كشف الدكتور عبد الله الربيعة المستشار في الديوان الملكي، المشرف العام لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، عن خطة تجري لدمج عمل المركز مع الحملة السعودية لنصرة سوريا، مع المركز، وذلك لتوحيد جهود المساعدات الإنسانية الخارجية، واستكمال الجهود الإيجابية التي قدمتها الحملة، مبينًا أن المركز بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة سيقدم المساعدات في وقت سريع لسوريا وفي غضون 24 ساعة في حال وجدت هدنة ووقف لإطلاق النار، والتي تأتي ضمن استكمال جهود الحملة السعودية هناك.
وراهن الدكتور الربيعة في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» من مقر المركز في العاصمة السعودية الرياض، على شفافية وعمل المركز، وذلك وفقًا للمنهج المرسوم، الذي يتطلب الإفصاح بكل شفافية عن الحسابات البنكية، إضافة إلى وجود ممثلين عن المنظمات الأممية التي تقدم المساعدات، ولم يخفِ ما كان يواجه المركز من تحديات، إذ قال إن المنظمات كانت قلقة من عمل المركز، إلا أن ذلك سرعان ما تحول إلى ثقة بعد الاطلاع على حياديته، ومستويات الشفافية والنزاهة فيه، إضافة إلى جودة المواد الغذائية التي يقدمها.
وبين أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وجّه بتوحيد العمل الإنساني وإيجاد جهة رسمية واحدة تمثل العمل الإنساني، مشددًا خلال تطرقه إلى ملف المساعدات في اليمن على أن عمل المركز موجه لكل اليمنيين، مع بناء خطة لترميم المرافق الصحية هناك.
ولفت المشرف العام لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية إلى أن السعودية لديها خطة لتجاوز الرقم الذي وصلت إليه في إيصال المساعدات للدول المحتاجة وهي 83 دولة، خلال الخمسة أعوام المقبلة، لا سيما وأن العمل جارٍ على فتح باب استقبال التبرعات من رجال الأعمال والمتبرعين قريبًا، وفي ما يلي نص الحوار:
* بداية، انطلق مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية قريبًا، إلا أنه كان حاضرًا وبقوة، كيف بدأت الخطوة الأولى لتقديم المساعدات الإغاثية؟
- صحيح مركز الملك سلمان جاء ليكون الدعم الإغاثي والإنساني للسعودية، وبدأ في وقت قصير، في فترة لا تتجاوز تسعة أشهر فقط، ورؤيته المستقبلية كبيرة للغاية، وعمل على وضع خطة استراتيجية للسنوات المقبلة، ويتم التركيز على الدول التي لها احتياج كبير من الناحية الإنسانية، إضافة إلى بناء مؤشرات ومعايير أممية وإنسانية، والمركز يرى انتشاره في المنطقة والعالم أجمع، وبناء على مؤشرات واضحة للعوامل الإنسانية، ومؤشر الهشاشة، وهي مؤشرات دولية، والمركز بدأ أعماله باليمن وهو ملف مهم وانطلق إلى طاجيكستان والصومال وجيبوتي، وقريبًا سيكون شريكًا مهمًا لإغاثة الشعب السوري، ورؤيته أن يكون منتشرًا في كل القارات بناء على معطيات الحاجات الإنسانية.
* لكن ما أهم العراقيل والتحديات التي تواجه عمل المركز خاصة في اليمن؟
- العمل الإنساني والإغاثي بلا شك يواجه عراقيل خصوصًا في المناطق التي تنشب فيها مواجهات بين مسلحين وميليشيات، وهناك تحديات كبيرة يأتي على رأسها استهداف الحملات الإغاثية من ضعاف النفوس سواء أكانوا من المسلحين عسكريًا أو غيرهم، وهم كلهم مجرمون في الحق الإنساني ومن يستهدفها في العمل الإنساني لنهبها يعتبر مجرمًا في العرف الإنساني، وهذا أحد التحديات التي تواجهنا في اليمن، بالإضافة إلى تضاريس اليمن وصعوبتها، والحصار الذي واجه بعض المدن اليمنية ومنها تعز التي يقطنها قرابة 4 ملايين من اليمنيين، وكسر الحصار الذي فرض على المدينة هو عمل نوعي قام به المركز، ومن التحديات التي تواجه إيصال المساعدات عدم وجود مؤسسات مجتمع مدني تستطيع أن تصل إلى كل اليمنيين، كما أن بعض منظمات الأمم المتحدة لم تستطع أن تصل إلى بعض المناطق المحاصرة، كما أن المركز يواجه تحدي حداثة إنشائه، كما أننا عملنا بالتوازي ما بين إنشاء المركز وبناء هيكله الداخلي وإيصال المساعدات في الوقت ذاته، واستطاع المركز أن يتغلب على هذا الأمر.
* لماذا وما وجهة نظر المنظمات الإنسانية الأخرى حيال أعمال المركز؟
- في البدايات كان هناك قلق وتخوف من صعوبات الوصول إلى المناطق المتضررة، وألا يستطيع الوصول إلى التطلعات المنشودة، وبعد التواصل بين المركز والمنظمات ابتداء من المنظمات الدولية التسع، من بينها برنامج الصحة العالمية واليونيسيف ومنظمة الهجرة والمكتب الأممي المتحدة التنسيقي وأطباء بلا حدود، والصليب الأحمر، بدأت الشركات تدخل حيز التنفيذ، ووجدوا أن المركز عمله حيادي، ومتمسك بهذا المبدأ، وليس لديه دوافع سياسية أو عسكرية، ويهتم بالوصول إلى الإنسان أينما كان، ولا نملي أي توجه على أي من تلك المنظمات، والشراكات أثمرت وجود تقدير كبير لهذا المركز على المستوى الدولي، ويوجد لدى المركز ممثلون عنهم يعملون على مدار الساعة، وخلال لقاءات مع مسؤولي الأمم المتحدة اتضح لهم أن أهداف المركز إنسانية بحتة، واستطاع أن يدخل في الشراكات، وأوضحنا وجهة النظر التي ينتهجها.
* هل المركز السعودي الذي يحمل اسم مركز الملك سلمان هنالك من شكك في دوره الإغاثي؟
- لا أحد يستطيع أن يزايد على دور السعودية الداعم للعمل الإنساني والإغاثي على مستوى العالم، سواء كان على المستوى الحكومي أو الشعبي، ولكن المشكلة التي تواجه المملكة هي تشتت العمل الإنساني بين عدة جهات، سواء أكانت حكومية أو خلافه، وعندما يتشتت العمل ربما لا يعود بالمردود على السعودية، وأحد أركان العمل الإنساني توثيق ما تقدمه الدول، سواء أكان من برنامج التتبع المالي لدى الأمم المتحدة، أو المنظمات الدولية التي توثق العمل الإغاثي، وبتشتت العمل الإغاثي للأسف لم يكن هناك توثيق للعمل الإغاثي، وتقدم الكثير ولا يحصل مردودها، وكان توجه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز توحيد المساعدات الإنسانية، وإيجاد جهة رسمية تمثل واجهة للعمل الإنساني، مما يسهم ويعزز تقوية الموقف الإنساني، ويوثق العمل الإنساني، وإيجاد ترابط بين ما تقدمه الدولة والجهات غير الحكومية، وتوثيق ترابطها مع الجهات الإغاثية الموجودة في الخارج، وهو الأمر المعمول به في الدول الخارجية.
* مع هذا العمل الجبار ماذا تخططون لمستقبل المركز؟
- عملنا في الوقت الراهن يرتكز على الدعم الحكومي والانطلاقة المقبلة بعد اكتمالنا المالي، الذي نحرص على أن يكون على أعلى مستويات الشفافية، والبدء في فتح مجال التبرعات التي تُقدّم من قبل رجال الأعمال والمواطنين، وجُبل الشعب السعودي على التبرع منذ قيام الدولة، وكل يوم يصل إلينا الكثير من المبادرات التي تحرص على تقديم التبرعات، والمركز سوف يضع آلية مقننة وشفافة للتبرع والوصول للمتبرع ونتائج تبرعه وما تم في الأموال التي تُقدّم.
* ملف اليمن هو أول عمل للمركز، هل يمكن تقديم بعض المعلومات حيال ملف المساعدات لليمن؟
- المركز يقدم العمل الإغاثي في اليمن أينما كان، ويصل لكل المحافظات اليمنية دون تمييز، وفي مجال الغذاء أوصلنا الطعام إلى ما يقارب 14 مليون نسمة، وفيما يتعلق الأمن الصحي، وصلنا إلى تقديم المساعدات الإنسانية إلى 15 مليون نسمة، وفي البرامج الإنسانية والإصحاح البيئي وصلنا إلى 3.5 مليون نسمة، وبرامجنا شملت أرجاء اليمن، ولم يغفل المركز عن النازحين، وقام البرنامج بإنشاء برامج نازحين لجيبوتي عبر تأمين المأوى المناسب، وسيقوم المركز ببناء 300 للنازحين اليمنيين هناك، بالإضافة إلى توفير المرافق البيئية والمراكز الصحية، والتكييف لمواجهة عوامل الطقس، كما أوجدنا برنامجًا لمن يريدون العودة إلى بلادهم، أما النازحون اليمنيون في الصومال فإن الغذاء والأمن الصحي يُقدّم لهم، كما قدم المركز برامج إغاثية للنازحين اليمنيين إلى السعودية الذين يُقدّر عددهم بمليون يمني، وفتحت أبوابها، وأعطتهم فرص العمل دون قيد أو شرط، وانضمام أبناء اليمنيين إلى السلك التعليمي، وبحسب آخر الإحصائيات، فإن نحو 25 ألف طالب وطالبة يمنيين في مدارس السعودية، وفتحت وزارة الصحة السعودية المرافق الصحية لهم وعددهم نحو 40 ألف مراجع.
* هل شعار المركز سبَّب حرجًا في عدم وصول المساعدات الإغاثية والإنسانية إلى بعض المواقع الذي تقصدونها؟
- هذه صحيح، حصل في فترات هجوم من قبل المسلحين على بعض المساعدات الغذائية التي عليها شعار المركز، واضطررنا إلى توصيل المعونات دون شعار، وأؤكد مرة أخرى أن العمل الإنساني ليس موجهًا إلى جهة معينة في اليمن، وأوصلنا المساعدات في صعدة رغم أن الحوثيين يسيطرون عليها، مرة أخرى تؤكد السعودية أن ليس لديها مشكلة من الشعب اليمني، والمشكلة هي بين اليمنيين، ومن انقلب على السلطة الشرعية، وعرف الشعب اليمني بأنه مرتبط بأواصر المحبة والقرابة وغيرها مع السعودية.
* ما تفاصيل الخطة لترميم المرافق الصحية في اليمن؟
- من البرامج التي قُدمت في اليمن إعادة ترميم 50 مرفقًا صحيًا في اليمن، في كل المحافظات، بالإضافة إلى تقديم الخدمات الصحية الأخرى، ومنها التطعيمات لمكافحة بعض الأوبئة، ووجّه المركز بتقديم البرامج الصحية بشكل رئيسي، منها برامج غسل الكلى للمحتاجين، وتقديم العلاج للأمراض الخبيثة، بالإضافة إلى تقديم الأدوية بناء على الأولويات التي وردت من وزارة الصحة اليمنية، وأخيرًا قام المركز بتأهيل بعض المستشفيات ومنها في عدن، وهناك شراكة وقعت أخيرًا مع الصليب الأحمر لإيجاد العيادات المتنقلة.
* هل لديكم خطة لإنشاء فروع أخرى للمركز باليمن؟
- المركز يستعدّ لإنشاء فروع له في شرورة، جنوب السعودية، ولدينا خطة لإنشاء فرع أخرى، ولدينا أيضًا خطة أخرى لإنشاء فروع للمركز في جدة والدمام، وأي برنامج إغاثي يتطلب وجودنا سننشئ فرع تنسيق له.
* مع الخطة التي كشفت عنها بشأن توحيد إيصال المساعدات للمحتاجين، ستخرج دعوات للمزايدة على عمل السعودية الإغاثي، والتشكيك في طرق توصيل التبرعات، كيف سيتم معالجة هذه الدعوات، وضمان توصيل المساعدات للمستحقين؟
- حتى نبعد أي شبه قد تحدث عن العمل الإغاثي السعودي، فإن عملنا شفاف للغاية، وعلى أعلى المستويات، ونعمل بوجود ممثلين للمنظمات الدولية داخل المركز، ومن يشكك فهو يشكك في فروع تلك المنظمات وممثليهم، كما أن المركز لا يرسل أموالاً لمؤسسات المجتمع الدولي، ونحن إما أن نوقع مع منظمات الأمم المتحدة، أو نقوم بتمويل لشراء مواد عينية، ولن نسلم أموالاً في المركز، بل ننفذ برامج إغاثية شاملة، كما أن الحسابات المالية ستكون مكشوفة، ونقوم في الوقت الراهن بتنفيذ برنامج تقنية للمعلومات وينفذ البرامج بكل شفافية ويرتبط مع المنظمات الدولية، ومن يريد أن يزايد على السعودية، فسوف يجد نفسه في موقع محرج، كونه سيزايد على النظام الدولي.
* ما أساليب التحقق من إيصال المساعدات الإغاثية التي تتخذها المركز؟
- التحقق يتم عبر عدة مصادر، منها التأكد من المشاركين في تنفيذ البرامج، والمساعدات التي تصل إلى المرافق الحكومية تتم عبر محاضر تسلم لها، كما أن لدى المركز وتحديدًا في اليمن مراقبين يتأكدون من وصول المساعدات، كما أن المركز يتواصل بطرق عشوائية مع المستفيدين مع القيام بعمل إحصائي لضمان وصول تلك المساعدات، والرقابة ضلع مهم في منظومة المنظمات الدولية التي تعنى بإيصال المساعدات.
* ماذا بشأن جودة المساعدات الإغاثية التي تقدم إلى المستفيدين؟
- قد يكون الحكم الذي أطلقه يشكل انحيازًا، لكن من خلال ما يصل عبر المنظمات الدولية من إشادات ورصدهم إيصال المساعدات، أستطيع أن أؤكد أن جودة المواد الغذائية بالمركز على مستوى عالٍ.
* هل لدى المركز النية لفتح المجال أمام العمل التطوعي؟
- نعم، لدينا خطة لفتح العمل التطوعي، والشباب السعودي حريص على التطوع، وقبل هذا يجري العمل والبحث عن خبراء في المجال الإغاثي البحثي لتأصيل العمل التطوعي بأسلوب علمي صحيح، ونعتقد أن المتطوعين شركاء مهمون، وقريبًا سيكون العمل الإغاثي ثريًا.
* هل من وحدات جديدة سينشئها المركز؟
- المركز في طريقه لإنشاء وحدة للدراسات والبحوث، وهنا أقدّم الشكر والتقدير للجامعات السعودية في دعم هذه الوحدة لكي تكون على منهج علمي، ولا نريد أن نكون تقليديين في العمل الخيري الإغاثي، ولا بد أن نكون مصدرين للعمل الإغاثي المشترك.
* بعد الثلاث دول التي وصل إليها المركز، هل هناك دول أخرى في الطريق؟
- المركز سيكون ذراع السعودية في الأعمال الإغاثية، والحملة الوطنية لنصرة السوريين تقدم الآن المساعدات الإغاثية بجهود ممتازة، وحرصًا من البلاد على توحيد العمل فسوف يناط العمل الإغاثي في سوريا بالمركز كونه اختصاصه، وسيقوم المركز باستكمال العمل الإغاثي في سوريا على النحو المطلوب، وسيشمل العمل الإغاثي كل الدول المحتاجة له.
* ما آليات إيصال المساعدات التي ينتهجها المركز، هل تبادرون بإيصال المساعدات إلى دولة معينة، أو تقدمون الخدمات الإغاثية للدول التي تطلب ذلك؟
- العمل الإنساني يتم بطريقين، لكن في الكوارث الطبيعية المركز يبادر ويوجد في المنطقة التي توجد فيها الكوارث الإنسانية، والخطة الاستراتيجية التي لدى المركز هي دراسة أوضاع كل الدول، ونهجناها لخمسة أعوام مقبلة.
* كم دولة تطمحون في الوصول إليها؟
- السعودية، وصلت إلى 83 دولة، ونتوقع أن تتجاوز هذا الرقم خلال خمسة أعوام المقبلة.
* مع الأحداث في سوريا، والحديث عن قرار بإيقاف إطلاق النار، هل يمكن توصيل المساعدات في غضون 24 ساعة؟
- التنسيق مع الحملة الوطنية يتم على ذلك، وتجربتنا في طاجيكستان أثبتت أننا نوجد في أوقات قياسية، والسعودية هي الدولة الأولى التي وجدت هناك، وأؤكد لكم أن المملكة ستكون موجودة في وقت قريب من ذلك.
المشرف على مركز الملك سلمان للإغاثة: مستعدون لتقديم المساعدات في سوريا خلال 24 ساعة
الربيعة لـ {الشرق الأوسط}: وصلنا إلى جميع المراكز اليمنية من دون تمييز
المشرف على مركز الملك سلمان للإغاثة: مستعدون لتقديم المساعدات في سوريا خلال 24 ساعة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة