أبو مرزوق في بيروت.. وحزب الله يقود جهودًا لرأب الصدع مع إيران

وفد من حماس برئاسة محمد نصر وحمدان بطهران للمشاركة في ذكرى ثورة الخميني

أبو مرزوق في بيروت.. وحزب الله يقود جهودًا لرأب الصدع مع إيران
TT

أبو مرزوق في بيروت.. وحزب الله يقود جهودًا لرأب الصدع مع إيران

أبو مرزوق في بيروت.. وحزب الله يقود جهودًا لرأب الصدع مع إيران

قالت مصادر فلسطينية إن هناك ترتيبات لعقد لقاء بين نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق، الذي وصل إلى بيروت الأربعاء، ومسؤولين في حزب الله اللبناني، لمناقشة طبيعة العلاقة مع إيران، كما كان مخططا منذ أسابيع، ونشرته «الشرق الأوسط»، وسط معلومات تم تداولها أخيرا عن أن الحزب بدأ وساطة جديدة بين إيران وحركة حماس في محاولة لرأب الصدع، بعدما فشلت المحاولات الإيرانية الأخيرة في إقناع حماس بإعلان موقف مؤيد لها ضد السعودية مقابل عودة العلاقات والدعم المالي الكامل.
لكن اللقاء مع حزب الله لم يحصل في بيروت بسبب «ضيق وقت» أبو مرزوق، الذي وصل إلى بيروت الأربعاء للمشاركة في مؤتمر، ويغادر اليوم الجمعة، إضافة إلى تزامن الزيارة مع «مغادرة معظم المسؤولين في حزب الله اللبناني إلى إيران للمشاركة في احتفالات الذكرى الـ37 للثورة الإسلامية»، كما قال ممثل حركة حماس في لبنان علي بركة لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى «اننا جاهزون للقاء مع الحزب»، وأنه «لم يتم بسبب ضيق الوقت فقط»، من غير الكشف عما يمكن أن يتناوله أي لقاء، علما بأن اللقاءات التي عقدها أبو مرزوق في بيروت جمعته بمسؤولين حكوميين ورسميين.
وأكد بركة أن أبو مرزوق موجود في لبنان للمشاركة في مؤتمر نظمه «مركز الزيتونة للاستشارات» حول القضية الفلسطينية وتقييم الواقع في عام 2015 واستشراف الواقع في عام 2016، مشيرا إلى أن المؤتمر «شارك فيه عدد من الفصائل الفلسطينية، وقدم خلاله أبو مرزوق ورقة عمل، إلى جانب أوراق عمل أخرى قدمتها حركة فتح والجبهة الشعبية والمبادرة الوطنية الفلسطينية». وأضاف: «على هامش الزيارة، تم ترتيب بعض الزيارات للمسؤولين اللبنانيين، بينهم رئيس الحكومة تمام سلام ورئيسا الحكومة السابقان فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي، والمكتب السياسي لحركة أمل (التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري)»، لافتا إلى لقاءات ستعقد اليوم الجمعة مع المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم.
وأوضح بركة أن الهدف من اللقاءات التي جمعته مع مسؤولين لبنانيين «تتمثل في شرح أفق القضية الفلسطينية بعد الحوار بين حركتي فتح وحماس قبل 3 أيام في الدوحة»، إضافة إلى «سبل دعم الانتفاضة الفلسطينية وكيفية رفع الحصار عن غزة». كما أشار إلى أن اللقاءات «ناقشت إجراءات الـ(أونروا) التي قلصت خدماتها للاجئين الفلسطينيين»، مشيرا إلى «اننا طالبنا رئيس الحكومة تمام سلام بأن يتدخل للضغط على الدول المناحة لتحسين خدماتها وتشغيل اللاجئين».
وكان السنيورة استقبل وفدا من حركة حماس، عُرضت خلاله أوضاع المخيمات الفلسطينية بعد تراجع خدمات الأونروا، كما ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية، وتم خلاله «التشديد على أهمية الحفاظ على الوحدة الوطنية الفلسطينية في هذه الظروف الخطيرة والحساسة في المنطقة».
في غضون ذلك، تحدثت المصادر الفلسطينية عن الترتيبات لعقد اللقاء بين أبو مرزوق ومسؤولين في حزب الله اللبناني، وذلك بعد المعلومات التي تم تداولها أخيرا عن أن حزب الله بدأ وساطة جديدة بين إيران وحركة حماس في محاولة لرأب الصدع. ونشرت «الشرق الأوسط» سابقا عن دعوة وجهها نائب رئيس الحزب نعيم قاسم لأبو مرزوق، لزيارة لبنان بهدف لقاء مسؤولين إيرانيين كبار بينهم ضباط في الحرس الثوري الإيراني.
وكان يفترض أن تتم الزيارة بعد انتهاء جلسات المصالحة مع فتح، وهو ما حدث، قبل أن يهاجم أبو مرزوق إيران بشكل كبير في تصريحات نشرتها «الشرق الأوسط» الأسبوع الماضي وألقت بظلالها على العلاقة. لكن المصادر أكدت أن الإيرانيين ومعهم حزب الله قرروا تجاوز تصريحات أبو مرزوق في هذا الوقت، والعمل على تقريب وجهات النظر مع حماس ومحاولة استقطابها إلى جانب طهران. وقالت المصادر إنه في الوقت الذي يفترض أن يجتمع فيه أبو مرزوق مع مسؤولين من حزب الله في لبنان، وصل وفد حمساوي رفيع إلى طهران وسيلتقي مسؤولين إيرانيين للغرض نفسه. ويضم وفد حماس الموجود في طهران كلا من محمد ناصر وماهر عبيد عضوي المكتب السياسي للحركة، وأسامة حمدان مسؤول العلاقات الدولية، وشارك أمس في احتفالات «ذكرى انتصار الثورة الإيرانية». ومن المقرر أن يلتقي وفد حماس الذي وصل بدعوة من طهران كبار المسؤولين الإيرانيين لبحث العلاقات الباردة بين الجانبين.
وتتهم حماس إيران بقطع المساعدات بسبب خلافات في وجهات النظر حول الأزمة السورية، وتعمقت الخلافات بعدما رفضت حماس طلبا إيرانيا بتأييدها في وجه السعودية، وزادت الطين بلة تصريحات أبو مرزوق المسربة التي قال فيها إن الإيرانيين لا يدعمون حماس منذ 2009، وإنهم كذابون. وأحدثت تصريحات أبو مرزوق جدلا وغضبا في إيران، ورد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية حسين جابري أنصاري، الاثنين الماضي، على اتهامات قطع المساعدات الإيرانية لحماس، نافيا ذلك ومؤكدا أن دعم طهران مستمر.
ومعروف أن خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحماس، يرفض أي تقارب كبير مع إيران في هذه المرحلة ويفضل علاقات متوازنة خشية من خسارة حماس لتركيا وبعض دول الخليج، إضافة إلى خسارة القاعدة السنية ومعها تنظيم الإخوان المسلمين، وجميعهم يساندون الثورة السورية وعلى خلاف كبير مع إيران.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.