النظام يواصل تقدمه نحو يبرود.. والمعارضة تتهمه بارتكاب مجازر

فك الحصار عن قدسيا.. واشتباكات قرب حواجز عسكرية في حماه

سورية تحمل طفلها المصاب في مستشفى في حي الصاخور بحلب أمس بعد جرحه جراء سقوط برميل متفجر (رويترز)
سورية تحمل طفلها المصاب في مستشفى في حي الصاخور بحلب أمس بعد جرحه جراء سقوط برميل متفجر (رويترز)
TT

النظام يواصل تقدمه نحو يبرود.. والمعارضة تتهمه بارتكاب مجازر

سورية تحمل طفلها المصاب في مستشفى في حي الصاخور بحلب أمس بعد جرحه جراء سقوط برميل متفجر (رويترز)
سورية تحمل طفلها المصاب في مستشفى في حي الصاخور بحلب أمس بعد جرحه جراء سقوط برميل متفجر (رويترز)

تسعى القوات النظامية السورية، غداة استعادتها السيطرة على بلدة الزارة الاستراتيجية بريف حمص قرب الحدود الشمالية للبنان، ومحاولة إحكام سيطرتها على بلدة الحصرجية المجاورة، اللتين تشكلان همزة وصل بين المنطقة الوسطى والساحلية في البلاد، إلى تواصل تقدمها إلى مدينة يبرود، آخر أهم معاقل المعارضة في منطقة القلمون الاستراتيجية بريف دمشق، إذ دارت أمس اشتباكات عنيفة في محيط مزارع ريما، الجبهة الأخيرة التي تفصل القوات النظامية عن المدينة.
ونفذ الطيران الحربي غارات جوية عدة على مناطق في بلدة الحصن في حمص غداة السيطرة على بلدة الزارة. واتهمت المعارضة السورية النظام بارتكاب مجزرة ذهب ضحيتها 20 مدنيا على الأقل، قضوا بعمليات قنص وإعدام ميداني خلال اقتحام البلدة الواقعة في منطقة تلكلخ بريف حمص الشمالي.
وتكتسب البلدة أهميتها الاستراتيجية من موقعها على الطريق الواصل بين دمشق والساحل السوري. وكانت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية أعلنت السبت الماضي أنه «بعد عملية نوعية دقيقة بسطت وحدات من الجيش العربي السوري بالتعاون مع الدفاع الوطني والأهالي الشرفاء سيطرتها الكاملة على بلدة الزارة ومحيطها في الريف الغربي لمدينة حمص»، بحسب بيان بثه التلفزيون السوري الرسمي.
وفي غضون ذلك استمرت المعارك في محيط مدينة يبرود في القلمون، وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس باشتباكات بين القوات النظامية مدعمة بقوات الدفاع الوطني ومقاتلي حزب الله اللبناني من جهة، ومقاتلي «جبهة النصرة» و«الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) ومقاتلي عدة كتائب إسلامية، من جهة أخرى، في محيط منطقتي ريما ودنحا على أطراف المدينة. وأحصى المرصد السوري مقتل ثلاثة عناصر من الكتائب المعارضة ومقتل وجرح ما لا يقل عن ستة عناصر من القوات النظامية والمسلحين الموالين لها، تزامنا مع قصف نظامي كثيف على أنحاء يبرود.
وكانت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» أفادت بـ«تدمير مستودع للذخيرة والعبوات الناسفة والقضاء على أعداد من الإرهابيين في المنطقة الصناعية ودوار الصالحية وفي المداخل الشمالية والشرقية لمدينة يبرود»، حيث تقدمت القوات النظامية مدعومة بحزب الله في الأيام الماضية في اتجاه المدينة، وسيطرت على مناطق محيطة بها. ونفذ الطيران الحربي غارات جوية عدة على مناطق في قرينة وريما وتلال العقبة على أطراف يبرود ومزارع بلدة بخعة المجاورة.
وفي حماه، قصف الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة مناطق في بلدة كفرزيتا أمس، بموازاة تعرض مناطق في بلدة قلعة المضيق لقصف نظامي، على وقع اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية مدعمة بقوات الدفاع الوطني من جهة ومقاتلي جبهة النصرة وعدة كتائب إسلامية مقاتلة من جهة أخرى في محيط بلدة مورك، حيث تستمر الاشتباكات منذ أيام عدة. وذكر المرصد السوري مقتل قائد إحدى الكتائب الإسلامية المقاتلة، التي استهدفت بصواريخ محلية الصنع نقاط تمركز القوات النظامية قرب حاجز العبود وفي دير محردة.
وأفاد «مكتب أخبار سوريا» أمس باشتباكات عنيفة على عدة حواجز عسكرية تابعة للأخيرة في محيط مدينة كرناز، أهمها حواجز تل عتمان والجنابرة والمغير والشيخ حديد والحماميات، وذلك في إطار معركة أطلقت عليها قوات المعارضة اسم «وأمرهم شورى بينهم». وتفرض القوات النظامية من خلال الحواجز العسكرية طوقا أمنيا على مدينة كرناز، الخاضعة لسيطرته منذ أكثر من عام.
وفي حلب، قصف الطيران المروحي السوري مناطق في أحياء الحيدرية والصاخور ومساكن هنانو بموازاة اشتباكات عنيفة في محيط منطقة الليرمون وفي حي بستان الباشا. وأدى إطلاق عناصر من تنظيم «داعش» النار عشوائيا على حافلة تقل ركابا من مدينة منبج إلى مقتل طفلة وإصابة أمها.
من جهة أخرى، نفذ مقاتلو جبهة النصرة حملة اعتقالات في أربع قرى تقع شرق بلدة خناصر واقتادوهم إلى مقرهم في حقل دريهم، بتهمة التعامل مع القوات النظامية. وكانت اشتباكات وقعت بين القوات النظامية من جهة ومقاتلي جبهة النصرة وعدة كتائب إسلامية مقاتلة من جهة أخرى في محيط تلة المجبل قرب سجن حلب المركزي. من جهة أخرى، أعلن مكتب «أخبار سوريا» القريب من المعارضة السورية أن النظام السوري فك أول من أمس الحصار عن مدينة قدسيا بريف دمشق، وأعاد فتح الطرقات المؤدية إليها، لافتا إلى «عودة حركة المدنيين دخولا وخروجا إلى المدينة»، و«بدء سيارات الطحين بالدخول وعودة الأفران للعمل»، بعد حصار دام 14 يوما.
ونقل عن مصادر معارضة من المدينة قولها إن «فك الحصار عن قدسيا جاء بعد التفاوض مع ممثلين عن النظام، وقيام لجنة المصالحة الوطنية في المدينة والمؤلفة من شخصيات معارضة وأخرى موالية للنظام في سوريا، بجمع مبلغ ستة ملايين ليرة سورية من الأهالي وأصحاب المحلات التجارية في قدسيا، كـ«دية لذوي الضابط» الذي قتل قبل نحو الأسبوعين في المدينة، في إشارة إلى المقدم في الجيش النظامي، يونس مصطفى، الذي لقي مصرعه على أيدي ما يعرف بـ«اللجان الشعبية» في قدسيا، وهو الاسم الذي أطلق على فصائل المعارضة العاملة في المدينة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».