الجماعة المنفذة لهجوم مالي تدربت في ليبيا وعناصرها يخلطون بين «داعش» و«القاعدة»

انقسام «المرابطون» بين موالاة الجزائري بلمختار والمالي أحمد الأنصاري

الأنصاري.. مالي الجنسية ومصادر تتحدث عن قيادته لمتطرفين من جنوب ليبيا، بلمختار.. موال لـ«القاعدة» ومصيره غامض وترجيحات باستيلائه على معسكرات في سبها، جنود ماليون يحرسون اوتيل راديسون بعد تعرضه للإعتداء الارهابي أمس (إ.ب.أ)
الأنصاري.. مالي الجنسية ومصادر تتحدث عن قيادته لمتطرفين من جنوب ليبيا، بلمختار.. موال لـ«القاعدة» ومصيره غامض وترجيحات باستيلائه على معسكرات في سبها، جنود ماليون يحرسون اوتيل راديسون بعد تعرضه للإعتداء الارهابي أمس (إ.ب.أ)
TT

الجماعة المنفذة لهجوم مالي تدربت في ليبيا وعناصرها يخلطون بين «داعش» و«القاعدة»

الأنصاري.. مالي الجنسية ومصادر تتحدث عن قيادته لمتطرفين من جنوب ليبيا، بلمختار.. موال لـ«القاعدة» ومصيره غامض وترجيحات باستيلائه على معسكرات في سبها، جنود ماليون يحرسون اوتيل راديسون بعد تعرضه للإعتداء الارهابي أمس (إ.ب.أ)
الأنصاري.. مالي الجنسية ومصادر تتحدث عن قيادته لمتطرفين من جنوب ليبيا، بلمختار.. موال لـ«القاعدة» ومصيره غامض وترجيحات باستيلائه على معسكرات في سبها، جنود ماليون يحرسون اوتيل راديسون بعد تعرضه للإعتداء الارهابي أمس (إ.ب.أ)

كشفت مصادر عسكرية ليبية أمس عن أن منفذي هجوم مالي تدربوا في جنوب ليبيا. وقالت مصادر في الجيش الليبي في اتصال مع «الشرق الأوسط» إنه توجد معلومات ترجح تلقي الجماعة التي تبنت تفجير فندق «راديسون بلو» بالعاصمة المالية باماكو، التدريب في جنوب ليبيا. وتبنت جماعة «المرابطون» التي أسسها القيادي الجزائري في تنظيم القاعدة مختار بلمختار، عام 2013 عملية احتجاز الرهائن في الفندق يوم أول من أمس (الجمعة).
وأوضح الدكتور صلاح الدين عبد الكريم، وهو مستشار سابق في الجيش الليبي، ويشغل حاليا موقع أمين جبهة النضال الوطني التقدمي في البلاد، أن «ثوب الإرهابيين واحد»، بغض النظر عن اسم الجماعة التي نفذت العملية، معربا عن اعتقاده بأن بلمختار ما زال على قيد الحياة وموجود في ليبيا، ولم يقتل في الغارة الأميركية التي تعرض لها قبل أشهر، كما تردد.
وأكد مسؤول أمني في شرق ليبيا على تزعم بلمختار لمجموعات تهدف لضرب الاستقرار في بلاده التي تعاني أصلا من الفوضى، واستهداف مواقع في بلدان مجاورة، مستغلا ضعف إمكانات الجيش الليبي واستباحة المتطرفين للحدود.
وقال: إن ما سبق وأعلنته مصادر غربية عن مقتل بلمختار في غارة في جنوب بلدة إجدابيا الليبية الصيف الماضي، يبدو أنها معلومات غير صحيحة، لأن «لدينا مؤشرات جديدة عن أن بلمختار ما زال حيا وينشط في ليبيا ويحشد مقاتلين جددا في مواجهة عمليات الجيش ضد الإرهابيين».
ووفقا للمصادر الأمنية الليبية التي تتابع نشاط المتطرفين في جنوب البلاد، فإن غالبية المنخرطين في «الجماعات الإرهابية» هناك، من جنسيات مالية وجزائرية، بينما قال قيادي سابق في كتيبة 17 فبراير الليبية المتشددة إن معظم العناصر المتطرفة في الجنوب الليبي تخلط بين الانتماء لتنظيم داعش وتنظيم القاعدة.
وأضاف أن السبب في هذا الخلط يرجع إلى موالاة القيادي المالي أحمد الأنصاري - وكان زميلا لـ«بلمختار» في إدارة تحركات المتطرفين عبر الحدود - لـ«داعش»، في وقت رفض فيه بلمختار مبايعة الخليفة المزعوم أبو بكر البغدادي.
وقال: إنه رغم تباين مواقف الرجلين، فإن المجموعات المتطرفة التابعة لكل منهما ما زالت تتعاون على الأرض وتشن هجمات كفريق واحد على قوات حرس المنشآت (فرق تابعة للجيش تحرس آبار النفط قرب بلدات سبها وأوباري وغات).
وكان بلمختار يتزعم جماعة «المرابطون» لكن عملياتها وتحركاتها في شمال مالي وجنوب الجزائر، وصولا إلى داخل الأراضي الليبية، أخذت تتقاطع مع عمليات أخرى تقوم بها مجموعة الأنصاري المعروفة باسم «أنصار الحق» أو «أنصار الدين»، وفقا للمصادر العسكرية الليبية.
وحاول الأنصاري الذي بايع «داعش» صيف العام الجاري، فتح طريق لجماعة «بوكو حرام» النيجيرية، الموالية للتنظيم الدموي أيضا، للوصول إلى ليبيا لمساندة المتطرفين في حربهم ضد الجيش الوطني، والانتشار في غرب أفريقيا عبر مالي.
ومن جانبه أضاف الدكتور عبد الكريم أنه توجد مؤشرات من خلال تحركات المتطرفين في ليبيا على أن بلمختار ما زال على قيد الحياة، لافتا إلى تزايد أعداد المقاتلين التونسيين والجزائريين في البلاد، بالإضافة إلى تأسيس معسكرات جديدة لتدريبات الإرهابيين خاصة في جنوب البلاد.
ووجد المتطرفون الذين فروا العام قبل الماضي من شمال مالي هربا من الغارات الفرنسية والأفريقية على مواقعهم في تلك المنطقة، ملاذا في جنوب ليبيا التي تعاني من القلاقل وهشاشة السلطة المركزية منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في 2011.
وأضاف عبد الكريم في اتصال عبر الهاتف من الشرق الليبي: أصبحت هناك معسكرات لتدريب المتطرفين القادمين من جنوب الجزائر وشمال مالي في جنوب ليبيا قرب بلدات سبها وأوباري وتمنهند. وأضاف أن الجماعات الليبية المتطرفة التي تسيطر على العاصمة طرابلس تقدم لهم المساعدة، وتفتح لهم مسارات نقل الأسلحة والمقاتلين عبر الحدود.
وعن سبب خلط بعض المتطرفين الذين ينشطون ما بين الجنوب الليبي والشمال المالي، بين الانتماء لـ«القاعدة» و«داعش»، أوضح الشيخ نبيل نعيم، القيادي السابق في «تنظيم الجهاد» بمصر، أن عناصر الجماعات المتطرفة لديها فهم سطحي للدين والفقه، ولا يلتفتون كثيرا للخطوط الفاصلة بين كثير من الأمور.
وأضاف نعيم: «يوجد فهم خاطئ وسطحي جدا لدى هذه الجماعات. توجد بينهم قيادات ساذجة، وهم يقولون لا بد أن نبايع خليفة، وبعضهم يرى أن أيمن الظاهري (زعيم تنظيم القاعدة) ليس لديه دولة وبالتالي لا يصح مبايعته، لكن تنظيم أبو بكر البغدادي (زعيم «داعش») لديه دولة ولهذا هناك من يبادر بمبايعته».
ووفقا لكلام الشيخ نعيم لا توجد خلافات جوهرية بين التنظيمين. وهو يشير إلى أنه يوجد أيضا «تواصل بين جماعة بوكو حرام والجماعات الليبية والمجموعات النشطة في شمال مالي».
وبحسب المصادر الليبية فقد مرت الجماعات المتطرفة، سواء الموجودة أصلا في ليبيا، أو تلك التي وفدت إليها من الخارج، مثل تنظيم بلمختار وجماعة الأنصاري وغيرهما، بعمليات اندماج وانشقاق عدة مرات، لأسباب تتعلق أساسا بتهريب الأسلحة والبضائع عبر الحدود مع أبناء قبائل من جنوب الجزائر وشمال تشاد والنيجر، إضافة للسودان، وهي مناطق متداخلة من حيث التركيبة القبلية، خاصة بين قبائل الطوارق والتبو وزوية.
