انطلاق الانتخابات الرئاسية في أفريقيا الوسطى وسط آمال بإنهاء العنف

تهدف إلى استعادة الحكم الديمقراطي.. ورئيسا الوزراء السابقان أبرز المرشحين

آلاف المواطنين حضروا باكرا إلى مراكز الاقتراع في بانجي للإداء بأصواتهم وتحديد رئيسهم المقبل (رويترز)
آلاف المواطنين حضروا باكرا إلى مراكز الاقتراع في بانجي للإداء بأصواتهم وتحديد رئيسهم المقبل (رويترز)
TT

انطلاق الانتخابات الرئاسية في أفريقيا الوسطى وسط آمال بإنهاء العنف

آلاف المواطنين حضروا باكرا إلى مراكز الاقتراع في بانجي للإداء بأصواتهم وتحديد رئيسهم المقبل (رويترز)
آلاف المواطنين حضروا باكرا إلى مراكز الاقتراع في بانجي للإداء بأصواتهم وتحديد رئيسهم المقبل (رويترز)

أدلى الناخبون في جمهورية أفريقيا الوسطى أمس بأصواتهم في انتخابات رئاسية وبرلمانية وسط آمال بأن تساعد على إنهاء أعوام من الاضطرابات السياسية وإنهاء العنف القائم على أساس ديني الذي أودى بحياة الآلاف.
وبعد أن تأجلت الانتخابات ثلاثة أيام بسبب تأخر وصول مستلزمات التصويت، فتحت مراكز الاقتراع أبوابها متأخرة، كما شكا الناخبون من عدم كفاية بطاقات الاقتراع، ونقل بعض مراكز الاقتراع من العاصمة بانجي إلى مناطق تعد أقل أمانا. وقد تم السماح لبعض الأشخاص، الذين لم يتسلموا بطاقاتهم الخاصة، بالتصويت من خلال الإدلاء بأصواتهم في قصاصات التسجيل.
وتخضع الانتخابات لإشراف 11 ألف فرد من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وذلك بعد أن شهد الاستفتاء الدستوري الذي أجري في وقت سابق هذا الشهر أعمال عنف.
ويعد رئيس الوزراء السابق مارتين زيجويليه، والخبير الاقتصادي ورئيس الوزراء السابق أيضًا أنيسيه جورج دولوجويليه، والوزير السابق والزعيم المسلم كريم ميكاسوسا، المنافسين الأوفر حظا بين 30 مرشحا للرئاسة. بينما لم تترشح الرئيسة المؤقتة كاثرين سامبا بانزا للرئاسة نظرا لأن الدستور الجديد يمنع زعماء الحكومة المؤقتة من الترشح للمنصب.
ودعا بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، جميع الأطراف المعنية بإلزام أنفسهم بضمان سير الانتخابات بشكل سلمي وجدير بالثقة، والتعاون مع قوات حفظ السلام. كما دعا الاتحاد الأفريقي، الذي أرسل فريقا من مراقبي الانتخابات إلى جمهورية أفريقيا الوسطى، المواطنين إلى «إبداء عزمهم على فتح صفحة جديدة في تاريخ بلادهم». وسوف تلقى على عاتق الحكومة الجديدة مسؤولية نزع السلاح من الجماعات المتناحرة، وإعادة توحيد الدولة وبناء الاقتصاد. ومن المتوقع أن تعلن نتائج الانتخابات خلال أسبوعين. وإذا لم يحصل أي من المرشحين للرئاسة على أغلبية واضحة من الأصوات، ستجرى جولة إعادة في 31 من يناير (كانون الثاني) المقبل.
وتهدف الانتخابات الرئاسية التي يتنافس فيها 30 مرشحا إلى استعادة الحكم الديمقراطي في بلد قسمته سنوات من العنف، وسقط فيها آلاف القتلى. لكن سيصعب التكهن بالفائز المرجح نظرا لغياب استطلاعات الرأي، ولأن المقعد شاغر. لكن أبرز المرشحين هما رئيسا الوزراء السابقان أنيسيت جورج دولوجيل ومارتان زيجيل.
وتلقى زيجيل دفعة أول من أمس عندما أعلنت ميليشيات «أنتي بالاكا» المسيحية دعمها له. ومن بين المرشحين البارزين أيضًا وزير الخارجية السابق كريم ميكاسوا، وكذلك بلاك دسيري نزانجا كولينجبا وهو ابن رئيس سابق.
وتأتي الانتخابات في أعقاب صراع أرغم ما يقرب من خمس السكان، البالغ عددهم خمسة ملايين نسمة، على النزوح عن ديارهم، وسيطرت خلاله جماعات مسلمة في أغلبها على شمال وشرق البلاد. ومع احتدام الاضطرابات وتصاعد العنف في العاصمة بانجي في سبتمبر (أيلول) الماضي اضطرت السلطات إلى تأجيل الانتخابات أكثر من مرة، وهو ما دفع البعض إلى التشكيك في إمكانية تنظيم الانتخابات من الأساس.
وكان متمردون معظمهم من جماعة «سيليكا» قد سيطروا على مقاليد الأمور في أفريقيا الوسطى، ذات الغالبية المسيحية، في أوائل عام 2013، مما دفع ميليشيات «أنتي بالاكا» المسيحية للانتقام، ومنذ ذلك الحين دخلت البلاد في دائرة القتل الطائفي.
ومع هذا أبدى كثيرون في العاصمة اهتماما بالغا بالتصويت، معبرين عن أملهم في أن تغير الانتخابات من الأوضاع في البلاد التي تحكمها الرئيسة المؤقتة كاثرين سامبا بانزا منذ مايو (أيار) 2014، بينما تعهدت بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام بوجود أمني مكثف خلال الانتخابات. لكن من غير الواضح متى ستعلن نتائج انتخابات الرئاسة، أو الانتخابات المتعلقة بمئات من مقاعد الجمعية الوطنية.
وفي بانغي، فتح عدد كبير من مكاتب التصويت أبوابه باكرا، خصوصا في منطقة بي كاي - 5 المسلمة، حيث بدأ التصويت صباحا في مدرسة كودوكو التي استهدفتها صواريخ في 13 ديسمبر (كانون الأول) الحالي خلال استفتاء دستوري، وأسفرت تلك الهجمات التي أطلقها متطرفون يعارضون العملية الانتخابية عن مقتل خمسة أشخاص.
وتفيد المعلومات الأولية التي جمعتها وكالة الصحافة الفرنسية بأن العمليات الانتخابية قد بدأت في موعدها تقريبا في عدد كبير من مدن الأقاليم، ولا سيما بوار وبربيراتي وبمباري ونديلي، حيث عرقل مسلحون سير الاستفتاء.
ويتنافس في الاقتراع الرئاسي ثلاثون مرشحا، لكن معظمهم لا يحظى بأي فرصة للفوز. وحتى يوم الأحد لم تعلن الهيئة الوطنية للانتخابات مصادقتها على عدد المرشحين لمقاعد نيابية (1800 مبدئيا) بسبب طعون.
وتحاول أفريقيا الوسطى، التي تقودها الرئيسة الانتقالية كاترين سامبا بانزا، تضميد جروحها وإصلاح اقتصاد مدمر يعتمد على الدائنين، وعلى رأسهم فرنسا، وهؤلاء الدائنون يدفعون باتجاه تنظيم انتخابات على الرغم من الغياب المستمر للأمن. وقد استبعد آخر ثلاثة رؤساء للبلاد من الاقتراع، أي بوزيزيه وجوتوديا اللذان يقيمان في المنفى حاليا ويخضعان لعقوبات دولية، بينما يمنع الميثاق الانتقالي الرئيسة سامبا بانزا من الترشح.
ويرجح أن تطول عمليات فرز الأصوات، وإرسال النتائج وإعلانها نظرا للعدد الكبير للمرشحين. وقد أعلنت نتائج الاستفتاء الذي كانت عمليات فرز بطاقاته أسهل بكثير، بعد ثمانية أيام من الاقتراع.
ويرجح أن تنظم دورة ثانية من الانتخابات الرئاسية قبل نهاية يناير المقبل.



إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)

عرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وساطة بلاده لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة على غرار ما قامت به لتسوية الأزمة بين الصومال وإثيوبيا حول اتفاق الأخيرة مع إقليم أرض الصومال على استخدام ساحلها على البحر الأحمر.

وقال إردوغان، في اتصال هاتفي، الجمعة، مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إن «بإمكان تركيا التوسط لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة». وبحسب بيان للرئاسة التركية، تناول إردوغان مع البرهان، خلال الاتصال الهاتفي، العلاقات بين تركيا والسودان، وقضايا إقليمية وعالمية، وأكد أن تحقيق السلام والاستقرار في السودان والحفاظ على وحدة أراضيه وسيادته ومنع تحوله إلى ساحة للتدخلات الخارجية، من المبادئ الأساسية لتركيا.

ولفت إردوغان، بحسب البيان، إلى أن تركيا توسطت لحل الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، وأن الاتفاق بين البلدين سيساهم في السلام بالمنطقة.

اتهامات متبادلة

ودأب قادة الجيش السوداني على اتهام دولة الإمارات العربية المتحدة، بدعم قوات «الدعم السريع» وتزويدها بالأسلحة والمعدات. وتقدم مندوب السودان في الأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث، بشكوى رسمية ضدها، واتهمها بالتخطيط لإشعال الحرب ودعم «قوات الدعم السريع» بمساعدة من تشاد، طالباً إدانتها، بيد أن أبوظبي فندت تلك الاتهامات ووصفتها بأنها "ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وتفتقر للأدلة الموثوقة.

وفي المقابل وجهت دولة الإمارات رسالة إلى مجلس الأمن في 21 أبريل (نيسان)، شددت خلالها على أن نشر المعلومات المضللة والروايات الزائفة، يرمي إلى التهرب من المسؤولية، وتقويض الجهود الدولية الرامية إلى معالجة الأزمة الإنسانية في السودان بعد عام من الصراع بين الجيش و«قوات الدعم السريع». وأكدت أنها «ستظل ملتزمة بدعم الحل السلمي للصراع في السودان، ودعم أي عملية تهدف إلى وضع السودان على المسار السياسي للتوصل إلى تسوية دائمة، وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة بقيادة مدنية».

الشيخ محمد بن زايد وعبد الفتاح البرهان في أبو ظبي 14 فبراير (أ.ف.ب)

وفي يوليو (تموز) الماضي، بحث رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في اتصال هاتفي، مع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، «سبل دعم السودان للخروج من الأزمة التي يمر بها»، وأكد حرص دولة الإمارات على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان.

تعهدات تركية للبرهان

ووفقاً لنشرة صحافية صادرة عن مجلس السيادة السوداني، فإن الرئيس إردوغان تعهد للبرهان باستمرار تدفق المساعدات الإنسانية التركية للسودان، وباستئناف عمل الخطوط الجوية التركية قريباً، وباستعداد بلاده لتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتعاون في الزراعة والتعدين.

وذكر السيادي أن البرهان أشاد بمواقف تركيا «الداعمة للسودان»، وجهودها من أجل السلام والاستقرار في المنطقة والإقليم، ودورها في معالجة الكثير من القضايا الإقليمية والدولية، ودورها في الملف السوري، مبدياً ترحيبه بأي دور تركي لوقف الحرب «التي تسببت فيها ميليشيا الدعم السريع المتمردة». ودعا البرهان لتعزيز الاستثمارات التركية في مختلف المجالات، مؤكداً ثقته في مواقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وحكومته الداعمة للشعب السوداني وخياراته.

ويرى مراقبون أن الاتصال الهاتفي بين إردوغان والبرهان في هذا التوقيت يأتي في ظل متغيرات وترتيبات جديدة في المنطقة تشمل السودان، بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

ومنذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، يخوض الجيش السوداني البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حرباً خلفت أكثر من 20 ألف قتيل، وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

حضور تركي في القرن الأفريقي

وقطعت تركيا، الأربعاء الماضي، خطوة كبيرة على طريق حل النزاع بين الصومال وإثيوبيا، بعد جولات من المباحثات بين الطرفين في إطار ما عرف بـ«عملية أنقرة»، يراها مراقبون ترسيخاً للحضور التركي القوي في منطقة القرن الأفريقي.

إردوغان يتوسط الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي خلال مؤتمر صحافي في أنقرة مساء الأربعاء الماضي (الرئاسة التركية)

وأعلن الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء الصومالي، آبي أحمد، في مؤتمر صحافي مع إردوغان مساء الأربعاء، أعقب 8 ساعات من المفاوضات الماراثونية سبقتها جولتان من المفاوضات في أنقرة في الأشهر الماضية، أنهما قررا بدء المفاوضات الفنية بحسن نية بحلول نهاية فبراير (شباط) 2025 على أبعد تقدير، والتوصل إلى نتيجة منها والتوقيع على اتفاق في غضون 4 أشهر، بحسب ما ورد في «إعلان أنقرة». وقبل الطرفان العمل معاً على حل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي تسببت في زيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وقال إردوغان إن البلدين الجارين توصلا، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة، إلى اتفاق «تاريخي» ينهي التوترات بينهما.

وبحسب نص إعلان أنقرة، الذي نشرته تركيا، اتفق البلدان على «التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك، والعمل باتجاه إقرار إبرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولاً إلى البحر «موثوقاً به وآمناً ومستداماً تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفيدرالية».

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر، قائلاً: «أعتقد أنه من خلال الاجتماع الذي عقدناه سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر لإثيوبيا».

إردوغان مع الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي عقب توقيع إعلان أنقرة (الرئاسة التركية)

وتدخلت تركيا في النزاع بطلب من إثيوبيا، التي وقعت في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي اتفاقية مع منطقة «أرض الصومال»، التي أعلنت انفصالها عن الصومال عام 1991، لكن لم تحظ باعتراف المجتمع الدولي، وتشمل النقل البحري واستخدام ميناء بربرة على البحر الأحمر، واستغلال 20 كيلومتراً من ساحل أرض الصومال لمدة 50 عاماً مقابل الاعتراف باستقلالها عن الصومال، مع منحها حصة من شركة الخطوط الجوية الإثيوبية.

ترحيب دولي

ورحب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال لقائه إردوغان في أنقرة، ليل الخميس – الجمعة، بنجاح تركيا في التوصل إلى اتفاق بين الصومال وإثيوبيا. كما رحب الاتحاد الأوروبي بالاتفاق، وأشاد بدور الوساطة الذي لعبته تركيا بهذا الخصوص.

وترتبط تركيا بعلاقات قوية بإثيوبيا، كما أصبحت حليفاً وثيقاً للحكومة الصومالية في السنوات القليلة الماضية. وافتتحت عام 2017 أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج في مقديشو، وتقدم تدريباً للجيش والشرطة الصوماليين.

وبدأت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أنشطة المسح الزلزالي للنفط والغاز الطبيعي في 3 مناطق مرخصة في الصومال تمثل كل منها مساحة 5 آلاف كيلومتر مربع، بموجب مذكرة تفاهم وقعت بين البلدين في مارس (آذار) الماضي، لتطوير التعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي.

وجاء توقيع المذكرة بعد شهر واحد من توقيع اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي، تقدم تركيا بمقتضاها دعماً أمنياً بحرياً للصومال، لمساعدته في الدفاع عن مياهه الإقليمية لمدة 10 سنوات.