بعد يومين من أمر من محكمة اتحادية في ولاية كاليفورنيا لشركة «آبل» بكشف شفرة هاتف استعمله سيد فاروق الذي قتل، مع زوجته تشفين مالك، 14 شخصًا في مكان عمله خلال حفل بمناسبة الكريسماس في نهاية العام الماضي، وبعد ظهور انقسام واضح وسط الأميركيين بين مؤيدي خصوصية أصحاب الهواتف، ومؤيدي الأمن الوطني، تدخل البيت الأبيض، ودافع عن الخصوصية. لكن أيد كشف شفرة هاتف فاروق.
وقال جوش إيرنست المتحدث باسم البيت الأبيض: «طلب مساعدة مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) في اختراق بيانات في هاتف مرتكب أعمال قتل إرهابية هو طلب محدد. ولا يعني أن (إف بي آي) تبحث عن (باب خلفي) للوصول إلى شفرة هواتف أخرى».
خلال مناظرة تلفزيونية أخرى بين المرشحين لرئاسة الجمهورية باسم الحزب الجمهوري، أول من أمس، انتقد كل المرشحين شركة «آبل». وانتقد المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب قرار «آبل» الرافض لحكم المحكمة.
وفي الكونغرس، أيد الحكومة عدد كبير من الأعضاء. غير أن بعض الديمقراطيين تحفظوا.
وقال السيناتور رتشارد بير (جمهوري، ولاية نورث كارولاينا)، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ: «ليس تنفيذ أمر محكمة اختياريًا» وقال السيناتور رون وايدن (ديمقراطي، ولاية أوريغون)، عضو اللجنة: «يجب أن تطيع أي شركة أي أمر قضائي حسب قدرتها على ذلك. لكن، يجب عدم الضغط على شركة لتؤذي زبائنها».
ودافع عن شركة «آبل» كبار المسؤولين في شركات إنترنت رئيسية. منهم جان كوم، مؤسس ورئيس شركة «واتس آب»، وكتب في حسابه: «أظل دائمًا معجبًا بإصرار تيم كوك رئيس شركة (آبل)، وبدفاعه عن خصوصية الزبائن، وحماية البيانات. لا يمكننا أن نسمح بمثل هذا (كشف تشفير هاتف)، وإلا، فستصبح حريتنا على المحك».
وتزامن تحدي شركة «آبل» بارتفاع في أسهمها. وذلك بعد أن فاجأت سوق السندات الأميركية بأنها ستبيع سندات بقيمة 12 مليار دولار أميركي. ويتوقع أن يبدأ إقبال كبير على شراء هذه السندات.
وحسب «رويترز» قد يجد المستثمرون سندات «آبل» جذابة بشكل خاص مقارنة بعائدات أرباح الشركة. وهذه هي المرة الخامسة، منذ عام 2013، التي تطرح فيها «آبل» سندات بعدة مليارات من الدولارات.
وفي يوم صدور أمر المحكمة الاتحادية في ولاية كاليفورنيا بكشف التشفير يوم الثلاثاء الماضي، أعلن تيم كوك، رئيس شركة «آبل»، رفض الطلب لأن الشركة «لا تقدر على الوصول إلى كلمة مرور» أي من الزوجين، وأن كل واحد منهما كان يعرف كلمته.
وكتب في رسالة شديدة اللهجة نشرت في موقع الشركة: «حتى هذه اللحظة، فعلنا كل شيء في وسعنا، وفي نطاق القانون، لمساعدة مكتب التحقيقات الفيدرالي. الآن، تطلب منا الحكومة الأميركية شيئًا نحن، ببساطة، لا نملكه. وتطلب شيئا نراه خطرًا إذا اخترعناه. تطلب منا فتح باب خلفي للوصول إلى (آيفون)».
وأضاف: «مثل هذه الاختراع، إذا حدث، سيضعف بصورة خطرة للغاية أمن (آيفون). بمجرد اختراع هذه التكنولوجيا، يمكن استخدامها مرارًا وتكرارًا، وفي أي عدد من الأجهزة، وفي أي وقت، وفي أي مكان. ستكون مثل (المفتاح الرئيسي) الذي يقدر على فتح مئات الملايين من الأقفال (رغم أن صاحب كل قفل عنده مفتاح خاص به). مثل (مفتاح رئيسي) لكل مطعم، وبنك، ومتجر، ومنزل. لن يقبل أي شخص عاقل هذه التكنولوجيا».
وقال: «نؤمن بأن معارضتنا لطلب الحكومة (والمحكمة) ليست شيئًا عاديًا. نحن نأخذها على محمل الجد. ونشعر أننا يجب أن نتكلم في مواجهة ما نراه تجاوزًا من قبل حكومة الولايات المتحدة».
وحسب وكالة «أسوشييتد برس»، لا يطلب أمر المحكمة من «آبل» كسر التشفير على هذه التليفونات الذكية، بل تعطيل الميزة التي تمسح البيانات على الهاتف بعد 10 محاولات غير صحيحة في إدخال كلمة المرور. وكان محققو «إف بي آي» اشتكوا بان ذلك يحدث لهم كلما حاولوا الوصول إلى كلمة المرور. وطلبوا تعطيل الميزة، حتى يحاولوا «بروتال فورس» (القوة الغاشمة)، وهي تكنولوجيا تستخدم عشرات الملايين من مجموعات الحروف، دون المخاطرة بحذف محتويات التليفون.
في الأسبوع الماضي، قال مدير «إف بي آي»، جيمس كومي أمام الكونغرس: «مضى شهران منذ بداية التحقيقات في هجمات كاليفورنيا، وحتى الآن، لم نفك أي شفرة».
وقال الناطق باسم البيت الأبيض إن «(إف بي آي) تطلب اختراق بيانات هاتف واحد».
وانتقد المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب قرار «آبل» الرافض لحكم المحكمة.
وقال رئيس شركة «آبل» تيم كوك إن «التحايل على أمن برمجيات (آيفون) يهدد أمن جميع عملائها»، وقال في بيان له إن حكم المحكمة كان «خطوة غير مسبوقة تهدد أمن عملائنا، كما أن تداعياته أبعد من كونه قضية قانونية واحدة».
وطالب الحكم القضائي «آبل» بالمساعدة في التحايل على برامج الحماية الموجودة على هاتف «آي فون» كان يمتلكه فاروق، إذ يقول مكتب التحقيقات الفيدرالي إنه يحتوي على معلومات بالغة الأهمية.
وتخضع البيانات على أجهزة أبل، مثل الرسائل النصية والصور لعمليات تشفير تلقائية بعد تحديث أصدرته الشركة في سبتمبر (أيلول) 2014.
ويعني ذلك أنه في حالة إغلاق الجهاز، لا يمكن الوصول إلى البيانات إلا من خلال شفرة سرية. وفي حالة إخفاق محاولات الدخول باستخدام شفرات غير صحيحة 10 مرات، فسوف يمحو الجهاز جميع البيانات عليه تلقائيًا.
وبعد اعتقال فاروق وزوجته، استعاد المحققون أجهزة إلكترونية تابعة لهما، بما في ذلك «أصابع محركات الأقراص»، و«أقراص صلبة» لكومبيوترات، وهواتف ذكية.
وقال مدير سابق للمركز القومي لمكافحة الإرهاب مات أولسن، إن الحكومة تملك وسائل أخرى للوصول إلى البيانات. وأضاف: «هذه حالة من الحالات التي يجب على شركات مثل شركة آبل إثبات أنهم مواطنون صالحون، وإثبات استعداهم لتنفيذ أوامر المحاكم القانونية».
لكن، قال كيفن بانكستون، مدير معهد التكنولوجيا المفتوحة لأميركا الجديدة (إن أو إيه تي): «تأمر المحكمة (آبل) بالقيام بما يُسمى (بناء البرمجيات الخبيثة)، التي تقوض ميزات الأمان الخاصة في منتجاتها»، وقال إنه ليس متأكدا أن الشركة تقدر على أن تفعل ذلك من الناحية التكنولوجية.
وأضاف: «إذا كان بإمكان المحكمة أن تجبر شركة (آبل) على القيام بذلك، تستطيع أن تحبر شركات أخرى لتفعل أفعالاً مماثلة، أو أفعالاً أخرى. ليس هذا عن هاتف واحد. ولكن عن كل برامجنا، وعن جميع الأجهزة الرقمية التي نستعملها كلنا، شركات وأفرادًا».
وطلب مكتب التحقيقات الفيدرالي من «آبل» أن تفعل شيئين؛ الأول هو تبديل الشركة لجهاز آي فون الخاص بفاروق حتى يتمكن المحققون من إجراء محاولات غير محدودة باستخدام شيفرات سرية تفاديًا لخطر محو البيانات. والشيء الثاني هو أنها ترغب من «آبل» في أن تساعد في تطبيق وسيلة تتيح تجربة مجموعة من الشفرات السرية المختلفة بسرعة. ومن المعلوم أن فاروق استخدم شفرة سرية من أربعة أرقام، وهذا يعني وجود 10 آلاف تركيب محتمل. ويرغب مكتب التحقيقات الفيدرالي في استخدام ما يعرف بهجوم «القوة الغاشمة»، وهو بالمعني الحرفي تجربة كل تركيب حتى الوصول إلى تركيب صحيح يفتح الجهاز.
البيت الأبيض يؤيد كشف شفرة أحد هواتف إرهابي كاليفورنيا
بعد انقسام وجدل بين الأمن والخصوصية
البيت الأبيض يؤيد كشف شفرة أحد هواتف إرهابي كاليفورنيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة