الأمم المتحدة تقترح سبلاً غير تقليدية لتمويل المساعدات الإنسانية عبر العالم

الحاجات الإنسانية تطلبت تبرعات بقيمة 24.5 مليار دولار في 2015

مقر الأمم المتحدة في نيويورك
مقر الأمم المتحدة في نيويورك
TT

الأمم المتحدة تقترح سبلاً غير تقليدية لتمويل المساعدات الإنسانية عبر العالم

مقر الأمم المتحدة في نيويورك
مقر الأمم المتحدة في نيويورك

اقترحت الأمم المتحدة تقديم «مساهمة طوعية» على شكل ضريبة على المواصلات أو مباريات كرة القدم أو الحفلات الموسيقية لردم الهوة المتزايدة بين الحاجات الإنسانية والمساهمات الخيرية.
كما دعا مؤلّفو التقرير الأممي إلى تخصيص مبالغ تقطع من التبرّعات للمساعدات الإنسانية، مركّزين على تعزيز الفاعلية والشفافية في العمليات الإنسانية. وأشار التقرير إلى أن «الحاجات الإنسانية ارتفعت من ملياري دولار عام 2000 إلى 24,5 مليار دولار بعد 15 عاما»، تحت تأثير تكاثر النزاعات وتزايد الكوارث الطبيعية في ظل التغير المناخي.
ولم تتمكن الأمم المتحدة في 2015 من جمع سوى نصف الأموال التي طالبت بها، واضطرت بالتالي إلى خفض الوجبات الغذائية التي تقدمها لنحو 1,6 مليون سوري، ما أدى إلى موجة هجرة جماعية إلى أوروبا.
وأفادت كريستالينا جورجيفا، خبيرة المفوضية الأوروبية: «لم يكن العالم يوما بهذا القدر من السخاء.. لكن هذا السخاء لم يكن يوما غير كافٍ إلى هذا الحد»، وأضافت أن مساعدة ضحايا النزاعات والكوارث «صواب أخلاقيا، غير أنه كذلك لمصلحتنا، مثلما أثبتته أزمة الهجرة».
وتعتزم الأمم المتحدة معالجة المشكلة من ثلاثة جوانب في آن واحد، داعية أولا إلى «الحد من الحاجات» من خلال تدارك النزاعات بشكل أفضل، وتهيئة الدول ذات الأوضاع الهشة، ومساعدتها بشكل أنسب. كما ينبغي بحسب الأمم المتحدة توسيع دائرة الجهات المانحة، إذ إن خمس دول فقط تقدم ثلثي المساعدات الإنسانية حاليا، وإيجاد مصادر تمويل جديدة.
ومن الأفكار العملية المطروحة، فرض «ضريبة تضامن» على بعض الخدمات والمنتجات، على غرار ما قامت به منظمة «يونيت ايد» غير الحكومية التي أقنعت عشر دول باقتطاع بضعة دولارات من ثمن كل بطاقة طيران للمساهمة في مكافحة الملاريا أو الإيدز، ما مكنها من جمع 1,6 مليار يورو بين 2006 و2011. واقترح التقرير استخدام «ضريبة تضامن على الرحلات الجوية أو الوقود لتمويل خدمات طبية» في مخيمات اللاجئين أو في المناطق التي تؤوي نازحين.
وقالت جورجيفا أنه «من الممكن فرض مساهمة صغرى على حجم هائل» من التعاملات، وذكرت بهذا الصدد الوقود والحفلات الموسيقية والأفلام والمباريات الرياضية، مشيرة إلى اتصالات تمت مع الاتحاد الدولي لكرة القدم بهذا الصدد. لكنها لفتت إلى أن مثال ضريبة «توبين» على المعاملات المالية يظهر مدى «صعوبة هذه المسألة». ومن الخيارات الأخرى تخصيص نسبة من مئات مليارات الدولارات التي تتداولها المؤسسات المالية الإسلامية كل سنة للعمليات الإنسانية. وأشار التقرير بهذا الصدد إلى أن «المالية الاجتماعية الإسلامية مجال لم يتم استكشافه بشكل معمق».
وأخيرا، دعت الأمم المتحدة الجهات المانحة والمنظمات غير الحكومية إلى «اتفاق شامل» يوافق المانحون بموجبه على تقديم أموال عدة مرات في السنة دون تخصيص وجهة استخدام محددة لها، بينما تتعهد المنظمات ببذل جهود لزيادة الشفافية والحد من البيروقراطية والهدر.
وأوصى التقرير كذلك بإشراك المنظمات غير الحكومية المحلية والقطاع الخاص بشكل أكبر، ليس لتقديم مزيد من الأموال فحسب، بل لتقديم الخبرة والخدمات. وخلص التقرير إلى أن هذه التدابير قد تسمح بجمع مليارات الدولارات، ولا سيما أربعة إلى خمسة مليارات من خلال تحسين سبل تدارك النزاعات والكوارث، وثلاثة إلى خمسة مليارات من المؤسسات المالية الإسلامية، و500 مليون على أقل تقدير بزيادة الفاعلية وتقليص النفقات.
وعرض القرير في دبي أمس، وسيتم طرح على القمة الإنسانية العالمية التي تعقد في إسطنبول في مايو (أيار) المقبل. وتأمل جورجيفا بحلول ذلك التاريخ أن تكون هذه التوصيات «تحققت».
وكانت جورجيفا قبل تعيينها مفوضة أوروبية للميزانية تولت إدارة العمليات الإنسانية للاتحاد الأوروبي. ويرد اسمها بانتظام لخلافة بان كي مون الذي تنتهي ولايته على رأس المنظمة الدولية في نهاية السنة.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.