انتعاش أسعار النفط يواجه «أزمة ثقة» بين أوبك وروسيا

تحركات مكثفة قد ينتج عنها اجتماع طارئ وتنسيق ملزم

انتعاش أسعار النفط يواجه «أزمة ثقة» بين أوبك وروسيا
TT

انتعاش أسعار النفط يواجه «أزمة ثقة» بين أوبك وروسيا

انتعاش أسعار النفط يواجه «أزمة ثقة» بين أوبك وروسيا

تجددت آمال المستثمرين في أسواق النفط من جديد، بعد مكاسب تخطت نسبتها أكثر من 25 في المائة خلال النصف الثاني من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي، نتيجة تحركات مباشرة وغير مباشرة لدول من داخل منظمة أوبك وخارجها، وتوقعات بالتنسيق بينهما لتخفيض الإنتاج لكبح الإمدادات التي سجلت أكبر تخمة معروض نفطي في التاريخ، لكن فقدان الثقة يقف حائلاً بينهما، خاصة بعد واقعة سابقة تراجعت فيها موسكو عن التزامها حيال توافقها مع المنظمة في مطلع الألفية.
وصعدت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت لأقرب استحقاق والتي انقضى تداولها مع نهاية جلسة يوم الجمعة، 85 سنتا أو ما يعادل 5.2 في المائة لتسجل عند التسوية 74.34 دولار للبرميل، وأغلقت عقود خام القياس الأميركي غرب تكساس الوسيط مرتفعة 40 سنتا أو 2.1 في المائة إلى 62.33 دولار للبرميل بعد أن كانت قفزت عند أعلى مستوى لها في الجلسة إلى 40.34 دولار.
وتلقى النفط دعمًا أيضًا من أرقام ضعيفة للناتج المحلي الأميركي عززت الآمال بأن البنك المركزي الأميركي، قد يقلل من وتيرة زيادة أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، إذ إن ارتفاع العملة الأميركية يزيد من تكلفة السلع الأساسية المقومة بها على المستثمرين غير الأميركيين، وانخفاضها يرفع حجم الطلبات على السلع المقومة بالدولار مثل النفط.
من جانبها جددت منظمة أوبك دعوتها إلى المنتجين المنافسين لخفض الإمدادات إلى جانب أعضائها والتي أعقبها بعد ذلك تصريحات روسية بشأن اتفاق مع المنظمة وهو شيء دأبت على رفضه على مدى 15 عامًا، إلا أن تهاوي الأسعار إلى أدنى مستوياتها في 12 عامًا في منتصف الشهر الحالي، ضغط في اتجاه التنسيق أوبك - روسيا.
ونتيجة تراجع الأسعار خفضت شركات الطاقة الأميركية عدد منصات النفط العاملة، لينخفض العدد الإجمالي للمنصات إلى 510 وهو الأقل منذ أبريل (نيسان) 2010، مقابل 1317 منصة عاملة في الأسبوع المقابل من العام الماضي.
ووفقًا لتقرير بيكر هيوز، فإن شركات النفط الأميركية، أوقفت 963 منصة حفر إجمالاً عن العمل في 2015 وهو أكبر خفض سنوي في العدد منذ 1988 على الأقل. ويساهم إنتاج النفط الصخري في نصف إنتاج أميركا من النفط، أي نحو أربعة ملايين برميل يوميًا.

* تحركات مستمرة في سوق النفط
من المقرر أن يزور وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان أوائل شهر فبراير (شباط) المقبل، بحسب وزارة الخارجية الروسية يوم الجمعة.
وقالت مارية زخاروفا المتحدثة باسم الوزارة إن المحادثات في البلدين ستتناول «خفض التقلبات (في الأسواق) وضمان مستوى عادل لأسعار النفط والغاز».
وكان وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك صرح يوم الخميس أن روسيا، غير العضو في أوبك، مستعدة للمشاركة في اجتماع مع منظمة أوبك للبحث في إمكانية «التنسيق» لمواجهة انهيار أسعار النفط.
ثم أوضح نائب رئيس الوزراء الروسي أركادي دفوركوفيتش يوم الجمعة، أن قرار خفض إنتاج النفط الذي أعلنت موسكو استعدادها لمناقشته مع منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، يعود إلى الشركات النفطية وليس إلى الدولة.
وقال دفوركوفيتش في مؤتمر صحافي نقلته وكالات الأنباء الروسية: «إذا بقيت الأسعار في مستوى غير مربح لفترة طويلة، سيصبح تصحيح الاستثمارات حتميًا، وهذا سيؤدي إلى خفض في الإنتاج لكن هذا ليس إجراء تريده الحكومة».
وأدت هذه التصريحات إلى ارتفاع أسعار النفط إلى أعلى مستوى منذ ثلاثة أسابيع.
وفي غضون ذلك، يزور وزير النفط الفنزويلي إيلوخيو ديل بينو، حاليًا روسيا ضمن جولة بدأها أمس السبت، تشمل دولاً منتجة للنفط أعضاء في أوبك وأخرى خارج المنظمة بهدف تعبئة دعم من أجل إجراء لوقف هبوط أسعار الخام.
وقال ديل بينو في تغريدة من وزارة النفط «سنذهب إلى روسيا، وهى بلد غير عضو في أوبك، حيث سنناقش مقترحات من أجل استقرار أسواق الخام». ومن المقرر أن يزور وزير النفط الفنزويلي أيضًا قطر وإيران والسعودية.
وتدرس منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) طلبًا من فنزويلا التي تعاني ضائقة مالية لعقد اجتماع طارئ على أقصى تقدير في فبراير .
ووصل إنتاج روسيا من النفط في 2015 إلى مستوى قياسي بلغ 10.7 مليون برميل يوميًا في المتوسط، بحسب بيانات رسمية، بينما زاد إنتاج أوبك خلال شهر يناير 290 ألف برميل يوميًا إلى 60.32 مليون برميل يوميًا، عن مستويات ديسمبر (كانون الأول)، وفقًا لمسح أجرته «رويترز» نشرت نتائجه يوم الجمعة الماضي.

* أحداث تدعم رفع الأسعار
أغلقت الإمارات العربية المتحدة، وحدة وقود بمصفاة الرويس الإماراتية لمدة شهرين، وأوضح محلل في إنرجي أسبكتس أن وحدة التكسير الحفزي للسوائل المبقاة لشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) مغلقة لشهرين بسبب مشكلات تتعلق بمادة الحفز.
وواجهت المصفاة الموسعة حديثًا وتبلغ طاقتها الحالية أكثر من 800 ألف برميل يوميًا عدة مشكلات في وحدة التكسير الحفزي للسوائل المبقاة التي بدأ تشغيلها في مايو (أيار) الماضي.
وأبدى العراق استعداده لتخفيض الإنتاج، إذ قال وزير المالية العراقي هوشيار زيباري إن العراق مستعد للمشاركة في اجتماع استثنائي لأوبك بل وخفض إنتاجه سريع النمو إذا ما اتفق المنتجون من داخل أوبك وخارجها على ذلك وهو ما يبدو بعيد المنال في الوقت الراهن.
وقال زيباري في مقابلة مع «رويترز» إن العراق يرغب في المشاركة في الاجتماعات التي دعت إليها فنزويلا من أجل رفع أسعار النفط التي تهاوت.
وكان وزير النفط العراقي قال في وقت سابق، إن السعودية وروسيا تبديان بوادر مرونة في ما يتعلق بالتوصل إلى اتفاق على حل تخمة المعروض في السوق. ووفقًا بيانات الوحدة الاقتصادية بـ«الشرق الأوسط» فإن تحركات الدول الأعضاء وغير الأعضاء في أوبك، حاليًا، قد ينتج عنها اجتماع طارئ على مستوى الخبراء والمندوبين، قبل شهر مارس، في حال أبدت إيران وروسيا، وهما العقبة التي تواجه تخفيض الإنتاج، مرونة فعلية. والوضع الاقتصادي الروسي لا يسمح بتحمل مزيد من هبوط أسعار النفط، نظرًا لوصول الوضع المالي إلى مستوى وقف الخسائر، وهو ما ظهر مؤخرًا في التصريحات الروسية الرسمية، إلا أن إيران أبدت اعتراضات على تخفيض الإنتاج، وقالت لصحيفة «وول ستريت» إنه في حالة اتفاق أوبك على تخفيض الإنتاج فإن طهران لن تكون داخل الاتفاق.
وفشلت محاولات سابقة للتنسيق بين أوبك وروسيا، إذ تراجعت الأخيرة في عام 2001 عن خفض الإمدادات بعد تعهدها بالمشاركة في تخفيض الإنتاج مع الدول الأعضاء في المنظمة.



النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
TT

النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)

ارتفعت أسعار النفط قليلاً يوم الجمعة متجهة صوب تسجيل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مع تفاقم المخاوف بشأن الإمدادات بسبب عقوبات إضافية على إيران وروسيا في حين أثرت توقعات الفائض على الأسواق.

وزادت العقود الآجلة لخام برنت 28 سنتاً أو 0.38 في المائة إلى 73.69 دولار للبرميل بحلول الساعة 14.08 بتوقيت غرينتش، وارتفعت عقود خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 30 سنتاً أو 0.43 بالمائة إلى 70.32 دولار للبرميل.

واتجه الخامان صوب تسجيل مكاسب أسبوعية بأكثر من ثلاثة في المائة بفعل مخاوف من اضطراب الإمدادات بعد فرض عقوبات أشد على روسيا وإيران، وكذلك آمال بأن تعزز إجراءات التحفيز الصينية الطلب في ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم.

ومن المتوقع أن تظل واردات الخام للصين، وهي أكبر مستورد في العالم، مرتفعة حتى أوائل عام 2025، إذ تميل المصافي لزيادة الإمدادات من السعودية، أكبر مُصدر في العالم، بسبب انخفاض الأسعار بينما تسارع المصافي المستقلة إلى استغلال حصصها.

ورفعت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري عن سوق النفط توقعاتها لنمو الطلب إلى 1.1 مليون برميل يومياً، من 990 ألف برميل يومياً في الشهر الماضي. وقالت إن نمو الطلب «سيكون إلى حد كبير في الدول الآسيوية بسبب تأثير إجراءات التحفيز الأحدث في الصين».

ومع ذلك، توقعت الوكالة فائضاً في العام المقبل، عندما كان من المتوقع أن تزيد الدول غير الأعضاء في تحالف أوبك بلس الإمدادات بنحو 1.5 مليون برميل يومياً، بقيادة الأرجنتين والبرازيل وكندا وجيانا والولايات المتحدة. ويراهن المستثمرون على خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) تكاليف الاقتراض الأسبوع المقبل على أن يُتبع ذلك بتخفيضات أخرى العام القادم بعد أن أظهرت بيانات اقتصادية ارتفاعاً غير متوقع في طلبات إعانة البطالة الأسبوعية.

وبالتزامن، ذكرت «بلومبرغ نيوز»، يوم الجمعة، أن الإمارات تعتزم خفض شحنات النفط في أوائل العام المقبل وسط مساعي مجموعة أوبك بلس لانضباط أقوى في تلبية أهداف الإنتاج.

وذكر التقرير أن شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) خفضت شحنات النفط الخام المخصصة لبعض العملاء في آسيا، مما قلص الأحجام بنحو 230 ألف برميل يومياً عبر درجات الخام المختلفة، وذلك نقلاً عن شركات لديها عقود لتلقي الشحنات.

من جهة أخرى، قال متعاملون ومحللون إن سعر النفط الخام الإيراني للصين ارتفع إلى أعلى مستوى منذ سنوات بسبب عقوبات أميركية إضافية أثرت على قدرات الشحن ورفعت تكاليف الخدمات اللوجيستية.

ويؤدي ارتفاع أسعار النفط الإيراني والروسي إلى زيادة التكاليف على المصافي الصينية المستقلة التي تمثل نحو خمس الطلب في أكبر سوق مستوردة للخام في العالم، مما يسلط الضوء على تحديات محتملة في ظل توقعات بأن تزيد إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب الضغوط على طهران عندما تتولى السلطة.

وأوضح متعاملون أن بعض المصافي تتحول إلى إمدادات غير خاضعة لقيود العقوبات، بما في ذلك من الشرق الأوسط وغرب أفريقيا، لتلبية الطلب الموسمي في الشتاء وقبل رأس السنة القمرية الجديدة.

وانخفضت الخصومات على الخام الإيراني الخفيف لنحو 2.50 دولار للبرميل مقابل خام برنت في بورصة إنتركونتيننتال على أساس تسليم ظهر السفينة في ميناء الوصول للصين، وذلك مقارنة بخصومات أقل من أربعة دولارات في أوائل نوفمبر. وقال متعاملون إن الخصومات على الخام الإيراني الثقيل تقلصت أيضاً إلى نحو أربعة إلى خمسة دولارات للبرميل من نحو سبعة دولارات في أوائل نوفمبر.

وترتفع أسعار الخام الإيراني منذ أكتوبر (تشرين الأول) عندما انخفضت صادرات الدولة العضو في «أوبك» في أعقاب مخاوف من هجوم إسرائيلي على منشآت نفط إيرانية.

وأفادت المصادر وبيانات الشحن من مجموعة بورصات لندن بأن تشديد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للعقوبات على طهران الأسبوع الماضي أدى إلى توقف بعض السفن التي تنقل الخام الإيراني عبر ناقلات أخرى إلى الصين قبالة سواحل سنغافورة وماليزيا.

وأظهرت بيانات كبلر لتتبع السفن أن واردات الصين من النفط الخام والمكثفات الإيرانية انخفضت في نوفمبر بنحو 524 ألف برميل يومياً إلى أدنى مستوى في أربعة أشهر عند 1.31 مليون برميل يومياً مقارنة بالشهر السابق.

وأظهرت بيانات الشحن من مجموعة بورصات لندن أن عدداً من ناقلات النفط الخام العملاقة الخاضعة للعقوبات تبحر قبالة سواحل ماليزيا. وأوضحت البيانات أن ناقلة نفط خاضعة للعقوبات أبحرت من الصين يوم الجمعة. وقالت مصادر تجارية إن الناقلة أفرغت حمولتها في ميناء ريتشاو بمقاطعة شاندونغ.

وقال محللون إن أسعار النفط الإيراني تلقت دعما جزئياً من تعافي الطلب في الصين مع شراء المصافي المستقلة المزيد من الخام بعد الحصول على حصص استيراد إضافية من الحكومة وزيادة إنتاجها من الوقود قليلاً.