«كوما سا فا» توقظ اللبنانيين من غيبوبة عميقة وتأتيهم بصحون طائرة

آخر مسرحيات سامي خياط تروي واقع البلاد باسكتشات كوميدية

ملصق المسرحية يظهر أبطال العرض
ملصق المسرحية يظهر أبطال العرض
TT

«كوما سا فا» توقظ اللبنانيين من غيبوبة عميقة وتأتيهم بصحون طائرة

ملصق المسرحية يظهر أبطال العرض
ملصق المسرحية يظهر أبطال العرض

وكأن الزمن عندما أراد أن يمرّ على المسرحي المخضرم سامي خيّاط كغيره من الناس، خاف من طاقاته الإبداعية الفنيّة فتراجع عن لمسه مكتفيا بأن يمرّ بموازاته. هذا الأمر لمسه جمهوره العريض في مسرحيته الجديدة «كوما سا فا».
فلا شكل الرجل الخارجي المتميّز بتفاصيله المنمنمة، ولا بديهته أو حركته السريعتين على المسرح، استطاع أن ينتقص منهما الزمن ولو ملليمترا واحدا. بقي سامي خياط، كما هو، خفيف الظلّ أبدا، يشقلب الكلمات لتحمل أكثر من معنى، وليبث رسائله اللاذعة إلى من يهمّه الأمر، فسيخر من واقع مضحك مبكٍ وضع الابتسامة في خدمته. جمع سامي خيّاط مواهبه ليرسم الابتسامة على ثغر مشاهدها، فاستخدم عبارات تفهم على معنيين، ولوّنها بلغته المبهمة التي لا يمكنك فهمها إلا بالإشارات، وحرّك جسده الصغير بليونة لافتة، فقفز ورقص وكبّر حجم جسمه وصغّر، وصرخ وتمتم في لحظات قليلة، فكانت بعض من الإشارات المعبّرة عن موهبته الفذّة في عالم المسرح الكوميدي المحترف.
«كوما سا فا» أو «coma ca va?» بالفرنسية، هي مسرحية من نوع الكوميديا «التيلا» تحضّرك لتضحك على طريقة «الكريشاندو»، بحيث تبدأ بالابتسامة لتصل إلى الضحكة ثم إلى القهقهة، بل تنقلك فور جلوسك على أحد مقاعد المسرح (في مدرسة المخلص في بدارو)، إلى حالة من الزهو منذ اللحظات الأولى لاعتلاء سامي خيّاط الخشبة إلى حين انسدال ستارة الختام.
كلّ ما يخطر على بالك من مواضيع معيشية وأخرى سياسية وإعلامية وحتى استشفائية، يتضمنها نصّ المسرحية والتي ينفّذها من ألفها إلى يائها كعادته سامي خياط.
وأول ما تطالعك به المسرحية مشهد يطلّ فيه أبطالها سابين خياط (ابنة سامي خياط) وناي رياشي وهما في حالة غيبوبة في مستشفى اسمه «مستشفظيع». فيحاول الطبيب المعالج الذي يلعب دوره جاد سعد إيقاظهما دون جدوى، حتى وصول الطبيب المشرف (سامي خياط)، الذي لا يعجبه أسلوب مساعده فيقوم بالمهمة على طريقته، فيقرع بالجرس فوق رأسيهما وهو يردد: «سلسلة الرواتب.. أزمة النفايات.. رواتب رجال الدفاع»، وما إلى هنالك من مشكلات معيشية تثقل كاهل اللبناني. فتستفيق المريضتان وقد استوعبتا فورا أنهما في لبنان.
ومنذ تلك اللحظة تبدآن في تذكّر معاناتهما في هذا البلد، فلقد استيقظتا للتوّ من غيبوبة عميقة تمنّتا لو بقيتا فيها، بعد أن صارتا واعيتين على واقعهما. ومن هناك تأخذ المسرحية مسارها لسرد كل شاردة وواردة يعيشها اللبناني في يومياته الرتيبة بشكل ساخر، يرافقها أداء كوميدي لأبطالها وفي مقدّمهم سامي خيّاط.
وبدءا بشخصيات السياسيين ومرورا بالإعلاميين المشهورين ووصولا إلى برامج التلفزة واللبنانيين أنفسهم، يقدّم كل من أبطال العمل أغنية تصف كل هؤلاء، بإيقاع سريع وقفشات ضاحكة لا يملّ حاضرها من متابعتها لما تتضمن من واقع ملموس مضحك ومبكٍ معا.
ويغني سامي خياط ويرقص ويفجّر نكاته العفوية ويغنّي دون أن يتعب، فهو يملك طاقة وحماسة لا تنتهيان رغم أنه على أبواب الثمانين من عمره، وتاريخه المسرحي يعود إلى 56 عاما، أي ما يتجاوز نصف قرن.
