وزراء الخارجية العرب يدينون التوغل التركي في العراق ويطالبون مجلس الأمن بالتدخل

وزير الخارجية العراقي: قرار المجلس إنجاز تم الإجماع عليه وعكس حسًا عربيًا يرتقي إلى مستوى المسؤولية

جانب من الاجتماع غير العادي لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
جانب من الاجتماع غير العادي لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

وزراء الخارجية العرب يدينون التوغل التركي في العراق ويطالبون مجلس الأمن بالتدخل

جانب من الاجتماع غير العادي لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
جانب من الاجتماع غير العادي لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية في القاهرة أمس (إ.ب.أ)

أعرب مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية عن إدانته للحكومة التركية لتوغل قواتها العسكرية في الأراضي العراقية باعتباره اعتداء على السيادة العراقية وتهديدا للأمن القومي العربي.
وطالب المجلس في قرار أصدره في ختام اجتماعه غير العادي أمس الخميس، برئاسة الإمارات، الحكومة التركية بسحب قواتها فورا من الأراضي العراقية دون قيد أو شرط. وأكد المجلس مساندة الحكومة العراقية في الإجراءات التي تتخذها وفق قواعد القانون الدولي ذات الصلة التي تهدف إلى سحب الحكومة التركية لقواتها من الأراضي العراقية، مطالبا الحكومة التركية بالالتزام بعدم تكرار انتهاك السيادة العراقية مستقبلا مهما كانت الذرائع.
وطلب المجلس من الأمين العام لجامعة الدول العربية تبليغ قرار المجلس بهذا الشأن رسميا لرئيس مجلس الأمن، كما طلب المجلس من العضو العربي في مجلس الأمن متابعة الطلب المتضمن انسحاب القوات التركية من الأراضي العراقية واتخاذ كل الإجراءات اللازمة لحين تحقيق الانسحاب الناجز لهذه القوات. واعتبر وزير الخارجية العراقي الدكتور إبراهيم الجعفري أن قرار مجلس وزراء الخارجية العرب الصادر في ختام أعمال دورته «يشكل إنجازا عربيا تم الإجماع عليه وعكس حسا عربيا يرتقي إلى مستوى المسؤولية».
وأعرب الجعفري، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية السفير أحمد بن حلي في ختام أعمال الدورة غير العادية عن تطلعه إلى أن تلعب مصر دورا قويا مساندا للعراق لضمان عدم تعرض سيادته للانتهاك، وقال الجعفري إن الإرادة العربية انسجمت مع إرادة العراق وكثير من دول العالم التي تجري معها اتصالات في مواجهة الانتهاكات التركية للأراضي العراقية، مؤكدا في الوقت ذاته أن العراق ليس بلدا ضعيفا ولا يرفض تركيا الجارة أو الشعب إنما يرفض الانتهاك التركي للسيادة العراقية مثلما يرفض انتهاك أي دولة لسيادة العراق، معربا عن أمله في انسحاب القوات التركية من الأراضي العراقية وعودة العلاقات العراقية – التركية لما كانت عليه.
ونفى الجعفري وجود أي انقسامات عربية خلال اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب، مؤكدا أن جلسات المجلس أثمرت قرارا يحظى بإجماع عربي كامل بشأن ضرورة انسحاب القوات العسكرية التركية بأسرع وقت ممكن من الأراضي العراقية، مؤكدا أن هذا القرار لا رجعة فيه وأن بلاده مستعدة لفتح صفحة جديدة مع تركيا لكنها في ذات الوقت على استعداد للتصعيد حال تطلب الأمر ذلك.
وأضاف أن كل الأبواب ستكون مفتوحة أمام العراق حال استمرار التعنت التركي، «ونحن لم نهدد بشيء لكن إذا تهددت بلادنا فسنستخدم كل الطرق المشروعة للرد على أي هجوم»، لافتا إلى أن الدول الصديقة أيدت مطالب العراق المشروعة وعلى تركيا أن تظهر تعقلا عاليا، ليس عراقيا، بل عربيا وإسلاميا.
وفي تعليقه على اختراق تركيا للأراضي السورية، شدد الجعفري على أن السيادة العربية لا يجب أن تتجزأ وأن انتهاك تركيا للأراضي السورية مرفوض كما هو الحال بالنسبة لانتهاكها الأراضي العراقية، مشيرا إلى أن القرار الصادر في ختام اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب يؤكد على ضرورة احترام سيادة الدول العربية دون استثناء.
وردا على سؤول حول البدائل العراقية المطروحة حال عدم انسحاب القوات العسكرية التركية من العراق وأهمية إعادة نظر بلاده في الانضمام إلى القوة العربية المشتركة، أكد الجعفري أن بلاده حريصة على الحل السياسي وترفض التدخل العسكري وانتهاك سيادة العراق وأراضيه.
وفي رده على سؤال حول جهود المصالحة العراقية، قال الجعفري: «إننا تجاوزنا مسألة المصالحة إلى المشاركة الوطنية حيث تشارك كل القوى والمكونات في جميع مؤسسات وأجهزة الدولة».
ومن جانبه، أكد نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية السفير أحمد بن حلي أن قرار مجلس وزراء الخارجية العرب بشأن إدانة الانتهاكات التركية للعراق عكس التضامن العربي بالإجماع مع العراق واحترام سيادته وسلامته الإقليمية، مشيرا إلى أن القرار جسد الموقف العربي المساند بكل قوة للعراق بضرورة سحب القوات التركية من أراضيه كأولوية قصوى واحترام سيادة العراق وعدم تكرار ذلك مستقبلا ومساندة العراق في كل ما يحفظ أمنه واستقراره، وكذلك مساندة الدبلوماسية العراقية في مجلس الأمن لحماية سيادته واستقراره.
واعتبر السفير بن حلي أن دخول القوات التركية داخل الأراضي يزيد من عدم استقرار المنطقة برمتها وحول القوة العربية المشتركة في ظل التعديات التي يواجهها العراق وكثير من الدول العربية، وقال بن حلي إن مقترح القوة العربية المشتركة له منحى آخر ويتطلب جهودا وتوافقات ووثائق لتشكيل القوة المشتركة، مضيفا أن «هناك مشاورات تجرى في هذا الإطار ومتواصلة بين الدول الأعضاء في الجامعة العربية».
وكان الجعفري قد دعا مجلس وزراء الخارجية العرب إلى اتخاذ قرار عربي قوي وصريح إزاء الانتهاكات التركية للأراضي العراقية، يتضمن إدانة عربية صريحة وسحب القوات العسكرية التركية فورا وعدم تكرار توغلها واحترام السيادة العراقية، محذرا من مغبة انتهاك تركيا لأراضي بلاده، مطالبا بموقف عربي يرتقي للتعامل مع تلك الانتهاكات.
وأضاف الجعفري في كلمته أمام الاجتماع غير العادي لمجلس الجامعة أن العراق يسعى للحلول الدبلوماسية مع أنقرة وحل المشكلات عبر الحوار، وقال إن العراق لا يزال حريصا على علاقات حسن الجوار، لكن ذلك لا يعني السماح بانتهاكات سيادة العراق، موضحا أن العراق بكل مكوناته الاجتماعية والطائفية والدينية يحارب تنظيم داعش نيابة عن المنطقة والعالم.
وطالب الجعفري دول المنطقة بعدم فتح معارك جانبية مع العراق في الوقت الذي يحارب فيه «داعش»، لافتا إلى أن العراق لم يطلب من أي دولة إرسال جندي واحد، بل يريد مساعدات عسكرية وجوية ومالية واقتصادية، مؤكدا تمسك بلاده بالمقاومة حجرا بحجر، موضحا أن العراق حريص على الوصول إلى حقوقه عبر سفينة الحوار.
من جهته، شدد الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي على ضرورة انسحاب تركيا على الفور من الأراضي العراقية والتزامها بالحدود المتفق عليها دوليا، واصفا توغل قواتها في العراق بأنه يشكل انتهاكا سافرا للقانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على ضرورة احترام سيادة الدول وحدودها المتبادلة.
وأعرب الأمين العام في كلمته أمام الاجتماع غير العادي لوزراء الخارجية العرب برئاسة دولة الإمارات عن أمله في استجابة تركيا بشكل فوري للمطالب العراقية، لافتا إلى أن التدخل التركي لا يهدد العراق فحسب وإنما يهدد الأمن القومي العربي برمته. ونوه العربي بجهود العراق في مواجهة الإرهاب، داعيا إلى تضافر الجهود العربية الداعمة للعراق لمواجهة كل أشكال الإرهاب، لافتا في هذا السياق إلى ما سيناقشه الاجتماع الوزاري العربي أيضًا حول المختطفين القطريين في العراق.
ونبه العربي إلى أن الأمن القومي العربي برمته يتعرض لتحديات جسام في ظل المتغيرات الراهنة وتنامي إرهاب «داعش» الذي بات يهدد الأمن والاستقرار الدولي برمته، وفتح الباب واسعا لتدخلات خارجية، مؤكدا أهمية طلب الإمارات بإدراج بند حول التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية، لافتا إلى أن هذا الأمر يستلزم تخصيص جلسة لمجلس الجامعة العربية لبحث حاضر ومستقبل العلاقات مع القوى الإقليمية التي لا تأخذ في الاعتبار المصالح المشتركة للمنطقة والأمن الإقليمي.
وأكد العربي مجددا دعم الجامعة للقضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب المركزية وضرورة مواصلة الجهود حتى الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة عام 67، كما أعلن العربي في كلمته تأييده لقرار مجلس الأمن 2259 الصادر أمس، بشأن التوقيع السياسي على اتفاق الصخيرات، داعيا جميع الأطراف الليبية إلى الإسراع بتشكيل حكومة الوفاق الوطني لينعم الشعب الليبي بالاستقرار، معربا عن تطلعه للقاء رئيس حكومة الوفاق الجديدة بعد تشكيلها للنظر في تقديم المساعدة العربية لها.
وعلى صعيد الأزمة السورية، حث العربي الأطراف السورية سواء من المعارضة أو الحكومة لتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254، خصوصا ما يتعلق بوقف إطلاق النار، للبدء في المسار التفاوضي نحو تشكيل هيئة انتقالية ذات صلاحيات كاملة وإتاحة الفرصة لمعالجة جدية وشاملة للازمة السورية ترتكز على وثيقة جنيف 2012 وبياني فيينا الأخيرين.
في السياق ذاته، وجه وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش انتقادات حادة بشأن التدخل التركي والإيراني في الشأن العربي ووصفه بـ«السافر»، مؤكدا أن هذا التدخل ترك آثاره السلبية على الاستقرار في كثير من الدول العربية.
وقال قرقاش الذي انعقد الاجتماع برئاسته لبحث التدخل العسكري التركي في العراق، إن ما يزيد من قلقنا أن التدخل السافر من جانب تركيا وإيران قد ترك آثاره السيئة على الاستقرار في كثير من الدول العربية باعتباره انتهاكا لسيادتها وسلامتها المهنية على نحو لا يمكن التغاضي عنه ولا التهاون فيه ولا المساومة عليه.
وأضاف قرقاش: «لا ينبغي لهذه الدول الساعية إلى المساس بأمننا القومي أن تغتر ببعض مظاهر الضعف المؤقت الذي يشهده النظام العربي حاليا»، مؤكدا أن «سيادتنا وأمننا وسلامتنا الإقليمية تمثل خطا أحمر يستوجب الدفاع عنها بكل ما أوتينا من قوة، ولنا في هذا الصدد ظهير قوى من نصوص ميثاق جامعة الدول العربية وميثاق الأمم المتحدة اللذين يجعلان من احترام السيادة الإقليمية حجر الزاوية في العلاقات السليمة في ما بين الدول، كما يجعل من المناسبات صورة من صور العدوان».
وتابع قرقاش: «لذاك ووعيًا منا بحقيقة كوننا نعيش في منطقة واحدة فإنه من مصلحة الجميع خلق أرضية مشتركة للتعاون وإرساء الثقة في ما بيننا، قوامها الحفاظ على المصالح المشتركة لكل الدول على أساس أن الاحترام المتبادل لسيادة دول المنطقة واتباع سياسة حسن الجوار في ما بينها».
وأكد قرقاش أن الاجتماع على مستوى وزراء الخارجية في دورة طارئة غير عادية أمس «يمثل فرصة طيبة لكي ندعو فيها للحرص على هذه المبادئ، لا سيما أن ما يعاني منه العراق تعاني منه دول عربية أخرى»، مشددا على أن مبدأ احترام السيادة الإقليمية هو مبدأ عام لا يقبل التجزئة ومن ثم يجب احترامه من الكافة وعلى الكافة.
وأعرب قرقاش عن تطلعه إلى الخروج من هذا الاجتماع، «عاقدين العزم ومتوافقين على أن تكون علاقاتنا مع جيراننا قائمة على أساس الاحترام المتبادل لسيادتنا الوطنية مع التعبير على حرصنا الجازم على حمايتها بكل ما أوتينا من عزم وتصميم»، مشيرا إلى أن هذا الاجتماع يأتي بناء على طلب العراق وبتأييد كل من الكويت والأردن وتونس وموريتانيا ومصر ولبنان.
وقال قرقاش إنه «لا يخفى علينا الظروف الدقيقة التي تمر بها منطقتنا العربية في هذه اللحظة التاريخية ومدى ما يدور بدُولنا من أخطار تهدد عوامل الاستقرار فيها والمتمثلة على وجه الخصوص في محاولات المساس بالسيادة الإقليمية التي كانت ولا تزال أهم ضمانات الأمن القومي العربي بوجه عام».
وتابع قرقاش: «نشهد محاولات حثيثة لإثارة الفتن في مكونات المجتمعات العربية بما يمس أمننا القومي في الداخل والخارج وبث الدعايات المغرضة»، مشددا على أن «كل ذلك يفرض علينا التمسك بكل ما تفرضه قواعد القانون الدولي وما تضمنته المواثيق الدولية»، مؤكدا «حرص الدول العربية على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وفي المقابل فإننا نأبى تدخل الآخرين في شؤوننا تحت أي ذريعة كانت وفي أي صور يأتي عليها هذا التدخل».
وشدد على «القلق العميق من محاولات التدخل في شؤون الدول العربية، كدول وطنية، من جانب بعض القوى الإقليمية، الأمر الذي يجعل من اجتماعنا هذا لمناقشة التدخل التركي في العراق فرصة سانحة لنطرح على بساط البحث مظاهر التدخل الأخرى، سواء من جانب تركيا أو إيران، وما يقتضيه ذلك من مناقشة سبل حماية أمننا القومي والسيادة الإقليمية لدولنا كدول إقليمية ضد مظاهر هذا التدخل وأخطارها».



وفد من «حماس» يبحث مع وزير الخارجية التركي مجريات تطبيق اتفاق غزة

«حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)
«حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)
TT

وفد من «حماس» يبحث مع وزير الخارجية التركي مجريات تطبيق اتفاق غزة

«حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)
«حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)

قالت حركة «حماس» إن وفداً بقيادة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية التقى مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في أنقرة اليوم الأربعاء، وبحث معه مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب، والأوضاع السياسية، والميدانية.

وذكرت «حماس» في بيان أن الحية أكد لوزير الخارجية التركي التزام الحركة ببنود اتفاق وقف إطلاق النار، محذراً من استمرار «الاستهدافات، والخروقات» الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة، والتي قال إنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، وتقويض التفاهمات القائمة».

وفيما يتعلق بالأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة، أشار الحية إلى أن المساعدات الإغاثية التي تدخل القطاع «لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات»، موضحاً أن 60 في المائة من الشاحنات التي تسمح إسرائيل بدخولها هي شاحنات لبضائع تجارية، وليست مساعدات إنسانية.

وأكد الحية أن ذلك «يحرم الشريحة الكبرى من أبناء شعبنا من الحصول على احتياجاتهم الأساسية من غذاء، ودواء، وخيام بشكل إغاثي عاجل».

وتناول اللقاء أيضاً التطورات في الضفة الغربية، والقدس، حيث أكد وفد «حماس» على خطورة الممارسات «الإجرامية» الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، والمقدسات الإسلامية، والمسيحية.

كما ناقش الجانبان مسار تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية لمواجهة «المخططات» التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، بحسب بيان «حماس».


العليمي يرفض «تقطيع» اليمن ويؤكد حماية المركز القانوني للدولة

العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)
العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)
TT

العليمي يرفض «تقطيع» اليمن ويؤكد حماية المركز القانوني للدولة

العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)
العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)

شدّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الدكتور رشاد العليمي، على رفضه القاطع لأي محاولات لتفكيك الدولة في بلاده، أو فرض وقائع أحادية خارج المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية، مؤكداً أن حماية المركز القانوني للدولة، ووحدة القرار السياسي تمثلان أولوية وطنية لا تقبل المساومة.

وفي إشارة إلى تصعيد مجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت والمهرة، حذّر العليمي من أن أي مساس بوحدة الدولة سيقود إلى فراغات أمنية خطيرة، ويقوض جهود الاستقرار، ليس في اليمن فحسب، بل على أحد أهم خطوط الملاحة الدولية.

جاءت تصريحات العليمي خلال استقباله في الرياض، الأربعاء، سفيرة فرنسا لدى اليمن كاترين قرم كمون، حيث جرى بحث مستجدات الأوضاع المحلية، وفي المقدمة التطورات في المحافظات الشرقية، والدور المعول على المجتمع الدولي في دعم جهود التهدئة التي تقودها السعودية، وإعادة تطبيع الأوضاع في محافظتي حضرموت والمهرة.

وأشاد العليمي - حسب الإعلام الرسمي - بالدور الفرنسي الداعم لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية، وبموقف باريس الثابت إلى جانب وحدة اليمن وسيادته وسلامة أراضيه، على النحو الوارد في بيان مجلس الأمن الدولي الصادر، الثلاثاء. كما جدّد تقديره للعلاقات التاريخية بين البلدين، معرباً عن ثقته باستمرار الدعم الفرنسي المتسق مع مبادئ القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وتطرق اللقاء - وفق ما أوردته وكالة «سبأ» الحكومية - إلى التحديات المتشابكة التي تواجهها القوى الوطنية في مسار استعادة الدولة، وإنهاء انقلاب الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، في ظل الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي خارج الأطر الدستورية ومرجعيات المرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

تحذير من المخاطر

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني أن الدولة ستقوم بواجباتها كاملة في حماية مركزها القانوني، مشدداً على أن هذا المسار يتطلب موقفاً دولياً أكثر وضوحاً لدعم الإجراءات الدستورية والقانونية التي تتخذها مؤسسات الشرعية. وأشاد في هذا السياق بالتوصيف المُقدَّم للأزمة اليمنية الوارد في إحاطة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

وحذّر العليمي من أن أي تفكك داخلي سيعزز نفوذ الجماعات المتطرفة، ويخلق بيئات رخوة للجريمة المنظمة، مؤكداً أن أمن البحر الأحمر وخليج عدن يبدأ من استقرار الدولة اليمنية، وليس من شرعنة كيانات موازية أو مكافأة أطراف منقلبة على التوافق الوطني.

حشد في عدن من مؤيدي المجلس الانتقالي الجنوبي الداعي إلى الانفصال عن شمال اليمن (رويترز)

وأوضح أن ضبط النفس الذي مارسته القيادة خلال السنوات الماضية لم يكن تعبيراً عن ضعف، بل كان التزاماً وطنياً ومسؤولية سياسية لتجنُّب مزيد من العنف، وعدم مضاعفة معاناة الشعب اليمني، واحتراماً لجهود الأشقاء والأصدقاء الرامية إلى خفض التصعيد.

وجدّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي التزام المجلس بحل عادل للقضية الجنوبية، يستند إلى الإرادة الشعبية، والانفتاح على الشراكات السياسية، وخيارات السلام، مع التأكيد على الرفض القاطع لتفكيك الدولة أو فرض الأمر الواقع بالقوة.

وفي سياق متصل، جدّد الاتحاد الأوروبي التزامه القوي بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه، ودعمه لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية. وأعلن الاتحاد، في بيان، الأربعاء، تأييده للبيان الصادر عن أعضاء مجلس الأمن، مؤكداً دعمه لجهود المبعوث الأممي إلى اليمن، والعمل من أجل سلام مستدام وازدهار دائم للشعب اليمني.

ودعا الاتحاد الأوروبي جميع الأطراف إلى خفض التصعيد، وتعزيز الجهود الدبلوماسية، مرحباً بالاتفاق الذي جرى التوصل إليه في مسقط بشأن مرحلة جديدة لإطلاق سراح المحتجزين.

كما أدان الاتحاد الأوروبي بشدة استمرار احتجاز الحوثيين لموظفين أمميين وعاملين في منظمات إنسانية ودبلوماسية، مطالباً بالإفراج الفوري وغير المشروط عنهم.


«اتفاق مسقط» لتبادل المحتجزين اختبار جديد لمصداقية الحوثيين

نجاح صفقة تبادل الأسرى مرتبط بجدية الحوثيين والوفاء بالتزاماتهم (إعلام حكومي)
نجاح صفقة تبادل الأسرى مرتبط بجدية الحوثيين والوفاء بالتزاماتهم (إعلام حكومي)
TT

«اتفاق مسقط» لتبادل المحتجزين اختبار جديد لمصداقية الحوثيين

نجاح صفقة تبادل الأسرى مرتبط بجدية الحوثيين والوفاء بالتزاماتهم (إعلام حكومي)
نجاح صفقة تبادل الأسرى مرتبط بجدية الحوثيين والوفاء بالتزاماتهم (إعلام حكومي)

يُشكّل الاتفاق الذي أبرمته الحكومة اليمنية في مسقط مع الجماعة الحوثية لتبادل نحو 2900 أسير ومحتجز من الطرفين اختباراً جديداً لمدى مصداقية الجماعة في إغلاق أحد أكثر الملفات الإنسانية تعقيداً، بعد سنوات من التعثر والفشل.

فعلى الرغم من الترحيب الواسع بالاتفاق محلياً ودولياً، فإنه لا تزال الشكوك تحيط بآليات التنفيذ، في ظل غياب القوائم النهائية، واستمرار الغموض حول مصير القيادي في حزب «الإصلاح» محمد قحطان، المختطف منذ قرابة عشرة أعوام.

وحسب مصادر قريبة من المحادثات، فإن الاتفاق الذي رعاه مكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، وبمساندة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لا يتجاوز في هذه المرحلة كونه اتفاقاً مبدئياً، يفترض تنفيذه خلال فترة لا تتجاوز شهراً.

العبء الأكبر يقع على الوسطاء لإنجاح الصفقة اليمنية لتبادل الأسرى (إعلام حكومي)

وأوضحت جهات مطلعة على مسار التفاوض لـ«الشرق الأوسط» أن البند الأول من الاتفاق يقتصر على إطلاق سراح أسرى تابعين لتحالف دعم الشرعية، إضافة إلى القيادي محمد قحطان، فيما لا تزال بقية تفاصيل الصفقة، وأسماء المشمولين بها، خاضعة لمقايضات ومفاوضات لاحقة بين الأطراف والوسطاء.

وأشارت المعطيات ذاتها إلى أن ما تم التوصل إليه حتى الآن لا يعني حسم الملف، إذ لطالما ارتبطت جولات التفاوض السابقة بمطالب حوثية معقدة، شملت إدراج أسماء مقاتلين مفقودين في الجبهات، تزعم الجماعة أنهم أسرى لدى الحكومة، من دون تقديم أدلة على ذلك، فضلاً عن رفضها المتكرر إدراج أسماء مختطفين مدنيين بحجة أنهم «قيد القضاء».

تغيّر المفاوضين

رأت الأوساط القريبة من المفاوضات أن ترؤس ممثل الحوثيين في اللجنة العسكرية، يحيى الرزامي، لفريق المفاوضين عن الجماعة، بدلاً من عبد القادر المرتضى، أسهم في تهيئة الأجواء للتوصل إلى هذا الاتفاق المبدئي.

وذكرت أن المرتضى، المتهم بالتورط في تعذيب بعض المعتقلين، كان سبباً رئيسياً في إفشال عدة جولات تفاوض سابقة، بسبب تشدده وإصراره على شروط وصفت بغير الواقعية.

مخاوف حكومية يمنية من إفراغ الحوثيين اتفاق تبادل المحتجزين من مضامينه (إعلام حكومي)

وأضافت تلك الأوساط أن وجود الرزامي على رأس فريق الحوثيين سهّل النقاشات، ومهّد للاتفاق على مبدأ تبادل شامل للأسرى والمعتقلين من الطرفين، وإن كان ذلك لا يزال مشروطاً بمدى التزام الحوثيين بتعهداتهم، وصدق نواياهم في تقديم معلومات دقيقة وموثوقة حول المحتجزين.

في المقابل، أبدت الحكومة اليمنية، وفق التقديرات نفسها، مخاوف جدية من سعي الحوثيين إلى إفراغ الاتفاق من مضمونه الإنساني، عبر المماطلة، أو إعادة طرح الشروط ذاتها التي أفشلت محاولات سابقة.

وتؤكد هذه المعطيات أن نجاح الصفقة مرهون بجدية الحوثيين في الوفاء بالتزاماتهم، والكشف الكامل عن مصير جميع المختطفين، وفي مقدمتهم محمد قحطان.

قحطان وعقدة الثقة

يظل مصير القيادي في حزب «الإصلاح» محمد قحطان من أبرز العوائق أمام المضي قدماً في تنفيذ الاتفاق. فعلى الرغم من إدراج اسمه ضمن المرحلة الأولى من الصفقة، فإن مصيره لا يزال مجهولاً منذ اعتقاله في عام 2015 من إحدى النقاط الأمنية عند مدخل مدينة إب. وحتى اليوم، لم يفصح الحوثيون عما إذا كان الرجل لا يزال على قيد الحياة أم لا.

وحسب المصادر، فإن هذا الغموض قوض تفاهمات سابقة، وأدى إلى إفشال جولات تفاوض سابقة، بعد أن اشترط الحوثيون الحصول على ثلاثين أسيراً في حال كان قحطان حياً، أو ثلاثين جثة إذا ثبت مقتله.

وترى الجهات المعنية بالملف أن هذا السلوك يثير شكوكاً كبيرة حول مصير الرجل، بعد أكثر من عشر سنوات وثمانية أشهر على إخفائه قسراً، ويضعف فرص بناء الثقة اللازمة لإنجاح بقية مراحل اتفاق التبادل.

وتؤكد المصادر أن نجاح أي صفقة تبادل لا يمكن أن يتحقق دون معالجة ملف قحطان بوضوح وشفافية، بوصفه قضية إنسانية وسياسية في آن واحد، واختباراً حقيقياً لمدى التزام الحوثيين بالقانون الدولي الإنساني.

مراحل التنفيذ

وفقاً للتفاهمات المعلنة، فقد جرى الاتفاق على تنفيذ الصفقة عبر ثلاث مراحل رئيسية. المرحلة الأولى تشمل إطلاق سراح أسرى تحالف دعم الشرعية، إضافة إلى القيادي محمد قحطان. وفي المرحلة الثانية، التي تبدأ بعد نحو أسبوع، سيتم تشكيل لجنة مشتركة للقيام بزيارات ميدانية إلى أماكن الاحتجاز، وتوثيق أسماء جميع المحتجزين على ذمة الصراع.

وبعد ذلك، ترفع اللجنة القوائم التي تم التحقق منها إلى مكتب المبعوث الأممي الخاص باليمن واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ليجري اعتمادها رسمياً والشروع في تنفيذ عملية التبادل. أما المرحلة الثالثة، فستُخصص لملف «الجثامين»، وتشمل تبادل جثامين القتلى، والبحث عن رفات المفقودين في مناطق المواجهات، وصولاً إلى إغلاق هذا الملف المؤلم.

وتشير المصادر إلى أنه تم الاتفاق على عدد المشمولين بالصفقة من الطرفين، على أن يتم التوافق على أسمائهم خلال شهر، إضافة إلى انتشال جميع الجثامين من مختلف الجبهات وتسليمها عبر الصليب الأحمر. كما اتُفق على تشكيل لجان لزيارة السجون بعد تنفيذ الصفقة، وحصر من تبقى من الأسرى، تمهيداً لإطلاقهم.

وسيكون العبء الأكبر، حسب المصادر، على الوسطاء الدوليين، وفي مقدمتهم مكتب المبعوث الأممي واللجنة الدولية للصليب الأحمر، لضمان تنفيذ الاتفاق، ومنع أي طرف من الالتفاف عليه، ووضع آلية زمنية واضحة تبدأ بتجميع الأسرى والمختطفين في نقاط محددة، ومطابقة القوائم، وتحديد يوم البدء بعملية التبادل.