استضافت «فيلا باراديزو» في شارع الجميزة، معرض «سيستا براون» للفنون الحرفية والأشغال اليدوية بمشاركة 24 فنانًا. وعلى مساحة ستة غرف يتألّف منها الطابق الأرضي لهذا المبنى المندرج على لائحة العمارة التراثية في بيروت، توزّعت منصّات المشاركين في هذا المعرض.
تلونت المنصات بأعمال فنية من مختلف المجالات، فضمّت إضافة إلى تصاميم لحقائب جلدية مشغولة بالخرز وصناديق خشبية مزخرفة، أشغالا أخرى تنوعت ما بين الحلي والجواهر وفساتين التول للأطفال والشموع المعطّرة ومفارش الأغباني الدمشقية العريقة.
وتقول ناتالي برّو كسرواني المشاركة في هذا المعرض من خلال تصاميمها الخاصة بأزياء الأطفال تحت عنوان «فريكلز لندن»، والمصنوعة غالبيتها من قماش «التول»، إن هذه الفكرة اصطحبتها معها من لندن كونها عاشت فيها لمدة طويلة. وقد أرادتها أن بمثابة نوع من أزياء «هوت كوتور» الخاصة بالصغيرات اللاتي يحلمن بعالم الأميرات. وتابعت المصممة التي تنهي هذه السنة دراستها الفنية في جامعة «اسمود» في بيروت: «تعشق الفتيات الصغيرات الألبسة ذات الأحجام الكبيرة، فهي تشعرهن وكأنهن أكبر من عمرهن، فيتباهين بارتدائها، لا سيما في حفلات الأعراس وأعياد الميلاد. كما تتضمن مجموعتي هذه من أزياء الأطفال تصاميم استخدمت فيها الفرو والجلد المقطّع بأشعة الليزر»، وعن سبب اختيارها اسم «فريكلز لندن» تردّ موضحة: «القسم الأول من الاسم يعني النمش الذي يغطي عادة بشرة الأطفال، وأرفقته بلندن، كوني بريطانية الجنسية وأول معرض أقمته في هذا المجال انطلقت به من هناك».
وفي غرفة الاستقبال التي تتوسّط «فيلا باراديزو» تلفتك رائحة العنبر التي تفوح من شموع وضعت في أوانٍ من البورسلين المطلي بالأسود، التي تستقدم صاحبتها ريم الجندي مكوّناتها من لوس أنجليس في أميركا. وتقول في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «هي مادة شمع معطّرة تعرّفت إليها أثناء وجودي في أميركا، فقررت استقدامها إلى لبنان لأضعها في قوالب خاصة بطريقة فنيّة، ولتكون خير رفيق لنا في المنزل»، وعن أنواع الروائح التي تستعملها في هذه الصناعة تقول: «هناك الشموع برائحة الليمون الحامض وأخرى برائحة الفانيلا والشاي الأخضر وغيرها».
من ناحيتها، فإن رولا تعرض حقائب جلدية مشغولة بالخرز تحت عنوان «ريم ورول» الذي يختصر اسمها وابنتها. وقد كتبت عليها عبارات بالعربية مثل «عشق وشوق.. عا خدّك تفاحة»، أو حملت رسومًا من أبطال السينما القديمة أمثال جايمس دين. وعما يميّز تصاميمها عن غيرها في هذا المجال تقول: «شغفي بهذه التصاميم وحبّي لها يقفان وراء ميزة هذه الحقائب المشغولة باليد. فأنا عاشقة للتطريز الشرقي، وهي حرفة نادرة حاليا تتطلّب جهدًا وتركيزًا في صنعها. فتطريز حقيبة واحدة يستغرق نحو الثلاثة أيام أقلّه. كما أن تصاميمي هي بمثابة (ليميتيد اديشن) إذ أصنع قطعة واحدة من كل تصميم»، وتؤكد رولا أنها عادة ما تقوم بأبحاث حول تاريخ بعض التطريزات لتعرف كيفية تطبيقها، ولذلك نجد مزيجًا من رسومات قديمة وحديثة معًا في أشكال الجزادين الجلدية هذه».
تتنقل في أنحاء «فيلا باراديزو» حيث يقام معرض «سيستا براون»، وأنت تتلفّت يمينا ويسارا حتى لا يفوتك شيء من معروضاته؛ فهنا وسادات مطرّزة باليد تفترش زاوية من الأرض، وهناك طاولات نرد خشبية مطبّعة بالصدف. وعلى إحدى الطاولات من نوع الأرابيسك، توزّعت فناجين قهوة مرسومة باليد، فيما تطالعك على أحد جدرانها مفارش من «الأغباني» الدمشقي تنسدل فوق بعضها لتؤلّف لوحة من التراث الدمشقي المعروف.
«هي حرفة أصبحت نادرة لديها هواتها ومحبوها، ونحن نقتطع قسمًا من ثمنها لمساعدة النساء السوريات المحتاجات اللاتي ما زلن متشبثات بأرض الوطن ومستقرات هناك رغم الحرب»، تقول أميرة الزيبق المشرفة على هذا الركن من المعرض.
بسطات خاصة بالأرض وشراشف من القطن وأخرى من الحرير والأرغنزا، تؤلّف تشكيلة هذه الأشغال الحرفية المرتكزة على تطريز «أغباني».
ومن المطرّزات القديمة تنتقل إلى غرفة داخلية خاصة بتصاميم الحلي والجواهر. ومن بينها «كاتشي ديزاين» لصاحبته كاتيا شدياق. في هذا الركن ستشدّك الحلي الأنيقة المصنوعة عن طريق الحفر والمشغولة باليد على طريقة الأرابيسك، أخذت أشكالا شرقية تذكّرك بحلي السلطانات والأميرات في قرون ماضية. وعن التقنية التي تستخدمها في أعمالها هذه تقول كاتيا شدياق: «كل ما ترينه هنا يدخل في خانة الأشغال الحرفية واليدوية. استخدم معدني الفضّة والنحاس فيها عامة، وغالبيتها مطلية بالذهب».
مزجت كاتيا شدياق ما بين الرسوم القديمة والعصرية، مما أضاف إلى الحلي طابعا غريبا ومألوفا في آن. وتقول: «أحيانًا أعتمد الملمس الناعم في العقود وأحيانًا أخرى ألجأ إلى تطبيعها بالمطرقة، مما يعطيها دمغة من التاريخ القديم»، وعن ميزة أشغالها تردّ: «هي تناسب جميع الأعمار ويمكن ارتداؤها في مختلف المناسبات، خفيفة الوزن وتزوّد صاحبتها بالدفء والفرح معا».
وتؤكد سمر البني منظمة هذا المعرض أن الهدف من إقامته في هذا المبنى القديم هو للدلالة على عراقة الأغراض المعروضة فيه ذات التصاميم الفنية الخارجة عن المألوف. وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «هو المعرض التاسع لي في لبنان، فأنا سبق وأقمت عدة معارض في أميركا تحت عنوان (ماما براون)»، وأردت «(سيستا براون) كفرع ثانٍ له أقيمه في بيروت. وقد أردناه في مناسبة الأعياد شعلة فنيّة تضيء منطقة الجميزة بأعمال حرفية نتوق إليها في زمن أصبحت فيه الأشغال اليدوية قيمة بحد ذاتها».
معرض «سيستا براون» في «فيلا باراديزو» ببيروت أضاء شارع الجميزة بفنون حرفية
تضمن أشغال «الأغباني» الدمشقية والشموع المعطرة الأميركية والحقائب اللبنانية المطرزة
معرض «سيستا براون» في «فيلا باراديزو» ببيروت أضاء شارع الجميزة بفنون حرفية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة