نظم مركز التقدم الكردي (كردش بروغريس سنتر) ندوة حول دور كردستان في الحرب ضد داعش، في مبنى مجلس العموم البريطاني في العاصمة لندن، وشارك في المناظرة كاروان جمال طاهر ممثل حكومة إقليم كردستان في بريطانيا، ومايكل ستيفنس نائب رئيس مؤسسة الفكر الروسي، وبيل بارك المحاضر في الجامعة الملكية البريطانية.
وفي بداية المناظرة، أشار غاري كينت رئيس مجموعة أصدقاء كردستان في مجلس العموم البريطاني، الذي أدارَ الندوة، إلى الزيارة الأخيرة لمجموعته إلى إقليم كردستان، قائلا إن «تحرير سنجار من قبل قوات البيشمركة، كان نصرا كبيرا، وكانت ضربة قوية ضد داعش»، مبينا أن قوات البيشمركة بحاجة إلى المساعدات العسكرية خاصة الأسلحة الثقيلة والأعتدة، لكي تتمكن من الاستمرار في الحرب ضد «داعش». وأكد كينت أن الحدود المرسومة في تلك المنطقة، لا تتلاءم مع أوضاعها الحالية، ومن الممكن إجراء تغييرات في تلك الحدود وتقسيم المنطقة. وحول قضية استقلال كردستان، أضاف أن هناك أصواتا متزايدة تطالب باستقلال إقليم كردستان. لكنه استدرك أنه لا يعتقد أن هذا الأمر ممكن، وأنه يحتاج إلى نقاش أكثر. وأوضح أن ما يهم المؤيدين البرلمانيين الآن أكثر، هو زيادة الدعم العسكري والسياسي ضد المسلحين المتطرفين.
بدوره أشار كاروان جمال طاهر، ممثل حكومة إقليم كردستان في بريطانيا، في كلمته إلى أن الانتصار في سنجار كان انتصارا عظيما، ووجه ضربة قوية للإرهابيين، وتابع: «مشاركة بريطانيا في حرب سوريا ستكون خطوة موفقة، كما كانت موفقة من قبل في خطواتها في العراق وكردستان، فاستهداف داعش في سوريا، خطوة مهمة جدا في الحرب ضد التنظيم، لأن سوريا تعتبر المقر الرئيسي لداعش ومصدرا لقوة وتطور هذا التنظيم الإرهابي».
ودعا طاهر بريطانيا ودول التحالف الدولي، إلى تقديم مساعدات أكثر لقوات البيشمركة، وإيصال الأسلحة الثقيلة والأعتدة إليها لكي تهزم إرهابيي داعش بشكل نهائي. وفي الوقت ذاته تحدث عن أوضاع اللاجئين والنازحين في الإقليم، وطالب المجتمع الدولي بتقديم مساعدات إنسانية أكبر للإقليم، لكي تستطيع حكومة الإقليم الاستمرار في إيواء هذا العدد الهائل من النازحين واللاجئين.
وأضاف ممثل حكومة إقليم كردستان أن التغييرات الأخيرة التي حدثت، من انتصارات البيشمركة في سنجار، وانتقال الإرهاب إلى قلب أوروبا وإسقاط الطائرة الروسية من قبل تركيا، غيرت المعادلات السياسية من معادلات محلية وإقليمية إلى عالمية، وكذلك إلى تغييرات في اللعبة، مبينا أنه في حين نرى انتصارا كبيرا في هزيمة داعش، نرى في الوقت ذاته أن مصالح الدول العظمى الإقليمية والعالمية تقترب من الاصطدام، وهذا الأمر لا يصب إلا في مصلحة الإرهابيين فقط.
وعن أهمية هذه الندوة، قال طاهر، لـ«الشرق الأوسط» إن هذه المناظرة نُظمت من قبل مركز التنمية الكردي، وهي جزء من المساعي المهمة لإيصال نظرة الأكراد وإقليم كردستان إلى المجتمع الدولي والمجتمع البريطاني، خاصة عن دور الأكراد والإقليم في مواجهة المخاطر الإرهابية لداعش في المنطقة والعالم، بالإضافة إلى أن هذه الاجتماعات تصبح منبرا لإنشاء نظرة مشتركة في مجال محاربة الإرهابيين، التي يجب أن تصبح الهدف الرئيسي لنا جميعا. وفي الوقت ذاته، تأتي أهمية هذه الاجتماعات في محاولة إنشاء تأثير على صاحب القرار في بريطانيا.
من جانبه شدد مايكل ستيفن، نائب رئيس مؤسسة الفكر الروسي، خلال حديثه في المناظرة على أن وحدة الموقف الدولي في مواجهة داعش تعتبر العامل الرئيسي للقضاء على هذا التنظيم. وأكد أن المشكلة تكمن في أن المجتمع الدولي لا يمتلك حتى الآن هدفا واحدا في المشاركة بالحرب في سوريا، فلكل طرف هدفه الخاص. ويظهر أن بعض الأطراف لا تريد القضاء على داعش بشكل نهائي. المشاركة في الحرب بسوريا والقضاء على داعش لن تكون من دون مقابل، ويجب أن تكون جميع الأطراف على استعداد لدفع الضريبة. حاليا قوات البيشمركة هي القوة الوحيدة على الأرض التي استطاعت أن تسيطر على الوضع، لذا يجب أن تقدم لها المساعدة.
ويرى ستيفنز أن قصف الرقة لن يؤدي إلى حل عاجل لمشكلة داعش، وما هو إلا جزء من الحل. والأماكن التي استهدفها داعش – من بينها شبه جزيرة سيناء، وتركيا، وبيروت، وباريس – لا تقع تحت سيطرة التنظيم، لكنه تمكن من استغلال السخط الاجتماعي لتعزيز غايته. ورأى ستيفنز أنه لهذا السبب فإن الاستراتيجية العسكرية هي جزء واحد فقط من المشكلة.
ولا تتعلق المشكلة في الافتقار إلى الطائرات، وليست هناك حاجة لائتلاف من الطائرات. إنما المشكلة تتمثل في أننا من خلال تشكيل التحالف نجمع العديد من البلدان معا في قواعد مختلفة من الاشتباكات. وتتعرض الولايات المتحدة لضغط من أجل تخفيف قواعد الاشتباك، وهذا يثير جدلا أخلاقيا حول الثمن الذي يستعد الائتلاف لدفعه.
هذا قد يدفع السوريين الأبرياء للانضمام إلى داعش، وهناك أدلة على تزايد عمليات التجنيد لدى التنظيم. وذكر ستيفنز أن اقتصاد الحرب والفقر الناجم عنها يدفع السوريين إلى خيارين؛ إما الهروب من سوريا، أو الانضمام إلى «داعش» الذي يقدم راتبا لهم.
وحث ستيفنز على أخذ الحيطة من الاندفاع وراء الغارات الجوية التي هي جزء من الحل، وليست حلا كاملا. وكانت القوات الأكثر فعالية على الأرض هي القوات الكردية التي استطاعت استرجاع أراضي كردستان، وتأمين أماكن إضافية تسمح بوجود قوات برية أخرى.
وقال ستيفنز إنه لم يكن هناك معلومات حول ما يجري داخل الأراضي التي بسيطر عليها داعش، إذ لا توجد شبكة إنترنت مركزية. وهذا يعني أنه من الصعب تقييم طرق دعم التنظيم. ولا توجد معلومات أيضا حول سبب مواصلة الناس في الانضمام لداعش، ولن يسلط القصف من الجو أي ضوء أفضل بشأن هذه القضية.
وفي النهاية، أثار ستيفنز المعضلة مع روسيا، التي استهدفت 4% فقط من أهداف داعش. وأشار إلى أن استراتيجية روسيا ترمي إلى دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، والتأكيد على أن أي طريق للتفاوض يجب أن يمر أولا عبر موسكو.
وفي السياق ذاته، لمح بيل بارك المحاضر في الجامعة الملكية البريطانية، في كلمته أثناء الندوة، إلى ضرورة تقديم الدعم اللازم لقوات البيشمركة في الحرب ضد داعش، وأوضح قائلا: صحيح أن قوات البيشمركة أحرزت الانتصارات على تنظيم داعش، وتمكنت من تحرير أراضيها من التنظيم، لكن يجب أن لا ننسى أن تهديدات داعش موجودة دائما، ويجب أن نقدم المساعدات لقوات البيشمركة لكي تتمكن من إنجاز مهمتها. مضيفا أن مساعدات التحالف الدولي للكرد محدودة ومؤقتة. صحيح أن أميركا تقول إن البيشمركة حلفاؤنا في الحرب ضد داعش، لكنها في الوقت ذاته مستمرة في إعطاء الأسلحة للبيشمركة عن طريق بغداد، في حين أن بغداد غير مستعدة لأن تعطي السلاح لكردستان. هذا خطأ كبير تقترفه أميركا.
وأشار بارك إلى كلمة وليام هيغ، وزير خارجية بريطانيا السابق حول إعادة رسم حدود المنطقة، قائلا: «بعد كل حرب يجلس الدبلوماسيون مع بعضهم بعضا من أجل إعادة رسم الحدود، مثلما حدث بعد الحرب العالمية الاولى. ويجب أن نعلم أيضا أن الأكراد برهنوا بأنهم يستطيعون أن يديروا شؤونهم بأفضل طريقة بأنفسهم. لذا فمن الممكن أن ينجز هذا بعد الحرب ضد داعش، وذلك من أجل الحد من إعادة هذه المشاكل».
ومع ذلك، ووفقا لبارك، فإنه ربما يكون التعاطف والدعم للأكراد محدودا رغم أن الأكراد هم القوة الرائدة ضد داعش. ولم تغيّر الولايات المتحدة وجهة نظرها بشأن استقلال حكومة إقليم كردستان، ولا تؤيده في بيع النفط بشكل مستقل. الأمر الذي يقيد حكومة إقليم كردستان، في ظل وجوب مرور الأسلحة عبر بغداد، وكل هذا مرتبطا بأولوية الولايات المتحدة في الحفاظ على وحدة أراضي العراق. وذكر بارك أنه يفضل رؤية الولايات المتحدة ملتزمة بتحرير حكومة إقليم كردستان لمحافظة الموصل، وبوعد السياسة المستقلة بشأن النفط والأراضي.
وفي النهاية، صرح بارك أنه سيؤيد استقلال الأكراد، لكن من المؤسف أن المجتمع الدولي لا يرسم الخرائط بهذه السهولة، ويحرص على دعم الحدود القائمة.
يذكر أن العديد من الصحافيين والسياسيين البريطانيين وجمعا غفيرا من الجالية الكردية في بريطانيا شاركوا في الندوة، وطرح الحاضرون عدة أسئلة على المشاركين فيها، وهم بدورهم أجابوا عن معظم الأسئلة.
ندوة حول «دور كردستان في القتال ضد تنظيم داعش»
أقيمت في مبنى مجلس العموم البريطاني في لندن
ندوة حول «دور كردستان في القتال ضد تنظيم داعش»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة