مصادر: إيران تحاول استقطاب حماس إلى جانبها نكاية بالسلطة الفلسطينية

ظريف طلب من القدومي إعلان موقف واجتماعات متتالية في طهران وبيروت ونقل رسائل لخالد مشعل حول ضرورة دعمها ضد السعودية

صورة أرشيفية تعود إلى عام 2006 لعلي خامنئي مرشد إيران لدى استقباله اسماعيل هنية رئيس الوزراء الفلسطيني حينها (غيتي)
صورة أرشيفية تعود إلى عام 2006 لعلي خامنئي مرشد إيران لدى استقباله اسماعيل هنية رئيس الوزراء الفلسطيني حينها (غيتي)
TT

مصادر: إيران تحاول استقطاب حماس إلى جانبها نكاية بالسلطة الفلسطينية

صورة أرشيفية تعود إلى عام 2006 لعلي خامنئي مرشد إيران لدى استقباله اسماعيل هنية رئيس الوزراء الفلسطيني حينها (غيتي)
صورة أرشيفية تعود إلى عام 2006 لعلي خامنئي مرشد إيران لدى استقباله اسماعيل هنية رئيس الوزراء الفلسطيني حينها (غيتي)

أكدت مصادر فلسطينية مطلعة أن إيران تحاول استقطاب حركة حماس إلى جانب حلفائها المركزيين في المنطقة، كالنظام السوري وحزب الله اللبناني، من أجل دعم مواقفها في مواجهة السعودية.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن عدة لقاءات عقدت مع مسؤولين إيرانيين ومسؤولين في حماس، في الأسبوعين الأخيرين، في محاولة للتوصل لتفاهمات تضمن من جهة إيران الحصول على موقف من حماس، ومن جهة حماس نفسها استئناف الدعم المادي للحركة بشكل ثابت ودائم.
وكشفت المصادر عن اجتماع عقد في الرابع من يناير (كانون الثاني) بين وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وممثل حماس في طهران خالد القدومي للبحث في علاقات الجانبين بعد تدهور علاقات إيران مع دول الجوار، والقطيعة التي أعلن عنها من السعودية والبحرين وغيرهما من الدول لإيران.
وتقول المصادر إن ظريف عرض على القدومي أن تقوم حماس بإعلان موقف سياسي رسمي ضد السعودية بعد إعلانها قطع كل العلاقات مع طهران، مقابل أن تقوم الأخيرة بتلبية مطالب حماس كافة، ومنها الدعم المالي الثابت والدائم. وبحسب المصادر، فإن إيران غاضبة جدا من موقف الرئاسة الفلسطينية بإعلان الدعم للسعودية في قراراتها الأخيرة، وأن ظريف أبلغ القدومي أن طهران على استعداد للاعتراف بحماس ممثلا شرعيا للشعب الفلسطيني بعيدا عن منظمة التحرير الفلسطينية وقيادة السلطة في رام الله.
وكانت السلطة أعلنت منذ بداية السعودية وحلفائها حربًا على الحوثيين دعمها الكامل لهذه الحرب، كما انضمت لاحقًا للتحالف الذي أقامته السعودية ضد الإرهاب. وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس في كلمة له الأربعاء الماضي مؤكدًا ضد أي معارضة لموقفه: «نحن ضد التطرف والعنف الإرهاب.. عندما دعا إخواننا السعوديون إلى حرب ضد الإرهاب كنا أول الناس الذين انضموا نحن مع السعودية.. نعم نحن مع السعودية في كل ما قامت به وما فعلته لأننا نرى أنه الصواب» (قالها بتشديد كمن يوصل رسائل داخلية وخارجية). وأضاف: «نحن مع السعودية».
وجاء الاجتماع في طهران بين لاريجاني والقدومي بعد اجتماع آخر بين علي بركة ممثل حركة حماس في لبنان، مع مسؤولين إيرانيين للغرض نفسه.
