ملامح اتفاق بلبنان على مخرج لعقدة «المقاومة» اليوم في اجتماع لجنة «البيان الوزاري»

سلام: أتحمل مسؤولية استيعاب التباينات السياسية وليس لأكون جزءا منها

ملامح اتفاق بلبنان على مخرج لعقدة «المقاومة» اليوم في اجتماع لجنة «البيان الوزاري»
TT

ملامح اتفاق بلبنان على مخرج لعقدة «المقاومة» اليوم في اجتماع لجنة «البيان الوزاري»

ملامح اتفاق بلبنان على مخرج لعقدة «المقاومة» اليوم في اجتماع لجنة «البيان الوزاري»

تعقد اللجنة الوزارية المكلفة بإعداد البيان الوزاري للحكومة اللبنانية جلستها التاسعة اليوم، لاستكمال البحث في البند المتعلق بحق لبنان في مقاومة أي اعتداء على سيادته وأراضيه، مع استمرار السجال بين فريقي الأزمة في لبنان حول مرجعية هذه المقاومة وعلاقتها بالدولة.
وفي حين قالت مصادر رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «الاتصالات والجهود مستمرة بهدف التوصل إلى صيغة توافقية»، موضحة في الوقت ذاته أنه «لا معطيات بحوزتها تشير إلى إمكانية إنجاز البيان في جلسة اليوم، وإن كانت المواقف السياسية بمجملها مرنة»، ذكرت مصادر مطلعة على مساعي الوساطة بين فريقي 8 و14 آذار، أن «حسم إمكانية إنهاء البيان الوزاري مرهون بما سيحمله فريق 14 آذار إلى الجلسة اليوم».
وكانت الساحة اللبنانية شهدت أمس سلسلة تصريحات من الكتل النيابية الرئيسة بالتزامن مع استكمال وزير الصحة وائل أبو فاعور، ممثل كتلة النائب وليد جنبلاط في اللجنة الوزارية، مساعيه مع رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري من أجل تقريب وجهات النظر. وعقد الطرفان (بري وأبو فاعور) لقاء أمس، أفاد بيان رسمي بأن «الحديث فيه دار حول الوضع العام وما يتعلق بموضوع الحكومة والبيان الوزاري».
وفي سياق متصل، أكد رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام التنسيق مع بري بإشارته إلى أن الأخير من «القيادات الكبرى في البلد»، و«والتي اكبتنا في مرحلة التأليف واليوم في مرحلة البيان الوزاري وفي مراحل مقبلة»، مشيرا إلى «اننا نتعاضد معهم لما فيه خير البلد».
وقال سلام، في تصريحات من مقر الحكومة اللبنانية أمس، إن مواقف الرئيس سليمان «ليست ما تعرقل إصدار البيان الوزاري»، على خلفية دعوته الأفرقاء إلى تجاوز المعادلات الخشبية التي تعرقل إصدار البيان الوزاري، في إشارة إلى ثلاثية حزب الله «الجيش والشعب والمقاومة». وأرجع سلام الأزمة إلى ما وصفه بـ«مساحة عدم الثقة الكبيرة بين القوى السياسية التي يلزمها بعض الوقت لرأبها وتجاوزها»، مذكرا بأن «اجتماعات لجنة صياغة البيان الوزاري كانت راقية ومتقدمة جدا وغنية بالمطالعات والحجج والطروحات السياسية بين كل القوى السياسية، وهذا أمر إيجابي وجيد، ويحدوني للقول إننا لسنا يائسين بل نعول على المرحلة المقبلة».
وقال سلام «أتحمل مسؤولية استيعاب التباينات السياسية وليس لأكون جزءا منها»، موضحا أنه «عندما تتفق القوى السياسية في ما بينها، فأنا موجود لأخدمها، لكنني لست موجودا لأقفز فوقها أو لأفرض عليها شيئا». وشدد على أنه «يعرف إمكاناته وحدوده ولديه مسؤوليات كبيرة وحساسة ودقيقة في هذه المرحلة، والاعتناء بها والاهتمام بتوظيفها بشكل إيجابي وبناء تجاه الجميع هو هاجسه اليومي»، مذكرا بأن «أمام هذه الحكومة مهمة ضمن الأشهر الثلاثة المقبلة، إذا أنجزتها ومضت الأمور على خير تكون هذه الحكومة قد أدت خدمة كبيرة وقامت بواجباتها».
وفي سياق متصل، أعلنت كتلة حزب الله النيابية أن «فرص التوصل إلى إنجاز البيان الوزاري لا تزال متاحة إذا التزم الجميع بمقتضيات المصلحة الوطنية التي تتطلب تفهما وتفاهما بعيدا عن أجواء التحدي والمكاسرة، خصوصا في هذه المرحلة التي أجمع فيها اللبنانيون على أهمية التصدي للإرهاب التكفيري، وإنجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده الدستوري وإصدار المراسيم لإطلاق ورشة التلزيم في قطاع النفط، ومعالجة التدهور في الوضع المعيشي والاقتصادي للبنانيين ومتابعة الجهود لاحتواء أزمة النازحين السوريين».
ودعت، في بيان تلاه النائب حسن فضل الله بعد اجتماعها الأسبوعي أمس، اللبنانيين إلى أن «يدركوا أن مصلحتهم هي التمسك بمرتكزات الحماية للبنان أي المقاومة»، مشددة على أن «التفاهم المطلوب لإطلاق عجلة العمل الحكومي سيعزز إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها».
في المقابل، جددت كتلة المستقبل البرلمانية أمس تأكيدها على وجوب أن يتضمن البيان الوزاري «إعلان بعبدا»، القاضي بتحييد لبنان عن أزمة سوريا، مستغربة «مزاعم بعض مكونات الثامن من آذار في الترويج لافتراضات غير صحيحة تدعي رفض إدراج مبدأ مقاومة العدو الإسرائيلي في البيان الوزاري، فيما الحقيقة أن بعض هذه المكونات يصر على تشريع حمل السلاح في لبنان واستعماله انطلاقا من الأراضي اللبنانية خارج إشراف ومرجعية الدولة اللبنانية، وهذا أمر لا يمكن القبول به أو الموافقة عليه».



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».