سوريا على جدول أعمال اجتماع سبعة وزراء دفاع من دول التحالف

في سياق تنسيق السياسات إزاء «داعش»

عناصر من كتائب السلطان مراد والمعتصم أثناء المواجهات مع ميليشيا داعش في قرية كزال في ريف حلب (غيتي)
عناصر من كتائب السلطان مراد والمعتصم أثناء المواجهات مع ميليشيا داعش في قرية كزال في ريف حلب (غيتي)
TT

سوريا على جدول أعمال اجتماع سبعة وزراء دفاع من دول التحالف

عناصر من كتائب السلطان مراد والمعتصم أثناء المواجهات مع ميليشيا داعش في قرية كزال في ريف حلب (غيتي)
عناصر من كتائب السلطان مراد والمعتصم أثناء المواجهات مع ميليشيا داعش في قرية كزال في ريف حلب (غيتي)

تستضيف العاصمة الفرنسية باريس يوم الأربعاء المقبل اجتماعا عسكريا لوزراء الدفاع في سبع دول غربية رئيسية ضالعة في الحرب على «داعش»: الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وأستراليا، وألمانيا، وهولندا، وإيطاليا، وذلك لغرض البحث في كيفية «زيادة مجهودنا (العسكري) في العراق وسوريا»، وفق ما أعلنه وزير الدفاع الفرنسي أمس.
وترى باريس، وفق قائد العمليات العسكرية للقوات الفرنسية، أن الاستراتيجية العسكرية التي يعمل التحالف بهديها «تعاني من بعض الضعف حتى تفضي إلى نتائج سريعة»، مشيرًا إلى أن عددها غير كاف مقارنة بما قام به التحالف إبان حرب العراق الأولى، إذ تقوم قوات التحالف الجوية بما معدله مائة طلعة في اليوم مقابل ألفي طلعة خلال حرب الخليج الأولى. ومن هذه الطلعات يقع القسم الأكبر على عاتق القوات الجوية الأميركية.
ويأتي الاجتماع قبل أيام قليلة من الموعد «المبدئي» لانطلاق مفاوضات «جنيف 3» بين المعارضة السورية والنظام بوساطة المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، فيما أخذت تبرز صعوبات كبيرة بسبب الشروط والشروط المضادة التي تضعها الأطراف السورية والخارجية على السواء، وتحديدا روسيا.
لا يخفي الغربيون وخصوصًا المسؤولون الفرنسيون «خيبتهم» من الأداء الروسي في سوريا، ومن تلكؤ موسكو «الغائبة عن اجتماع باريس المقبل» في تنفيذ الوعود التي أغدقتها على باريس، وذلك بمناسبتين: الأولى، خلال زيارة الرئيس فرنسوا هولاند الذي ذهب إلى موسكو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عقب العمليات الإرهابية التي ضربت قلب باريس. والثانية، خلال زيارة وزير دفاعه جان إيف لودريان الذي حل فيها في 21 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وأشيع في المناسبتين أن الطرفين «اتفقا» خلال اللقاءات رفيعة المستوى على «تركيز» العمليات الجوية التي يقوم بها الطيران الروسي والفرنسي في سوريا على مواقع تنظيم داعش، وعلى التنسيق بين الجيشين إن كان بحرا أو جوا، لتلافي الصدامات أو سوء الفهم وتقاسم المعلومات حول بنك الأهداف وحول المتشددين الفرنسيين والروس الموجودين في سوريا.
حتى الآن، يعترف المسؤولون الفرنسيون أنه «لم يتحقق الكثير» مما تقرر. لكن «خيبتهم» الكبرى تتناول بالدرجة الأولى استمرار القوات الجوية الروسية في استهداف مواقع المعارضة السورية المسلحة بالدرجة الأولى، وليس مواقع «داعش»، الأمر الذي دفع وزير الدفاع الفرنسي إلى انتقاد موسكو علنا وبشكل مباشر. فقد أعلن لو دريان، الذي التقى خلال زيارته الأخيرة إلى موسكو نظيره سيرغي شويغو أنه «يتعين أن نوضح مع الجانب الروسي طبيعة الهدف الرئيسي (للعمليات العسكرية)، وإذا كان هذا الهدف هو القضاء على (داعش)، فيتوجب عندها أن يفقه الروس أنه يتعين ضرب (داعش) أولا. والحال، أن الأمور ليست هكذا تماما لأن لهم ميلا قويا لضرب الفصائل المقاتلة أي المعارضة التي تحارب بشار الأسد». وأضاف لو دريان في مقابلة تلفزيونية أمس أنه «إذا أراد الروس أن يظهروا حقيقة أنهم يحاربون (داعش)، فعليهم إذن أن يوجهوا لها ضربات في الصميم مما يعني في سوريا، ضرب الرقة ودير الزور والمواقع المماثلة. والحال، أنهم يضربون ولكن ليس بشكل كاف». وعبر الوزير الفرنسي عن دهشته لكون الطرف الروسي يستهدف المعارضة المعتدلة أي «القابلة لمسار فيينا التي نظمت صفوفها للتفاوض مع النظام حول عملية الانتقال السياسي في سوريا».
وتأتي انتقادات لو دريان العسكرية لتردف انتقادات باريس السياسية لتعاطي موسكو مع التحضيرات الخاصة لإطلاق مفاوضات «جنيف 3» التي يريد المبعوث الدولي للأمم المتحدة أن تبدأ في 25 الحالي. وتقول مصادر دبلوماسية فرنسية إن موسكو «تريد نسف ما تحقق في مؤتمر الرياض للمعارضة السورية»، وهدفها «منع المعارضة من إخراج رأسها من تحت الماء». وما يدل على ذلك، تمسك الطرف الروسي في الاجتماعات التي عقدها ستيفان دي ميستورا في جنيف أول من أمس، بضرورة وجود وفدين للمعارضة وليس الوفد الوحيد الذي شكلته «أو بصدد تشكيله» الهيئة العليا للمفاوضات النابعة من مؤتمر الرياض. كذلك تظهر موسكو تشددا في موضوع إقامة اللوائح الخاصة بالتنظيمات المنظور إليها كإرهابية والتي تريد أن تضم إليها «جيش الإسلام» و«أحرار الشام» وغيرهما من التنظيمات، إلى جانب «النصرة» و«داعش». والحال أن رياض حجاب، منسق الهيئة العليا للتفاوض، يرفض قطعا ضم التنظيمين الأولين إلى لوائح الإرهاب، خصوصًا أنهما شاركا في مؤتمر الرياض وقبلا السير في العملية التفاوضية. وعلم من مصادر واسعة الاطلاع في باريس أن روسيا حضّرت لائحة تضم ما تعتبره 22 حركة إرهابية لن تكون مشمولة بمساعي وقف النار الذي يفترض أن يتم التوصل إليه في سوريا.
فضلا عن ذلك، تنظر باريس بحذر إلى ما يمكن أن يتفق عليه الجانبان الأميركي والروسي، حيث تعتبر فرنسا أن المفاوض الأميركي وتحديدا الوزير جون كيري «مستعجل»، وأنه «شديد الليونة» في التفاوض مع نظيره سيرغي لافروف، خصوصًا في موضوع مصير الرئيس السوري وصلاحياته في المرحلة الانتقالية وما بعدها.
بيد أن اختلاف المواقف والتحليلات، يدفع بباريس إلى التمسك بالحاجة للحوار مع موسكو، وفق ما أعاد الوزير لو دريان التأكيد عليه أمس، بحيث يشمل بالطبع الملف السوري، ولكن أيضًا الوضع الشرق أوسطي في كليته.
وفي الجانب العراقي، يرى لو دريان الذي كشف عن استهداف الطيران الفرنسي لمركز اتصالات رئيسي لـ«داعش» قرب الموصل، أن تنظيم داعش «يتراجع» في العراق. وأشار لو دريان إلى أن معركة تحرير الموصل «يجب أن تنطلق يوما ما»، منبهًا إلى أنها ستكون «أكثر تعقيدا» من المعارك التي حصلت حتى الآن لاستعادة المواقع التي سيطر عليها «داعش» ومنها مدينة الرمادي. وربط لو دريان بين إطلاق معركة الموصل بشروط عسكرية وسياسية: فعسكريًا، ترى باريس أن هناك حاجة لكي تتحضر القوات العراقية والكردية بشكل كافٍ حتى تكون على مستوى المعركة المنتظرة. أما سياسيًا، فقد ربط لو دريان بين نجاح المعركة وبين «دمج» جميع مكونات الشعب العراقي، وخصوصًا المكون السني في الانخراط في محاربة «داعش»، داعيًا رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى العمل في هذا الاتجاه.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.