الحلاق المتجول.. مهنة شعبية تصمد أمام تحولات الزمن

يجوب أحياء القاهرة الشعبية بحثًا عن قوت يومه ورؤوس الزبائن

حلاق الشارع ({الشرق الأوسط})
حلاق الشارع ({الشرق الأوسط})
TT

الحلاق المتجول.. مهنة شعبية تصمد أمام تحولات الزمن

حلاق الشارع ({الشرق الأوسط})
حلاق الشارع ({الشرق الأوسط})

بحركات يد بهلوانية، يتناول عم عبد الله مقصه وشفراته الحادة من حقيبة جلدية مليئة بالأدوات والمطهرات والزيوت، محاولا تشذيب شعر رجل يبدو مستسلما تماما ومسترخيا كما لو كان في أحد مراكز التجميل، رغم أنه يجلس على كرسي خشبي في قارعة الطريق بحي الحسين الشعبي بالقاهرة في واحد من أكثر الأحياء ازدحاما وتكدسا مروريا.
يمارس عم عبده كما يحلو لأهل الحي مناداته، عمله مستمتعا غير مبال بنظرات المارة إليه، يتغنى بأغاني أم كلثوم ممارسا عمله باحترافية يقطع الغناء بالحديث لزبونه مطلقا النكات تارة أو مناقشا لأمور البلاد والسياسة تارة أخرى، أو لإلقاء التحية على أهالي الحي.
كان الحلاق الشعبي أو المتجول معروفا بارتدائه المعطف الأبيض وكان بمثابة طبيب تحت الطلب، فكان يداوي الجرحى ويعالج بعض الأمراض الجلدية ويعطي بعض الوصفات الشعبية، كما كان يقوم بدور طبيب الأسنان في خلع الضروس، أو تجبير الكسور خاصة في أوقات الحروب حيث كان من الصعب السير أثناء الغارات الجوية التي كانت تضرب المدن المصرية.
ولا بد للمار من حي الحسين أن يستوقفه «عم عبده» الذي يبدو وكأنه خرج من إطار صورة فوتوغرافية بالأبيض والأسود كالتي نشاهدها في الكتب التاريخية وتجسد مهن الشارع المصري في نهايات القرن التاسع عشر أو العشرين، لكنه ينزعج كثيرا ممن يلتقطون له الصور بهواتفهم الجوالة. يقول لـ«الشرق الأوسط» «أنا لا أستحي من مهنتي فهي وسيلتي لكسب الرزق، لكنني أخشى على مشاعر الزبون الذي لا يحب أن يلتقط له أحد صورة وهو يحلق شعره أو ذقنه وينشرها على الإنترنت».
ويتحدث بفخر أثناء متابعة عمله «كنت أعمل في مصنع لكن بعد إغلاقه، قررت العودة لمهنة أبي وجدي فقد كانا أشهر حلاقين في حي الحسين، وكانا أيضا متجولين في البداية إلى أن افتتحا صالونا خاصا بهما في الخمسينات، وكان الزبائن يقطعون له المسافات من كل أنحاء القاهرة وكان لكل عائلة حلاقها إما يذهب إليهم في المنزل أو يترددون عليه في الحي الذي يعمل به، أما الآن فالوضع مختلف تماما فلم تترك لنا ماكينات الحلاقة الكهربائية فرصة للعمل». ويضحكُ قائلاً «ساعات أعذرُ الناسَ لأنّ معها حقٌ في توقفِها ومحاولةِ فهمِ ما أفعلُ أو تصويرِي، فمهنةٌ الحلاقِ المتجول انتهت منذ زمن، لكن عودتي إليها جاءت نتيجة أن تكلفة إيجار محل كصالون حلاقة ستكون مكلفة فضلا عن المعدات والأدوات، فقررت أن أعود لمهنة أجدادي في الشارع مرة أخرى».
ويستطرد «مهنة الحلاقة فن. لا بد من طريقة معينة للإمساك بالمقص والشفرة، كما كان والدي يحرص على صنع كريم الحلاقة في المنزل و(الكولونيا) أو العطر الذي ينعش الزبون بعد الحلاقة».
يخرج عم عبده لعمله منذ الصباح الباكر معظم أيام الأسبوع حتى في أيام الشتاء قارصة البرودة، قائلا «تعلمت من والدي احترامه لعمله وحبه له وكان دائما ما يقول لي الرزق يحب الخفية، أفضل العمل في الصباح في نور ربنا وأعود لمنزلي مع آذان المغرب».
وعن اختياره لموقع عمله بالقرب من مسجد الحسين، يقول «أشعر هنا براحة نفسية وروحانية، كما أن زبائني من أهالي الحي الذين أعرفهم من عشرات السنين أو من أصحاب المحلات التجارية، وأحيانا من العمال المهاجرين من القرى والأقاليم المصرية الذين يتجولون في الحسين بلا هدف، أحيانا أتجول وأجوب المقاهي وأحيانا التقط الزبائن من المقاهي».
ويضحك قائلا «لقد حاول الصينيون أن يزاحموني في رزقي وكانوا يقومون بالحلاقة بجنيه أو اثنين، يمرون على المقاهي ويحلقون للزبون في المقهى، في البداية نجحوا في جذب الزبائن الذين كانوا يريدون تجربة شيء جديد، ولكنهم لم يجدوا تلك الحرفية والمهارة التي يتميز بها الحلاق الشعبي المصري، كما أنهم اختفوا تماما بعد ثورة يناير (كانون الثاني)».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.