المعارضة السورية غير متفائلة بالموقف الدولي.. وتؤكد تمسكها ببيان «مؤتمر الرياض»

في تعليقات على قرار مجلس الأمن 2254

وزيرا خارجية الولايات المتحدة وروسيا، جون كيري وسيرغي لافروف، خلال المؤتمر الصحافي الذي تلا تصويت مجلس الأمن الدولي في نيويورك، ومعهما الموفد الأممي ستيفان دي ميستورا (إ.ب.أ)
وزيرا خارجية الولايات المتحدة وروسيا، جون كيري وسيرغي لافروف، خلال المؤتمر الصحافي الذي تلا تصويت مجلس الأمن الدولي في نيويورك، ومعهما الموفد الأممي ستيفان دي ميستورا (إ.ب.أ)
TT

المعارضة السورية غير متفائلة بالموقف الدولي.. وتؤكد تمسكها ببيان «مؤتمر الرياض»

وزيرا خارجية الولايات المتحدة وروسيا، جون كيري وسيرغي لافروف، خلال المؤتمر الصحافي الذي تلا تصويت مجلس الأمن الدولي في نيويورك، ومعهما الموفد الأممي ستيفان دي ميستورا (إ.ب.أ)
وزيرا خارجية الولايات المتحدة وروسيا، جون كيري وسيرغي لافروف، خلال المؤتمر الصحافي الذي تلا تصويت مجلس الأمن الدولي في نيويورك، ومعهما الموفد الأممي ستيفان دي ميستورا (إ.ب.أ)

لم يلاقِ قرار مجلس الأمن 2254 بشأن سوريا صدى إيجابيا في صفوف قوى المعارضة السورية، السياسية والعسكرية على حد سواء، فهي تعاطت معه بالكثير من التحفظ كونه لم يتطرق لمصير رئيس النظام السوري بشار الأسد ولإحجامه عن إدانة «المجموعات الإرهابية» التي تقاتل إلى جانب قوات النظام، مؤكدة تمسكها بمقررات «مؤتمر الرياض» وعلى رأسها ضرورة رحيل الأسد في بداية المرحلة الانتقالية.
ولقد اختصر المعارض السوري البارز هيثم المالح ما شهده مجلس الأمن بالمثل القائل «تمخض الجبل فولد فأرا»، معتبرا أن مضمون القرار الصادر «يُحدث خللا بمضامين قرارات دولية أخرى وأبرزها جنيف 1. كما يعطي روسيا صلاحيات ووقتا ومشروعية لاستمرار هجماتها على الثوار».
وقال المالح لـ«الشرق الأوسط»: «القرار لم يتطرق بشكل واضح للهيئة الانتقالية التي نص عليها جنيف 1 والتي شدد على وجوب أن تتمتع بكافة الصلاحيات ومنها صلاحيات الرئيس، كما أنّه لم يدن إرهاب الفصائل الإيرانية الشيعية التي تقاتل بأكثر من 65 ألف مقاتل في سوريا، وارتأى التركيز فقط على داعش والنصرة». واعتبر المالح أن «القرار برمته يتعارض مع مصالح الشعب السوري، ويهدف لسوق الهيئة العليا للتفاوض التي تم تشكيلها في الرياض إلى مفاوضات بإطار صيغة غير مقبولة». وللعلم، يشترط اتفاق الرياض الذي تم التوصل إليه بعد مؤتمر استمر ليومين وشاركت فيه قرابة مائة شخصية سياسية وممثلة لفصائل عسكرية، رحيل الأسد مع «بدء المرحلة الانتقالية».
وكما هو الحال مع المعارضة السياسية، انتقدت المعارضة العسكرية القرار الأممي الجديد بشأن سوريا، واستغرب القيادي في الجيش الحر، العميد أحمد رحال عدم إدراج القرار تحت البند السابع: «ما يعني أن الأسد قادر على نسفه في أي لحظة ودون قوة رادعة». وقال رحال لـ«الشرق الأوسط»: «كما أن فيه ثغرات قانونية وكلمات فضفاضة، حتى أن أعضاء مجلس الأمن قرأوه بطريقة مختلفة، ففيما اعتبر وزير الخارجية الأميركية أنه يعني أنه لا مكان للأسد في المرحلة الانتقالية، كان لوزير الخارجية الروسية قراءة أخرى متناقضة». وتتمسك المعارضة السورية والفصائل المقاتلة بمطلب رحيل الأسد عن السلطة وبمقررات مؤتمر جنيف - 1 الذي نص أبرز بنوده على تشكيل هيئة حكم انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة. ويعني هذا البند وفق المعارضة والقوى الدولية الداعمة لها أنه ليس للأسد دور محتمل في المرحلة الانتقالية، في حين تتمسك موسكو ببقاء الأسد.
في المقابل، تصر دمشق على أن «نجاح أي مسار سياسي في سوريا يتطلب انخراط الحكومة السورية فيه كشريك أساسي» على حد تعبير مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري في مجلس الأمن. وقال الأسد في مقابلة مع قناة تلفزيونية هولندية الخميس إن الحرب الدائرة في بلاده يمكن أن تنتهي «خلال أقل من عام» بشرط أن يركز الحل على مكافحة الإرهاب عوضًا عن محاولة «التخلص من هذا الرئيس أو الإطاحة به».
ورأى أنس العبدة، أمين سر الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، أن قرار مجلس الأمن 2254 «يعكس توافقًا دوليًا حول الإطار العام للحل السياسي في سوريا، ولكن ما زالت هناك مساحات من الخلاف وعدم التوافق بين الدول ذات الصلة بالملف السوري حول أمور مهمة، وعلى رأسها مصير بشار الأسد والموقف من وجوده في المرحلة الانتقالية ومستقبل سوريا». وأضاف: «لم يكن مستغربا أن يكون هناك إجماع على القرار، لأن النص الذي خرج به اعتمد على نصوص سابقة جرى التوافق عليها من قبل الولايات المتحدة وروسيا».
من جهتها، أكدت نائبة رئيس «الائتلاف» نغم غادري على «الثوابت الوطنية التي نص عليها بيان مؤتمر الرياض، وعلى رأسها ضرورة رحيل بشار الأسد في بداية المرحلة الانتقالية، والحفاظ على مؤسسات الدولة وإعادة هيكلة مؤسستي الجيش والأمن، وخصوصًا أن أطياف المعارضة السياسية والعسكرية وقعت على البيان». وقالت غادري: «القرار يحمل في طياته مطبات سياسية كثيرة قد تنسف ما تم الاتفاق عليه في الرياض، ومنها شكل هيئة الحكم الانتقالية وصلاحياتها، وكيفية تشكيل الوفد التفاوضي».
وأشارت غادري إلى أن القرار لم يتطرق إلى أمور أساسية، ومنها الميليشيات الإرهابية التي تقاتل مع نظام الأسد وكافة القوات الأجنبية الموجودة على الأرض السورية بما فيها القوات الروسية، كما فتح المجال لمواصلة نظام الأسد والعدوان الروسي قصف المناطق الآمنة وإلقاء البراميل المتفجرة واستهداف الأسواق والمرافق الصحية والخدمية.
أما عضو الهيئة السياسية لـ«الائتلاف» سالم المسلط فحذّر من «عدم التزام نظام الأسد بقرار مجلس الأمن وبآليات تطبيقه، وأن يستغل ثغرة عدم وجود تحديد واضح من القرار للمنظمات الإرهابية لكي يواصل قصفه للمناطق السكنية واستخدام البراميل المتفجرة لقمع ثورة الشعب السوري وثنيه عن مطالبه المحقة». وطالب المسلط بـ«ضمانات دولية تعقب قرار مجلس الأمن، وإجراءات لبناء الثقة تضمن تنفيذ وقف إطلاق النار وحماية المدنيين وعودة المهجرين إلى ديارهم».
من جهته، قال المعارض السوري البارز ميشال كيلو ردا على القرار الأممي الجديد «إننا رهينة الألعاب السياسية والدبلوماسية الدقيقة. الوثائق لا تصنع السلام. ما يصنع السلام هي الأفعال. لذا علينا ألا نحلم بكثير من الوثائق والعبارات الرنانة».
وأضاف كيلو «ليس لدي أدنى شك في أن السوريين سينتصرون في نهاية المطاف. لكن فكرة أن بشار الأسد سيرحل والانتقال فورا إلى الديمقراطية غير ممكنة»، موجها انتقادات حادة إلى الدول الكبرى الضالعة في النزاع ولا سيما روسيا.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.