آلاف الصدريين يتظاهرون ضد المالكي وسط العراق وجنوبه

قيادي بارز في التيار وصفه بـ«تلميذ الشيطان»

نوري المالكي و مقتدى الصدر
نوري المالكي و مقتدى الصدر
TT

آلاف الصدريين يتظاهرون ضد المالكي وسط العراق وجنوبه

نوري المالكي و مقتدى الصدر
نوري المالكي و مقتدى الصدر

بعد يوم من الهجوم العنيف الذي شنه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ضد زعيم التيار الصدري المعتزل مقتدى الصدر، وصف زعيم صدري بارز المالكي بأنه من تلامذة الشيطان، وذلك في أول رد فعل على تصريحات المالكي.
وبينما لم يتوقف رد الفعل على التصريحات أو البيانات المضادة، بل تعداها إلى المظاهرات التي انطلقت والتي من المتوقع أن تنطلق في عدد من المحافظات والمدن العراقية، شن خطيب الجمعة في الكاظمية (شمال بغداد) حازم الأعرجي، وهو أحد قيادات التيار الصدري البارزة، هجوما عنيفا على رئيس الوزراء ردا على انتقادات وجهها الأخير للصدر في حوار تلفزيوني. وقال الأعرجي في بيان: «أطل علينا تلميذ من تلامذة ذلك الشيطان (في إشارة إلى الحاكم المدني الأميركي للعراق بول بريمر)، الذي ولى مدبرا ولم يعقِّب، وبنفس المنطق الشيطاني لأستاذه، أخذ ينطلق لسانه، فاتهم ذلك الجبل الأشم شبل آل الصدر بأنه لا يعرف أصول العملية السياسية، والدستور لا يعني شيئا عنده وهو لا يفهم قضية الدستور». وتابع الأعرجي: «نحن نقول بلسان حال الشعب العراقي الذي عانى من بطشك يا مالكي وديكتاتوريتك (...) إن تلك التصريحات أمس، قد دقت الإسفين الأخير في نعش بريمر، واليوم إن شاء الله تعالى، ستدق تلك التصريحات الإسفين الأخير في نعش ملكك الزائل يا أبا إسراء».
ولم يستغرب القيادي الصدري، أن تنطلق تلك التصريحات «ممن قتل العراقيين وفرق بين الشيعة والسنة ومزق الوحدة العراقية»، وزاد أن «رياح التغيير قادمة، فلا عودة لتلك التصريحات المهزوزة، كد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك، والله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ولا تدرك أمدنا، ولا يرحض عنك عارها، وهل رأيك إلا فند، وأيامك إلا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم ينادي المنادي، ألا لعنة الله على الظالمين».
وفي محافظة البصرة (560 كلم جنوب العراق)، التي شهدت أيضا مظاهرة للتنديد بتصريحات المالكي، عقدت كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري مؤتمرا في مقر الكتلة في البصرة ألقى فيه الناطق الرسمي باسم مجلس الأمناء، عقيل عبد الحسين، كلمة استنكر فيها هجوم المالكي على الصدر قائلا إن «نوري المالكي يطل علينا ليعلن للعالم إفلاسه السياسي وليفك لنا شفرات أسباب التدهور الاقتصادي ويحلل لنا دواعي فشله الإداري ويميط اللثام عن برنامجه لإيصال العراق إلى المجهول».
وانطلقت مظاهرات مماثلة في كربلاء والنجف. وقال عضو البرلمان العراقي عن كتلة الأحرار الصدرية حسين الشريفي في كلمة بمظاهرة النجف إن «ما سمعناه من المالكي وهو يتحدث عن السيد الصدر ووصفه بأنه لا يعرف عن الدستور شيئا ولا عن العملية السياسية، يجعلنا نتساءل عن أي عملية سياسية يتحدث المالكي؛ عن سياسته الفاشلة في إدارة شؤون البلاد التي أوصلت العراق إلى هذا الوضع، أم سياسة الكذب والمكر والخداع التي ينتهجها، أم سياسة خلق الأزمات بين الحين والآخر وإعادة البعثيين إلى السلطة والفساد والرشوة التي جعلت العراق يقف في مقدمة دول العالم في الفساد، أم يتحدث عن سياسة اللاقانون التي تعم البلاد (...) أم سياسته بصم الآذان عن سماع نداء المرجعيات؟».
من جانبه، أكد الناطق الرسمي باسم كتلة الأحرار الصدرية وعضو البرلمان العراقي جواد الجبوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه ليست الإساءة الأولى التي صدرت من قبل المالكي بحق السيد الصدر؛ إذ سبق له أن أساء عدة مرات، سواء من قبله شخصيا أو من قبل أتباعه في ائتلاف دولة القانون»، مشيرا إلى أن «الصدر كان دائما يتحلى بالإيثار ويصدر تعليمات مشددة بعدم الرد». وتساءل الجبوري: «(وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان)؟ فللصدر أفضال على المالكي أهمها الموقع الذي يتولاه الآن؛ إذ لولا السيد الصدر لما وصل إليه». ومضى الجبوري قائلا إن «المالكي لم يسلم منه حتى شركاؤه بل وأصدقاؤه؛ إذ معروف عنه أنه يتخلى حتى عن الجميع، لأنه يبحث دائما عن شماعة يعلق عليها أخطاءه».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».