ليبيا: حرب شوارع في طرابلس بعد اقتحام كتيبة مسلحة مقر الحكومة وخطف وزير

المأساة السياسية تنتقل إلى سفارة ليبيا في القاهرة بعد اشتباكات بالأيدي

ليبيا: حرب شوارع في طرابلس بعد اقتحام كتيبة مسلحة مقر الحكومة وخطف وزير
TT

ليبيا: حرب شوارع في طرابلس بعد اقتحام كتيبة مسلحة مقر الحكومة وخطف وزير

ليبيا: حرب شوارع في طرابلس بعد اقتحام كتيبة مسلحة مقر الحكومة وخطف وزير

اندلعت حرب شوارع في العاصمة الليبية طرابلس، مساء أول من أمس، بعدما اقتحمت «كتيبة ثوار طرابلس» مقر ما يسمى حكومة الإنقاذ الوطني في المدينة واختطفت وزير التخطيط فيها، بينما حث المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته، من وصفهم بـ«كل قوى الثورة والجهات الأمنية لتحمل كافة مسؤولياتها في الدفاع عن العاصمة وتأمينها».
وقالت لجنة الدفاع والأمن بالبرلمان غير المعترف به دوليا، في بيان أصدرته أمس، وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إنها تدين وبشدة ما تعرض له محمد القدار وزير التخطيط بالحكومة من اختطاف من قبل مجموعة مسلحة تابعة لوزارة الداخلية.
وأضاف البيان: «نستهجن وبحزم حادثة الاعتداء المسلح على مقر رئاسة الحكومة من قبل نفس المجموعة المسلحة التي كانت من المفترض أن تكون مسؤولة عن أمن العاصمة».
وكانت «كتيبة ثوار طرابلس» قد أكدت رسميا أنها تحفظت على وزير التخطيط في حكومة الغويل. وقالت في بيان بثته عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «تم التحفظ على الوزير نظرا لاستعماله اسمها والاستعانة بالمسلحين لإرهاب الوكلاء ومدراء الإدارات الغير متفقين معه في الرأي»، إضافة إلى ما وصفته بـ«التجاوزات الكثيرة والمخالفات الصريحة لصحيح وصريح القانون».
واتهمت الكتيبة الوزير المختطف بأنه «أطلق يده وهواه على مسترجعات الميزانية والتصرف فيها بصفه شخصية دون الرجوع للوائح والقوانين»، كما أدانته بتهمة عدم التقيد بتعليمات رئيس الوزراء بعدم صرف تعويضات مالية بالمخالفة للمنصوص عليه في الميزانية العامة لعام 2015، «مما يحمل الحكومة أعباء لا قدرة على تحملها».
وزعم بيان الكتيبة أن الوزير متهم أيضا بالهدر والتلاعب بالملايين من المخصصات المالية، بالإضافة إلى ما سمته «إبعاد المدراء الأكفاء الذين لهم خبرة، وتعيين وتكليف مدراء جدد حديثي التخرج للسيطرة عليهم».
وأوضحت أنه «سيتم عرض الوزير وتجاوزاته على مكتب النائب العام وعن طريق المذكرات التي أعدت بالخصوص، وهي كلها تجاوزات نابعة من تقرير ديوان المحاسبة وديوان رئاسة الوزراء، ليحال المدعو للقضاء، وليكون عبرة لغيره»، على حد قولها.
واعتبرت الكتيبة أنه «إذا كان الفساد في أعلى هرم السلطة والوزارات، خصوصا الوزارات المنوط بها ترشيد المال العام والجدوى الاقتصادية مثل وزارة التخطيط التي ينبغي أن يقوم عليها المتخصصون، فكيف نلوم العوام والمسلحين وغيرهم؟».
إلى ذلك، أعرب برلمان طرابلس المنتهية ولايته، عن دهشته لاستمرار دعم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مبعوثه الخاص إلى ليبيا ورئيس البعثة الأممية برناردينو ليون، بعد «كل فشله في الوصول إلى حل»، سلمى لأزمة الصراع على السلطة في ليبيا.
وعدّت لجنة الشؤون السياسية في برلمان طرابلس أن إصرار ليون على بقائه في منصبه رغم الإجراءات الرسمية بتعيين المبعوث الأممي الجديد مارتن كوبلر، أمر محبط للحوار الليبي.
وقالت: «إننا نحمل المسؤولية الكاملة للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حول إصرار ليون على التوقيع على المسودة المعيبة، وهذا الإجراء سيؤدي إلى الانهيار الكامل للحوار السياسي».
وأضاف البيان أنه بعد دراسة التقارير السياسية والدبلوماسية في ما يتعلق بالحوار الليبي الذي ترأسه ليون ومخرجاته السلبية سواء محتوى المسودة أو ما يسمى حكومة الوفاق الوطني التي لم يتم الاتفاق عليهما، «فإنها تعرب عن دهشتها من محاولة استمرار هذا المبعوث بعد كل فشله، والحصول على دعم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون».
إلى ذلك، حالت قوات الأمن المصري بين دبلوماسيين يتعاركون على السفارة الليبية في القاهرة على خلفية قبلية وسط نزاع حاد بين الطرفين.
وقالت مصادر في السفارة الليبية لـ«الشرق الأوسط» إن القائم بالأعمال الليبي محمد صالح اقتحم أمس القسم العسكري بداخل السفارة، احتجاجا على موقف العقيد علي الزنتاني الملحق العسكري الذي أبلغ القائم بالأعمال الجديد طارق شعيب بأن العسكريين يؤيدون موقف أقرانهم الدبلوماسيين في الاعتراف بشرعيته.
وأوضحت المصادر أنه وقعت اشتباكات بين الجرحى العسكريين والعناصر المؤيدة للقائم بالأعمال الذي أقالته السلطات الشرعية في ليبيا رسميا من منصبه، مشيرة إلى أنه لولا تدخل الأمن المصري لوقعت مجزرة، على حد تعبيرها.
وتعكس هذه الأزمة أيضا حجم المأساة السياسية والفوضى التي تعج بها ليبيا حاليا، علما بأن القائم بالأعمال المقال من منصبه، كان معينا من قبل البرلمان الشرعي، بينما القائم بالأعمال الجديد معين من قبل الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني وتتخذ من مدينة البيضاء بشرق البلاد مقرا لها.
وتقول وزارة الخارجية المصرية إنها أوقفت التعامل مع الطرفين مؤقتا إلى حين انتهاء هذه الأزمة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.