ويقول الدكتور عبد الكريم إن الغرب يبحث عن مسميات للمجموعات المتطرفة، لكن الحقيقة هي أنها «كلها واحد.. ترتدي ثوبا واحدا وتسعى للقتل والتخريب».
ومن المعروف أن جماعة «المرابطون» أعلنت في تسجيل صوتي بثت قناة «الجزيرة» مقطعا منه مسؤوليتها عن الاعتداء على الفندق في باماكو، ما أدى إلى مقتل 27 بينهم رعايا دول تشن حملة على تنظيم داعش والجماعات المتشددة خاصة في العراق وسوريا. وسبق لقوات مشتركة بقيادة فرنسا شن عمليات عسكرية ضد المتطرفين في شمال مالي، وإلقاء السلطات المالية القبض على متورطين في أعمال إرهابية في غرب أفريقيا.
وقال متحدث باسم الجماعة: «نحن في جماعة (المرابطون) نعلن تبنينا بالتنسيق مع إمارة الصحراء في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي عملية احتجاز الرهائن في فندق راديسون». وطالبت بإطلاق سراح من سماهم بأنهم «مجاهدون في سجون مالي».
وعبر اتصال من جنوب ليبيا، قال قيادي في قبيلة التبو في مدينة أوباري التي تعرضت لهجمات من المتطرفين: «ما زالوا يرفعون الرايات السوداء، ويستولون على كل شيء، من الوقود إلى سيارات المواطنين، وفي كثير من الأحيان ينقلون أسلحة ومعدات عسكرية عبر الحدود في اتجاه مالي». وعما إذا كانت قوافل سيارات بلمختار ما زالت تظهر في المناطق الجنوبية كما كان الحال حتى منتصف هذا العام قال القيادي القبلي: اختفى منذ الغارة الأميركية، لكن أتباعه موجودون، ويتعاونون مع جماعة الأنصاري، ويزرعون الفتنة بين قبائل التبو والطوارق.
وسبق لجماعة «المرابطون» تبنيها لهجوم ضد فندق في باماكو أيضا في مارس (آذار) الماضي، وذلك في أول عملية تستهدف رعايا غربيين في العاصمة وأسفر وقتها عن مقتل ثلاثة ماليين وفرنسي وبلجيكي.
وبعد ساعات من العملية الجديدة التي استهدفت فندق «راديسون»، يوم الجمعة الماضي، رجح وزير الدفاع الفرنسي، جان ايف لودريان، مسؤولية بلمختار عن الاعتداء. وقال لشبكة تلفزيون «تي إف - 1» إن بلمختار «ملاحق من قبل عدة دول منذ فترة طويلة هو على الأرجح وراء هذا الاعتداء».
ونشطت الجماعات المتطرفة في شمال مالي، خاصة عقب ثورات الربيع العربي، وذلك بعد وصول كميات كبيرة من أسلحة جيش القذافي عبر الحدود، وجرت أكبر عملية اندماج بين عدة تنظيمات متشددة في الغرب الأوسط من أفريقيا، وتمكنت هذه التنظيمات التي كان ولاؤها يقتصر على تنظيم القاعدة فقط، من السيطرة على منطقة «غاو (شمال مالي)»، إلا أن العملية العسكرية التي انطلقت في مطلع عام 2013 وشاركت فيها فرنسا ودول أفريقية أخرى، والمعروفة باسم «سيرفال»، تمكنت من تشتيت تلك الجماعات التي قامت بتنفيذ عمليات انتقامية في جنوب الجزائر وشمال النيجر وشمال مالي وبوركينا فاسو، سقط فيها عشرات القتلى، قبل الفرار إلى الجنوب الليبي.
ووفقا للمصادر الأمنية الليبية فقد جاء بلمختار إلى ليبيا مصابا، عقب هروبه من مالي العام قبل الماضي، وقدم له المتطرفون الذين يتمتعون بنفوذ واسع، العلاج في مستشفيات بنغازي ودرنة. وجرت عمليات تنقله في ليبيا بشكل سري. وساد اعتقاد أنه قتل في معارك مالي. وقال ضابط في الجيش الليبي: «جرى ذلك تحت سمع وبصر الحكومة التي كان يعضدها برلمان تهيمن عليه جماعة الإخوان والجماعة الليبية المقاتلة (موالية للقاعدة)».
وأضاف: «بعد أن تعافى بلمختار، منتصف العام الماضي، توجه إلى بلدة صبراتة (شمال غربي طرابلس، قرب تونس) وعقد فيها اجتماعا مع متطرفين من أنصار الشريعة والجماعات المتشددة الأخرى، شارك فيها قيادات من تونس والجزائر ومصر». وبعد عدة أشهر بدأ التنسيق بين بلمختار و«القوة الثالثة (تابعة لقوات فجر ليبيا، ويقع مركزها في مدينة سبها جنوبا)»، وصديقه المالي الجنسية الأنصاري وجماعته.
وأضاف القيادي السابق في كتيبة 17 فبراير، أنه بعد إعلان عدة جماعات ليبية ولاءها لتنظيم داعش، طلب قادة في التنظيم من مدينة درنة، من كل من بلمختار والأنصاري، إعلان البيعة للبغدادي، واستغلال الجنوب الليبي لفتح الطريق أمام حركة بوكو حرام، إلا أن بلمختار رفض، بينما وافق على ذلك زميله الأنصاري.
وتابع أن هذا حدث في النصف الأول من هذا العام من خلال اتصالات شارك فيها رجل يدعى تركي البنعلي، وهو بحريني الجنسية وأحد مستشاري البغدادي. وأوضح أنه رغم اختلاف مواقف بلمختار والأنصاري فإن الجماعات التابعة لهما ما زالت تتعاون في كسب المزيد من الأراضي في جنوب ليبيا، والاشتراك في السيطرة على الحدود سواء مع الجزائر أو مع النيجر، ونقل الأسلحة إلى شمال مالي.
وتعرض اجتماع كان يعقده بلمختار على بعد نحو 30 كيلومترا جنوب إجدابيا لغارة أميركية، وذلك بعد عدة أسابيع من نفيه الانضمام لـ«داعش»، وتأكيده على أنه ما زال مواليا لـ«القاعدة».
وعن مصير بلمختار أضاف الشيخ نعيم قائلا: أعتقد أنه ما زال على قيد الحياة. وحذر مما سماه «الحرب العذراء» على التنظيمات المتطرفة، أي «الحرب التي لا تحقق أي نتائج فعلية على الأرض». وأوضح أن الضربات الدولية التي يجري توجيهها لتنظيم داعش منذ أكثر من سنة، على سبيل المثال «لا تزيد (داعش) إلا قوة وانتشارا أكثر من السابق».



إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)

عرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وساطة بلاده لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة على غرار ما قامت به لتسوية الأزمة بين الصومال وإثيوبيا حول اتفاق الأخيرة مع إقليم أرض الصومال على استخدام ساحلها على البحر الأحمر.

وقال إردوغان، في اتصال هاتفي، الجمعة، مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إن «بإمكان تركيا التوسط لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة». وبحسب بيان للرئاسة التركية، تناول إردوغان مع البرهان، خلال الاتصال الهاتفي، العلاقات بين تركيا والسودان، وقضايا إقليمية وعالمية، وأكد أن تحقيق السلام والاستقرار في السودان والحفاظ على وحدة أراضيه وسيادته ومنع تحوله إلى ساحة للتدخلات الخارجية، من المبادئ الأساسية لتركيا.

ولفت إردوغان، بحسب البيان، إلى أن تركيا توسطت لحل الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، وأن الاتفاق بين البلدين سيساهم في السلام بالمنطقة.

اتهامات متبادلة

ودأب قادة الجيش السوداني على اتهام دولة الإمارات العربية المتحدة، بدعم قوات «الدعم السريع» وتزويدها بالأسلحة والمعدات. وتقدم مندوب السودان في الأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث، بشكوى رسمية ضدها، واتهمها بالتخطيط لإشعال الحرب ودعم «قوات الدعم السريع» بمساعدة من تشاد، طالباً إدانتها، بيد أن أبوظبي فندت تلك الاتهامات ووصفتها بأنها "ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وتفتقر للأدلة الموثوقة.

وفي المقابل وجهت دولة الإمارات رسالة إلى مجلس الأمن في 21 أبريل (نيسان)، شددت خلالها على أن نشر المعلومات المضللة والروايات الزائفة، يرمي إلى التهرب من المسؤولية، وتقويض الجهود الدولية الرامية إلى معالجة الأزمة الإنسانية في السودان بعد عام من الصراع بين الجيش و«قوات الدعم السريع». وأكدت أنها «ستظل ملتزمة بدعم الحل السلمي للصراع في السودان، ودعم أي عملية تهدف إلى وضع السودان على المسار السياسي للتوصل إلى تسوية دائمة، وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة بقيادة مدنية».

الشيخ محمد بن زايد وعبد الفتاح البرهان في أبو ظبي 14 فبراير (أ.ف.ب)

وفي يوليو (تموز) الماضي، بحث رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في اتصال هاتفي، مع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، «سبل دعم السودان للخروج من الأزمة التي يمر بها»، وأكد حرص دولة الإمارات على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان.

تعهدات تركية للبرهان

ووفقاً لنشرة صحافية صادرة عن مجلس السيادة السوداني، فإن الرئيس إردوغان تعهد للبرهان باستمرار تدفق المساعدات الإنسانية التركية للسودان، وباستئناف عمل الخطوط الجوية التركية قريباً، وباستعداد بلاده لتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتعاون في الزراعة والتعدين.

وذكر السيادي أن البرهان أشاد بمواقف تركيا «الداعمة للسودان»، وجهودها من أجل السلام والاستقرار في المنطقة والإقليم، ودورها في معالجة الكثير من القضايا الإقليمية والدولية، ودورها في الملف السوري، مبدياً ترحيبه بأي دور تركي لوقف الحرب «التي تسببت فيها ميليشيا الدعم السريع المتمردة». ودعا البرهان لتعزيز الاستثمارات التركية في مختلف المجالات، مؤكداً ثقته في مواقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وحكومته الداعمة للشعب السوداني وخياراته.

ويرى مراقبون أن الاتصال الهاتفي بين إردوغان والبرهان في هذا التوقيت يأتي في ظل متغيرات وترتيبات جديدة في المنطقة تشمل السودان، بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

ومنذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، يخوض الجيش السوداني البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حرباً خلفت أكثر من 20 ألف قتيل، وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

حضور تركي في القرن الأفريقي

وقطعت تركيا، الأربعاء الماضي، خطوة كبيرة على طريق حل النزاع بين الصومال وإثيوبيا، بعد جولات من المباحثات بين الطرفين في إطار ما عرف بـ«عملية أنقرة»، يراها مراقبون ترسيخاً للحضور التركي القوي في منطقة القرن الأفريقي.

إردوغان يتوسط الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي خلال مؤتمر صحافي في أنقرة مساء الأربعاء الماضي (الرئاسة التركية)

وأعلن الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء الصومالي، آبي أحمد، في مؤتمر صحافي مع إردوغان مساء الأربعاء، أعقب 8 ساعات من المفاوضات الماراثونية سبقتها جولتان من المفاوضات في أنقرة في الأشهر الماضية، أنهما قررا بدء المفاوضات الفنية بحسن نية بحلول نهاية فبراير (شباط) 2025 على أبعد تقدير، والتوصل إلى نتيجة منها والتوقيع على اتفاق في غضون 4 أشهر، بحسب ما ورد في «إعلان أنقرة». وقبل الطرفان العمل معاً على حل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي تسببت في زيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وقال إردوغان إن البلدين الجارين توصلا، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة، إلى اتفاق «تاريخي» ينهي التوترات بينهما.

وبحسب نص إعلان أنقرة، الذي نشرته تركيا، اتفق البلدان على «التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك، والعمل باتجاه إقرار إبرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولاً إلى البحر «موثوقاً به وآمناً ومستداماً تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفيدرالية».

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر، قائلاً: «أعتقد أنه من خلال الاجتماع الذي عقدناه سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر لإثيوبيا».

إردوغان مع الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي عقب توقيع إعلان أنقرة (الرئاسة التركية)

وتدخلت تركيا في النزاع بطلب من إثيوبيا، التي وقعت في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي اتفاقية مع منطقة «أرض الصومال»، التي أعلنت انفصالها عن الصومال عام 1991، لكن لم تحظ باعتراف المجتمع الدولي، وتشمل النقل البحري واستخدام ميناء بربرة على البحر الأحمر، واستغلال 20 كيلومتراً من ساحل أرض الصومال لمدة 50 عاماً مقابل الاعتراف باستقلالها عن الصومال، مع منحها حصة من شركة الخطوط الجوية الإثيوبية.

ترحيب دولي

ورحب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال لقائه إردوغان في أنقرة، ليل الخميس – الجمعة، بنجاح تركيا في التوصل إلى اتفاق بين الصومال وإثيوبيا. كما رحب الاتحاد الأوروبي بالاتفاق، وأشاد بدور الوساطة الذي لعبته تركيا بهذا الخصوص.

وترتبط تركيا بعلاقات قوية بإثيوبيا، كما أصبحت حليفاً وثيقاً للحكومة الصومالية في السنوات القليلة الماضية. وافتتحت عام 2017 أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج في مقديشو، وتقدم تدريباً للجيش والشرطة الصوماليين.

وبدأت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أنشطة المسح الزلزالي للنفط والغاز الطبيعي في 3 مناطق مرخصة في الصومال تمثل كل منها مساحة 5 آلاف كيلومتر مربع، بموجب مذكرة تفاهم وقعت بين البلدين في مارس (آذار) الماضي، لتطوير التعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي.

وجاء توقيع المذكرة بعد شهر واحد من توقيع اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي، تقدم تركيا بمقتضاها دعماً أمنياً بحرياً للصومال، لمساعدته في الدفاع عن مياهه الإقليمية لمدة 10 سنوات.