معارك يبرود تحتدم.. وأنباء عن دعم «فيلق بدر» العراقي لقوات النظام في القتال

مقتل 13 في غارات جوية قرب الحدود التركية.. وخرق هدنة اليرموك

صورة وزعت أمس لجانب من الانفجارات التي أعقبت غارات جوية على بلدة كفر تخاريم في إدلب (أ.ب)
صورة وزعت أمس لجانب من الانفجارات التي أعقبت غارات جوية على بلدة كفر تخاريم في إدلب (أ.ب)
TT

معارك يبرود تحتدم.. وأنباء عن دعم «فيلق بدر» العراقي لقوات النظام في القتال

صورة وزعت أمس لجانب من الانفجارات التي أعقبت غارات جوية على بلدة كفر تخاريم في إدلب (أ.ب)
صورة وزعت أمس لجانب من الانفجارات التي أعقبت غارات جوية على بلدة كفر تخاريم في إدلب (أ.ب)

قال معارضون سوريون، أمس، إن الهجوم الذي تشنه القوات النظامية على مشارف مدينة يبرود في القلمون بريف دمشق الشمالي «تراجع غداة اشتباكات عنيفة وقعت على محوري سحل ومزارع ريما»، بينما «كثفت القوات النظامية من وتيرة قصفها للمنطقة، مستهدفة أحياء يبرود بصواريخي أرض - أرض، وقذائف مدفعية». وتزامنت هذه الاشتباكات مع معارك اندلعت في مدينة حلب وريفها ودير الزور، في حين تجددت الاشتباكات بين وحدات حماية الشعب الكردي ومقاتلي تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) في تل أبيض، شمال شرقي سوريا.
كما قتل 13 شخصا في غارات جوية شنتها طائرات النظام السوري على بلدة كفر تخاريم في إدلب قرب الحدود التركية.
وأفاد ناشطون أمس بسقوط صاروخي أرض - أرض في مدينة يبرود، أحدهما استهدف وسط المدينة في أطراف حي القاعة، والثاني سقط في منطقة العقبة، في حين تواصل القصف بالبراميل المتفجرة على المدينة الصناعية.
وقال عضو المجلس العسكري في ريف دمشق إسماعيل الداراني لـ«الشرق الأوسط» إن القصف «تصاعد بوتيرة غير مسبوقة، فيما بدا أنه قصف تمهيدي لمحاولة اقتحام المدينة، والمناطق المتاخمة لها، حيث تتمركز قوات المعارضة، وأهمها في سحل ومزارع ريما». وقال الداراني إن القصف «استخدمت فيه راجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة، وسط غياب لسلاح الطيران».
وأعاد ناشطون تحييد سلاح الطيران الحربي من المعركة أمس، بعد تسجيل 70 غارة خلال 48 ساعة، إلى الظروف المناخية وإلى تقارب المسافات بين المعارضين والقوات النظامية، وتحديدا في سحل وريما. وأشار الداراني إلى أن هذا القصف «جاء بديلا عن محاولات الهجوم المتكررة التي فشلت القوات النظامية، مدعومة من مقاتلي حزب الله اللبناني، بتحقيقه في المنطقة».
وأفاد ناشطون سوريون بارتفاع عدد خسائر القوات النظامية في معركة يبرود، خلال 24 ساعة، إلى طائرتين وخمس دبابات وجرافة، كان آخرها دبابة أصيبت بصاروخ «كونكريس» على محور سحل. وقال الناشط عامر القلموني لـ«الشرق الأوسط» إن «ميليشيا فيلق البدر (العراقي) انضمت أخيرا إلى القوات النظامية التي تكبدت خسائر كبيرة، بينما تستمر الاشتباكات على محاور القتال لمنع القوات النظامية من التقدم والسيطرة على المنطقة».
وسربت مواقع تابعة للمعارضة، أسماء لمقاتلين تابعين لحزب الله و«فيلق بدر» قالوا إنهم قتلوا خلال الاشتباكات في عقبة يبرود «القسطل». وأكدت مصادر في المعارضة مقتل القيادي في حزب الله زهير أبو رافع.
وكان محورا سحل وريما، الواقعان شمال شرقي يبرود، ويفصلهما عن المدينة أوتوستراد دمشق - حمص الدولي، شهدا اشتباكات عنيفة، أسفرت عن تقدم القوات النظامية في بعض المواقع الجبلية. ونفى الداراني أن يكون التقدم تحقق في بلدة سحل «التي نزح السكان منها، وتحولت إلى جبهة مفتوحة بين الطرفين». واتسعت رقعة القصف أمس لتطال مدينتي رنكوس والزبداني، فيما تواصل النزوح من بلدات القلمون.
في المقابل، ردت قوات المعارضة على القصف، بإطلاق صواريخ محلية الصنع على مطاري الناصرية والضمير العسكريين في ريف دمشق، بالتزامن مع إطلاق صواريخ باتجاه منطقة القطيفة العسكرية.
وقال الداراني إن القطيفة «تُستهدف لأول مرة منذ بدء المعارك في ريف دمشق»، مشيرا إلى أنها «نقطة تجمع عسكرية لأكبر الفرق العسكرية في المنطقة الوسط بين دمشق وحمص، وتتضمن سكن كبار الضباط والعسكريين».
وفي دمشق، سجل، أمس، سقوط عدة قذائف هاون في محيط منطقة العباسيين بدمشق، كما أفاد به اتحاد تنسيقيات الثورة بأن الجيش الحر نسف بناء كامل تتحصن به قوات النظام في حي جوبر بدمشق.
وتعرضت مناطق في مدينة حرستا بريف دمشق لقصف بقذائف الهاون من القوات النظامية. وأفاد المرصد السوري بوقوع اشتباكات بين مقاتلي الكتائب المقاتلة والقوات النظامية، على المتحلق الجنوبي بالقرب من مدينة زملكا، كما دارت اشتباكات بين الطرفين على جبهة دروشا بالغوطة الغربية، وبالقرب من مخيم خان الشيح.
وفي إدلب، شن طيران النظام السوري غارات جوية على بلدة كفر تخاريم قرب الحدود التركية، مما أدى إلى مقتل 13 شخصا. كما أسفرت الغارات عن تدمير مبانٍ سكنية. وأظهر مقطع فيديو نشر على شبكة الإنترنت يُزعم أنه لأحداث ما بعد القصف، رجالا يحملون طفلا وجهه محترق من أحد المباني التي اشتعلت بها النيران جراء القصف الجوي.
وفي غضون ذلك، تصاعدت حدة الاشتباكات في حلب، شمال البلاد، بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة في أكثر من منطقة، كان أعنفها في منطقة الشيخ نجار التي قال ناشطون إن القوات النظامية حاولت استعادتها، حيث اشتبكت مع مقاتلين تابعين للجبهة الإسلامية المعارضة، واتسعت الاشتباكات إلى بلدة النقارين. وأفاد ناشطون بوقوع اشتباكات في أحياء داخلية في مدينة حلب، بينها المرجة ودوار الجندول والكلاسة. كما وقعت اشتباكات في مناطق متفرقة بالريف الجنوبي لحلب، بينها خناصر التي نسف فيها المعارضون حاجزا لقوات النظام، وذلك في هجوم مفاجئ.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بتجدد الاشتباكات بين مقاتلي الكتائب المقاتلة والقوات النظامية على أطراف حي بني زيد، كذلك سقطت عدة قذائف على مناطق في حي المشارقة الخاضع لسيطرة القوات النظامية. وتعرضت أطراف سجن حلب المركزي لقصف من القوات النظامية بالتزامن مع اشتباكات بين مقاتلي جبهة النصرة وحركة أحرار الشام الإسلامية من طرف والقوات النظامية من طرف آخر، بحسب ناشطين من المنطقة.
في موازاة ذلك، واصل سلاح الجو التابع للنظام استهداف أحياء حلب ومناطق في ريفها بالبراميل المتفجرة، أبرزها في مدينة الشيخ نجار الصناعية وحي مساكن هنانو، غداة استهداف طريق الباب وأحياء الحيدرية والجزماتي وجبل بدرو بأكثر من ثمانية صواريخ، أتبعها بغارات أخرى.
وفي سياق التوتر بين كتائب المعارضة وتنظيم داعش، قال ناشطون إن الأخير حصن منطقة نفوذه في مدينة الباب (30 كلم شرق حلب)، بنصب حواجز إسمنتية، كما رفع سواتر ترابية أخرى على الطرق المؤدية إليها «لأسباب غير معروفة».
وتواجه «داعش» تحديا آخر في محافظة الحسكة، حيث أفاد المرصد السوري باندلاع اشتباكات مع مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي في الريف الغربي لمدينة تل أبيض، وسط قصف متبادل بين الطرفين.
وفي دير الزور، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بتجدد الاشتباكات بين مقاتلي الكتائب المقاتلة والقوات النظامية في منطقة المركزية الرابعة، التي تتمركز بها الكتائب المقاتلة في حويجة المريعية، وسط تقدم للكتائب المقاتلة، وقصف من القوات النظامية على منطقة الاشتباك، بينما انفجرت عبوة ناسفة في بلدة البصيرة.
وفي تطور لاحق أمس، تجددت المعارك وعمليات القصف في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب دمشق وفق ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان، فيما تبادلت جبهة النصرة المتطرفة و»الجبهة الشعبية-القيادة العامة» الاتهامات بخرق الهدنة التي اعلنت منذ منتصف فبراير (شباط) في هذا المخيم.
وتحدث المرصد عن «اشتباكات عنيفة تدور بين جبهة النصرة (التابعة للقاعدة) والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة»، الموالية للنظام السوري، فيما اكد مديره رامي عبد الرحمن انه «جرى خرق الهدنة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».