وإثر استيقاظ اللبنانيين من غيبوبتهم، يأتي السيّاح الأجانب للوقوف على كيفية تجاوزهم هذه المحنة، ولينهلوا منهم المعرفة والحنكة. وخلال المسرحية نستمع إلى اسكتشات مغناة بصوت ابنة خيّاط سابين، التي ورثت عن والدتها نايلة خياط (زوجة سامي خياط ورفيقة دربه منذ لحظاته الفنيّة الأولى) موهبتها الغنائية بصوتها الأنيق الشبيه بصوت الراحلة داليدا.
وفي حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» يوضح سامي خياط عن غياب زوجته عن هذا العمل، إذ يقول إنها «الغائبة الحاضرة أبدا في أعمالي الحالية». ويتابع: «تستمعون إلى صوتها في إعلانات المسرحية، فنايلة اليوم منشغلة في تقديم مسرحيات للأطفال».
وتكمل المسرحية أحداثها الفكاهية لتقلب الصفحة تلو الأخرى في كتاب حياة اللبنانيين، ناقلة بعض تفاصيلها، وبينها «رنّات الهاتف المحمول» التي تصيبك بالتوتّر أثناء اتصالك بأحدهم، وخدمة التوصيل المجاني (ديليفري) التي صارت تشمل كل أنواع السلع، وحتى تلك التي تصل إليك بصورة غير مباشرة عن طريق الخطأ دون أن تطلبها، كالنكات والمواهب الغنائية في البرامج المتلفزة.
وبعد مرور الأجانب في لبنان وقد تقمصّ شخصياتهم أبطال المسرحية، ليأخذونا برحلة إلى فرنسا وإسبانيا وروسيا وأميركا، من خلال حوارات ظريفة تدور بينهم وبين المواطن اللبناني (سامي خياط)، ودائما بأسلوبه المسرحي الكوميدي المميز به، والذي يبلغ أوجه في تلك المشاهد، تسدل ستارة النهاية لهذه المسرحية التي لم يتوانَ مخرجها ومؤلفها في استخدام أسلوب التفاعل مع الحضور، ليطرح أسئلة مباشرة عليهم، أو لينزل عن خشبة المسرح ويتجوّل في ما بينهم وهو يمسك بميكروفون وهمي، ليقف على المطالب التي يرغب اللبناني في تحقيقها، بعد نزوله الشارع ضمن ظاهرة الحراك الشعبي التي راجت مؤخرا في لبنان.
شريط طويل من حياتنا اليومية الممسرحة تختصرها «كوما سا فا» على مدى 90 دقيقة، حبكها سامي خيّاط بكلام مختصر وبتوقيت محكم، بحيث لا يسمحان لمشاهدها بأن يشعر بالملل ولو للحظات قليلة.
وفي نهاية العرض الذي تسدل ستارته على صحون طائرة تغطّ في لبنان، ليكتشف سكان الفضاء من ناحيتهم سرّ استيقاظ اللبناني، أطلق سامي خياط صحنا إلكترونيا في فضاء قاعة العرض، وهو تقليد اعتاده جمهور مسرحه على مدى نصف قرن ونيّف. والشخص الذي يلتقط الصحن يفوز ببطاقتين لمشاهدة العرض المسرحي مرة جديدة. أشرف على عملية المونتاج والمؤثرات الصوتية سامي جونيور خيّاط، بينما تسلّمت عملية الإشراف على المسرحية ناتالي كتورة والتي شاركت في مشهد واحد من المسرحية.
تجدر الإشارة إلى أن سامي خيّاط بدأ مشواره المسرحي في عام 1960 مع مسرحية بعنوان «موليير هوغو وسوفوكول»، ولتكر سبحة أعماله بعدها على مدى 56 عاما، والتي لم تتوقّف حتى في أيام الحرب اللبنانية. وتميّزت عناوين مسرحياته باللعب على الكلام ذي الطابع الفرنسي كـ«يس فور لياس» و«بعبدا بوم» و«أبو كليبس» و«ستار ايبيديمي» و«مين دريان mine de rien» و«قرف karafe» وغيرها من العناوين التي جمعها في أسطوانات مدمّجة أطلقها مؤخرا في الأسواق لتكون في متناول الجميع من أبناء جيلي الماضي والحاضر.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.