البشير: تحديات الحوار الوطني امتداد لمحاولات تفتيت العالم العربي

الرئيس السوداني إلى الهند في تحدٍ جديد لـ«الجنائية الدولية»

البشير: تحديات الحوار الوطني امتداد لمحاولات تفتيت العالم العربي
TT

البشير: تحديات الحوار الوطني امتداد لمحاولات تفتيت العالم العربي

البشير: تحديات الحوار الوطني امتداد لمحاولات تفتيت العالم العربي

وصف الرئيس السوداني التحديات التي تواجه عملية الحوار السوداني - السوداني بالطبيعية، واعتبرها امتدادا للتعقيدات التي تحيط بالإقليم وتهدف إلى تفتيت العالم العربي، وأمر أجهزة حكومته بوضع الترتيبات اللازمة لتأمين التخطيط الاستراتيجي ليكون مرجعية للأداء الوطني، وبإعادة هيكلة مؤسسات التخطيط، بما يمكنها من تقديم العون الفني والمهني لقيادة الدولة، ولتحويل ما قد يتوصل إليه «الحوار الوطني» الجاري في البلاد إلى واقع بوضعه ضمن خطط الدولة، كما طلب من الجهات المسؤولة عن التخطيط بتطوير «الاستراتيجية القومية» لتعبر عما يتم الاتفاق عليه في جلسات الحوار، وتحويله إلى «خطة قومية» ملزمة للجميع، في الوقت الذي أعلنت فيه رسميًا مشاركته في القمة الأفريقية الهندية على رأس وفد بلاده على الرغم من تحدي محكمة الجنايات الدولية الذي يواجهه خلال سفراته إلى الخارج.
وقال الرئيس البشير في كلمته لدورة انعقاد المجلس القومي للتخطيط الاستراتيجي التي عقدت بالقصر الرئاسي بالخرطوم أول من أمس، إن دورة المجلس تنعقد في ظل انطلاق عملية الحوار الوطني الذي يؤمل في أن يتوصل لرؤية وطنية ترسم ملامح المستقبل السوداني، وفقًا للإرادة الوطنية دون إملاء أو وصاية. وكان البشير قد دعا قبل قرابة عامين إلى حوار وطني، يشارك فيه المعارضون المدنيون والمسلحون قصد الوصول إلى حلول لمشكلات البلاد عبر التفاوض، إلا أن دعوته تعثرت وتأخرت بخروج قوى معارضة رئيسية عنه، كحزب الأمة القومي بزعامة المهدي وقوى مدنية أخرى، بينما رفضتها الحركات المسلحة، وقوى المعارضة المنضوية تحت لواء تحالف قوى الإجماع الوطني، وعوضًا عن ذلك اشترطت قوى الممانعة للحوار عقد مؤتمر تحضيري في أديس أبابا لبناء الثقة، وتوفير الضمانات اللازمة لمشاركة قادتها في الحوار، بيد أن الرئيس البشير رفض هذا الشرط، وشرعت حكومته في حوار بدأ منذ 10 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وصفته «قوى الممانعة» بأنه حوار داخل في الحكومة ولا يعنيها.
وقال البشير: «نحن ندرك أن تشكيل مستقبلنًا في ظل التطورات في الإقليم الذي يموج بالاستراتيجيات الأجنبية التي تسعى لتأسيس واقع جديد، يعبر عن مصالحها أكثر من كونه يعبر عن مصالح دول المنطقة»، واعتبر التحديات التي تواجه عملية الحوار الوطني «طبيعية» في ظل التعقيدات الراهنة والمتوقعة التي تواجه مستقبل الإقليم بكامله، وليس حكومة أو حزبا محددا، باعتبارها محاولات رامية إلى تفتيت العالم العربي.
من جهة أخرى، توجه الرئيس البشير اليوم إلى الهند مترئسًا وفد السودان المشارك في «القمة الأفريقية الهندية»، التي تبدأ غدا الخميس، ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن وزير الخارجية إبراهيم غندور قوله إن الرئيس سيجري لقاءات ثنائية مع عدد من رؤساء الدول، وعلى رأسهم رئيس الوزراء الهندي.
ولا يعد سفر الرؤساء للمشاركة في الأحداث الدولية حدثًا، لكن سفر الرئيس السوداني، ووفقًا لمذكرة القبض الصادرة من محكمة الجنايات الدولية ضده، جعل من سفراته الخارجية «حدثًا» مهمًا، خصوصا بعد التعقيدات التي رافقت سفره إلى جنوب أفريقيا في يونيو (حزيران) الماضي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.