محافظ شبوة لـ«الشرق الأوسط»: الحوثيون يستعينون بمرتزقة أفارقة للقتال في صفوفهم

يصلون إلى السواحل اليمنية لاجئين.. وينقلونهم إلى بيحان ومنها إلى جبهات القتال

أحد المقاتلين من جماعة الحوثي يهتف في ذكرى العاشر من محرم ويبدو مناصرون للجماعة في العاصمة اليمنية صنعاء أمس (رويترز)
أحد المقاتلين من جماعة الحوثي يهتف في ذكرى العاشر من محرم ويبدو مناصرون للجماعة في العاصمة اليمنية صنعاء أمس (رويترز)
TT

محافظ شبوة لـ«الشرق الأوسط»: الحوثيون يستعينون بمرتزقة أفارقة للقتال في صفوفهم

أحد المقاتلين من جماعة الحوثي يهتف في ذكرى العاشر من محرم ويبدو مناصرون للجماعة في العاصمة اليمنية صنعاء أمس (رويترز)
أحد المقاتلين من جماعة الحوثي يهتف في ذكرى العاشر من محرم ويبدو مناصرون للجماعة في العاصمة اليمنية صنعاء أمس (رويترز)

كشفت مصادر يمنية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن المتمردين الحوثيين يقومون، الآونة الأخيرة، بجلب الآلاف من المرتزقة الأفارقة إلى عدد من المناطق اليمنية، وقالت المصادر إن الآلاف من هؤلاء الأفارقة، الذين ينتمون لجنسيات مختلفة، يصلون، بدرجة رئيسية، إلى سواحل محافظة شبوة، جنوب شرقي البلاد، حيث تتم عملية عبورهم بسلاسة إلى مدينة عتق (عاصمة شبوة) ومن ثم إلى بيحان، حيث تتمركز ميليشيات المتمردين الحوثيين والمخلوع صالح حيث يتم تسكينهم في مدارس بيحان ومن ثم نقلهم إلى مناطق مجهولة في شمال اليمن.
وقال محافظ محافظة شبوة، العميد عبد الله النسي لـ«الشرق الأوسط» إن الحوثيين يستقبلون هؤلاء الأفارقة ويخصصون لهم سيارات لنقلهم من عتق إلى بيحان، وإن السلطات المحلية في المحافظة لا تملك الإمكانيات المادية أو البشرية لوقف زحف مثل هؤلاء الذي يتوافدون، يوميا، بالمئات على سواحل محافظة شبوة، وأشار إلى أن هناك مسافة تمتد لعشرات الكيلومترات قرب ميناء بلحاف لتصدير النفط «وهناك يتم إنزالهم ثم يقطعون مسافة على أقدامهم قبل أن يصلوا إلى عتق، ومنها يتم استقبالهم ونقلهم إلى بيحان».
وأكد محافظ شبوة لـ«الشرق الأوسط» أن عمليات وصول هذه الدفعات من الأفارقة «غير طبيعية»، وذلك لأن المنطقة تشهد عمليات وصول لاجئين صوماليين وإثيوبيين منذ سنوات طويلة «لكن ليس بالصورة التي عليها عمليات الوفود في الوقت الراهن، ففي السابق كانوا يتجهون إلى محافظة مأرب (المجاورة) ومنها يأخذهم مهربون إلى داخل الأراضي السعودية مقابل المال، وذلك للبحث عن فرص عمل في المناطق السعودية القريبة من الحدود»، لكنه يشير إلى أن «العملية، في الوقت الحاضر، تبدو منظمة»، ووفقا لمعلومات المحافظ النسي، فإن الوافدين الأفارقة الجدد، ينتمون لعدد من الدول، منها الصومال وكينيا ونيجيريا وغيرها من الجنسيات، التي لم تكن تصل إلى اليمن، ولم يستبعد محافظ شبوة أن يكون هؤلاء الأفارقة «عبارة عن مقاتلين مرتزقة»، ويؤكد أن المعلومات التي لديه تشير إلى أنه يتم استيعاب هؤلاء الوافدين في معسكرات خاصة ويتم تدريبهم، قبل الزج بهم في القتال على الحدود اليمنية - السعودية.
وذكر شهود عيان في عتق لـ«الشرق الأوسط» أن الأفارقة الذين يصلون إلى شبوة، هذه الأيام، يختلفون كثيرًا عن الذين اعتاد الناس على رؤيتهم في موجات النزوح منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، عندما بدأت السواحل اليمنية في استقبال النازحين واللاجئين الهاربين من جحيم الحروب الأهلية والمجاعة في الصومال، وبعض دول القرن الأفريقي المجاورة، حيث يقول السكان إن معظم الذين يصلون إلى سواحل شبوة وإلى مدنها، هم في سن الشباب، وتبدو من ملامحهم أنهم مقاتلون، وليسوا مجرد نازحين عاديين، ولا يوجد بينهم أطفال أو شيوخ، وفيما ندر امرأة واحدة أو اثنتان فقط لـ«التمويه»، كما يعتقد سكان مدينة عتق، الذين أكدوا انه بعض هؤلاء الأفارقة يذهبون، فور وصولهم إلى عتق، لتسلم مبالغ «حوالات» مالية عبر إحدى شركات الصرافة اليمنية، ولا يعرف مصدرها.
من جانبه، وصف اللواء قاسم عبد الرب العفيف رئيس هيئة الأركان في جنوب اليمن (سابقا) ما يحدث بأنه «تطور خطير»، وقال العفيف لـ«الشرق الأوسط» إن «العملية، بحد ذاتها، وبتوقيتها وبالأعداد الكبيرة التي تصل، تشكل مسألة خطيرة»، وذلك لأن «هذا العدد يذهب مباشرة وبانسياب ودون عوائق إلى منطقة ساخنة تدور فيها عمليات بين قوات التحالف العربي والمتمردين»، ويتطرق القائد العسكري اليمني السابق إلى أهمية عملية تزويد طرف من الأطراف بعناصر جديدة، ولا يستبعد أن يكون هؤلاء الأفارقة ينتمون إلى «وحدات قتالية مدربة»، ويرى اللواء العفيف أن «كل هذا يثبت شكوكًا فعلية باشتراك قوى إقليمية ودولية لتأجيج الصراع الدائر في اليمن، ويمكن أن تكون هناك أهداف سياسية بعيدة أو قريبة المدى، كون منطقة الصراع فيها ثروات كبيرة من النفط والغاز»، ويطرح العفيف جملة من التساؤلات الملحّة بهذا الخصوص، حول «الجهة التي تؤمن لهم الوصول إلى مناطق التوتر عبر بحر العرب، وهل لها علاقة في عملية ضخ هؤلاء في سبيل دعم طرف من الأطراف في الحرب الدائرة، وما الهدف الأخير من ذلك، علما بأن البعض يحمل معه خرائط ويبدو أن هناك شيئًا أكبر يُدبر بليل لأنه من غير المعقول والمقبول أن يكون هؤلاء لاجئين لأن أمثالهم كانوا يذهبون إلى عدن في الماضي وليس إلى مناطق العمليات القتالية».
وأشارت الكثير من الأطراف اليمنية، التي تواصلت معها «الشرق الأوسط» بهذا الخصوص، إلى أن إيران هي الدولة الوحيدة المستفيدة من عملية تزويد الحوثيين بمقاتلين مرتزقة أفارقة، كما حدث ويحدث بتزويدها نظام بشار الأسد في سوريا بمقاتلين مرتزقة من جنسيات آسيوية مختلفة، فيما يرى المراقبون أن إيران هي الدولة الأبرز التي تدعم الحوثيين بالسلاح والمال والتدريب وتتبنى مواقفهم دوليا وتساندهم إعلاميًا، وقال أحد السياسيين اليمنيين لـ«الشرق الأوسط»: «نحن سياسيون ونستنتج، واستنتاجنا الوحيد هو أن إيران تقف وراء إرسال مرتزقة أفارقة إلى اليمن»، وأردف أن «المقاتلين الحوثيين باتوا في حالة إنهاك شديد، وقتل منهم وجرح وأسر عدد كبير، إضافة إلى فرار أعداد أخرى منهم وتسليم آخرين لأنفسهم في الجبهات، ومن عناصر القوات الموالية للمخلوع صالح من جبهات القتال، وبالتالي هم بحاجة إلى عناصر بشرية».
وتذهب بعض الأوساط اليمنية في مخاوفها بعيدًا، حيث تتوقع ألا يكون هدف المجيء بهذه المجاميع، التي تصل من عدد من الدول الأفريقية، المشاركة في القتال المباشر ضد قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وقوات التحالف، وإنما لتكوين ميليشيات وتنظيمات إرهابية لتنفيذ عمليات قتل ونهب واحتلال للمدن والبلدات، على غرار ما يقوم به تنظيم داعش في عدد من بلدان المنطقة، ويربط مراقبون بين مسألة توافد هذه الأعداد الكبيرة والمجهولة من سكان دول أفريقية إلى اليمن، واستقبال الحوثيين لهم وتسكينهم ونقلهم إلى معسكرات تدريب، والتهديدات والترهيب الذي أطلقه المخلوع صالح لليمنيين من انتشار جماعات متشددة كتنظيم القاعدة، إضافة إلى الربط بين ذلك ومزاعم الحوثيين المتواصلة بأنهم يقاتلون عناصر تكفيرية ودواعش في المحافظات التي شنوا الحرب عليها، والتي ما زالوا يقاتلون فيها ويجدون مقاومة شعبية قوية.
وفي وقت سابق، كانت أشارت مصادر محلية في محافظة صعدة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الحوثيين هجروا معظم سكان مدينة صعدة وأن المواطنين الأفارقة باتوا يوجدون في المدينة بشكل كبير، على حساب السكان الأصليين الذي غادروا المدينة رفضا للانقلاب وحكم الانقلابيين وتطرفهم، وأشارت تلك المصادر إلى أن الحوثيين يستخدمون المواطنين الأفارقة في عمليات تهريب (الحشيش) والمخدرات، بمختلف أنواعها إلى السعودية ودول الجوار، كتجارة رسمية بأغراض وأهداف سياسية، في حين كانت أكدت مصادر مطلعة في مأرب أن بين قتلى الميليشيات الحوثية في مأرب، مَن كانوا يحملون جنسيات دول أفريقية كثيرة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».