شن الجمهوريون هجوما لاذعا على خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما مساء أول من أمس، الذي خصصه للدفاع عن استراتيجية إدارته لمكافحة التطرف وتنظيم داعش. وأشار الجمهوريون إلى أن ما ذكره أوباما من تعزيز الغارات الجوية ضد مواقع لتنظيم داعش وتدريب قوات برية محلية غير كاف لمواجهة تهديدات التنظيم. وسخر الجمهوريون من مقترحات أوباما بإصدار تشريع لتشديد الحصول على السلاح، وأشاروا إلى أنه حاول تشتيت الانتباه عن استراتيجيته الفاشلة وتوجيه الانتباه إلى قضية السلاح. ويعتقد الجمهوريون أن سن قوانين لتشديد الحصول على الأسلحة لن يوقف الإرهابيين مثل منفذي حادث سان برنادرينو (كاليفورنيا) أو إرهابيين آخرين. وسخروا من إصرار أوباما على الامتناع عن استخدام عبارة «الإرهاب الإسلامي» ومحاولة وصف الأمر بأنه حرب بين أميركا والإسلام ترفضه إدارته. وطالب الجمهوريون باستراتيجية أكثر قوة والضغط من أجل قوانين تساعد المحققين الفيدراليين على اختراق رسائل الإنترنت المشفرة للكشف عن أي مخططات إرهابية ضد الولايات المتحدة. وطالب عدد من أعضاء الكونغرس الجمهوريين بالإذن لعمل عسكري لمواجهة «داعش» وتشديد إجراءات فحص طالبي التأشيرات للدخول إلى الولايات المتحدة.
ووصف النقاد الخطاب بأنه بعيد عن الواقع ومخيب للآمال ومحاولة للتشبث باستراتيجية فاشلة في مواجهة استطلاعات الرأي الأميركية التي ترى أن أوباما لا يقوم بخطوات جادة في مكافحة الإرهاب والتطرف، ومع نمو المخاوف الأميركية من هجمات إرهابية بعد حادث سان برناردينو الذي نفذه رجل وزوجته مناصران لـ«داعش». وانتقد المحللون تأخر أوباما في مخاطبة الشعب الأميركي بعد أسبوع من حادث سان برنادرينو لتهدئة مخاوفهم.
وكانت استطلاع للرأي لشبكة «إيه بي سي نيوز» في أعقاب هجمات باريس وإطلاق النار في سان برنادرينو قد أشارت إلى أن 57 في المائة من الأميركيين لا يوافقون على الطريقة التي يتعامل بها الرئيس أوباما مع تهديدات «داعش» مقابل موافقة 35 في المائة على سياساته. وفي استطلاع آخر لشبكة «سي إن إن» أشار إلى أن ستة أشخاص من بين كل عشرة أميركيين لا يوافقون على طريقة تعامل الرئيس أوباما مع قضية الإرهاب والتطرف، وأن نسبة 68 في المائة من الأميركيين يقولون إن استراتيجية أوباما العسكرية في مكافحة «داعش» ليست قوية بما يكفي.
كان الرئيس أوباما قد اختار الحديث على الهواء مباشرة من المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في الساعة الثامنة مساء أول من أمس في ذروة المشاهدة للقنوات التلفزيونية، وسعى خلال الخطاب الذي استمر لمدة 14 دقيقة إلى طمأنة الأميركيين بأن إدارته تبذل كل الجهد لمنع وقوع مذبحة أخرى مثل التي حدثت في سان برنادرينو وأسفرت عن مقتل 14 شخصا.
وحث أوباما قادة الدول الإسلامية وقادة الجاليات المسلمة في الولايات المتحدة إلى معارضة التطرف في مجتمعاتهم، وشدد على أن العدو المشترك هو «داعش» الذي يقوم بتقديم تفسير مضلل للإسلام.
