كيري يطالب موسكو بمزيد من التعاون في سوريا.. والكف عن حماية الأسد

رئيس الائتلاف في بريطانيا غدًا لبحث تصعيد القصف الجوي في بلاده

مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا يتحدث للصحافيين في دمشق أمس (أ.ف.ب)
مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا يتحدث للصحافيين في دمشق أمس (أ.ف.ب)
TT

كيري يطالب موسكو بمزيد من التعاون في سوريا.. والكف عن حماية الأسد

مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا يتحدث للصحافيين في دمشق أمس (أ.ف.ب)
مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا يتحدث للصحافيين في دمشق أمس (أ.ف.ب)

طالبت الولايات المتحدة الأميركية روسيا، أمس، بالمساعدة في البحث عن حل سياسي في سوريا، وعدم الاكتفاء بدعم الرئيس السوري بشار الأسد، في وقت يبحث فيه رئيس الائتلاف الوطني السوري لقوى المعارضة والثورة السورية خالد خوجة، التصعيد الروسي بالقصف الجوي في بلاده، وذلك خلال زيارة يقوم بها إلى بريطانيا غدًا.
وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس إن «على روسيا المساعدة في البحث عن حل سياسي في سوريا، وألا تكتفي بدعم الرئيس السوري بشار الأسد». وأضاف: «الأمر يتوقف فعلا بشكل كبير على الاختيارات التي تقوم بها روسيا سواء بالبحث عن حل سياسي أو الاكتفاء بدعم نظام الأسد». وتابع: «لو أن الأمر يتعلق فقط بالنظام.. فهناك مشكلة».
واعتبر كيري أن الطريق الوحيد لإنهاء الحرب في سوريا يتطلب رحيل الأسد، لكنه أكد أن واشنطن تسعى لتوسيع التعاون مع موسكو في سياق التسوية السورية. وأضاف في مقابلة مع قناة «مير» التابعة لرابطة الدول المستقلة ردا على سؤال عما إذا كانت واشنطن تخطط للتنسيق مع روسيا لدى إرسال عسكريين إلى سوريا: «طبعا، إننا نريد تنسيق خطواتنا مع روسيا، لكننا لا نريد أن نكتفي بهذا القدر فقط، بل نريد تعاونا أوسع، لكن هذا الأمر مرتبط بروسيا وبالقرارات التي تتخذها في سياق الإجراءات السياسية لإحلال السلام». وذكر كيري الذي يزور كازاخستان في سياق جولته في آسيا الوسطى، أن التعاون بين الدول القوية التي تعمل طائراتها في المجال الجوي السوري أمر ضروري. وأضاف أن روسيا والولايات المتحدة تمكنتا خلال اجتماعات فيينا الأسبوع الماضي من إحراز تقدم حول موضوع التسوية السورية، واصفا المحادثات بأنها كانت مثمرة للغاية. لكنه حذر من أنه «إذا كان الهدف الوحيد لروسيا يكمن في دعم نظام الأسد، فمن المستحيل التوصل إلى حل»، وربط كيري هذه الاستحالة بموقف السعودية وتركيا وقطر والمعارضة السورية «الذين لن يتوقفوا عن حربهم ضد الأسد». وشدد على أن «السبيل الوحيد لإنهاء الحرب يكمن في دعوة السيد الأسد إلى عدم المقاومة لتشكيل الحكومة الجديدة؛ إذ بإمكانه أن يساعد في ذلك لإنقاذ بلاده». واعتبر أن «وجود روسيا من أجل دعم النظام فقط يؤدي إلى ظهور قضايا جديدة في المنطقة».
من جهته، قال وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر، للصحافيين المرافقين له في رحلته إلى كوريا الجنوبية وماليزيا، حول نشر قوات خاصة أميركية في سوريا: «لدينا دور أساسي واستراتيجية واضحة هناك؛ وهي تمكين القوات المحلية»، معترفا بالمخاطر التي تحيط بوجود قوات أميركية على الأرض.
من جانب آخر، أعلن بن رودس، نائب مستشارة الأمن القومي للاتصالات الاستراتيجية، أن مهمة القوة العسكرية التي تخطط واشنطن لإرسالها إلى سوريا، ستكمن في «المساهمة في تعزيز قدرات الشركاء» وليس في «المناوبة القتالية». وأوضح أن العسكريين الأميركيين سيقدمون لهؤلاء الشركاء الاستشارات، وأنهم سيساعدونهم في المسائل التنظيمية.
وشدد بن رودس على ضرورة عدم القتال جنبًا إلى جنب مع القوات المحلية، قائلا: «لا للقتال إلى جانب القوات المحلية.. وكذلك إلى جانب المعارضة المتطرفة؛ إذ لا تجوز زيادة قدراتهم القتالية بسبب تقديم الدعم التنظيمي والاستشاري لهم». وكرر رودس عدة مرات أن نشر القوات الأميركية في سوريا لن يكون له مهام قتالية.
جاء ذلك، خلال مؤتمر صحافي عسكري عقده بن رودس مع موظفي البيت الأبيض، أمس، لمناقشة قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما، إرسال 50 جنديا إلى شمال سوريا. واعترف رودس، ردا على أسئلة الصحافيين، بأن القوات الأميركية قد تجد نفسها وسط القتال، وأوضح أنه لا يستبعد إمكانية قيام القوات الأميركية بشن غارات للدفاع عن نفسها، مضيفا: «لن أستبعد أي شيء» وقال: «لا يمكن التكهن بكيفية تطور الأحداث، فكل الاحتمالات واردة. بما في ذلك تبادل إطلاق النار مع القوات الخاصة»، وأضاف: «هناك عمليات لإنقاذ الرهائن، أو على سبيل المثال، مواجهة مع قائد أحد التنظيمات الإرهابية».
في السياق ذاته، أعلن بن رودز، مستشار الرئيس الأميركي لشؤون السياسة الخارجية، أن مهمة القوة العسكرية التي تخطط واشنطن لإرسالها إلى سوريا، ستكمن في «المساهمة في تعزيز قدرات الشركاء» وليس في «المناوبة القتالية». وأوضح أن العسكريين الأميركيين سيقدمون لهؤلاء الشركاء الاستشارات، وسيساعدونهم في المسائل التنظيمية.
في غضون ذلك، دعا موفد الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا إلى وقف جديد لإطلاق النار، للبناء على الجهود الدبلوماسية المبذولة في فيينا لإنهاء النزاع الذي يمزق البلاد منذ نحو خمس سنوات. وقال دي ميستورا للصحافيين في ختام زيارة إلى دمشق وضع خلالها المسؤولين السوريين في أجواء محادثات فيينا: «ما نحتاجه أيضا هو بعض الوقائع على الأرض، بعض وقف إطلاق النار وخفض العنف»، مشيرًا إلى أنه «من شأن ذلك أن يحدث فرقا كبيرا لإعطاء الشعب السوري انطباعا بأن أجواء فيينا لها تأثير عليهم». وأوضح دي ميستورا أنه ناقش خلال لقاءاته في دمشق «جوانب محادثات فيينا، لأن الحكومة السورية لم تكن حاضرة ولا المعارضة»، معتبرا أنه «من المهم جدا أن يكون كل سوري مشاركا ومطلعا على هذا الموضوع. من واجبي القيام بهذه المهمة (الإطلاع) وأنا أقوم بها».
وتوافق المجتمعون في فيينا الجمعة الماضي على دعوة «الأمم المتحدة إلى جمع ممثلي الحكومة والمعارضة السورية من أجل عملية سياسية تؤدي إلى عملية انتقالية ذات صدقية وجامعة وغير طائفية يعقبها (وضع) دستور جديد وانتخابات». لكنهم لم ينجحوا في تذليل الخلاف حول مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد، على أن يعقدوا لقاء جديدا خلال أسبوعين. واقترح دي ميستورا في 29 يوليو (تموز) الماضي خطة جديدة للسلام تتضمن تأليف أربعة «فرق عمل» بين السوريين لبحث المسائل الأكثر تعقيدًا، والمتمثلة في «السلامة والحماية، ومكافحة الإرهاب، والقضايا السياسية والقانونية، وإعادة الإعمار».
وقال دي ميستورا من دمشق: «نتجه إلى إطلاق مجموعات العمل الخاصة التي ستكون كما تعرفون أحد جوانب متابعة محادثات فيينا، وأعتقد أن الوزير المعلم أعلن في الجمعية العامة (للأمم المتحدة) أنهم (الحكومة السورية) سيكونون جزءا منها». إلى ذلك، يبحث رئيس الائتلاف السوري خالد خوجة خلال زيارته إلى بريطانيا غدا الأوضاع عقب التدخل العسكري الروسي، وأهمية دور بريطانيا والاتحاد الأوروبي في وقف التصعيد الناجم عن هجمات الطيران الروسي وميليشيات إيران ونظام الأسد، وتفعيل دور دول أصدقاء الشعب السوري في التخفيف من معاناة السوريين الإنسانية.
تأتي الزيارة بدعوة رسمية من الجانب البريطاني، بحسب ما جاء في بيان صادر عن الائتلاف. ويلتقي خوجة خلال الزيارة وزير الخارجية وأعضاء في الحكومة ومجلس العموم البريطاني.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.