حتى صحيفة «واشنطن بوست» علقت الصحف على ذلك، وقالت: «لم تعد الشقراء غبية» (يشير هذا إلى تعبير أميركي يعني أن الشقراوات غبيات، تعويضا عن جمالهن). «الشقراء» هنا ليست إلا لعبة «باربي». يبلغ عمر هذه «العروس» 55 عاما. أنتجتها شركة «ماتيل» في عام 1959 لألعاب الأطفال.
كانت صاحبة الفكرة هي سيدة الأعمال الأميركية روث هاندلر (1916 - 2002). واستوحت فكرتها من العروسة الألمانية الشقراء الشهيرة «بيلد ليلي».
لأكثر من نصف قرن، شكلت «باربي» جزءًا مهمًا في عالم العرائس ولعب الأطفال (خاصة البنات). أيضا، ظلت محور خلافات، واختلافات، ودعاوى قضائية. ومع كثير من التهكم والسخرية، خاصة من السود والسوداوات (وغيرهم من الأقليات العرقية واللونية).
لكن، رغم ذلك، اكتسحت «باربي باور» (قوة باربي) الآفاق. داخل أميركا، وخارجها، وسط البيض، والسود، والسمر، والصفر.. الخ.
أمس الاثنين، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» إن غزو «أرتيفيشيال إنتيليجانس» (الذكاء الاصطناعي) وصل إلى لعب الأطفال. وإن شركة ماتيل صارت تضع كومبيوترات معقدة وصغيرة جدا داخل ألعابها. مثل الديناصور «دينو»، واللعبة «باربي». وتستعد لإنزال مثل هذه اللعب في الأسواق مع بداية موسم الكريسماس.
سيكون اسم اللعبة «هالو باربي» (يعنى هذا أنها تفهم الكلام، وتتكلم). لكن، سيكون سعرها أغلى (70 دولارا، بدلا عن 12 دولارا).
يوجد في داخلها مكرفون، وسماعة، ومسجل، ومقسم إلكتروني، وفاحص صوت، يستقبل كلام الشخص (عادة، أطفال تتراوح أعمارهم بين خمسة وعشرة سنوات). ثم، بواسطة معادلات حسابية ولوغريثمات، تحدد «باربي» الرد. ثم تقوله.
حسب بيان أصدرته شركة مايتل، تقدر «باربي» على الرد على مائتي سؤال، أو ملاحظة، أو تعليق.
مثلا: يسأل طفل: هل تريدين أن تلعبي؟
تجيب: نعم. أقترح لعبة الحروف الهجائية.
(بين السؤال والإجابة، وخلال ثوان، يتجول الكومبيوتر داخل «باربي» على ما يقارب من عشرة آلاف رد. ويختار منها ما يناسب الطفل، حسب صوته، وحسب كاميرا تصوره).
في كل الأحوال، توجد إجابة تقول: «آسفة، لا أريد أن ألعب معك».
وفي كل الأحوال، تتذكر «باربي» كل شيء. وذلك لأن المسجل الإلكتروني فيها يسجل مقابلات سابقة، ويتذكر الوالدين، وأصدقاء، وأقرباء. وطبعا، تاريخ آخر حديث مع كل طفل، أو طفلة.
نعم، لم تعد الشقراء غبية.
ولأنها يمكن أن تزود بتكنولوجيا «واي فاي» (اتصال لاسلكي للكومبيوتر)، تقدر على أن تحول الأسئلة الصعبة إلى رئاسة الشركة، حيث توجد أجوبة إلكترونية جاهزة لكل سؤال. حاليا، يوجد «واي فاي» في لعبة ديناصور «دينو» ويطور في لعبة «باربي».
إذا سأل طفل «دينو»: «ما هي سرعة الصوت؟»، يقدر على الإجابة حسب عمر الطفل.
كيف ذلك؟ باستعمال تكنولوجيا «أي بي إم واتسون»، التي تقدر على الفوز على منافسين حقيقيين في ألعاب ومسابقات في التلفزيون.
حسب كتاب «كونفيرسيشان ريكليمد» (إعادة السيطرة على الحديث: قوة القدرة على الكلام الإلكتروني)، الذي كتبته شيري تيركل، أستاذة اللوغريثمات في معهد ماساجوستس للتكنولوجيا (إم آي تي): «صرنا نعيش في عصر الروبوت».
وأضافت: «لم نعد نخترع كومبيوترات تحبنا، أو تكرهنا. صرنا نخترع كومبيوترات نعتقد أنها تحبنا أو تكرهنا. بالنسبة لهذه الكومبيوترات، هي تؤدي واجبها فقط».
في عام 1959، كانت الأميركية روث هاندلر تشاهد بنتها «باربرا» تلعب بعرائس مصنوعة من الورق. ولاحظت أن البنت كانت تستمتع بالتعامل مع العرائس على أنهم أشخاص كبار. (في ذلك الوقت، كانت معظم عرائس الأطفال على شكل صغار في السن).
لهذا، لاحظت هاندلر وجود فجوة في السوق لأنه لا يلبي احتياجات الأطفال من العرائس اللاتي تجاوزن مرحلة الطفولة. ولهذا، اقترحت على زوجها إليوت، مدير في شركة ماتيل للألعاب، تصميم عروسة لها جسد امرأة. لكن، لم يتحمس الزوج للفكرة، ولم يتحمس أيضا مديرو شركة ماتيل.
لكن، أثناء رحلة قامت بها روث إلى ألمانيا، مع بنتها باربرا وولدها كينيث، شاهدوا العروسة الألمانية الشهيرة بيلد ليلي، التي كانت على شكل فتاة بالغة.
في الحال، اشترت ثلاث عرائس: واحدة لبنتها، واثنتين لشركة ماتيل (عن طريق زوجها). هذه المرة، تبنى الزوج وشركة ماتيل الموضوع.
رغم أن «باربي» بيعت في البداية للأطفال، في وقت لاحق، امتدت شهرتها للكبار (نساء كثيرات، وبعض رجال). استمتعوا بشراء ملابس لها من الأسواق، وجعلوها تبدو في أحسن هيئة ممكنة.
حسب أبحاث علمية أجرتها شركة ماتيل، بالنسبة للنساء، جملنها كما يودين أن يجملن أنفسهن. وبالنسبة للرجال، لا بأس لأنها شقراء، وكما يقول فيلم أميركي قديم: «الرجال يفضلون الشقراوات».
ظهرت العروسة لأول مرة في معرض الألعاب الدولية في نيويورك في عام 1959. في وقت لاحق، انضم إليها «العريس» كينيث.
والبقية، صارت، كما يقولون، جزءا من التاريخ.
لم تعد الشقراء الغبية.. لعبة باربي تتكلم بذكاء
«هالو باربي» تجيب على أسئلة الأطفال وسعرها يصل إلى 70 دولارًا
لم تعد الشقراء الغبية.. لعبة باربي تتكلم بذكاء
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة