الانتخابات البرلمانية تعيد تشكيل خريطة الأحزاب المصرية.. وحزب ساويرس نحو الأغلبية

مستشار الحكومة: نسبة المشاركة في المرحلة الأولى تتفق مع المعايير الدولية

النتائج الأولية «غير الرسمية» للمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب المصري (البرلمان) أظهرت تقدمًا واضحًا للأحزاب الناشئة (إ.ب.أ)
النتائج الأولية «غير الرسمية» للمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب المصري (البرلمان) أظهرت تقدمًا واضحًا للأحزاب الناشئة (إ.ب.أ)
TT

الانتخابات البرلمانية تعيد تشكيل خريطة الأحزاب المصرية.. وحزب ساويرس نحو الأغلبية

النتائج الأولية «غير الرسمية» للمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب المصري (البرلمان) أظهرت تقدمًا واضحًا للأحزاب الناشئة (إ.ب.أ)
النتائج الأولية «غير الرسمية» للمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب المصري (البرلمان) أظهرت تقدمًا واضحًا للأحزاب الناشئة (إ.ب.أ)

أظهرت النتائج الأولية «غير الرسمية» للمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب المصري (البرلمان)، تقدمًا واضحًا للأحزاب الناشئة، وعلى رأسها حزب المصريين الأحرار الذي أسسه رجل الأعمال البارز نجيب ساويرس، وبات قريبًا من تحقيق لقب حزب الأغلبية داخل المجلس، إضافة إلى حزب مستقبل وطن الوليد والذي ارتبط اسمه بدعم الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وقال الدكتور مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن النتائج التي تحققت حتى الآن جاءت عكس التوقعات، وأعادت تشكيل خريطة الأحزاب المصرية، بابتعاد القوى التقليدية والأحزاب العريقة مثل «الوفد»، وكذلك أحزاب الإسلام السياسي، وظهور منافسين جدد أبرزهم حزب المصريين الأحرار الذي يتمتع بقدرات مالية وتنظيمية عالية ولديه طموح كبير للهيمنة على الساحة السياسية في المستقبل.
ودشن ساويرس «المصريين الأحرار» في أبريل (نيسان) عام 2011 عقب ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، وحصل في أول انتخابات برلمانية خاضها في نفس العام على 15 مقعدًا، ضمن 34 مقعدا حصل عليها تحالف الكتلة المصرية.
ووفقا للنتائج (غير الرسمية) للمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب التي جرت في 14 محافظة وانتهت مساء أول من أمس، فقد حصل «المصريين الأحرار» على 41 مقعدا في المركز الأول، يليه حزب مستقبل وطن بـ30 مقعدا، فحزب الوفد الليبرالي العريق على 15، ثم «النور» السلفي بـ10، وفي المركز الخامس حزب «المؤتمر» الليبرالي بـ5 مقاعد. في حين حسم المستقلون المنافسة في 148 مقعدًا.
ومن المقرر أن تعلن اللجنة العليا للانتخابات النتائج الرسمية اليوم (الجمعة) على أن تنطلق المرحلة الثانية من الانتخابات في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
ويتألف مجلس النواب المقبل من 568 عضوا ينتخبون بالاقتراع العام السري المباشر بينهم 448 يفوزون في منافسات فردية و120 يفوزون من خلال قوائم، إضافة إلى نسبة 5 في المائة من الأعضاء يعينهم الرئيس المصري.
وقال كامل السيد لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن تراجع الأحزاب التقليدية عن الساحة السياسية في السنوات الأخيرة ومنها «الوفد» و«التجمع» و«الناصري»، إضافة إلى حل الحزب الوطني عقب ثورة 25 يناير، وخروج جماعة الإخوان المسلمين وحزبها (الحرية والعدالة) ومعظم أحزاب الإسلام السياسي من المعادلة عقب ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013، وعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، أدلى إلى ظهور قوى حزبية جديدة.
وأضاف: «الخريطة الجديدة للأحزاب في مصر تتشكل الآن عبر البرلمان، وفي حدود ضآلة مشاركتها في الانتخابات استطاعت تلك الأحزاب أن تحشد عددًا من المواطنين نسبيًا للتصويت لديها، وكان فرسا الرهان هما (المصريين الأحرار) الذي يتمتع بقدرات مالية وتنظيمية كبيرة ورؤية واضحة، و(مستقبل وطن) الذي يعتمد على تأييد الدولة وارتباط مؤسسه بالرئيس عبد الفتاح السيسي».
ويرأس حزب مستقبل وطن الشاب محمد بدران، الذي كان رئيسا لاتحاد طلاب مصر ومثله في لجنة إعداد الدستور. وظهر بدران أكثر من مرة في لقاءات مع الرئيس السيسي، كما اصطحبه الرئيس أثناء افتتاحه قناة السويس الجديدة مطلع أغسطس (آب) الماضي على يخت «المحروسة».
لكن كامل السيد يرى أن الاعتماد على تأييد الرئيس يكرر تجربة الحزب الوطني المنحل، ووجده يرتبط برضا الرئيس عنه، مؤكدا أنه لا يزال حزبا بلا ملامح ولا مواقف أو رؤية واضحة، هو فقط يعتمد على تأييد الرئيس.
وأضاف السيد أن حزب الوفد مستمر في تواري دوره، وأيضًا حزب النور انكمش بدرجة كبيرة، ومن ثم أصبح الأقدر على الاستمرار حاليا هو «المصريين الأحرار»، الذي يستند إلى دعم عدد من رجال الأعمال وليس فقط نجيب ساويرس، وشباب لديه قدرات تنظيميه ورؤية سياسية.
وحول دور حزب المصريين الأحرار في رسم سياسية الدولة المقبلة حال حصوله على الأغلبية البرلمانية، أكد أستاذ العلوم السياسية أن «المصريين الأحرار» لديه طموحات بأن يتولى أحد أعضائه رئاسة الحكومة في فترة ما، ربما ليس في الدورة البرلمانية المقبلة لأنه لن يتحدى الرئيس السيسي، لكن على الأقل سيحاول أن يكون له دور في الموافقة على برنامج الحكومة وتشكيلها، فالحزب يريد أن يثبت قدرته أن يكون حزبا معارضا وأن يحصل على أصوات الناخبين، ولا بد أن يُظهر قدرا من الفاعلية.
وأوضح أن أغلب الأحزاب تتشابه من حيث التوجه السياسي والأفكار الاقتصادية، متوقعا أن تحدث عملية اندماج بين الأحزاب الصغيرة، وأيضًا قيام أحزاب مثل «المصريين الأحرار» بضم بعض المستقلين، لنشهد تحالفات جديدة داخل المجلس.
وقال المهندس نجيب ساويرس، مؤسس «المصريين الأحرار»، عقب ظهور النتائج، أمس: «نعاهد الجميع سواء من انتخبونا أو لم ينتخبونا، أننا سنعمل جاهدين للدفاع عن مصلحة هذا الشعب بكل فئاته وطوائفه في البرلمان المقبل»، مضيفًا: «سنترجم ثقتكم فينا إلى خطط عمليه للقضاء على الفقر الذي هو هدفنا الأهم خلال الفترة المقبلة».
من جانبه، قال محمد بدران، رئيس حزب مستقبل وطن، إن الحزب ونوابه سيكونون صوت الشباب وصوت المواطن البسيط في البرلمان، مؤكدا أن الحزب بدأ في جني ثمار التعب والجهد الذي بذله على مدار الأشهر الماضية من خلال الجولات التي قام بها بالمحافظات.
وأكد بدران أن عرض مشكلات الشباب والعمل على حلها سوف يكون الشغل الشاغل للأعضاء الحزب تحت قبة البرلمان، وأيضًا سنتطرق للكثير من القضايا التي تهم المواطنين في الصحة والتعليم والتنمية المحلية. وأضاف بدران، أن الحزب سينافس في المرحلة الثانية بـ96 مرشحا على كل المقاعد.
من جهة أخرى، قال اللواء رفعت قمصان مستشار رئيس الوزراء لشؤون الانتخابات، إنه كان من المأمول أن تكون نسبة الإقبال والمشاركة في العملية الانتخابية أعلى من النسب الحالية، ولكن من خلال مراجعة بعض المنظمات الدولية والاستحقاقات الدولية في عدد من دول العالم فإن متوسط الحضور والمشاركة وفقا للنسب العالمية يتراوح من 25 في المائة إلى 30 في المائة.
وكانت اللجنة العليا للانتخابات أشارت إلى أن نسبة المشاركة في المرحلة الأولى، قبل جولة الإعادة، بلغت 26 في المائة.
وحول ما يثار من انتقادات عن عزوف الشباب في المشاركة بالانتخابات، أوضح قمصان أنه لا توجد آلية في الدولة لمعرفة قاعدة بيانات الناخبين، ولكن توجد شواهد تظهر عكس ما يثار، فعدد المرشحين في المرحلة الأولى من الشباب 1125 شابا من إجمالي عدد المرشحين 2548 بنسبة 40 في المائة في الفئة العمرية الفئة القانونية من 25 إلى 35 والفئة الشباب الواقعي من 35 إلى 45، مشيرا إلى أن جولة الإعادة شهدت وجود شباب بنحو 147 من إجمالي 444 مرشحا بما نسبته 37 في المائة، مشيرا إلى نجاح 8 شباب في القوائم وهذا ما يعكس أن الشباب ساهموا في اختيارهم وأن كبار السن اختاروا الشباب تقديرا لدورهم.
وأوضح أن اللجنة العليا للانتخابات والأجهزة الحكومية قامت بعمل تسهيلات إدارية المواطنين لمعرفة أماكن لجانهم وزيادة عدد اللجان الانتخابية وجعلها قريبة من أماكن إقامتهم، فضلا عن إعطائهم نصف يوم إجازة للتمكن من الإدلاء بأصواتهم، ووضع خطط تأمين متميزة لتجنب منع أي ناخب من التصويت سواء لأسباب طائفية أو سياسية أو اجتماعية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».