70 ألفًا من المرتزقة الأفارقة وصلوا إلى البلاد خلال عام.. والتحالف بدأ في اعتراضهم على السواحل اليمنية

اليونيسيف: نقص الأدوية يهدد حياة الأطفال أكثر من أولئك الذين يقتلونهم بالرصاص

يمني يحمل فوق رأسه علبة مساعدات إماراتية في أحد أحياء مدينة عدن(أ.ف.ب)
يمني يحمل فوق رأسه علبة مساعدات إماراتية في أحد أحياء مدينة عدن(أ.ف.ب)
TT

70 ألفًا من المرتزقة الأفارقة وصلوا إلى البلاد خلال عام.. والتحالف بدأ في اعتراضهم على السواحل اليمنية

يمني يحمل فوق رأسه علبة مساعدات إماراتية في أحد أحياء مدينة عدن(أ.ف.ب)
يمني يحمل فوق رأسه علبة مساعدات إماراتية في أحد أحياء مدينة عدن(أ.ف.ب)

بدأت أجهزة الأمن اليمنية وقوات التحالف في ضبط المتسللين الأفارقة إلى اليمن، الذين كشفت معلومات رسمية عن أنهم مقاتلون مرتزقة، يستقدمهم الحوثيون.
وقالت مصادر عسكرية في المنطقة العسكرية الرابعة بعدن لـ«الشرق الأوسط» إن قوات التحالف العربي المرابطة في المياه الإقليمية اليمنية في بحر العرب وخليج عدن ضبطت عشرات المتسللين الأفارقة، الذين يصلون إلى السواحل اليمنية عبر زوارق وسفن صيد تقوم بتهريبهم من القرن الأفريقي إلى سواحل محافظات عدن ولحج وأبين وشبوة، جنوب اليمن.
في غضون ذلك، حذر نشطاء حقوقيون وسياسيون من استمرار تدفق اللاجئين الأفارقة إلى اليمن، في ظل أوضاع الحرب المستعرة في البلاد، وما ترتب عليها من تفاقم للحالة الإنسانية.
وقال الناشط الحقوقي، شفيع العبد، لـ«الشرق الأوسط» إن تدفق اللاجئين الأفارقة على اليمن، في ظل حالة الحرب التي تعيشها وتدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية، يثير غبار الأسئلة المحملة بالمخاوف من ازدياد أعدادهم وأن يتم استغلالهم كبنادق للإيجار، واستخدامهم من قبل الميليشيات المتعددة الرايات.
وأضاف العبد أن مئات اللاجئين الأفارقة وصلوا إلى محافظة شبوة، شرق اليمن، عبر سواحلها المفتوحة، مؤكدا أن كل الوافدين الجدد هم من فئة الشباب، ومن إثيوبيا، وتساءل عن «الدافع الحقيقي لهؤلاء ليتوجهوا إلى بلد غارق في أتون حرب وفوضى، وليس هناك فرص للعيش ولا للعمل»، ومجيبا على سؤاله: «الفرصة الوحيدة المتاحة أمامهم بكل سخاء هي الحرب لا سواها».
وأشار إلى أن السنوات الماضية، وقبل اندلاع الحرب مطلع هذا العام، كان اللاجئون من القرن الأفريقي يصلون عادة إلى ميناء بلحاف (قنا التاريخي) بمحافظة شبوة، ومعظم هؤلاء من الصومال، ومن مختلف الفئات العمرية، أطفال ونساء وشيوخ ورجال، لافتا إلى أن القادمين الجدد معظمهم من فئة الشباب فقط وجميعهم من إثيوبيا، مشيرا إلى أنهم ما إن يصلوا إلى الساحل اليمني حتى يسألوا عن رداع وبيحان والحسين، معتقدين أن الحسين مدينة أسوة بمدينتي رداع وبيحان التابعتين إداريا لمحافظتي شبوة والبيضاء، ويسيطر عليهما ميليشيات الحوثي والرئيس المخلوع. وجدد الناشط العبد التأكيد على أن الشباب القادم من إثيوبيا يتم نقلهم فور وصولهم إلى منطقة بلحاف الساحلية بمحافظة شبوة بسيارات إلى عاصمة المحافظة عتق، ومنها إلى بيحان الواقعة تحت سيطرة الميليشيات وتبعد نحو 200 كلم، وتساءل عن كيفية السماح لتدفق هذه الأعداد إلى الساحل اليمني من قبل قوات التحالف المسيطرة على المياه الإقليمية وتقوم بالرقابة والتفتيش لكل السفن المتجهة لليمن، وأفاد العبد بأنه، وبحسب علمه، لم تسجل حالة اعتراض أو وقف للعملية ومن أي جهة كانت.
وكانت «الشرق الأوسط» أول من كشف، قبل أيام، عن عمليات استقدام المتمردين الحوثيين لمرتزقة من دول القرن الأفريقي للقتال في صفوفهم في عدد من جبهات القتال.
في السياق ذاته، أعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن نحو 70 ألفا من اللاجئين معظمهم من إثيوبيا والصومال وصلوا بالقوارب هذا العام، وأكثر من نصف هؤلاء الوافدين كانوا في البلاد منذ مارس (آذار) الماضي.
وقال المتحدث باسم المفوضية في جنيف أدريان أدوردز، أول من أمس الثلاثاء، إن السفر إلى اليمن ما زال خطرا للغاية، مضيفا أنه وقبل ثلاثة أسابيع انقلب قارب محمل بالمهاجرين واللاجئين في بحر العرب وهو في طريقه إلى اليمن، ومن بين ثمانية وستين راكبا، نجا فقط اثنان وثلاثون أنقذتهم سفينة عابرة، وتمكن واحد من السباحة إلى الشاطئ، وأوضح أنه قد تم تعليق العمل بمرافق الاستقبال لأولئك الذين يصلون على طول ساحل البحر الأحمر، بعد أن دمر هجوم قرية استضافة الوافدين الجدد في باب المندب الأسبوع الماضي، وتم نهب منشآت الاستقبال المتبقية.
وتابع أنه ونتيجة لهذا الهجوم قتل اثنان من الموظفين الشركاء الذين كانوا يعملون في مركز العبور، وهما مساعد طبي في الهلال الأحمر اليمني ولاجئ صومالي كان يعمل مترجما، وسجلت منظمة «مجتمع من أجل تضامن إنساني»، وهي منظمة شريكة للمفوضية، 88 حالة وفاة في عرض البحر بين القرن الأفريقي واليمن منذ بداية العام الحالي.
وفي سياق آخر يتعلق بالطفولة في اليمن، حذر آنتوني ليك، المدير التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، من أنه «قد يموت مزيد من الأطفال في اليمن بسبب نقص الأدوية والرعاية الصحية أكثر من أولئك الذين يقتلون بالرصاص والقصف».
وقال المسؤول الدولي، في بيان نُشر على موقع المنظمة الإلكتروني، مساء الثلاثاء، إن النقص الحاد في الوقود والأدوية والكهرباء والماء يهدد بمزيد من تعطيل الأعمال، مضيفا: «هناك خطر حاد ناجم عن أمراض يمكن الوقاية منها، كما أن عدد الأطفال المعرضين لخطر سوء التغذية المميت تضاعف ثلاث مرات ليصل إلى أكثر من نصف مليون طفل».
وأوضح في بيانه أن هناك «10 ملايين طفل في مختلف أنحاء البلاد، بحاجة إلى معونات إنسانية، ونناشد، مرة أخرى، كل الأطراف المعنية إلى احترام القانون الإنساني الدولي ووضع حد لهذه المأساة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.