قمة الخليج: محاربة التطرف والإرهاب مسؤولية مشتركة عالميًا

قالت إن الإسلام دين الوسطية والتسامح.. وأكدت استمرار جهودها مع الدول الشقيقة والصديقة

قادة دول الخليج العربي في جلستهم الختامية التي أحتضنتها العاصمة السعودية الرياض (واس)
قادة دول الخليج العربي في جلستهم الختامية التي أحتضنتها العاصمة السعودية الرياض (واس)
TT

قمة الخليج: محاربة التطرف والإرهاب مسؤولية مشتركة عالميًا

قادة دول الخليج العربي في جلستهم الختامية التي أحتضنتها العاصمة السعودية الرياض (واس)
قادة دول الخليج العربي في جلستهم الختامية التي أحتضنتها العاصمة السعودية الرياض (واس)

أكدت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في قمتها التي عقدتها في العاصمة السعودية الرياض، واختتمت أعمالها يوم أمس أن على دول العالم مسؤولية مشتركة في محاربة التطرف والإرهاب والقضاء عليه أيًا كان مصدره، وقالت دول المجلس إنها بذلت الكثير من الجهد في سبيل ذلك، وستستمر في جهودها بالتعاون والتنسيق مع الدول الشقيقة والصديقة بهذا الشأن، كما أكدت أن الإرهاب لا دين له، وأن الدين الإسلامي الحنيف يرفضه، فهو دين الوسطية والاعتدال والتسامح.
وتحدثت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية عن قضية الإرهاب من واقع خبرة عملية في مكافحة الإرهاب ومعرفة حجم الأضرار التي يسببها من نواحٍ عدة، سواء كانت اجتماعية أو ثقافية أو فكرية أو اقتصادية، هذا فضلا عن الخسائر الأمنية والمخاطر التي يتسبب بها الإرهاب، ودعت إلى شراكة حقيقية في مكافحة التطرف والإرهاب لتضافر الجهود الدولية للقضاء على آفة التطرف والإرهاب التي تشكل التهديد الحقيقي للسلم الاجتماعي والأمن العالمي.
وفي هذا الشأن، قال الدكتور فايز الشهري، وهو عضو في مجلس الشورى السعودي ومتخصص في أمن المعلومات، إن هذه الدعوة عندما أتت من أعلى القيادة السياسية في دول مجلس التعاون، جاءت لتؤكد أن خطر الإرهاب يهدد العالم بأسره، وأنها تبحث عن شراكة حقيقية في مكافحته والحد من مخاطره، وتؤكد للعالم أنها جادة في هذا المسعى حتى لا يدخل ملف الإرهاب وتقاطعاته في فخ الدعاية السياسية والأجندات حيث تحاول بعض الدول استغلال هذه الظاهرة سياسيًا.
وقال الدكتور فهد الشليمي، وهو معلق سياسي كويتي: «إن لدى دول المجلس والسعودية على وجه الخصوص خبرة أمنية في مكافحة الإرهاب، تتقدم على الخبرات التي لدى الولايات المتحدة ودول أوروبا بـ13 سنة»، وأضاف أن دول المجلس وعلى رأسها السعودية أقرت استراتيجية أمنية لمكافحة الإرهاب في عام 2002، وتابع: «ما تتحدث عنه الدول الغربية في الفترة الراهنة كانت دول المجلس تناقشه وتتخذ بشأنه استراتيجيات أمنية وقرارات في عام 2002».
من جانبه، قال الدكتور علي فخرو وهو مفكر بحريني: «إن دول المجلس عبر هذه الدعوة تبحث عن شراكة في مواجهة التطرف والإرهاب، وكانت هناك في الماضي قضايا مشتركة لكن الجهود لم تتناغم لتحدث جهدًا مشتركًا».
وشدد فخرو على أن «قضية الإرهاب تشكل خطرًا حقيقيًا على دول المجلس كما تشكل خطرًا على جميع دول العالم، لكن لدول المجلس خصوصية على أرض الواقع، حيث خاضت السعودية حربًا حقيقية مع التنظيمات الإرهابية بدءا من (القاعدة) وانتهاء بـ(داعش)، فمنذ مايو (أيار) من عام 2003 واجهت السعودية حربًا شرسة مع الإرهاب، حيث استهدفت خلايا القاعدة الاقتصاد ورجال الأمن والمقيمين الأجانب في السعودية، وبعد حرب طويلة تمكنت السعودية من كسر شوكة القاعدة ودحر الإرهاب.
ليعود الإرهاب وبشكل آخر، هذه المرة تنفذه (داعش)، فمنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2014 نفذ التنظيم الإرهابي 13 عملية إرهابية في السعودية (هي الدالوة، ومركز سويف على الحدود السعودية العراقية، وحادثة مقتل جندي أمن المنشآت، وتفجير مسجد القديح وبعدها تفجير مسجد العنود وحادثة مقتل رجل أمن في مدينة الطائف، وكذلك مقتل ضابط برتبة عقيد في العاصمة الرياض، وتفجير نقطة ضبط أمني في الرياض، وثم تفجير مسجد في معسكر أمني تابع لقوات الطوارئ في منطقة عسير، وقتل أحد أعضاء التنظيم لابن عمه في مدينة حائل، والهجوم الإرهابي على حسينية في مدينة سيهات، وأخيرًا الهجوم على مسجد في مدينة نجران)».
كما شهدت الكويت هجومًا مروعًا على مسجد الصادق خلف عشرات القتلى ومئات الجرحى، في حين تعاني البحرين من اضطرابات أمنية وتفجيرات تستهدف رجال الأمن منذ فبراير (شباط) من عام 2011.
وأكد الدكتور فايز الشهري أن دول المجلس وفي مقدمتها السعودية تضع العالم أمام مسؤولياته الحقيقية، خصوصًا أن دول المجلس كانت أكبر المتضررين من موجة الإرهاب، وخاضت التجربة في هذه الحرب، وتجاوزتها بخبرات كبيرة في التعامل مع هذه الظاهرة من خلال التكاتف المجتمعي والرسمي، مضيفا: «دول المجلس تطالب بالجدية في التعامل مع ملف الإرهاب، وإيقاف المد المادي والمعنوي والبشري لتنظيماته»، مشيرا إلى أن السعودية طرحت فكرة مركز دولي لمكافحة الإرهاب، وموّلته بينما الدول الغربية الكبرى لم تتعامل مع الفكرة بالجدية ذاتها.
وقال الدكتور فهد الشليمي: «إن دول مجلس التعاون تتحدث عن تعاون يمكن أن يحدث فرقا في التعامل مع الإرهاب والتطرف، فهي تمتلك الخبرة في هذه الحرب، وهي أول من تضرر منه، بينما كانت الدول الغربية تتهم دول المجلس بأن أسباب الإرهاب تكمن في عدم وجود مساحة من الحرية، وما تفعله الآن هذه الدول خير دليل على قراءتها الخاطئة لخطر الإرهاب».
وشدد الدكتور علي فخرو على أن لدول مجلس التعاون دورًا مهمًا في مكافحة الإرهاب وخصوصية في الانتصار في هذه الحرب لعلاقتها بالقراءة الفقهية والاعتدال وتقديم فكر إسلامي مستنير، لكن هذا الدور كما يؤكد الدكتور فخرو يتطلب جهدا ثقافيا ضخما من دول المجلس، خصوصا في جانب الأصوات التي ساهمت في إيجاد مناخات خصبة للإرهاب، ومواجهة الأنظمة التعليمية والساحة الدينية.
وأضاف: «يجب أن تخاض المعارك على المستويات كافة، وعلى كل منابع الإرهاب ومواجهة مصادر التشنج كافة من منابر التطرف في المساجد والحسينيات والجمعيات، وطرح إسلام مستنير يعتمد على التقدم الحاصل في المعرفة والعلوم الاجتماعية».
وقال الشليمي: «إن دول مجلس التعاون تمتلك الخبرة ولديها القدرة على لعب دور مهم في مكافحة الإرهاب، لكن يجب ألا يكون هناك تمييز بين إرهاب وإرهاب آخر، فكما يجب مكافحة داعش يجب أيضًا مكافحة إرهاب الحشد الشعبي».



مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».