القميص.. عندما يحتاج إلى تفصيلhttps://aawsat.com/home/article/494786/%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%85%D9%8A%D8%B5-%D8%B9%D9%86%D8%AF%D9%85%D8%A7-%D9%8A%D8%AD%D8%AA%D8%A7%D8%AC-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%AA%D9%81%D8%B5%D9%8A%D9%84
شراء قميص ليس بالسهولة التي يعتقدها البعض ممن حبتهم الطبيعة الجينية بمقاسات مثالية. فبالنسبة لغيرهم من مفتولي العضلات أو من يتميزون بمقاسات تخرج ببعض سنتيمترات عن تلك التي يستعملها المصممون كأساس لتصاميمهم، فهي عملية محفوفة بالمتاعب. تحتاج منهم إلى بحث طويل وفي أغلب الأحيان يضطرون إما إلى تقصير الأكمام أو تطويلها، وإما إلى تحديد أكتاف وتضييق الصدر أو توسيعه وما شابه من تفاصيل ضرورية. في الغالب، تجد هذه الشريحة نفسها أمام أمرين: أولهما مر ويتمثل في اختيار مقاس أكبر أو أصغر، وثانيهما، وهو الحل الأمثل، يعتمد على التفصيل والاعتماد على خياط ماهر ليقوم بهذه المهمة. والمقصود هنا إجراء تغييرات طفيفة على تصميم متوفر في السوق أساسا، حتى يناسب المقاس، عكس الـ«بيسبوك» الذي يعني التفصيل الخاص بالزبون، بدءا من التصميم واختيار القماش إلى عدد الأزرار والجيوب وغيرها، وهذه عملية يتدخل فيها الزبون بشكل مباشر من الألف إلى الياء، ليحصل على قميص فريد غير متوفر في السوق. طبعا هذا يعني أن سعره أغلى بكثير لأنه بمثابة الـ«هوت كوتير» بالنسبة للمرأة.
إذا كنت في لندن وتنوي شراء قمصان متميزة، فأنت لا تحتاج أن تأخذه إلى خياط الحي لكي يجري عليه هذه التغييرات، بل يمكنك أن تذهب إلى أكثر من ذلك بتفصيله على مقاسك بكل تفاصيلها ما عدا تصميمه الأصلي. لهذه الغاية لا بديل لك عن «جيرمين ستريت» وسط لندن، الذي يشتهر بمحلاته وخياطيه المتخصصين منذ أكثر من قرن من الزمن تقريبا في هذه القطعة تحديدا. فلندن للمتسوق العارف هي عاصمة تفصيل القمصان بلا منازع إلا إذا استثنينا شركة «شارفيه» في باريس. في «جيرمين ستريت» ستجد أسماء مهمة، لن تخطئ أبدا عند دخول أي منها، فكلها تتميز بمستوى عال، ولها زبائنها الأوفياء، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر «نيو أند لينغوود» التي تربطها علاقة وثيقة بجامعة «إيتون» التي تخرج منها الكثير من السياسيين البريطانيين، ما يجعل ولاءهم لها مستمرا، عدا أن الشركة طورت نفسها وأصبحت تخاطب كل الشرائح. فسواء كان أسلوبك كلاسيكيا أو شبابيا، لا بد أن تجد بغيتك في محلها المكتنز بالمنتجات، وكل ما عليك هو أن تختار القميص الذي يعجبك من بين المعروضات، ثم تطلب من خياط المحل، أن يجري عليه بعض التغييرات أو يضيف إليه تفاصيل تناسب أسلوبك الخاص مثل الجيوب أو الياقة. لكن لا تتوقع أن تأخذه معك في نفس اليوم، فالعملية تستغرق نحو 8 أسابيع تقريبا. وفيما تتوفر هذه الخدمة مجانا أو بسعر زهيد في بعض المحلات الكبيرة، فإنها في «جيرمين ستريت» تكلف أكثر، والسبب أنها لا تقتصر على التقصير والتطويل، بل تفتح لك المجال لتتدخل مباشرة في اختيار اللون وحتى القماش مع إضافة بعض التفاصيل الصغيرة ما يجعل سعر القميص يبدأ من 225 جنيها إسترلينيا، ومع ذلك فهي عملية تستحق ثمنها بالنظر إلى النتيجة.
إذا كان هذا السعر لا يناسبك ولا ترى له ضرورة، فهناك شركات أخرى تقدم هذه الخدمة بأسعار معقولة جدا، نذكر منها شركة «مانغاس» Mangas الإسبانية، التي أصبح لها فروع في الكثير من الدول الأوروبية، ويمكنك أن تحصل منها على قميص مفصل يتراوح سعره بين 40 إلى 70 جنيها إسترلينيا فقط. مثل خياطي «جيرمين ستريت» تتوفر الشركة على أقمشة متنوعة، يقدر عددها بـ300 نوع، كذلك على ألوان مختلفة، بعضها كلاسيكي وبعضها الآخر لا يخطر لك على بال. ولتسهيل العملية فإن الشركة تحتفظ بكل تفاصيلك على جهاز الكومبيوتر. ففي حال احتجت إلى قميص جديد في المستقبل، يمكنك أن تطلبه باتصال هاتفي واحد يعوضك الذهاب إلى المحل بنفسك. وفي حال وصلك القميص على العنوان الذي طلبته، وأردت أن تضيف إليه تفصيلا جديدا، فإن الأمر لن يكلفك شيئا في المرة الأولى، وفي المرات التالية نحو عشرة جنيهات فقط.
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.
ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».
بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.
صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.
كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.
الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.
المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.
المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.
سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»
من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.
موسم الأعياد والحفلات
بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.
وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».
دمج بين الفينتاج والبوهو
تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.
مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.
إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.
أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.
رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.