هامبورغ تحتفل بالأعياد وتتحول إلى عاصمة الاحتفالات في شمال ألمانيا

أسواق مفتوحة وزينة الشوارع وأجواء باردة مميزة

أسواق مفتوحة تستقبل الزوار طيلة فترة الأعياد
أسواق مفتوحة تستقبل الزوار طيلة فترة الأعياد
TT

هامبورغ تحتفل بالأعياد وتتحول إلى عاصمة الاحتفالات في شمال ألمانيا

أسواق مفتوحة تستقبل الزوار طيلة فترة الأعياد
أسواق مفتوحة تستقبل الزوار طيلة فترة الأعياد

تواصل مدينة هامبورغ الألمانية على مدار العام جذب مزيد من السياح والضيوف الدوليين القادمين من مختلف أنحاء العالم. ويمثل موسم الأعياد وقت الذروة للنزهات داخل المدينة والجولات السياحية التي يتم قضاؤها في هامبورغ. فابتداءً من 23 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، يعمل 16 سوقا داخليًا من أسواق عيد الميلاد على تحويل وسط مدينة هامبورغ إلى «عاصمة موسم الأعياد» في الشمال الألماني. وخلال موسم الأعياد هذا، قام أكثر من 6 ملايين زائر من زوار أسواق عيد الميلاد وحدها وما مجموعه أكثر من 12 مليون من الضيوف النزلاء والسياح اليوميين باختيار هذه المدينة التي تقع على نهر إلبه لتكون المكان المناسب لإجازات التسوق وجولات المدينة التي تسبق فترة العطلات.
وعندما يتعلق الأمر بخلق جو احتفالي خاص، فإن شغف هامبورغ بتزيين الشوارع والأروقة والأماكن المزدحمة يلعب بالتأكيد دورًا رئيسيًا، حيث تتميز الزينة بتنوعها، وتمتد من تجهيزات الضوء التقليدية وزينة الواجهات وديكورات النوافذ والمتاجر وحتى أسواق عيد الميلاد مثل سوق عيد الميلاد التاريخي في ساحة (راتهاوس ماركت) مقابل مبنى البلدية الشهير. كما تعمل الأجواء البحرية وجاذبية هامبورغ الهانزية على خلق شعور أكثر خصوصية. وبالتالي يصبح التسوق أكثر إبهاجًا مع أضواء وزينة جميلة كهذه. ومن المعروف عن هامبورغ أنها توفر كل شيء، بحيث يصبح من الصعب على الزوار الاختيار من بين فرص التسوق الكثيرة، إذ يمكن مثلاً التسوق في متاجر فاخرة تنتشر على امتداد الشوارع الكبرى، والقيام بجولات مريحة عبر أروقة التسوق الجميلة، وشراء أزياء شبابية أصلية مباشرة من المصممين، وكذلك العثور على تحف غريبة من ماضي هامبورغ الغني، أو حتى الحصول على ملابس صديقة للبيئة مباشرة من الشركات المصنعة أو المحلات المختصة الصغيرة.
وخلال موسم الأعياد هذا، تم تزيين مركز تسوق الألستر (ألستر هاوس) في البوليفارد المرموق (يونغفيرن شتيغ) بأضواء عيد الميلاد الجميلة وتم تمديد ساعات العمل أيام الخميس والجمعة والسبت (10 صباحًا إلى 9 مساءً) لتتناسب مع مواعيد كل متسوق يبحث عن هدية. كما تم أيضًا تزيين عنوان التسوق الشهير (نوير فال) بعدد لا يُحصى من الأضواء الشبيهة بندف الثلج بحيث تدعو زينة نوافذ البوتيكات والمتاجر الزوار للقيام بجولة على طول هذا الشارع الشهير لشراء الهدايا لأحبائهم أو التبضع لأنفسهم. وبين أماكن التسوق الكثيرة، تنتشر أكشاك أسواق عيد الميلاد لتقدم وجبات خفيفة لذيذة وحرف يدوية جميلة وهدايا فريدة من نوعها أو تذكارات من هامبورغ خلال فترة الأعياد.
* شارع مونكيبيرغ
ويعتبر شارع (مونكيبيرغ شتراسه) منطقة التسوق الرئيسية في هامبورغ.. وتمثل المباني المنتشرة في هذا الشارع شواهد على زهو المدينة التجاري واستقرارها الاقتصادي. وحتى اليوم، يعرض هذا البوليفارد تشكيلة متنوعة من المتاجر الرئيسية الكبرى وبوتيكات الأزياء ومحلات التجزئة والمقاهي والمطاعم. ويعتبر (ليفانته هاوس) من بين أصغر وأرقى أروقة التسوق في المدينة. ومن خلال 26 رواقًا من أروقة التسوق التي يضمها مركز مدينة هامبورغ، يحظى الزوار تحت سقوفها بتجارب تسوق ممتعة في كل أحوال الطقس. وحتى اليوم لا تزال أروقة الألستر (ألستر أركادن) تخطف إعجاب الجميع بأضوائها الأنيقة. أما مركز التسوق (ميلين) فهو أصغر أروقة التسوق في هامبورغ كما أنه يربط مركز (ألستر أركادن) بشارع (نوير فال). وتعتبر سقوفه المزخرفة برسوم من النمط الفينيسي مشهدًا سياحيًا بحد ذاته. كما يوجد في قلب وسط المدينة مركز التسوق (كاوفمانس هاوس) الذي تم تجديده حديثًا، وهو عبارة عن مبنى من مباني هامبورغ التجارية النمطية. وبينما يعد هذا المبنى، الذي تم تشييده في عام 1905، مثالاً رائعًا على العمارة الهانزية الرائعة، فهو يعد أيضًا مركزًا تجاريًا لأزياء والأثاث والإكسسوارات المنزلية، فضلاً عن الفنون ومنتجات الحياة العصرية.
وتقدم هامبورغ مجموعة رائعة من الخيارات الثقافية خصوصًا خلال فترة عيد الميلاد. وسواء كان الزوار يبحثون عن الحديث أو الكلاسيكي أو الفن أو المسرح، فإنهم سيجدون بكل تأكيد ما يناسب أذواقهم. وتزخر كل أحياء هامبورغ بالاحتفالات بالسنة الجديدة، حيث يمكن الانضمام إلى الحشود التي تتجمع في حي (شانتسن فيرتل) أو التوجه إلى حي (أوتنزين) أو الغوص في عالم الترفيه في شارع (ريبربان). وتوفر هامبورغ المكان المثالي لأولئك الذين يرغبون في التمتع بعروض الألعاب النارية المذهلة في ليلة رأس السنة مع الوجود وسط حشود من الناس للاحتفال، حيث تقام ألعاب نارية ضخمة فوق المياه، وذلك عند أرصفة (سانت باولي لاندونغسبروكن)، كما يترافق ذلك مع إطلاق جميع السفن الراسية في الميناء إشارات صوتية عبر أبواقها. أما بالنسبة للذين يفضلون إنهاء عامهم الجديد بأجواء أكثر هدوءًا، فيمكنهم التمتع بعروض الألعاب النارية في بحيرة الألستر الداخلية، والتي تقع في مركز المدينة تمامًا. وسيكون هناك كثير من العروض الموسيقية وخيارات الطعام المنتشرة على طول بوليفارد (يونغفيرن شتيغ).



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».