رغم تعدد زياراته إلى إيران، فإن رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي حرص هذه المرة على أن يصنف زيارته على أنها تندرج في إطار رحلة علاجية من مرضي السكري والضغط. كما حرص أيضا على أن يقدم لطهران هدية متواضعة، حين هاجم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على خلفية إسقاط المقاتلات التركية طائرة مقاتلة روسية قيل إنها انتهكت الأجواء التركية.
بين الرغبة في العلاج من المرضين اللذين يعاني منهما أكثر من نصف العراقيين نتيجة لفشل المنظومة الصحية في العراق، وعدم إنشاء مستشفى تخصصي واحد لمعالجتهما على عهد الحكومات السابقة بعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003. ومنها حكومتان برئاسة المالكي، وإنفاق نحو ألف مليار دولار أميركي، وبين التحامل السياسي بمهاجمة إردوغان خصم الإيرانيين والروس العنيد في طبيعة الحرب ضد «داعش»، والموقف من الرئيس السوري بشار الأسد، فإن المالكي وطبقا لما أفاد به لـ«الشرق الأوسط» سياسي عراقي مقرب من إحدى كتل التحالف الوطني قد خلف في بغداد مشاكل وأزمات لا حصر لها سواء داخل حزبه «الدعوة» أو ائتلافه «دولة القانون» أو تحالفه «التحالف الوطني»، والأهم من بين هذه المسائل علاقته مع رئيس الوزراء حيدر العبادي. وقال السياسي العراقي إن «العبادي، ورغم أنه لم ينجح طبقا لرؤية العراقيين في تحقيق نتائج مهمة على صعيد الإصلاحات التي تعهد بتحقيقها، لكنه فلح على صعيد المناورة لجهة الموقف من علاقته بالمالكي، لا سيما بعد أن ألغى العبادي منصبه نائبا لرئيس الجمهورية، حيث كان ذلك بمثابة تحرش حرص العبادي على الإقدام عليه لمعرفة حجم المالكي وقوته». وحسب السياسي العراقي فإن المالكي «حاول امتصاص صدمة إلغاء المنصب بطريقة بدا فيها غير حريص على التشبث به من جهة، والإصرار من جهة أخرى على كون عملية الإلغاء غير دستورية، رغم أنه لم يقدم طعنا للمحكمة الاتحادية، منتظرا ما يقدم عليه كل من أسامة النجيفي وإياد علاوي كنائبين لرئيس الجمهورية». وأضاف السياسي العراقي أنه «بخلاف موقف النجيفي وعلاوي الذي لم يكن يتعدى التوجه إلى المحكمة الاتحادية للطعن، وهو ما فعله النجيفي أخيرا أو القبول بواقع الحال، فإن المالكي وعلى إثر إلغاء منصبه بدأ يتحرك باتجاهات مختلفة لمحاصرة العبادي، فقام على إثر ذلك بزيارة إلى إيران عاد منها نصف منتصر ونصف مهزوم، في الوقت نفسه، بعد أن أعلن الإيرانيون أنهم لن ينسوا خدماته لهم، لكنهم لم يطعنوا بالعبادي، ولم يشجعوا الأطراف التي حاولت استبداله في مرحلة لاحقة، فضلا عن أن المرجعية الإيرانية الممثلة بعلي خامنئي حرصت على عدم الاصطدام بمرجعية السيستاني في النجف، فلجأت إلى حل وسط يتمثل في احترام رغبة الأخير بدعم العبادي، من منطلق أن الأخير يقوم بإصلاحات بعد تفشي الفساد في كل مرافق الدولة». لكن في مقابل ذلك، والكلام للسياسي العراقي، فإن «الإيرانيين اشترطوا عدم ملاحقة المالكي قضائيا لأنه سيكون بمثابة محاكمة لأول نموذج شيعي في الحكم في العراق». على إثر ذلك، فإن أطرافا في حزب الدعوة لا سيما من قبل مجلس الشورى فيه، وبترتيب من القيادي خضير الخزاعي نائب رئيس الجمهورية السابق، قامت بمحاولة لتقليص الفجوة بين العبادي والمالكي وصولا لإنهاء خلافاتهما. وفي هذا السياق، قال السياسي العراقي إن «الخزاعي وبعد أن أدرك أن التوصل إلى حل للأزمة بين العبادي والمالكي أمر لا يزال صعبا، فإنه نصح المالكي بعدم عقد مؤتمر عام لحزب الدعوة كان يخطط المالكي لتنظيمه لجهة تجديد الثقة به، بيد أن رأي الخزاعي هو أن عقده سوف يؤدي إلى مضاعفة الانشقاق داخل الحزب، ولم يعد إلى صالح المالكي، بعد أن وجد الخزاعي أن الكثير من قيادات الدعوة البارزة التي التقاها باتت تميل إما إلى العبادي بشكل مباشر أو عدم منح المالكي دورا في المستقبل». وبشأن ما إذا كانت زيارة المالكي الحالية إلى إيران علاجية أم سياسية، قال السياسي العراقي إن «المالكي يعاني فعلا من السكري والضغط، كما أنه محبط كثيرا مما جرى، لكنه في كل الأحوال سوف يجس نبض الإيرانيين خلال الزيارة من جهة كيفية التعامل معه، فإنه سوف يستثمر ذلك لجهة جولة جديدة من الصراع سواء مع العبادي أو مع جهتين كلتيهما أخطر من العبادي، وهما قيادات الحشد الشعبي والمرجعية الدينية في النجف». كما أن المالكي الذي سعى بعد الإطاحة به إلى تزعم الحشد الشعبي، من منطلق أنه هو من قام بتأسيسه قبل فتوى السيستاني، وحاول الاعتماد على الإيرانيين في ذلك، فإن كلا من أبي مهدي المهندس وهادي العامري اللذين ينسقان كل شيء مع الجنرال قاسم سليماني، تجاوزا المالكي كثيرا وباتا يطرحان نفسيهما بوصفهما القوة التي يمكن أن تكون هي البديل، إلى حد أن عيني العامري باتتا على رئاسة الوزراء في حال تم استبدال العبادي، وهو ما يعني أنه في ظل الصراع المحتدم داخل جناحين في الدعوة وفي دولة القانون، أحدهما يؤيد العبادي وآخر يؤيد المالكي، فإن بيضة القبان في ذلك هي منظمة بدر وزعيمها هادي العامري الذي بات ينسق مع العبادي لجهة تقوية الحشد الشعبي لا سيما على صعيد الموازنة والتسليح، بينما المالكي لم يعد له شيء داخل الحشد سوى عدد قليل من المقاتلين المرتبطين ببعض الجهات المقربة منه بحيث لا يزيد عددهم عن 1500 مقاتل.
المالكي ينشد «علاجا سياسيا» في طهران إثر فشل حل خلافاته مع العبادي
المرجعية تصعد موقفها من صدامهما بعد زيارة «الأربعينية»
المالكي ينشد «علاجا سياسيا» في طهران إثر فشل حل خلافاته مع العبادي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة