لأول مرة بالنسبة لمواقع التواصل الاجتماعي، مثل «فيسبوك» و«تويتر»، كانت هجمات باريس مناسبة لإظهار قدرة التكنولوجيا الجديدة لتكون، حقيقة، وسيلة تواصل في وقت الشدة. يوم الهجمات، سارع موقع «فيسبوك»، وأسس صفحة ليتواصل الذين كانوا في أماكن الهجمات (أو في باريس) مع أهلهم وأصدقائهم ومعارفهم. وفي نفس اليوم، سارع موقع «تويتر»، وأسس صفحة للأخبار والتعليقات (خاصة تعليقات المشاهير) التي لها صلة بالهجمات.
يوم الجمعة الماضي، بعد أسبوع من الهجمات، قالت: إن هوايت، متحدث باسم «فيسبوك»: «في الحال، جهزنا (سيفتي جيك) (برنامج السلامة) الذي يسمح للمشترك في أي منطقة فيها كارثة، أو مصيبة، بأن يشير إلى اسمه بعلامة تدل على أنه لم يصب بأي أذى».
وأضافت: «فعلنا ذلك خمس مرات خلال العامين الماضيين. وكانت المناسبات فيضانات، أو زلزال. لكن، هذه هي المرة الأولى التي نشطنا فيها (سيفتي جيك) بعد هجوم إرهابي واسع النطاق».
وقال جاك دورسي، كبير مديري شركة «تويتر»: «لأول مرة، نشطنا برنامج (مومنت) (لحظات) الذي تابع التطورات أولا بأول، وسمح للمشتركين بإرسال صور أو فيديوهات من باريس، أو غيرها، وركز على تعليقات المشاهير». وأشار دورسي إلى تعليقات أسماء، مثل: المرشحين لرئاسة الجمهورية، والممثلة سلمى حايك، والمغنية إيما واتسون.
وقال كريستوفر عبود، المتحدث باسم «تويتر» بأنهم، على خطى «فيسبوك»، أسسوا ثلاثة أنواع من البرامج:
أولا: هاشتاغ «بورتيه أوفيرت» (الباب المفتوح) الذي قدم مساعدات للذين كانوا في باريس، وخاصة الذين احتاجوا إلى أماكن تؤويهم، أو الذين أرادوا طمأنة آخرين. وقال: إنه، خلال عشر ساعات بعد الهجمات، غرد في الهاشتاغ أكثر من مليون شخص.
ثانيا: هاشتاغ «براي فور باريس» (صلوا لباريس). خلال عشر ساعات بعد الهجمات، غرد في الهاشتاغ قرابة سبعة ملايين شخص.
ثالثا: هاشتاغ «أون بوغيه بور باريس» (شمعة من أجل باريس). وقال عبود، الذي كان في باريس في ذلك الوقت: «أتجول بسيارتي، وأرى شموعا هنا، وشموعا هناك».
في الجانب الآخر، وكما نقل تلفزيون «إن بي سي»، استفادت منظمة «داعش» من تكنولوجيا الإنترنت المتطورة. وأسست برنامج «جهادي هيلب ديسك» (مكتب المساعدات الجهادية) الذي يقدم معلومات، وتعليقات، للذين يتابعون نشاطات «داعش». مثل: النشاطات، الأخبار، الفيديوهات، الشهداء، الخ... بالإضافة إلى «مساعدة الذين يريدون الجهاد لاستخدام شفرات سرية حتى لا تعرف الشرطة والاستخبارات اتصالاتنا».
وقال أرون برانتلي، خبير الإرهاب في الأكاديمية العسكرية في وست بوينت (ولاية نيويورك): «استطاع فنيو داعش، تطوير سلسلة من المنصات المختلفة التي يمكن من خلالها تدريب المجاهدين على تجنب وكالات الاستخبارات وشرطة الأمن. وأيضا، نشر معلومات عن التجنيد، والدعاية، والتخطيط، والاستفادة من التكنولوجيا الجديدة». وأضاف: «صاروا يقدرون على الإجابة على كل أنواع الأسئلة. وصار عندهم دهاء لا يصدق. دهاء انتشر في كل العالم، وكأنهم يريدون تجنيد كل العالم معهم».
في الأسبوع الماضي، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» تقريرا عن الموضوع. ونقلت راي باتريك سكينا، الذي كان مسؤولا كبيرا في وكالة الاستخبارات المركزية (سي أي إيه)، وهو الآن خبير في شؤون محاربة الإرهاب، وقوله: «تختلف تكتيكات (داعش) الجديدة عن (لونلي وولف) (ذئب وحيد، يعمل من تلقاء نفسه، ومن دون تعاون مع آخرين). صار (داعش) يخطط، وينفذ، عملية عسكرية على نطاق واسع وفي مكان بعيد، مثل هجمات باريس».
وأشار سكينا إلى «جملة طويلة من (داعش) نقلت على نطاق واسع، وهي تحذير (داعش) بأنه سيضرب العاصمة الأميركية بعد أن ضرب العاصمة الفرنسية. (هذه هي الجملة الطويلة: نقول للدول التي تشترك في الحروب الصليبية الحالية ضدنا، إنه، بعون من الله، سيأتي يومكم، إن شاء الله، مثلما جاء يوم فرنسا، وإن شاء الله، مثلما ضربنا فرنسا في قلبها في باريس، نقسم بأننا سنضرب أميركا في قلبها في واشنطن)».
وبعد ليلة الانفجار، نشرت الصحف الأميركية الرئيسية الخبر في صدر صفحاتها الأولى السبت، وعلى طول الصفحة، وهذا شيء لا يستخدم إلا في حالات الأهمية القصوى. نشرت صحيفة «نيويورك تايمز»: «انفجار إرهابي في باريس قتل أكثر من مائة شخص. فرنسا تعلن حالة الإرهاب». ونشرت صحيفة «واشنطن بوست»: «انفجارات في باريس تقتل المئات». وخصصت الصحيفتان، ولا تزال، صفحات كثيرة لتغطية الهجمات والتطورات التي جاءت بعدها. غير أن صحيفة «واشنطن بوست» قدمت تغطية أكبر للمسلمين الأميركيين. وخلال أربعة أيام، نشرت تقريرين من منطقة ديترويت، حيث تعيش أكبر جالية مسلمة في الولايات المتحدة، قدمت فيهما آراء مسلمين هناك. ويوم الجمعة، نشرت آراء النائبين المسلمين الوحيدين في مجلس النواب:
الأول: أندريه كارسون (ديمقراطي من ولاية إنديانا)، ومما قال: «يجب ألا يضع سياسيون مرشحون لرئاسة البلاد مجموعة من الناس في قالب منفصل. لكن، هذا هو ما يفعلون».
الثاني: كيث اليسون (ديمقراطي من ولاية منيسوتا)، ومما قال: «تعتبر حرية الدين من أسس حريتنا. لهذا، يجب أن يقلق كل أميركي عندما يعبر سياسيون كبار في البلاد عن كراهية دينية».
تفجيرات باريس: مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة اتصال في وقت الشدة
«تويتر» أسس صفحة للأخبار التي لها صلة بالهجمات.. و«فيسبوك» جهز «برنامج السلامة»
تفجيرات باريس: مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة اتصال في وقت الشدة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة