البخيتي لـ {الشرق الأوسط}: لا سلام في اليمن دون نزع أسلحة المتمردين

المتحدث السابق للحوثيين قال إن الجماعة لديها خطوط مفتوحة مع حزب الله وإيران للمشاورات السياسية

علي البخيتي المتحدث السابق باسم الحوثيين
علي البخيتي المتحدث السابق باسم الحوثيين
TT

البخيتي لـ {الشرق الأوسط}: لا سلام في اليمن دون نزع أسلحة المتمردين

علي البخيتي المتحدث السابق باسم الحوثيين
علي البخيتي المتحدث السابق باسم الحوثيين

«نعم كنت مع الحوثيين، وانشققت عنهم، وصرت على خلاف مع الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، ولم أتوافق أبدا مع السلطة الشرعية في اليمن، لكني على علاقة قوية مع الجميع، وأستطيع العمل على إنجاح أي مبادرة تصلح الشأن اليمني، والسعودية على حق عندما قادت التحرك العسكري لتحرير اليمن». بهذه الكلمات لخص علي البخيتي وضعه في اليمن ورؤيته لما يدور سياسيا وعسكريا.
وبدا واضحا أن البخيتي، عضو مؤتمر الحوار الوطني في اليمن الذي يزور الرياض هذه الأيام، يقدم نفسه كنجم سياسي قابل للاستثمار في مستقبل الأيام، فهو يقول: «علاقتي جيدة مع مختلف الأطراف، المؤتمر الشعبي والرئيس السابق والحوثيين والإخوان المسلمين الممثلين بحزب الإصلاح، وبقية الأطراف المشاركة في المشهد اليمني»، في إشارة منه إلى أن علاقته الجيدة تشمل الرياض أيضا وهنا نص الحوار:
* بداية.. لماذا أنت موجود في الرياض؟
- الرياض هي مفتاح السلام ومفتاح الحرب ليس في اليمن فقط بل في المنطقة برمتها، ومن هنا تأتي زيارتي للرياض، فدورها مركزي في صناعة السلام في اليمن، وأعتقد جازمًا أن الجميع باتوا بحاجة إلى سلام، سواء الأطراف اليمنية أو دول التحالف التي يتم استنزافها في اليمن، وبحكم قربي من مختلف الأطراف اليمنية ومعايشتي وعن قرب للملف السياسي وملف المفاوضات، يمكنني أن أضيء على بعض النقاط التي تُسهل الوصول إلى تسوية، والمبادرة التي أحملها تأتي في هذا الإطار.
هناك مرجعيات تحظى بشبه إجماع عليها، مثل قرار مجلس الأمن ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني اليمني واتفاق السلم والشراكة، وكل الأطراف وعلى المستوى النظري تسعى للتسوية، لكن بالمقابل هناك انعدام في الثقة، واختلاف حول الآليات وماهية الضمانات، ومن هنا فإن الملف اليمني لا يحتاج إلى حوارات جديدة، يحتاج فقط إلى ترميم الثقة والاتفاق على آليات واضحة لتنفيذ ما تم التوافق عليه والاتفاق على الضمانات.
* لكنك أحد رجال الرئيس السابق صالح، ومتحدث الحوثيين السابق.. ما دورك في الوقت الحالي؟
- علاقتي جيدة مع مختلف الأطراف، المؤتمر الشعبي، والرئيس السابق، والحوثيين، والإخوان المسلمين (حزب الإصلاح)، وبقية الأطراف، وكنت عضوًا في المجلس السياسي لأنصار الله (الحوثيين) وممثلا وناطقا باسمهم في مؤتمر الحوار، واختلفت معهم من لحظة دخولهم صنعاء في 21 سبتمبر 2014م، وهاجمتهم بشكل علني، وتصاعد خلافي معهم إلى أن قدمت استقالتي واعتبرت ما قاموا به انقلابا واضحا على الشرعية التوافقية وعلى كل التوافقات السياسية.
* ذكرت أن لك علاقات جيدة مع الحوثيين رغم انشقاقك واختلافك معهم.. كيف ذلك؟
- هناك في الحركة عدة أجنحة، خلافي الأكبر مع تصرفات جناحهم الأمني والعسكري والعقائدي، الذين يسعون إلى تعمم رؤيتهم الدينية المذهبية وبمختلف الأشكال في المحافظات التي يسيطرون عليها، وهاجمت ضعف جناحهم السياسي وعدم قدرته على السيطرة على تلك الأجنحة، إلا أن علاقتي بالكثير من قادة ذلك الجناح جيدة جدًا، وبالأخص بعض أعضاء المجلس السياسي، الذين يشكلون همزة وصل بيني وبين الجماعة، وبيني وبين قائدها عبد الملك الحوثي، الذي يعبر دائمًا عن تقديره واحترامه لي مع كل النقد الذي أوجهه للحركة، إضافة إلى أني وأن كنت مختلفا معهم إلا أني لا أدعو إلى إقصائهم من المشاركة في العملية السياسية أو قمعهم بعد إسقاط كل مفاعيل انقلابهم، وأرفض التحريض المذهبي أو وصفهم بالمجوس والرافضة، فأنا أعتبرهم مكونا يمنيا أصيلا، ولهم حرية الاعتقاد، والمهم ألا يفرضوا عقائدهم الخاصة على بقية مكونات الشعب، وأدعو إلى أن يكونوا شركاء في أي سلطة قادمة، وهذا يتطابق مع ما طرحه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير مؤخرًا، حيث قال في أحد تصاريحه: «الحوثيون جزء من الشعب اليمني وسيكون لهم دور في مستقبل اليمن».
* هناك اتهام بأنك تنقل مبادرة علي عبد الله صالح لإنقاذه.. ما ردك؟
- لست مبتعثًا من أحد، وإن كان فيما أطرحه من نقاط معالجة لوضع الرئيس السابق صالح فهو صادر مني كمعالجة للمشكلة وليس كرسول منه، وقد أطلق هو وعلى لسانه بعض المبادرات حول وضعه بعد إيقاف الحرب يمكن أن يم البناء عليها.
* كيف هي علاقة إيران بالحوثيين؟ كونك كنت متحدثا باسمهم؟
- علاقة إيران بالحوثيين وحتى بحزب الله جيدة، لكنها ليست علاقة تبعية عقائدية أو سياسية، إنما توافق مصالح وتشابه في الشعارات، حيث يعتبرون أنفسهم جزءا مما يُسمى «محور المقاومة»، لكن هذا في حد ذاته يثير مخاوف بعض دول العالم والإقليم وعلى رأسها السعودية، وللعلم فإن إيران كانت ضد سيطرتهم على السلطة، ورفضت إلى الآن الاعتراف بانقلابهم، ولا صحة لما ذكره الناطق باسم الحركة محمد عبد السلام من أنهم وقعوا كسلطة جديدة في اليمن اتفاقات مع السلطات الإيرانية، وقد أكد لي مسؤولون إيرانيون ذلك.
* أي إن لديك خلافا معهم إلى الآن؟
- نعم، وأسباب خلافي معهم واضحة ومعلنة في استقالتي التي نُشرت في حينه، كانت هناك رؤية قدموها في مؤتمر الحوار تجاه مختلف القضايا المطروحة، وكنت من ضمن من صاغوا رؤيتهم، لكنهم ومنذ لحظة دخولهم صنعاء ضربوا عرض الحائط بتلك الرؤية التي كنت أعتبرها عقدا اجتماعيا بيني وبين الحركة، وطبقوا رؤيتهم الدينية المذهبية في التعامل مع الأحداث، وسعوا إلى إحداث انقلاب في نظام الحكم في اليمن، وإرجاع عقارب الساعة إلى الوراء عبر تبني نظام مشابه لنظام ولاية الفقيه في اليمن، لكن بغطاء جمهوري ديمقراطي، ودون أن يكون عبد الملك الحوثي مرشدا أعلى للجمهورية بشكل علني، - على نمط النظام الإيراني - لكنهم عمدوا على إيجاد مؤسسات صورية تُدير البلد من صنعاء، بينما يتم اتخاذ القرار من صعدة وفق آلية منغلقة وغير واضحة، وأنتجوا لنا في المحصلة نظام إمامة، لكن بطريقة مستترة هذه المرة، أرى أنها أخطر بمراحل من الإمامة الظاهرة.
* هل لك أن تشرح أسباب الخلاف بوضوح أكثر؟
- نعم.. ثالثة الأثافي كانت ضمن أسباب خلافي مع الحوثيين وأقصد بذلك سوء إدارتهم لملف علاقاتنا مع السعودية، وعدم تقديرهم لمكانة السعودية ودورها، ولوضع اليمن وحساسية بل وخطورة أن تكون أي سلطة فيه مرتبطة بأطراف إقليمية أو دولية على عداء مع السعودية، وقد حذرتهم من ذلك قبل أكثر من سنة، وكتبت في حينه مقالا بعنوان: «عن العلاقات اليمنية السعودية وبالأخص مع أنصار الله (الحوثيين)»، ليكون شاهدًا على تحذيري لهم، وقلت إن عليهم تطمين السعودية وألا يظهروا وكأنهم خنجر في خاصرتها يمكن أن يتم استخدامه في أي لحظة، بل وتوقعت الحرب والتدخل السعودي قبل إعلانه بأسابيع، ولدي تصريح موثق في صحف كويتية في 11 مارس 2015م قلت فيه إن رفض الحوثيين للحوار في الرياض بموجب دعوة الملك سلمان يعد إعلان حرب.
* يقال إنك تحمل مبادرة لتسوية سياسية؟ هل ذلك صحيح؟ ومن كتب هذه التسوية؟ ومن قررها؟
- يمكن أن أقول إني أحمل مشروع مبادرة، خطوطا عريضة ترسم خريطة طريق لكيفية تطبيق ما تم الاتفاق عليه، وعلى رأس ذلك قرار مجلس الأمن رقم 2216، ومن أين نبدأ، فالملف اليمني معقد ومتداخل، وهناك أطراف كُثر يخوضون المعارك على الأرض، وأي تسوية تحتاج إلى أفكار خلاقة وغير تقليدية لتتمكن من وضع قطار التسوية السياسية على الطريق الصحيح، فبقاء الملف اليمني مفتوحًا هكذا فيه خطورة على بلدنا وعلى أشقائنا الخليجيين، وبالأخص أن هناك أطرافا إقليمية ودولية تتربص بهم وتسعى لإسقاط أنظمتهم، وقد تستغل الأوضاع المشتعلة في اليمن لتمرير تلك المخططات.
* ما نص المبادرة التي طرحتها؟ وهل تتوافق مع جنيف 2؟
- لا أستطيع التحدث عن النص حتى أطرحه على المعنيين، وبعدها وفي ضوء ما ستنتج عنه اللقاءات سيتحدد مصير المبادرة ووقت الحديث عنها، لكن أستطيع أن أقول إنها لا تتعارض مع قرار مجلس الأمن أو مع ما تم التوافق حوله فيما يتعلق بمفاوضات جنيف 2، وتعالج وبشكل واضح وصريح ومحدد مخاوف مختلف الأطراف المحلية والإقليمية وعلى رأسها السعودية.
* هل قدمت مسقط تسهيلات للرئيس السابق صالح والحوثيين؟ أم قدمت لهم المكان فقط؟
- مسقط تلعب دورا إيجابيا، وأعتقد أنه بضوء أخضر من السعودية، والدليل على ذلك حضور مفاوضين سعوديين ولقاؤهم بالحوثيين في مسقط، بحسب ما قاله ولد الشيخ في رسالته التي تم تسريبها، ولم تنف السعودية ذلك، ولا أتوقع أن مسقط تقدم لهم تسهيلات تتعارض مع الموقف الخليجي.
* هل طرحت مسقط مبادرة؟ وهل سيستجيب الحوثيون للأمم المتحدة بالموافقة على القرار الأممي 2216؟
- لا يمكننا تسميتها مبادرة مسقط، وإن كان الإعلان عنها تم من هناك، هي نقاط تم التوافق عليها بين المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ والاتحاد الأوروبي والأميركيين وبين الحوثيين والمؤتمر الشعبي العام، وقد حققت اختراقا كبيرا في موقف الحوثيين المتعنت من قرار مجلس الأمن، وأعلن الحوثيون صراحة في تلك النقاط موافقتهم على قرار مجلس الأمن، وإن كانوا أبدوا تحفظًا حول الفقرة التي تنص على عقوبات على الرئيس السابق صالح وزعيمهم عبد الملك الحوثي.
* من الأشخاص الذين ذهبوا إلى روسيا؟
- الذين ذهبوا إلى روسيا هم أعضاء في اللجنة الثورية الانقلابية الحوثية، وهم الواجهة السياسية لسلطة الحوثيين، مع أنه لا دور حقيقيا لهم، فهم واجهة لنظام الإمامة المستترة المتلبسة بعباءة الثورة والجمهورية التي يقودها عبد الملك الحوثي من صعدة.
* وماذا كانوا يحملون معهم؟ وهل تمت الموافقة على طلباتهم؟
- لا أعتقد أنهم حملوا معهم شيئا مهما، فليس بيدهم قرار، والروس على علم بذلك تمامًا، ولم يتم استقبالهم في روسيا ولا حتى في إيران باعتبارهم سلطة شرعية، فلم تعترف روسيا وإيران حتى هذه اللحظة بشرعية سلطتهم الانقلابية في اليمن، لذلك لم تتم الاستجابة إلى أي مطالب تقدموا بها.
* هل تتعاملون مع السفارة اليمنية في طهران رغم أن الحكومة اليمنية أعلنت قطع العلاقات مع إيران؟
- باعتقادي أن قرار قطع العلاقات كان قرارا خاطئا، وهناك تباين حتى داخل الحكومة اليمنية، فبحاح رافض لقطع العلاقات فيما هادي هو من اتخذه، وأعتقد أنه قرار يندرج في إطار المزايدات السياسية، وظهر فيه هادي كملكي أكثر من الملك، فدول الخليج نفسها على علاقات جيدة مع إيران والتبادل التجاري بينهم، وبالأخص مع الإمارات، يبلغ عدة مليارات من الدولارات.
السفارة اليمنية في طهران لا تزال تعمل، وعملها مرتبط بشؤون الطلاب اليمنيين والشؤون القنصلية، ولا دور سياسيا لها، فالسياسة معطلة في اليمن منذ انقلاب الحوثيين على السلطة، وبالتالي هناك ضرورة لبقاء السفارة لتسيير ومتابعة شؤون الجالية اليمنية هناك.
* هل هناك إمكانية لتسوية سياسية في اليمن؟ وما مرتكزاتها؟
- نعم، إذا أخلصت الأطراف السياسية اليمنية النية، مع الاعتماد على مرتكزات تسوية سياسية تعتمد الشروع فورًا - بعد الاتفاق على الآليات والبرنامج الزمني والضمانات - في تطبيق قرار مجلس الأمن ومخرجات الحوار الوطني اليمني واتفاق السلم والشراكة، بما يؤدي إلى إنهاء كل مفاعيل الانقلاب الحوثي، ويعيد الحياة إلى العملية السياسية، ويؤسس لشراكة في السلطة بين الجميع بمن فيهم المؤتمر الشعبي والحوثيون.
ومن ضمن المرتكزات لأي سلام في اليمن تطمين السعودية ودول الخليج بأن الأراضي اليمنية لن تستخدم في يوم من الأيام في أي صراع إقليمي أو دولي ضدهم، وهذا يقتضي سحب السلاح من كل المجموعات المسلحة، بمن فيهم الحوثيون، فمن غير المقبول بالنسبة للسعودية على وجه التحديد - وهذا حقها من وجهة نظري - أن تكون هناك محافظات يمنية حدودية تسيطر عليها مجموعة مسلحة وتملك سلاحا يشكل خطرًا عليها، وبصريح العبارة: على الحوثيين أن يعرفوا أنه لا سلام ولا استقرار في اليمن مع تملكهم لترسانة أسلحة على حدود السعودية، فلم يعد ذلك مقبولاً، وبالأخص بعد انقلابهم على السلطة وتوجيههم السلاح إلى صدور اليمنيين في كل مكان، حتى من لم يكونوا خصومًا لهم، في الشمال والجنوب، والشرق والغرب، وتعدى استخدامه مسألة الدفاع عن النفس التي طالما روجوا أنهم يحتفظون بالسلاح تحت ذلك العنوان، فمن الصعب إقناع أي عاقل أن الحوثيين يدافعون عن أنفسهم في عدن وحضرموت والحديدة وأبين والضالع ولحج وغيرها من المحافظات والمناطق التي لم يكن لهم وجود فيها أصلاً.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.