وقال أوباما في حديث مباشر للشعب الأميركي، بثته معظم القنوات الأميركية، إن «مكتب التحقيقات الفيدرالي يواصل تحريه من أجل فهم الأسباب الكاملة لهجوم كاليفورنيا، إلا أن المعلومات التي توصل إليها إلى الآن تفيد بأن الضحايا قتلوا بوحشية على يد زميلهم في العمل وزوجته»، نافيًا امتلاكهم لأي أدلة حول ما إذا كان منفذا الهجوم على صلة بتنظيمات أجنبية أو تنظيمات داخل الولايات المتحدة.
وذكر أوباما أن بلاده منذ 11 سبتمبر (أيلول) 2001 (تاريخ الهجمات على برجي مركز التجارة العالمية في نيويورك) في حالة حرب مع الإرهاب، وأنهم يلاحقون الشبكات الإرهابية حول العالم، وأفشلوا كثيرا من العمليات الإرهابية، لافتًا إلى أن «التنظيمات الإرهابية غيرت من أساليبها في الآونة الأخيرة، فاستطاعت تسميم عقول من نفذ هجوم ماراثون بوسطن وسان بيرنارديو عن طريق الإنترنت».
وقال أوباما: «لا توجد مسؤولية أكبر من حماية أمن الشعب الأميركي، وسنقضي على (داعش) أو أي تنظيم آخر يفكر بإلحاق الأذى بأميركا»، مؤكدا على استمرارهم في تدريب عشرات الآلاف من العراقيين والسوريين من أجل قتال التنظيم على الأرض.
وحدد أوباما أربعة عناصر في استراتيجيته، وقال: «أولا: سوف يستمر جيشنا في ملاحقة الإرهابيين في أي بلد، وذلك باستخدام الغارات الجوية لإخراج قادة (داعش) وتدمير بنية التنظيم التحتية. ثانيا: سنستمر في توفير التدريب والمعدات للقوات العراقية والسورية التي تقاتل (داعش) على أرض الواقع، وفي كلا البلدين نحن بصدد نشر قوات العمليات الخاصة. ثالثا: سنقود ائتلافا من 65 دولة لوقف علميات (داعش) وتعطيل مؤامراتهم وقطع تمويلهم ومنعهم من تجنيد مزيد من المقاتلين. رابعا: سنعمل مع المجتمع الدولية لوضع جدول زمني لتحقيق وقف إطلاق النار، والتوصل إلى حل سياسي للحرب الأهلية في سوريا بما يسمح بالتركيز على الهدف المشترك وهو تدمير (داعش)».
ولفت أوباما إلى التنسيق مع حلفاء في دول المنطقة من أجل ضمان عدم وصول المقاتلين الأجانب إلى التنظيم، وتبادلهم المعلومات الاستخباراتية مع الدول الأوروبية، وعملهم مع الدول العربية من أجل محاربة أفكار التنظيم آيديولوجيًا.
وأضاف الرئيس الأميركي أنه أعطى تعليماته من أجل مراجعة قوانين منح تأشيرات الدخول في البلاد، والتدقيق أكثر في المواطنين الذين يدخلون أميركا دون تأشيرات دخول، والتأكد من عدم ذهابهم إلى المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة. وشدد الرئيس الأميركي على أن السبيل لهزيمة تنظيم داعش لن تكون بإرسال الآلاف الجنود الأميركيين إلى الشرق الأوسط، وحث على أن يقوم الكونغرس بسن تشريع لتشديد الرقابة على مبيعات السلاح، وأوضح أن إدارته ستقوم بتشديد الإجراءات على تأشيرة قدوم الأجانب إلى الولايات المتحدة. ودعا إلى عدم اعتبار مكافحة الإرهاب أنها حرب بين أميركا والإسلام، مبينًا أن هذا ما يسعى إليه تنظيم داعش.
وقال في هذا الخصوص إن «(داعش) يحاول أن يتكلم باسم المسلمين، ولكن ملايين من المواطنين المسلمين في أميركا خرجوا ليقولوا لا لهؤلاء المجرمين ولعقيدتهم المليئة بالكراهية، فعدد المسلمين أكثر من مليار شخص حول العالم و(داعش) لا يمثل إلا جزءا صغيرا منهم، وأغلب الضحايا الذين يسقطون بسبب إرهاب التنظيم هم من المسلمين، فإذا أردنا النجاح في هزيمة الإرهاب فيجب علينا أن نعتبر المسلمين أقوى حلفائنا».
وناشد أوباما المواطنين أن لا ينظروا إلى المسلمين الأميركيين بعين الشبهة، مشيرًا إلى أن منهم من يخدم في الجيش الأميركي ومستعدون للتضحية من أجل بلادهم. وقد لقي 14 شخصًا مصرعهم، بينما جُرح 18 آخرون، في هجوم مسلح وقع الأربعاء الماضي، مستهدفًا مبنى يقدم الرعاية لذوي الاحتياجات الخاصة في مدينة سان بيرناردينو بكاليفورنيا، بحسب بيان صادر عن مكتب قائد شرطة المدينة.
وكان مرشحو الحزب الجمهوري لخوض سباق الرئاسة الأسرع في إدانة الخطاب وانتقاد استراتيجية أوباما ووصفها بالفاشلة والبعيدة عن الواقع وسط توقعات أن تهيمن استراتيجية إدارة أوباما لمكافحة «داعش» على نقاشات الجمهوريين في الفترة التي تسبق الانتخابات التمهيدية في ولاية إيوا.
وهاجم السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، أحد المرشحين عن الحزب الجمهوري، خطاب أوباما بشدة، مطالبا الرئيس الأميركي بالعمل لتشكيل جيش إقليمي لتدمير تنظيم داعش وتدمير الخلافة في الرقة بسوريا، وحذر غراهام من قيام قادة داعش بالتخطيط لهجوم إرهابي على الولايات المتحدة على غرار هجمات 11 سبتمبر.
واتهم جيب بوش، أحد المرشحين الجمهوريين لخوض سباق الرئاسة، سياسات أوباما بأنها تجعل محاربة «داعش» أكثر صعوبة، مشيرا إلى أن الرئيس أوباما يعتقد أنه يمكن مكافحة «داعش» باستخدام قوانين مكافحة الجريمة. وقال بوش: «هذه حرب، ويتعين على الولايات المتحدة أن تتصرف وفقا لذلك، وكل سياسات أوباما تعمل لفرض قيود على الاستخبارات لكيلا تنجح في تدمير (داعش)، وعلينا أن نعلن الحرب على (داعش)». وشدد بوش على أنه يجب على الولايات المتحدة فرض منطقة حظر طيران في سوريا وأن يعمل أوباما على تهدئة مخاوف الأميركيين بالعمل بشكل حقيقي وجاد على تدمير «داعش»، وقال: «نحن بحاجة إلى الانخراط دبلوماسيا وسياسيا في جميع المجالات وبحاجة إلى استراتيجية كاملة لإبادة (داعش) الذي يقوم بتجنيد الإرهابيين من جميع أنحاء العالم، لأن (داعش) يرى حريتنا نوعا من الضعف». واتهم بوش أوباما بافتقاده صفة القيادة، وقال: «إنه لا يريد أن يقود، ولا يقوم بحماية الوطن بالدرجة الواجبة».
أوباما يعلن تشديد تأشيرات دخول الأجانب ويطالب بتقييد مبيعات الأسلحة داخليا
الجمهوريون ينتقدون خطاب الرئيس الأميركي ويتهمونه بالتشبث باستراتيجية فاشلة لمكافحة «داعش»
أوباما يعلن تشديد تأشيرات دخول الأجانب ويطالب بتقييد مبيعات الأسلحة داخليا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة