افتتحت ماركة «توبمان» أسبوع الموضة الرجالي بلندن أول من أمس بعرض «سبور»، شمل بدلات واسعة من المخمل وقطعا منفصلة تخللتها الكثير من طبعات الورود بلمسة «فينتاج» خفيفة، فضلا عن قمصان ناعمة بألوان الخريف، قد لا تناسب كل الرجال، لكنها حتما تشير إلى أن «توبمان» تريد أن تدخل مجال الموضة الراقية عوض أن تبقى رهن إشارة الرجل الكلاسيكي العادي. ولأن محلاتها توجد في شوارع الموضة الشعبية، فإن مديرها الفني غوردن ريتشاردسون لم يتجاهل زبونها الحقيقي، الذي يمكنه أن يجد بين الورود والمخمل قطعا يمكنه تنسيقها بشكل عصري مع أي بدلة مفصلة في حوزته.
بعدها كان الموعد مع عرضين مختلفين قلبا وقالبا، الأولى للمصمم الشاب ناصر مزهر، يتميز بكل توابل وبهارات لندن المثيرة، رغم أن اللون الذي لعب عليه هو الأسود.. والثاني لماركة «باربر» الإنجليزية العريقة، التي كانت إلى عهد قريب تخاطب الرجل الناضج أو الشاب الأرستقراطي الذي يريد أن يقضي أوقاته في الريف الإنجليزي بأناقة. ومن الواضح أنها بالمشاركة في أسبوع لندن، تريد أن تقتطع لها جزءا من الكعكة، التي يمثلها قطاع الأزياء الرجالية، من جهة، وأن تتوجه إلى جيل جديد من الزبائن حتى لا يفوتها القطار وتصبح خبرا من الماضي في ظل المنافسة الشرسة حاليا، من جهة ثانية.
اختارت «باربر» كمسرح لعرضها الكنيسة السويسرية الواقعة وسط لندن، التي لا تتعرف عليها بعد أن تم تغيير ديكورها تماما ليجسد منارة وسط البحر، بينما كانت الموسيقى عبارة عن صوت تلاطم الأمواج، وهو ما شرحته الدار بقولها إن التشكيلة ككل استوحيت من منارة توجد في نهر التاين شمال شرقي إنجلترا، لا تزال صامدة منذ عام 1882 وشاهدة على بداية الدار التي تأسست في عام 1894 ليس بعيدا عنها. ترجمتها لهذه الإيحاءات جاءت على شكل جاكيتات «سبور» واسعة مبطنة بقماش التارتان، وكنزات صوفية بقلنسوات، وبنطلونات ضيقة باللون الأسود وأحذية عالية من الجلد. كانت هناك الكثير من اللمحات التي تميز أسلوب «باربر» الكلاسيكي، وباعتراف إيان بيرغن، مدير القسم الرجالي، كان لا بد من العودة إلى أرشيفها للنهل منه وإعادة صياغته بلغة عصرية وشبابية.
ليس ببعيد عن الكنسية، وفي فيكتوريا هاوس، حيث تقام معظم العروض والمعارض، قدم المصمم الشاب ناصر مزهر عرضا مختلفا تمام الاختلاف عما قدمته «باربر». وهو ما كان متوقعا إلى حد كبير بالنظر إلى تاريخه وأسلوبه المتمرد على التابوهات، وبالنظر إلى أنه ينتمي إلى الجيل الجديد من شباب لندن الذين يعزفون على نغمة ابتكار قوية. بدأ العرض وزادت هذه النغمة صخبا من خلال الموسيقى، وكأن المصمم يريد أن يفي بوعده بأن يدخلنا ناديا ليليا راقصا يعبر فيه الرجل أيا كان أسلوبه عن نفسه بحرية تامة، لأنه يشعر بالأمان في ظلمة المكان. غني عن القول أن التشكيلة كانت مثيرة وفي بعض الأحيان صادمة، حيث أرسل مجموعة من التصاميم مستوحاة من ثقافة الـ«هيب هوب»، أتبعها بأخرى تستحضر أجواء القتال، نسقها مع أحذية عسكرية ثقيلة مزينة بالمعادن. ولم ينس أن يضيف في آخر العرض مجموعة ناعمة جدا، يكشف بعضها أجزاء من الجسم، استعان فيها بعارضات عوض عارضين، في إشارة إلى أنها للجنسين ولا تعترف بثنائية الذكورة والأنوثة.
ورغم أن منظمة الموضة البريطانية تُشجع منذ فترة على أن يأخذ مصمموها الجانب التجاري والتسويقي بعين الاعتبار، فإنها في الوقت ذاته لا تريد أن تقيد خيالهم وتكبح جماحه، خصوصا أن هذا الخيال هو عملتهم الرابحة. فهي تستقطب لهم شريحة الشباب تحديدا، سواء من لندن أو من آسيا، ومع ذلك لا يبدو أن مزهر مهتم كثيرا بالجانب التجاري أو السوق العالمية، رغم أنه لا ينكر أهميتها، فعندما سألناه بعد عرضه: لمن تتوجه هذه التشكيلة؟ كان جوابه أنها «لأشخاص من جيلي.. من مجتمعي.. أنا أتوجه إلى كل الناس في لندن».
بين أسود ناصر مزهر وأناقة دار «باربر»
أسبوع لندن الرجالي يتأرجح بين العريق والحديث
بين أسود ناصر مزهر وأناقة دار «باربر»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة