حزب الله يتحدث عن أجواء «ممتازة» لتسوية سياسية في لبنان

«المستقبل» يدرس آليتها التنفيذية

حزب الله يتحدث عن أجواء «ممتازة» لتسوية سياسية في لبنان
TT

حزب الله يتحدث عن أجواء «ممتازة» لتسوية سياسية في لبنان

حزب الله يتحدث عن أجواء «ممتازة» لتسوية سياسية في لبنان

لا يزال معظم الفرقاء اللبنانيين يعولون على المناخ الإيجابي الذي يظلل المشهد السياسي العام منذ الأسبوع الماضي، بعيد التفجير الانتحاري المزدوج الذي استهدف أحد معاقل حزب الله في منطقة برج البراجنة في العاصمة بيروت، وما تلاه من تضامن داخلي بنى عليه أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله ليطلق مبادرة لحل الأزمات المتفاقمة طارحًا إتمام تسوية سياسية شاملة تطال رئاسة الجمهورية والحكومة وقانون الانتخاب.
وفيما لم يصدر بعد أي رد رسمي من كتلة «المستقبل» على هذا الطرح، توالت مواقف نواب ووزراء التيار الذي يتزعمه رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، المؤيدة لمبادرة حزب الله، وأبرزها ما صدر عن وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي وصف كلام نصر الله بـ«الجدي والمسؤول».
وتشترط قوى 14 آذار للسير بأي تسوية سياسية أن يكون انتخاب رئيس جديد للبلاد مدخلاً للحل، على أن يليه تشكيل حكومة جديدة والاتفاق على قانون تجري على أساسه الانتخابات النيابية المقبلة.
واعتبر نبيل دو فريج، وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية، أن «ما طرحه نصر الله قد يكون بمثابة خطوة إلى الأمام للخروج من المأزق السياسي الحالي، لكننا نرى فيه أيضا خطوة إلى الوراء بما يتعلق بإصرار الفريق الآخر كل 6 سنوات ومع حلول موعد الانتخابات الرئاسية على تعقيد الأزمة كي نضطر للذهاب بعد فترة زمنية مجبرين إلى تسوية سياسية تشمل أكثر من ملف، على غرار ما حصل في الدوحة في العام 2008».
وشدّد دو فريج في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على أن «أي تسوية يجب أن تبدأ بانتخاب رئيس للبلاد باعتبار أنه لا إمكانية لإجراء انتخابات نيابية وكرسي الرئاسة فارغ، تماما كما أننا لا نستطيع إقرار قانون جديد للانتخاب طالما لا رئيس يعطي رأيه فيه». وأضاف: «المطلوب الانصراف فورا لملء سدة الرئاسة ليتم بعدها تشكيل حكومة ائتلافية لنبعد بذلك بلدنا عن الجحيم المشتعل حولنا، خاصة أن أحدا من الدول الإقليمية أو حتى الدول الكبرى متفرغ لمشاكلنا، فكل دولة حاليا منهمكة بحل أزماتها، ومن بينها إيران التي وجدت نفسها بمأزق بعدما أضاعت الورقة السورية من بين يديها بتسليمها إلى موسكو تماما كما الأخيرة التي باتت خائفة من استهدافها بأعمال إرهابية على غرار ما حصل أخيرا في باريس».
من جهتها، تعول مصادر في قوى 8 آذار مقربة من حزب الله، على حصول «نقاش جدي» بين الحزب وتيار «المستقبل» في جلسة الحوار المرتقبة بينهما في الأيام المقبلة: «لتبيان ما إذا كان هناك فعلا جهوزية من قبل الحريري وفريقه السياسي للسير بتسوية داخلية لحل الأزمة»، لافتة إلى أن الأجواء حاليا «ممتازة» لسلوك مسار الحل: «خاصة بعدما أيقن الجميع أنه لا طائل من انتظار حل سحري يأتي من الخارج نظرا لعدم اكتراث الدول الإقليمية كما الدول الكبرى بالملف اللبناني».
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن تيار المستقبل يفكر حاليا بالمبادرة التي طرحها السيد نصر الله وبظروفها وبآلياتها التنفيذية، خاصة أنه بات هناك شعور متنام بأن الأزمة وصلت إلى حد يقتضي معالجة الملفات بالجملة وليس بالقطعة الواحدة». واعتبرت المصادر أنّه وفي حال الاتفاق على السير بتسوية شاملة: «سيتم إقرار الآلية التنفيذية التي من المنطقي أن تبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية ليلي ذلك تشكيل حكومة جديدة، فإقرار قانون جديد تجري على أساسه الانتخابات النيابية».
بدوره، رأى النائب في تيار «المستقبل» جمال الجراح في حديث إذاعي، أن «ما يحكى عن سلة كاملة، جيد، لكن على أساس انتخاب رئيس أولا، لأننا نكون قطعنا أكثر من نصف الطريق نحو إعادة تكوين السلطة بشكل صحيح»، مؤكدا أن «الحوار مستمر مع حزب الله، وهناك فرصة للإنقاذ والشروع في تسوية حقيقية تبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية».
وتنعقد اليوم الثلاثاء جلسة جديدة من الحوار الوطني بمشاركة الكتل السياسية الرئيسية، ولا يزال بند رئاسة الجمهورية بندا أول على جدول الأعمال رغم تعثر كل المساعي لإحداث خرق في جدار الأزمة المستمرة منذ مايو (أيار) 2014. نظرا لإصرار حزب الله على ترشيح النائب ميشال عون للرئاسة ومطالبة قوى 14 آذار بانتخاب رئيس توافقي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».