حديث بوتين يفجر جدلاً في الأوساط الصحافية حول أسرار لقاء الكرملين مع الأسد

منتدى «فالداي» بين الإعلام والسياسة

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يجيب على أسئلة الإعلاميين في منتدى {فالداي} في سوتشي ({الشرق الأوسط})
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يجيب على أسئلة الإعلاميين في منتدى {فالداي} في سوتشي ({الشرق الأوسط})
TT

حديث بوتين يفجر جدلاً في الأوساط الصحافية حول أسرار لقاء الكرملين مع الأسد

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يجيب على أسئلة الإعلاميين في منتدى {فالداي} في سوتشي ({الشرق الأوسط})
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يجيب على أسئلة الإعلاميين في منتدى {فالداي} في سوتشي ({الشرق الأوسط})

الدورة الثانية عشرة لمنتدى «فالداي» هذا العام كانت الأكثر سخونة واستقطابًا لمشاهير الساسة والمعلقين. منهم من ينتمي إلى الماضي، وإن ظل متابعًا ومشاركًا نشيطًا في شؤون الحاضر، ومنهم من لا يزال يحتفظ بنضارة أفكاره وموضوعية توجهاته من مواقعه الحالية التي يشارك منها في رسم مسارات وملامح السياسة الدولية. أما الصدارة فتظل مطلقة لفلاديمير بوتين الذي كان وراء فكرة تأسيس هذا المنتدى على ضفاف بحيرة «فالداي» في عام 2004 ليكون ساحته الإعلامية لمواجهة ما يتناثر في مختلف الصحف وأجهزة الإعلام العالمية والإقليمية من أنصاف الحقائق التي هي بالقطع أنصاف الأكاذيب.
وقد كانت الدورة الأخيرة للمنتدى الإعلامي في سوتشي على ضفاف البحر الأسود فرصة أكثر من مناسبة لتناول قضايا الساعة، وفي مقدمتها «أسرار» لقائه الأخير الذي عقده في الكرملين مع الرئيس السوري بشار الأسد، والأسباب التي دعته إلى القيام بمغامرته العسكرية «المحسوبة» ضد فصائل وتنظيمات الإرهاب في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط، وفي مقدمتها «داعش» و«النصرة»، وهو ما كان مثار جدل واسع النطاق في الصحافة المحلية والعالمية.
في ضاحية «المروج الحمراء» بضواحي سوتشي كان اللقاء الذي لا تزال أصداؤه تدوي عالية، تطرق أسماع الذين قصدهم بوتين بتعليقاته اللاذعة، وبأحكامه التي يريد بها تغيير مسارات السياسة العالمية، وبتحذيراته التي لوّح بها من مغبة التغاضي عن أخطار الإرهاب. وقد تلقفت الصحف والقنوات التلفزيونية الروسية ما قاله بوتين في «مانشيتات» اتسمت بالإثارة لتؤكد أن بوتين ماضٍ في طريقه الذي حدد ملامحه في مؤتمر الأمن الأوروبي في ميونيخ في فبراير (شباط) 2007، مؤكدا أن الوقت قد حان للتخلي عن عالم القطب الواحد والتحول إلى بناء العالم متعدد الأقطاب بعيدًا عن هيمنة وغطرسة قوة بعينها تؤكد تصرفاتها أنها في غير وفاق مع الشرعية والقانون الدولي.
وكان بوتين استهل كلمته الافتتاحية التي استبق بها حواره مع ضيوفه في منتدى «فالداي»، وكانوا في معظمهم من رجال الدولة والسياسة وكبار المعلقين الحاليين والسابقين، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر رئيس مجلس الشورى الإيراني على لاريجاني، ورئيس الحكومة الفرنسية الأسبق فيليب دومينيك، ورئيس جمهورية التشيك السابق فاتسلاف كلاوس، والسفير الأميركي الأسبق في موسكو جيك ميتلوك، بانتقاد خداع الولايات المتحدة التي طالما تعللت بإيران لدى محاولات تمريرها لمشروعها حول الدرع الصاروخية في أوروبا.
قال إن واشنطن وحلفاءها أجروا تجاربهم على منظومات الدرع الصاروخية منذ بضعة أيام، رغم كل تأكيداتهم حول أن فكرة بناء «الدرع الصاروخية» تستهدف التصدي للخطر الإيراني النووي. وها هو الخطر الإيراني النووي يتلاشى، ومع ذلك، وعلى النقيض مما سبق من تصريحات «تواجهنا واشنطن وحلفاؤها بتجاربهم حول (الدرع الصاروخية)». وتوقفت الصحافة الروسية عند ما قاله بوتين في حديثه أمام ضيوف منتدى «فالداي»، لتؤكد أنه قريب في جوهره مما قاله من على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الأخيرة.. «روسيا كانت ولا تزال وسوف تظل ضد هيمنة القطب الواحد، مناهضة لأي محاولات تستهدف إملاء غيرها لإرادتها عليها وعلى الآخرين». وقد اختارت الصحف الروسية ومنها «كوميرسانت» و«الصحيفة المستقلة» و«ا ربي كا» عناوين بدت متشابهة في تقديم ما قاله بوتين حول أن الحملة العسكرية الروسية في سوريا «حرب مقدسة» يجب على الآخرين خوضها دفاعًا عن الحضارة والمدنية وعن البشرية جمعاء في مواجهة همجية وتخلف وعدوانية وإرهاب «داعش» وغيره من التنظيمات الإرهابية.
وتساءل بوتين عما كان يمكن أن يكون عليه الحال لو احتلت فصائل «داعش» أيًا من العاصمتين بغداد أو دمشق. وقال: «لقد كان من الممكن أن يفرضوا واقعا جديدا استنادا إلى كان يمكن أن يتمتعوا به من العاصمة من (وضعية الدولة)». وعاد بوتين ليتساءل: «هل فكر أحد في ذلك؟». ولوح بيديه في إشارة لم تكن لتخلو من المغزى الذي يريده.
وكانت صحيفة «كوميرسانت» قدمت صورة من قريب استعرض فيها مراسلها أندريه كوليسنيكوف المعروف بصلته القريبة من بوتين، ما قاله الرئيس الروسي ومنه «أنه من المستحيل أن تحقق النصر على الإرهابيين، إذا كنت تلجأ إلى بعضهم لاستخدامهم دروعًا بشرية في حربك من أجل الإطاحة بسلطة شرعية دستورية. فلن تستطيع لاحقا أن تتخلص من هذا البعض».
وعاد بوتين ليسخر من استمرار قوات الائتلاف في إلقاء شحنات الأسلحة والعتاد والذخيرة من الجو، فيما تساءل عما إذا كان أي من هؤلاء الذي يلقون مثل هذه الأسلحة من الجو على يقين تام من أنها لن تقع في أيدي الإرهابيين.
وفي معرض إجاباته عن أسئلة الحاضرين عاد الرئيس بوتين إلى انتقاد الشركاء الأميركيين الذي يرفضون الاستجابة لدعوة التعاون في مكافحة الإرهاب، مؤكدًا خطورة احتمالات تزويد الإرهابيين بأنظمة مضادة للطائرات يمكن أن تهدد الطيارين الروس. وأعرب عن أمله في ألا يُقْدم الآخرون على ذلك، مؤكدًا وجود العقلاء على الجانب الآخر ممن يدركون أن ذلك يمكن أن ينقلب ضدهم لاحقا. واستطرد ليقول: «هناك من ينتقد العملية الجوية الروسية. يشيعون أنها تستهدف المدنيين. لقد سألناهم مرارا عن إحداثيات مواقع الإرهابيين.. لكنهم لا يردون علينا.. لا يقولون شيئا». وتوقف بوتين ليستذكر أحد مشاهد الأفلام الروائية الروسية الساخرة. قال: «أذكر مشهدًا يتساءل فيه أحد النبلاء: قل لي.. كيف أفهمك؟ ماذا لي أن افهم إذا كنت لا تقول شيئا». ومن لغة السخرية إلى خبرة صبية الشوارع انتقل بوتين ليتذكر ما تعلمه في «شوارع لينينغراد»: «إذا فُرض علي الشجار، فلتبادر أنت بتوجيه الضربة الأولى».
أما عن أسرار زيارة الأسد لموسكو واللقاء الذي كان استمر حتى الساعات الأولى من صباح الأربعاء الماضي ولم تكشف موسكو عنه إلا بعد عودة الأسد إلى دياره سالما في دمشق، قال بوتين إنه فهم من الرئيس السوري أنه على استعداد للحوار والتنسيق مع المعارضة. وكشف الرئيس الروسي عن أن موسكو في سبيلها إلى العمل في هذا الاتجاه، وأنها سوف تحاول العثور على الفصائل التي تحارب إرهاب «داعش»، وتقبل الحوار والتنسيق مع النظام في دمشق.
وكانت الصحافة الروسية استعرضت آراء الكثيرين من المراقبين الذين قالوا في معظمهم إن الزيارة جاءت تتويجا لجهود سابقة كثيرة حاولت موسكو من خلالها تأكيد ثوابت موقفها تجاه الأزمة السورية. وعلى الرغم من تركيز معظم وسائل الإعلام الروسية على جوهر المباحثات وتوجهاتها، توقف البعض عند احتمالات أن تكون تطرقت إلى بحث مصير الرئيس السوري ومدى استعداده للرحيل عن منصبه. وفي هذا الصدد نشرت صحيفة «ا ربي كا» التي يقف وراءها رجل الأعمال الملياردير ميخائيل بروخوروف ما قاله ألكسندر شوميلين مدير مركز تحليل نزاعات الشرق الأوسط التابع لمعهد الولايات المتحدة وكندا حول أن «زيارة الأسد أكدت قوة بوتين، وأن المباحثات ناقشت مختلف أشكال رحيل الأسد عن السلطة على ضوء المباحثات التي تجري بمشاركة روسيا»، وهو استنتاج انفرد به شوميلين الذي سبق وعمل مراسلاً لصحيفة «كومسومولسكايا برافدا» في القاهرة والمعروف بمواقفه المؤيدة لإسرائيل.
وردًا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» بشأن ما إذا كان هناك آخرون تناقلوا خبر مناقشة تنحية الأسد عن السلطة، قالت بولينا خيمشياشفيلي، مراسلة «ا ربي كا» التي نقلت تصريحات شوميلين، بفرادة مثل هذه التعليقات، التي اتُّفق على تسميتها بأنها تنطلق من «التحليل عبر الأماني». وكان موقع «غازيتا رو» قد جنح أيضًا نحو توقعات على غرار ما قاله شوميلين إلا أنه لم يجزم بشيء محدد في هذا الصدد.
وحول ظهور علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الإيراني على يمين الرئيس بوتين على منصة منتدى «فالداي»، احتدم الجدل أيضًا في الأوساط الإعلامية والسياسية، وهو الذي (كما قالت صحيفة «كوميرسانت») أثار وجوده في مثل هذا المنتدى الإعلامي السياسي تحفظات كثير من الحضور. ونقلت «كوميرسانت» ما قاله لاريجاني في كلمته التي حمل فيها على سياسات الولايات المتحدة، فيما اتهمها بمسؤولية «تفريخ» الإرهاب نتيجة عملياتها في أفغانستان والعراق، على عكس الضيف الآخر القادم من التشيك فاتسلاف كلاوس، الذي بدا (وعلى حد وصف أندريه كوليسنيكوف محرر صحيفة «كوميرسانت») «مسالما هادئا»، اكتفى بالتحذير من أن «الخطر يداهم مستقبل البشرية، لكن الخطر الأعظم يظل داخل كل منا» على حد قوله.



السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
TT

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)

أكّد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، الاثنين، أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم قضية فلسطين، والتكاتف لإبراز مخرجات «القمة العربية والإسلامية غير العادية» التي استضافتها الرياض مؤخراً.

وشددت القمة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على مركزية القضية الفلسطينية، والدعم الراسخ للشعب لنيل حقوقه المشروعة، وإيجاد حل عادل وشامل مبني على قرارات الشرعية الدولية.

وقال الدوسري لدى ترؤسه الدورة العادية الـ20 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب في أبوظبي، أن الاجتماع يناقش 12 بنداً ضمن الجهود الرامية لتطوير العمل المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، بمشاركة رؤساء الوفود والمؤسسات والاتحادات الممارسة لمهام إعلامية ذات صفة مراقب.

الدوسري أكد أهمية توظيف العمل الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية (واس)

وأضاف أن الاجتماعات ناقشت سبل الارتقاء بالمحتوى الإعلامي، وأهم القضايا المتعلقة بدور الإعلام في التصدي لظاهرة الإرهاب، وجهود الجامعة العربية في متابعة خطة التحرك الإعلامي بالخارج، فضلاً عن الخريطة الإعلامية العربية للتنمية المستدامة 2030.

وتطرق الدوسري إلى استضافة السعودية مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتصحر «كوب 16»، وقمة المياه الواحدة، وضرورة إبراز مخرجاتهما في الإعلام العربي، مؤكداً أهمية الخطة الموحدة للتفاعل الإعلامي مع قضايا البيئة.

وأشار إلى أهمية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام العربي، واستثمار دورها في تعزيز المحتوى وتحليل سلوك الجمهور، داعياً للاستفادة من خبرات «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» في الرياض؛ لتطوير الأداء.