وردت مصادر من داخل حماس لـ«الشرق الأوسط» بنفي هذه التفاصيل، وأكدت حدوث الاجتماعات، وقالت المصادر إن «الاجتماع لم يحتوِ على أي عرض بالاعتراف بحماس بديل المنظمة، وأن ما جرى كان اجتماعًا دوريًا يعقد كل فترة وأخرى لبحث العديد من القضايا»، مبينةً أن ظريف وجه عبر القدومي رسالة إلى رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل يشرح فيها ظروف العلاقة مع السعودية بعد التدهور الحاصل وما يجري في المنطقة وتأثيره على القضية الفلسطينية وضرورة اصطفاف الحركة، التي تؤثر في المواقف الفلسطينية الداخلية إلى جانب إيران باعتبارها الدولة الوحيدة التي تقف في وجه إسرائيل.
وأكدت مصادر حماس أن مشعل في الآونة الأخيرة تلقى أكثر من دعوة رسمية لزيارة طهران آخرها كانت منذ أقل من ثلاثة أسابيع لحضور مؤتمر عقد في إيران بحضور الرئيس حسن روحاني وشخصيات إيرانية وعربية وإسلامية موالية لها، إلا أن مشعل ومستشاريه فضلوا إرسال علي بركة ممثلاً للحركة، لذي اجتمع بدوره على هامش المؤتمر بقيادات إيرانية كبيرة منها مسؤولون في الحرس الثوري الإيراني.
وتريد حماس استئناف الدعم المالي الإيراني، لكنها لا تريد خسارة العالم السني الذي تنتمي إليه. وتسعى حماس منذ وقت طويل لمد الجسور مجددًا مع طهران بشكل يعيد لها الدعم المادي الكبير دون التطلع إلى أخذ أي مواقف سياسية منها. ومع الطلب الإيراني من حماس الوقوف إلى جانبها وما فعلته أخيرًا مع «الجهاد الإسلامي» في فلسطين، يبدو الاتفاق بعيد المنال. وكانت طهران قلصت الدعم المالي لحركة «الجهاد الإسلامي» بسبب رفض الحركة إصدار بيان يظهر موقفًا سياسيًا مواليًا للحوثيين مع بداية الحرب في اليمن، قبل أن تتدهور العلاقة في الأشهر الأخيرة إلى حد توقف الدعم الكامل، كما نشرت «الشرق الأوسط» سابقًا.
وشرحت مصادر في حماس لـ«الشرق الأوسط»، أن إيران كانت تقابل محاولات حماس في البداية بجدية أقل، في محاولة للضغط عليها أكثر للقبول بالشروط الإيرانية بإعلان موقف مساند للنظام السوري، ولكن الآن ارتفع الثمن الذي تريده طهران. ولم تخفِ المصادر وجود تباينات داخل الحركة بشأن كيفية التعاطي مع ملف العلاقة مع طهران، وخصوصًا بعدما فعلته بـ«حركة الجهاد الإسلامي» والتخلي عنها.
وفي حين تسعى قيادة كتائب القسام (الجناح المسلح) لإعادة العلاقة إلى أفضل مما كانت عليه سابقا وتدعم قيادات من غزة أبرزها إسماعيل هنية ومحمود الزهار وخليل الحية هذا الموقف، تتحفظ قيادة حماس في الخارج، وخصوصًا خالد مشعل وبعض المقربين منه، مثل عزت الرشق ومحمد نزال وجمال عبيد من تطبيع العلاقات بشكل كامل مع إيران، خشية أن تخسر الحركة العالم السني في المنطقة، والكثير من شعبيتها لدى العالم السني، خصوصًا أن منتسبي الحركة يظهرون العداء المطلق للتدخل الشيعي في سوريا ومناطق أخرى.
ويظهر هذا الخلاف إلى أي حد تضغط الظروف في قطاع غزة على قيادة الحركة هناك من أجل محاولة استرجاع الدعم الإيراني. وظهر منذ أسابيع قليلة فقط إسماعيل هنية رئيس حماس في غزة في رسالة مصورة مسربة من مكتبه وجهت لإيران وهو يطلب الدعم منها بطريقة غير مباشرة تحت باسم «انتفاضة القدس» الواقعة في الأراضي الفلسطينية في الأيام الأخيرة. وبعد أن نشر التسريب كشف النقاب عن خلافات بين حماس بالداخل والخارج حول الفيديو، مما استدعى هنية لتصوير فيديوهات رسمية وجهت للسعودية ودول خليجية وعربية أخرى.
ووسط هذه الخلافات، يحاول موسى أبو مرزوق نائب مشعل الذي اجتمع مرارًا وتكرارًا في الأشهر الأخيرة مع قيادات من حزب الله اللبناني ومسؤولين إيرانيين في بيروت، التوصل لتفاهم مع الإيرانيين يضمن استقلالية قرار الحركة مع الحفاظ على الدعم. ولم تصل تلك الاجتماعات إلى تفاهم.



بعد ضرباتها في سوريا... إسرائيل تفترض «السيناريو الأسوأ»

دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)
دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)
TT

بعد ضرباتها في سوريا... إسرائيل تفترض «السيناريو الأسوأ»

دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)
دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)

يرى محللون أن إسرائيل بتنفيذها ضربات واسعة على أهداف عسكرية سورية، وسيطرتها على المنطقة العازلة الخاضعة لمراقبة الأمم المتحدة في مرتفعات الجولان، تسعى إلى «تجنّب الأسوأ» بعد سقوط حكم آل الأسد.

وقال يوسي ميكيلبرغ، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في معهد تشاتام هاوس في لندن، إن «الحكومة الإسرائيلية... تتصرف على أساس أسوأ السيناريوهات»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأشار محللون إلى أن بقاء بشار الأسد في السلطة كان أهون الشرور بالنسبة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رغم تحالفه مع إيران، العدو اللدود للدولة العبرية، وحليفها «حزب الله» اللبناني، وذلك خوفاً من أن تؤدي إطاحته إلى فوضى.

وبُعيد سقوط الأسد، الأحد، شنّت إسرائيل خلال 48 ساعة مئات الضربات من الجو والبحر، قالت إنها طالت «أغلبية مخزونات الأسلحة الاستراتيجية في سوريا؛ خشية سقوطها بيد عناصر إرهابية».

واحتلت إسرائيل معظم هضبة الجولان السورية خلال حرب يونيو (حزيران) عام 1967. وبعد حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، أُقيمت منطقة عازلة منزوعة السلاح تحت سيطرة الأمم المتحدة، عقب اتفاق لفض الاشتباك بين القوات الإسرائيلية والسورية عام 1974. وضمت إسرائيل القسم المحتل من الجولان عام 1981، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي باستثناء الولايات المتحدة.

ومنذ اتفاق فض الاشتباك، لم تشهد جبهة الجولان أي تحرك عسكري من جانب سوريا.

والآن، يبدو أن القادة الإسرائيليين يخشون أن تكون الفوضى قد حلّت في سوريا أصلاً، ويتصّرفون وفقاً لذلك.

وفي يوم سقوط الأسد، أعلن نتنياهو أن اتفاق 1974 انهار، وأمر قواته بالسيطرة على المنطقة العازلة.

وقالت الولايات المتحدة، الداعم الرئيسي للدولة العبرية، إن انتشار القوات الإسرائيلية في المنطقة العازلة يجب أن يكون «مؤقتاً»، بعدما قالت الأمم المتحدة إن إسرائيل تنتهك اتفاق الهدنة عام 1974.

ومذاك، شن الجيش الإسرائيلي مئات الضربات ضد أصول عسكرية سورية، مستهدفاً خصوصاً مخازن أسلحة كيميائية ودفاعات جوية تابعة للبحرية السورية؛ لإبعادها عن أيدي المقاتلين.

وقد دعا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن إلى وقف فوري لعمليات القصف الإسرائيلية.

من جهته، قال المحلّل داني سيترينوفيتش، من معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، إنه يتوقع أن توسّع إسرائيل ضرباتها، موضحاً: «كل شيء استراتيجي في سوريا (...) الصواريخ والطائرات، وكذلك مركز البحوث العلمية (التابع لوزارة الدفاع)، كل شيء سيقصف».

وأضاف: «لا نعرف من سيتصدى لنا من الجانب السوري، سواء كان تنظيم (القاعدة) أو (داعش) أو أي تنظيم آخر، لذلك علينا أن نكون مستعدين لحماية مدنيينا».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إنه مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أصدر تعليمات للجيش «بإقامة منطقة خالية تماماً من السلاح والتهديدات الإرهابية في جنوب سوريا من دون وجود إسرائيلي دائم».

وقال أفيف أوريغ، المحلل في مركز المعلومات مئير عميت، إن مصدر القلق الرئيسي على المدى القصير بالنسبة إلى إسرائيل هو المخزونات المتبقية من الأسلحة الكيميائية، وغيرها من الأسلحة الاستراتيجية.

وذكّر بالماضي الجهادي لبعض فصائل المعارضة السورية، موضحاً: «إذا وقعت هذه الأسلحة بين أيديهم فمن يدري ماذا سيفعلون بها؟».

لكنّ ميكلبرغ رأى أن تلك الطريقة «ليست الأفضل لبناء الجسور مع الحكومة الجديدة»، لافتاً إلى كثافة الضربات الإسرائيلية وحجمها.

الأكراد والدروز

وفي وقت يسود فيه تفاؤل في سوريا بشأن مستقبل البلاد، يتوقع بعض المحللين الإسرائيليين أن تكون البلاد مجزأة.

وقال إيال بينكو، وهو ضابط بحري متقاعد وخبير أمني، إنه يتوقع أن تنقسم سوريا إلى مجموعات إثنية - دينية، موضحاً: «أعتقد أنه لن تعود هناك سوريا».

من هذا المنطلق، يمكن لإسرائيل أن تختار مجموعات دون أخرى للعمل معها.

والاثنين، قال وزير الخارجية جدعون ساعر إن أكراد سوريا الذين وصفهم بأنهم «قوة الاستقرار»، يجب أن يتمتعوا بحماية المجتمع الدولي، فيما تحدث سابقاً عن العمل مع الأكراد في شمال شرقي البلاد والدروز في الجنوب.

وقال بينكو: «لا أعتقد أنهم سيحكمون سوريا... لكن إسرائيل ستحاول الدخول في سلام مع من يرغب فيه».

من جهته، رأى ميكيلبرغ أن العمل العسكري في الجولان، وتفضيل مجموعات على أخرى، سيشكلان خطأ من شأنه أن يضر بأي علاقة مستقبلية.

محادثات نووية

على مدى عقود، كانت سوريا حليفاً وثيقاً لطهران، والركيزة الأساسية للجسر البري الذي كانت تصل عبره الأسلحة الإيرانية إلى «حزب الله».

وبعدما تضرر بشدّة خلال حربه الأخيرة مع إسرائيل، قد يجد «حزب الله» الآن صعوبة في إعادة تسليحه دون روابط بسوريا.

وقال سيترينوفيتش إن سوريا «أساسية» بالنسبة إلى «حزب الله»، «وأنا أقول إنه دون سوريا تحت تأثير إيران، فلن يكون هناك في الواقع محور مقاومة».

وأيّده بينكو في ذلك قائلاً: «الخطر المرتبط بالمحور، (حزب الله) وسوريا وإيران والميليشيات العراقية أيضاً، أقل بكثير» الآن.

لكن السؤال الأهم هو: كيف يمكن لإيران أن ترد بينما أصبح موقفها أضعف؟ وقال سيترينوفيتش إن طهران قد «تسارع لإنتاج قنبلة (نووية)».

وهو ما قاله أيضاً أوريغ، مشيراً إلى أن ذلك يشكّل مصدر القلق الاستراتيجي الرئيسي لإسرائيل؛ «لأنه عندما تتعامل مع إيران مسلّحة نووياً، فإن الأمر سيكون مختلفاً تماماً».

إذا بدأت إيران تصنيع أسلحة ذرية، فقد تقرر إسرائيل القيام بعمل عسكري كما يتوقع البعض، لكنّ آخرين قدموا فرضية بديلة، وهي أنه يمكن جعل إيران تتفاوض بعدما أُضعفت الآن.