أسدل الستار الليلة قبل الماضية على فعاليات الدورة الـ15 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، بتتويج الفيلم اللبناني «كثير كبير» لمخرجه مير جان بوشعيا بـ«النجمة الذهبية» (الجائزة الكبرى)، فيما ذهبت جائزة أفضل إخراج لغابرييل ماسكارو عن فيلمه «ثور النيون» (البرازيل/ الأوروغواي/ هولندا)، وحازت الممثلة كالاتيا بيلوجي على جائزة أفضل دور نسائي عن دورها في فيلم «كيبر» لكيوم سينيز (بلجيكا، سويسرا وفرنسا)، فيما ذهبت جائزة أفضل دور رجالي للممثل كانر جونسون عن دوره في فيلم «الجبل البكر» لداكور كاري (آيسلندا والدنمارك).
واختارت لجنة التحكيم، في سابقة تريد «تكريم السينما»، أن تذهب جائزة لجنة التحكيم إلى الأفلام المشاركة التي لم تفز بـ«الجائزة الكبرى»، وهي «باباي» لفيزار مورينا (ألمانيا، كوسوفو، مقدونيا وفرنسا) و«خزانة الوحش» لستيفن دان (كندا) و«سيارة الشرطة» لجون واتس (الولايات المتحدة) و«الصحراء» لخوناس كارون (المكسيك وفرنسا) و«كيبر» لكيوم سينيز (بلجيكا، سويسرا وفرنسا) و«مفتاح بيت المرآة» لمايكل نوير (الدنمارك) و«ذكريات عالقة» لكييكو تسويروكا (اليابان) و«ثور النيون» لكابرييل ماسكارو (البرازيل، الأوروغواي وهولندا) و«فردوس» لسينا إتيان دينا (إيران وألمانيا) و«زهرة الفولاذ» لبارك سوك يونغ (كوريا الجنوبية) و«تيتي» لرامي ريدي (الهند والولايات المتحدة) و«الحاجز» لزاسولان بوشانوف (كازاخستان) و«الجبل البكر» لداكور كاري (آيسلندا والدنمارك) و«المتمردة» لجواد غالب (المغرب وبلجيكا).
وضمت لجنة التحكيم، إضافة إلى رئيسها المخرج الأميركي فرنسيس فورد كوبولا، الذي تم توشيحه بوسام الكفاءة الفكرية، ناوومي كاوازي من اليابان، وريشا سادا من الهند، وأولغاكوريلينكو من أوكرانيا، وطوماس فينتبرغ من الدنمارك، وأنطون كوربين من هولندا، وجون بيير جوني من فرنسا، وسيرجيو كاستييتو من إيطاليا، والفرنسي من أصل تونسي سامي بوعجيلة، فضلا عن الممثلة المغربية آمال عيوش.
ويحكي فيلم « كثير كبير»، الذي هو من إنتاج لبناني - قطري مشترك، ويقوم ببطولته آلان سعادة (في دور زياد)، وطارق يعقوب (في دور جو)، وسام فارس (في دور جاد)، قصة جاد، الذي كان على وشك أن يطلق سراحه بعد أن أدين وسجن قبل خمس سنوات بجريمة قتل ارتكبها شقيقه الأكبر زياد. من جانبه، زياد، الذي صمم على تغيير حياته والتخلي عن الاتجار في المخدرات، يرى مخططاته تضيع هباء أمام إصرار مزوده، ليجد نفسه مرغما على الانخراط في عملية واسعة النطاق لتهريب «الأمفيتامين» عبر الحدود اللبنانية - السورية. بعد خروجه من السجن يعبر جاد عن رغبته في المشاركة في العملية التي من المفترض أن تسمح للشقيقين بقلب صفحة حياتهما نهائيا، وهو الأمر الذي لا يتفق عليه شقيقهم الثالث جو. لكن، بعد اكتشاف قام به زياد، سيختار الثلاثي خوض مغامرة جديدة ستغير مجرى حياتهم.
وعرف الشق الثاني من حفل الاختتام عرض فيلم «كارول» (المملكة المتحدة والولايات المتحدة) لمخرجه تود هاينز، وبطولة كايتبلانشيت وروين مارا وسارة بولسون وكايل تشاندلر.
وتميزت التظاهرة، التي تواصلت على مدى تسعة أيام، ببرنامج فني متنوع، شمل على الخصوص، فقرات «المسابقة الرسمية» و«خارج المسابقة» و«خفة قلب» و«ماستر كلاس» و«سينما المدارس»، فضلا عن فقرة خاصة بالمكفوفين وضعاف البصر، مع برمجة لقاءات بين المهنيين، من أجل إبراز الدور المحوري لبيع واقتناء وتمويل وتوزيع الأعمال في الاقتصاد الفني.
* تكريم السينما الكندية واحتفاء بنجوم الفن السابع:
شكلت فقرة التكريم أبرز المواعيد التي حظيت بالمتابعة والحضور الجماهيري، خاصة في فضاء ساحة جامع الفنا، حيث تم تكريم الممثل الأميركي بيل موراي، والنجمة الهندية مادهوري ديكسيت، ومدير التصوير المغربي كمال الدرقاوي، والمخرج الكوري الجنوبي بارك تشان ووك، والممثل الأميركي ويليام دافوو، الذي تخلف عن الحضور، وبعث برسالة معتذرا للمنظمين ومعبرا عن سعادته وشكره لاختيار تكريمه في المهرجان المغربي، فيما تسلمت نجمة التكريم نيابة عنه المخرجة والممثلة الإيطالية فاليرياكولينو، عضوة لجنة تحكيم سينما المدارس. كما تم تكريم السينما الكندية، في حضور وفد ضم 25 سينمائيا، شمل ممثلين ومخرجين ومنتجين وكتاب سيناريو معروفين، برئاسة المخرج وكاتب السيناريو والمنتج أتوم إكويان، الذي عبر، في كلمة له بالمناسبة، عن سعادته وتقديره لتكريم سينما بلاده، مشيرا إلى مشاركة كندا، في المهرجان المغربي بوفد ضم سينمائيين يعتبرون، اليوم، «أفضل مثال عن حيوية هذه السينما التي لا تتوقف عن التطور»، ومن خلال أفلام متنوعة، بمرجعيات وأساليب مختلفة، تؤرخ لفترات زمنية تعكس التنوع الثقافي للبلد، بروافده المكونة من السكان الأصليين والمهاجرين، جامعة بين إرث الشعوب الأصلية والذاكرة الاستعمارية لفرنسا وبريطانيا، وتأثيرات الهجرة المتواصلة إلى بلاده، مشددا على أن السينما الكندية تعكس وتكرس تنوع المجتمع الكندي لغة وهوية وثقافة.
* «ماستر كلاس».. دروس في السينما
كان المخرج الألماني من أصل تركي فاتح أكين أول المتدخلين، حيث تحدث عن أصوله التركية، وعن العوامل التي ساعدت في تكوينه، حتى انتقل من مهاجر صغير ليصبح، بحسب النقاد، «الطفل المعجزة للسينما الألمانية المعاصرة»، مجسدا التعدد الثقافي الناجح، بعد أن «قفز على الحدود وترك في غرفة الملابس مسألة الهوية». كما تحدث عن كبار المخرجين الذين تأثر بهم، ذاكرا على الخصوص مارتن سكورسيزي وفرنسيس فورد كوبولا. كما تحدث عن إدارته للممثلين وطريقة تعاطيه مع الإخراج، وعن قيمة الموسيقى التصويرية في أفلامه، وعن أفلامه الوثائقية، وعلاقتها، في واقعيتها، بمتخيل السينما. كما تحدث عن فيلم «القطع» (2014)، الذي تناول فيه قضية التطهير العرقي ضد الأرمن، وهو موضوع يعد من أكبر الطابوهات في بلده الأصلي، تركيا، والدوافع الذي جعلته يقارب هذه القضية الحساسة سينمائيا.
من جهته، استعرض المخرج الإيراني عباس كيروستامي قصته مع حلم الإخراج السينمائي، ودور الصدفة في تحقيقه، بعد تجارب مهنية وفنية مختلفة، مشيرا إلى أنه ينكب على كل فيلم باستقلالية عن باقي الأعمال، حتى وإن وجد الجمهور أو النقاد في منجزه عناصر متشابهة، مشددا على أنه ينشغل بطرق آفاق جديدة لا بتكرار نفسه، مبديا رفضه التقوقع في هوية جزئية، لأن ملعبه وأفق تفكيره هو العالم والإنسان حيثما كان، من منطلق أنه يؤمن بأن السينما فن موحد للبشر. وعن النصيحة التي يمكن أن يسديها للمخرجين الشباب، قال: لا نصيحة لدي تنفع، باستثناء «أن نحسن أنفسنا بأنفسنا»، مشيرا إلى أنه لا يفعل، في كل ما ينجزه، سوى أن ينظر إلى الحياة ويتأمل ما حوله محاولا ترجمة كل ذلك بصدق.
أما المخرج الكوري الجنوبي بارك تشان ووك، فتحدث، من جهته، عن تجربته واختياراته السينمائية، مشيرا إلى أن أسلوبه البصري تتولد عنه حركات خاصة للكاميرا، وأنه يقوم بالتصوير والإخراج في ذهنه، بشكل مسبق، مشددا على أنه لا يرتاح في عملية التصوير التقليدية التي تنطوي على تصوير لقطات طويلة رئيسية، وأن هذا النهج من العمل لا يناسبه. وعن اقتضاب الحوار واحتجابه خلف الدهشة البصرية، قال إن الأفلام التي صورها لا تتمحور حول الحوارات، وأنه يشعر براحة أكثر في التعبير والسرد البصريين.
سينما للمكفوفين وضعاف البصر بـ«تقنية الوصف المسموع»:
عرفت الدورة عرض 7 أفلام لفائدة المكفوفين وضعاف البصر بـ«تقنية الوصف المسموع»، بينها فيلم «جوق العميين» للمخرج المغربي محمد مفتكر. وتعتمد «تقنية الوصف المسموع» على صوت مصاحب لأحداث الفيلم، يتولى وصف مشاهده، التي تتعذر متابعتها من خلال الصورة. وانطلق المشروع، أول مرة، بعد أن اقترح أحد المكفوفين الفكرة على مؤسسة المهرجان، قبل أن تتبلور على شكل فقرة ضمن فقرات الدورة الثامنة للتظاهرة، حيث شكل الإعلان عنها إضافة متميزة ومفاجئة للجمهور والمتابعين للمهرجان. وتحققت الفكرة، على أرض «المشاهدة» بعد مفاوضات مع القناة الفرنسية الألمانية «آرتي»، التي تتوفر على أفلام تستخدم هذه التقنية. ويشدد المنظمون على أن الهدف من برمجة فقرة خاصة بالمكفوفين وضعاف البصر هو التأكيد على أن الإعاقة البصرية لم تكن، في يوم من الأيام، عقبة في وجه الاندماج الكامل في الحياة المجتمعية والثقافية والاقتصادية، وأنه بفضل «تقنية الوصف المسموع»، التي تتوخى النهوض بسينما المكفوفين وضعاف البصر، ستتمكن هذه الشريحة من التمتع بحقها في الثقافة والترفيه والحلم والمعرفة، التي توفرها السينما.
* «سينما المدارس».. من أجل سينما الغد
عرفت مسابقة «سينما المدارس» تتويج فيلم «الفتاة المجهولة» لمخرجه رضا جاي، من استوديو (م) بالدار البيضاء. ويحكي الفيلم الفائز قصة شاب منغلق على نفسه وكثير الحساسية، تتغير حياته بعد لقائه مع شابة تقترح عليه الرقص معها في ملتقى طرق.
وتنافس على المسابقة، التي ترأس لجنة تحكيمها المخرج وكاتب السيناريو البلجيكي جواكيم لافوس، سبعة أفلام، تم إخراجها من طرف خريجي مدارس السينما بمراكش والرباط والدار البيضاء وورزازات.
وتدخل المسابقة، التي تهدف إلى «التعبير عن هويته كقاعدة لسينما الغد بكل تجلياتها وتعبيراتها»، في سياق تقليد سنه المهرجان، يقوم على انتقاء أفلام قصيرة للتباري على الفوز بجائزة قيمتها 300 ألف درهم (نحو 28 ألف يورو)، هي منحة من الأمير مولاي رشيد، شقيق العاهل المغربي، ورئيس مؤسسة مهرجان مراكش، على أن يخصص المبلغ حصرا لإنجاز فيلم قصير ثان للفائز، يتعين تقديمه للمؤسسة، ثلاث سنوات بعد التتويج، على أقصى تقدير.
فيلم «كثير كبير» اللبناني يُحرز «الجائزة الكبرى» لمهرجان الفيلم الدولي بمراكش
الدورة الـ 15 شهدت تكريم السينما الكندية.. وعرض أفلام للمكفوفين وضعاف البصر
فيلم «كثير كبير» اللبناني يُحرز «الجائزة الكبرى» لمهرجان الفيلم الدولي بمراكش
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة