريق الصواب، والذي يختم لهم بالجنة، في وقت يكون فيه ولاء الآباء للفكرة والاقتناع بها أهم عندهم من خوفهم على الأبناء.
ولفت المرصد إلى أن إقدام التنظيم على تجنيد الأطفال لتنفيذ مثل هذه العمليات قد يكون نابعا من كونه أسهل في الإقناع من الكبار، الذين بدا لأغلبهم تضليل التنظيم لأعضائه، أو ربما أقدم التنظيم على هذه السبيل بعد سلسلة من الرفض من قبل اليافعين داخل صفوفه.
وذهب مرصد دار الإفتاء المصرية إلى أن ما يعضد فكرة دفع التنظيم أعضاءه إلى التفكير العاطفي ابتسامات الطفل التي ظهرت في الفيديو عقب علمه بأنه أصبح قادرا على تفجير السيارة بمن فيها، وهذا يدل على مدى التدليس والكذب والمناهج الدراسية المعوجة التي يقوم التنظيم ببثها في نفوس النشء، وتجهيزه من البداية على حب الشهادة والجنة التي تنتظره في الآخرة، لدرجة أن هذه الأشياء أصبحت محفورة بداخله.
شيخ الأزهر لرئيس إندونيسيا: تحصين شباب الأمة ضد الإرهاب مسؤولية الحكام والعلماء
«الإفتاء» المصرية: «داعش» يستغل النزعة الدينية لدى الأطفال ورغبتهم في الجنة بـ«تفخيخ» أنفسهم
شيخ الأزهر لرئيس إندونيسيا: تحصين شباب الأمة ضد الإرهاب مسؤولية الحكام والعلماء
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة