كل صناع الساعات يجمعون على أن المرأة أصبحت زبونا مهما بالنسبة إليهم، وهو ما حتم عليهم التوجه إليها بكل الإمكانيات المتوفرة لديهم. في السنوات الماضية، لاحظوا ميلها إلى تصاميم الساعات الرجالية ذات العلب الكبيرة، وهو ما سارعوا بتلبيته لها بالماس والمعادن المترفة، ثم سرعان ما اكتشفوا أنها لا تريد الشكل فحسب، بل تهتم بالمضمون أيضا، بمعنى أنها تقدر الوظائف المعقدة، وبالتالي تريد أن تحمل حركات مهمة في معصمها، حتى وإن كانت لن تستعملها لقراءة الوقت، فهي ليست أقل تقديرا من الرجل للحرفية والدقة، حتى وإن لم تكن قد بلغت مرحلة الاقتناء مثله.
هذه المرة أيضا، لبت شركات الساعات العالمية رغبتها، وغذوها بكل ما تتوفر عليه معاملهم المترامية في جبال سويسرا وتلالها من خبرات ومهارات.
بيد أن اللافت دائما أنهم لم يتخلوا عن الأحجام الصغيرة ولا المواد الثمينة، وكأنهم يعرفون نقطة ضعف المرأة، وكانوا يتوقعون أن حبها للأحجام الكبيرة قد يكون مجرد نزوة عابرة. وهكذا لم يتخلوا عن سلاحهم الذي لا يخيب، أي الأحجام الناعمة والصغيرة جدا، وعادوا إلى تقديمها لها من خلال أشكال أقرب إلى التحف أو «المنمنمات» الصغيرة. وتنافس الصاغة والمهندسون على توفيرها وطرحها تحت عدة مسميات، قد يكون الـ«فينتاج» أكثرها وضوحا وتداولا. السبب أن أغلبها مستوحى من تصاميم قديمة تعود إلى العشرينات أو الستينات من القرن الماضي. والحقيقة أن حجمها الصغير يثير كثيرا من الإعجاب، لأنه من الصعب تصور ميناء صغير جدا يحتوي على مئات المكونات الدقيقة والحركات التي ترضي غرور المرأة ومتطلباتها في الوقت ذاته. ثم إذا أخذنا بعين الاعتبار أن هذه التصاميم يمكن أن تكون استثمارا للزمن، فإن الصورة تتغير تماما، وتوضح مدى قدرات الصانعين من جهة على الإبداع والابتكار، ونظرة المرأة البعيدة على الاستثمار من جهة أخرى. فأسعارها يمكن أن تتضاعف في المزادات العالمية في يوم ما. وحتى إذا لم تكن النية من اقتنائها الاستثمار وتحقيق الربح على المدى البعيد، فإن الرغبة في توريثها لأجيال مقبلة تكون دائما في البال.
ومع ذلك لا يمكن أن نتجاهل دور أسواق الصين في انتشار هذا الحجم الصغير، لأن زبون هذه المنطقة مولع به ويقدره أكثر من غيره. ولا يقتصر الأمر على النساء، بل يشمل الرجال أيضا، الأمر الذي يفسر انتعاش الساعات الرجالية متوسطة الأحجام في الآونة الأخيرة.
من الساعات التي أطلت علينا هذا العام من معرضي جنيف وبازل، ساعة «فوبورغ جوايلري» Faubourg Joaillerie من «هيرميس» التي تلتف على المعصم بشبكة رقيقة من الذهب مزينة بـ«652 ماسة»، حيث تم إحياء وجه هذا النموذج المرصع بالجواهر على قطر لا يتعدى الـ16.3ملم. ولإبراز نعومة تصميمها تركت بعض المناطق المتشابكة برقة من الذهب خالية من أي جواهر لتعزيز ذلك الإحساس برقتها. ولأنه من المفترض أنها قطعة جواهر قبل أن تكون ساعة لقراءة الوقت فإن السوار رصع بما لا يقل عن 388 ماسة تجعله امتدادا للساعة.
هناك أيضا ساعات «تراديشينال» من دار «بياجيه» ذات الشكل البيضاوي، وتأتي إما بالذهب الأبيض وإما بالأصفر. تصميمها مستوحى من ستينات القرن الماضي، لكنها مجهزة بمعايير فائقة الرقة أكثر تفصيلا وإتقانا من أي يوم مضى. علبتها البيضاوية مرصعة بالماس والزمرد، بينما صنع ميناؤها من «اليشم»، فضلا عن سوار منقوش بدقة. أصبحت الساعة المفضلة بشكل راسخ في أوساط الشخصيات الأنيقة في هذا العقد.
أبصرت ساعة «كاديناس» Cadenas النور عام 1935، لتتحول إلى أكثر القطع رمزية بين تصاميم دار «فان كليف آند آربيلز»، خصوصا تلك التي صممتها خصيصا لدوقة «ويندسور». في عام 2015 طرحتها الدار بنسخ جديدة، مع الحفاظ على خطوط التصميم الأصلية الجريئة.
طبعا لا بد من الحديث هنا عن ساعة «لا ديه دو ديور» La D de Dior الأيقونية، فهي من أجمل التصاميم صغيرة الحجم، لأنها تجمع ما بين الرفاهية والفخامة الكلاسيكية بالتصاميم الحيوية والألوان العصرية، وهي هنا مزينة بالذهب الزهري والماس، وتأتي الآن مع قرص من «اليشم» البنفسجي، بينما يأتي اللون الغني والحاد للجاد البنفسجي ليكمل ويغني لوحة الألوان فيها. ولا شك أن سوارها عندما يكون من «الساتان» يجعلها مناسبة جدا لأحلى المناسبات وتغني عن الماس والذهب.
الساعات الصغيرة.. تحف تؤكد الابتكار والاستثمار
تعبر عن قدرات الحرفيين الكبيرة
الساعات الصغيرة.. تحف تؤكد الابتكار والاستثمار
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة