عطل «غامض» يتسبّب في تحطّم طائرات «درون»

مع زيادة طلب البنتاغون عليها في الحرب ضد الإرهاب

عطل «غامض» يتسبّب في تحطّم طائرات «درون»
TT

عطل «غامض» يتسبّب في تحطّم طائرات «درون»

عطل «غامض» يتسبّب في تحطّم طائرات «درون»

مع زيادة طلب البنتاغون على طائرات «درون» (من دون طيار) لاستخدامها في الحرب ضد الإرهاب، وتقديم السلاح الجوي الأميركي إغراءات تزيد على مائة ألف دولار لكل طيار «درون»، كشف تقرير أصدره السلاح الجوي الأميركي أمس عن وجود عطل كهربائي «غامض» في هذه الطائرات.
وخص التقرير بالذكر طائرات «ريبر» (الحاصدة)، الأحدث نوعا بعد طائرات «بريديتر» (المفترسة)، التي ظل يعتمد عليها السلاح الجوي الأميركي منذ بداية عمليات «درون» قبل عشرة أعوام تقريبا. وقال تقرير السلاح الجوي، الذي حصلت عليه صحيفة «واشنطن بوست»، إن العام الماضي شهد تحطيم 20 طائرة «ريبر»، التي يبلغ وزن كل واحدة منها طنين ونصف الطن. وتبلغ قيمة كل واحدة 14 مليون دولار. وأكدت الصحيفة نقلا عن التقرير أنها فقدت كلها التيار الكهربائي، وسقطت أرضًا.
وأضاف التقرير أن السلاح الجوي اضطر في العام الماضي، رغم الارتفاع الكبير في الطلبات المقدمة من القادة الميدانيين، لتخفيض عدد الطائرات المتوفرة في ميادين القتال بنسبة 8 في المائة. وذلك بسبب نقص حاد في عدد طياري هذه الطائرات، وهم الذين يتحكمون فيها عن بعد من قواعد عسكرية في الولايات المتحدة، وفي دول في الشرق الأوسط. كما اضطر السلاح الجوي للتعاقد مع شركات تنتج أو تملك طائرات «درون» للمساعدة في مواجهة ما سماه عسكريون أميركيون «شهية لا تشبع تقريبا» من القادة العسكريين في ميادين الحرب ضد الإرهاب.
وسقطت في العام الماضي عشر طائرات «بريديتر»، منها واحدة بـ«ضربة جوية معادية»، بقذائف القوات السورية الحكومية قرب اللاذقية، في مارس (آذار) الماضي. ومن بين 20 طائرة «ريبر» التي سقطت في العام الماضي، سقطت ست في أفغانستان، وأربع في منطقة القرن الأفريقي بالقرب من القاعدة العسكرية الأميركية في جيبوتي، وثلاث في العراق، وأخريات في الكويت، وتركيا، وسوريا، وليبيا. وتعمد تقرير السلاح الجوي عدم الكشف عن المكانين الآخرين الذين سقطت فيهما الطائرتان. وفي كل الحالات، أكد أن أيًا من الطائرات لم تسقط بضربات جوية.
وإلى جانب السلاح الجوي، يملك الجيش (القوات البرية) أسطولا من طائرات «درون»، ومؤخرا، بدأ يزيد عددها، وذلك لمواجهة النقص في طائرات السلاح الجوي. وفي العام الماضي، أعلنت القوات البرية سقوط أربع طائرات من نوع «بريديتر»: ثلاث في أفغانستان، وواحدة في العراق. وتملك وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) أسطولا من طائرات «درون». لكنها تحيط كل عملياته بستار كثيف من السرية.
وفي بداية الشهر الحالي، قال مايكل فيكارز، مسؤول مدني كبير سابق في البنتاغون: «ظلت طائرات (بريديتر) سلاحنا الأكثر فعالية في حملتنا ضد المتطرفين في العالم». وأضاف أنه يخشى أن هذه القدرات ستتأثر بسبب قلة عدد هذه الطائرات، مشيرا إلى أنه منذ بداية عمليات «درون»، من بين 269 طائرة «بريديتر»، تحطم نصفها تقريبا في حوادث جوية وأرضية.
ويملك السلاح الجوي 140 طائرة «بريديتر» حاليا، ويخطط لتقاعدها كلها مع حلول عام 2018 لتحل محلها طائرات «ريبر». ودخلت طائرات «ريبر» الحرب ضد الإرهاب في عام 2007، وتتفوق على «بريديتر» بأنها تطير بسرعة ضعفين، وتحمل صواريخ أكثر، وتتمتع بسلامة أكثر.
لكن، حتى بداية الكوارث الأخيرة. وحسب تقرير السلاح الجوي «يعتقد المحققون والمهندسون أن المشكلة لها صلة بالمولد الكهربائي». ويظل السبب الحقيقي «غامضا».
تنتج كل من «ريبر» و«بريديتر» شركة «جنرال أتوميكز»، وهي متعاقدة رئيسية مع السلاح الجوي الأميركي، ورئاستها في سان دييغو (ولاية كاليفورنيا)، بالإضافة إلى سلاح الجو الأميركي، توجد في قائمة زبائنها: وزارة امن الوطن، ووكالة الفضاء «ناسا»، وأيضًا القوت المسلحة في بريطانيا، وفرنسا، وإيطاليا.
لكن، رفض مسؤولون في الشركة الحديث إلى الصحافيين عن هذا الموضوع. واكتفت المتحدثة باسم الشركة، كمبرلي كاسيتز، بإرسال بريد إلكتروني مقتضب يقول: «سجلت طائرات (ريبر) 2.2 مليون ساعة طيران. وظلت فعالة جدا بشهادة عملائنا المتعددين».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.