شدت الحكايات التي عرضت في العاصمة التونسية بمناسبة أيام قرطاج المسرحية، انتباه المارة فتحولوا إلى متفرجين وسامعين شغوفين بحكايات ظاهرها بسيط ودلالاتها عميقة. ففي نطاق الدورة 17 لهذه التظاهرة الثقافية الهامة التي دارت فعالياتها من 16 إلى 23 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، برمجت هيئة تنظيم أيام قرطاج المسرحية «يوم الحكواتي» الذي عرض 7 حكايات للكبار ومثلها للصغار وأثرت معظم الفضاءات الثقافية المنتشرة بالعاصمة التونسية بدءًا بالنادي الثقافي الطاهر الحداد وفضاء المخزن وصولاً إلى بعض الفضاءات الثقافية الخاصة على غرار المركز الثقافي الخاص ريحة البلاد. إلا أن العرض الذي احتضنه شارع بورقيبة وسط العاصمة التونسية كان له الأثر الأكبر على الحضور والعابرين الباحثين عن عرض مختلف عن العادة.
فقد قدم الحكواتي التونسي علاء الدين أيوب حكاية «العفريت المتحزم بشريط» بأسلوب بسيط ومرح وحركات رشيقة وجسد ببراعة أدوارًا وشخصيات أسطورية، ولكن ظلالها موجودة بيننا. كان ينظر بعينيه الغائرتين إلى وجوه المفترجين المنبهرين الذين غلب عليهم المهنية والكفاءة والطرافة وحسن الحكي. وقدم الحكواتي التونسي البغدادي عون حكاية «تغريدة بني هلال» وقدم كمال العلاوي عرض «حكاية في حكاية» بالإضافة إلى «نجع دريد» للممثلة التونسية وحيدة الدريدي.
وعادة ما يروي الحكواتي قصصًا وسيرًا وملاحم شعبية بعضها غابر في الأزمان يعيد له الروح، والبعض الآخر خرافي يرقى إلى مرتبة الواقعية المبسطة ولكن قراءة ما وراء السطور تتيح للمتلقي حرية التأويل.
وقد تكون عروض الحكواتي تطورًا ضروريًا على عروض «الفداوي» المعروفة في تونس منذ قرون في المقاهي والساحات العامة إذ عادة ما ينطلق «البرّاح» وهو رجل يحمل طبلاً يدق عليه ويرفع صوته للإعلان عن موعد ومكان عرض الفداوي فتأتيه العامة من كل صوب وحدب. ولمع في الأعوام الأخيرة نجم عدد من «الفداوية» لعل أبرزهم الممثل علاء الدين أيوب الذي حقق نجاحًا كبيرًا في هذا الفن المباشر والصعب المراس، فتجول بين عدة مهرجانات وقدم العروض الخاصة والإذاعية.
ويعد الإعلامي التونسي عبد العزيز العروي أحد الرواد في مجال الحكاية في تونس، فبعد تأسيس الإذاعة التونسية ملأ الدنيا وشغل الناس، بما كان يجمعه ويرويه من حكايات شعبية تونسية وعربية فيها الكثير من الحكمة وحسن البصيرة، وكان يقدمها بلهجة تونسية قريبة إلى قلب المتلقي وأذنه، وعند بدء بث التلفزيون التونسي إنتاجه الدرامي في نهاية عقد الستينات من القرن الماضي تحولت «حكايات العروي» إلى تمثيليات تلفزيونية حققت نجاحًا كبيرًا في تونس وفي بلدان المغرب العربي. يذكر أن تونس تشارك في الدورة 17 لأيام قرطاج المسرحية بـ67 عملاً مسرحيًا تونسيًا من جميع المجالات 30 للعموم و14 للأطفال و8 أعمال من مسرح الرقص و6 من صنف الحكواتي و7 أعمال للهواة و29 عملاً مسرحيًا عربيًا، فضلاً عن 18 عملاً من أوروبا و9 من بلدان أخرى تم انتقاؤها لتعرض خلال هذه التظاهرة.
«يوم الحكواتي» يشد السامعين ويعيد للحكاية سحرها
خلال الدورة الـ17 لأيام قرطاج المسرحية
«يوم الحكواتي» يشد السامعين ويعيد للحكاية سحرها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة