ثورة الياسمين منحت التونسيين هامشًا من الحرية.. وحرمتهم من التنمية والتوظيف

5 سنوات على سقوط نظام بن علي.. والبلاد لا تزال فريسة البطالة والفقر والتفاوت الاجتماعي

عاطلون عن العمل في مظاهرة وسط العاصمة التونسية للمطالبة بفرص عمل (رويترز)
عاطلون عن العمل في مظاهرة وسط العاصمة التونسية للمطالبة بفرص عمل (رويترز)
TT

ثورة الياسمين منحت التونسيين هامشًا من الحرية.. وحرمتهم من التنمية والتوظيف

عاطلون عن العمل في مظاهرة وسط العاصمة التونسية للمطالبة بفرص عمل (رويترز)
عاطلون عن العمل في مظاهرة وسط العاصمة التونسية للمطالبة بفرص عمل (رويترز)

قبل أيام من اندلاع الاحتجاجات في كل أرجاء المدن التونسية، ووسط مشاعر مختلطة ما بين الخيبة والاعتزاز، أحيت تونس الذكرى الخامسة لسقوط نظام زين العابدين بن علي، الذي فتح أمام البلاد صفحة جديدة من الحرية، لكن الحرية وحدها لن تكون، حسب مراقبين ومحللين سياسيين، كافية للتغلب على الصعوبات الكبرى التي تواجهها البلاد، وفي مقدمتها مشكلة التنمية والتوظيف.
ففي 14 يناير (كانون الثاني) 2011، وبعد شهر من المظاهرات التي واجهها النظام بقمع دموي، أحدث الرجل الذي كان يحكم البلاد بقبضة من حديد منذ 23 عاما مفاجأة كبرى بفراره إلى خارج البلاد، مثيرا صدمة عمت العالم العربي، وأطلقت سلسلة الثورات فيه. وفي صباح اليوم نفسه، تجمع متظاهرون تحدوا الخوف في جادة بورقيبة بوسط تونس، على مقربة من وزارة الداخلية التي كانت تثير الرهبة، هاتفين للديكتاتور «ارحل».
فبعد خمس سنوات من سقوط نظام بن علي، بات بوسع التونسيين أخيرا التعبير عن رأيهم بحرية، وهو أحد أهم مكاسب الثورة الرئيسية.
إلا أن ذكرى الاحتفالات بالثورة حلت في ظل وضع قاتم، حيث لا تزال البلاد تعاني من تفشي البطالة والفقر والتفاوت الاجتماعي، وهي الظروف ذاتها التي لعبت دورا حاسما في الثورة، التي أطلقها البائع الجوال محمد البوعزيزي، حين أضرم النار في نفسه في 17 ديسمبر (كانون الأول) 2010، احتجاجا على ظروفه المعيشية، وهي أيضا الظروف نفسها التي أطلقت احتجاجات القصرين وغيرها من المظاهرات التي عرفتها المدن التونسية، والتي أرغمت سلطات البلاد على فرض حظر التجول الليلي في كل أرجاء تونس.
وإضافة إلى مشكلة البطالة، شهدت البلاد سلسلة من الاعتداءات الإرهابية الدامية منذ 2010، قتل فيها خلال السنوات الأخيرة عشرات الشرطيين والعسكريين والسياح الأجانب، وهو ما جعل البلاد تعيش اليوم في ظل حال الطوارئ. وفي هذا الصدد كتبت صحيفة «لوكوتيديان» المحلية أن «حصيلة ثورة الحرية والكرامة والحق في العمل تبقى بصورة إجمالية متفاوتة»، فيما أبدت صحيفة «لابريس» خشيتها من عودة البلاد إلى «خانة البدايات.. خانة الغموض والخوف».
أما صحيفة «المغرب» فقد رأت من جهتها أنه «مهما يكن من أمر، فنحن نحيي اليوم حدثا مؤسسا لواقع ومستقبل تونس لعقود وربما لقرون قادمة»، فيما دعت صحيفة «لوتان» إلى «إعطاء الأمل لجميع الذين خابت آمالهم»، محذرة من أن «خطاب جلد الذات يقضي على المعنويات وعلى المستقبل».
وبالمقارنة مع الاضطرابات التي تعم دول «الربيع العربي» الأخرى، مثل النزاع في سوريا والفوضى في ليبيا والحرب في اليمن، تبدو تونس مستقرة إلى حد ما، حسب بعض المحلين. كما أنها حققت الكثير من الخطوات على درب الديمقراطية. فقد نظم هذا البلد في 2011 و2014 انتخابات حرة، أجمع الكل على وصفها بالشفافة، وأقر دستورا جديدا، وتلقى جائزة نوبل للسلام عام 2015 مكافأة لـ«الحوار الوطني»، الذي قادته لجنة رباعية في وقت كانت فيه تونس تشهد صراعا بين الأحزاب السياسية. وهذا ما دفع رئيس الوزراء الحبيب الصيد إلى القول في بيان: «إننا نفاخر بالاستثناء التونسي الذي أبهر العالم»، مؤكدا أن تونس «قطعت نهائيا ومن دون رجعة مع التسلط والاستبداد»، وتابع موضحا: «نحن نعمل جاهدين على تجسيم مختلف استحقاقات الثورة، خاصة تأمين مقومات العيش الكريم»، مشددا من جهة أخرى على أن «كسب الحرب على الإرهاب واقتلاعه من جذوره شرط أساسي للتفرغ لخوض غمار التنمية، ورفع التحديات القائمة في مختلف المجالات».
وكان الصيد قد أجرى مؤخرا تعديلا وزاريا واسعا، كان تعهد به إثر اعتداء انتحاري جديد، وقع في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 وتبناه تنظيم داعش المتطرف.
كما شهدت تونس اعتداءين عنيفين استهدف أحدهما متحف باردو في تونس في مارس (آذار) الماضي، فيما استهدف الثاني فندقا في سوسة (جنوب) في يونيو (حزيران) المنصرم، فأوقعا ستين قتيلا وشكلا ضربة شديدة للقطاع السياحي.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.