أوباما يقايض إنهاء العقوبات المفروضة على كوبا بتحرير سجناء الرأي

هافانا تصر على أنه لا يوجد في سجونها معتقلون سياسيون

فنان الغرافيتي دانيلو مالدونادو المعروف بلقب «إل سيكستو» بعد الإفراج عنه من قبل السلطات الكوبية (واشنطن بوست)
فنان الغرافيتي دانيلو مالدونادو المعروف بلقب «إل سيكستو» بعد الإفراج عنه من قبل السلطات الكوبية (واشنطن بوست)
TT

أوباما يقايض إنهاء العقوبات المفروضة على كوبا بتحرير سجناء الرأي

فنان الغرافيتي دانيلو مالدونادو المعروف بلقب «إل سيكستو» بعد الإفراج عنه من قبل السلطات الكوبية (واشنطن بوست)
فنان الغرافيتي دانيلو مالدونادو المعروف بلقب «إل سيكستو» بعد الإفراج عنه من قبل السلطات الكوبية (واشنطن بوست)

أعلنت منظمة العفو الدولية أن السلطات الكوبية أفرجت بشكل مفاجئ عن فنان رسوم غرافيتي، وذلك بعد مرور 10 أشهر قضاها خلف القضبان، وبعد أن حث أوباما القادة الكوبيين على تبني إصلاحات ديمقراطية، وتوسيع مساحة التسامح مع المعارضة، ويقول إنه أمر جوهري لحشد الدعم في الكونغرس من أجل إنهاء العقوبات التجارية الأميركية التي فرضتها إدارة كيندي قبل 55 عامًا.
وألقي القبض على دانيلو مالدونادو، المعروف بلقب «إل سيكستو»، في 25 من ديسمبر (كانون الأول) من العام المضي الماضي، عندما كان يستقل سيارة أجرة في طريقه إلى معرض فني، وبعد أن فتش عملاء الأمن الكوبيون صندوق السيارة عثروا بداخله على خنزيرين حيين مدهونين بألوان صارخة، ومكتوب على ظهريهما اسمي «فيدل» و«راؤول»، وتبين أن مالدونادو كان يعتزم إطلاقهما.
لكن عرض مالدونادو، الذي كان يهدف إلى استحضار الأفكار التي أوردها جورج أوريل في روايته «مزرعة الحيوان» لم ير النور قط، وكنتيجة لعمله هذا اتهم مالدونادو، البالغ من العمر 32 عامًا، بازدراء زعماء كوبا، لكن لم توجه إليه تهم رسمية قط، حسبما تؤكد منظمة العفو الدولية.
ويعد مالدونادو الناشط الكوبي الوحيد الباقي على قائمة «سجناء الرأي» التي تنشرها المنظمة. وكانت القائمة تضم في الماضي عشرات الأسماء الكوبية، لكن الحكومة عمدت في السنوات الأخيرة إلى اللجوء إلى عمليات التوقيف والاعتقال القصيرة لإفشال محاولات الاحتجاج، التي تنظمها جماعات المعارضة الصغيرة في الجزيرة.
من جانبها، قالت إيريكا جيفارا - روساس، مديرة شؤون الأميركتين في منظمة العفو الدولية، في بيان إن «الإفراج عن دانيلو يمثل نبأ عظيمًا، لكنه كان من المفترض ألا يسجن بالأساس لأن التعبير السلمي عن الرأي لا يعد بالجريمة».
وأضافت روساس موضحة أن «هذه الخطوة التي طال انتظارها ينبغي أن تفتح الباب أمام الإصلاح السياسي المطلوب بشدة في كوبا، التي يتعرض فيها الناس بشكل روتيني إلى المضايقات، ويلقى القبض عليهم، ويزج بهم في السجون على أساس تهم باطلة لا تتعدى مجرد التعبير عما يدور في خاطرهم».
لكن لم يصدر بيان في هذا الصدد من قبل السلطات الكوبية، التي تعتبر الناشطين من أمثال مالدونادو مجرد أتباع مأجورين للحكومة الأميركية، ومنفيي ميامي الذين يحاولون إسقاط النظام الاشتراكي الذي يطبقه الأخوان كاسترو.
وتبنت قضية مالدونادو منظمات حقوقية دولية ونواب أميركيون من أصل كوبي من أمثال السيناتور روبرت مينينديز، الذي دفع بأن إلقاء فنان الغرافيتي في السجن يثبت فشل سياسة الوفاق التي ينتهجها الرئيس باراك أوباما مع كوبا.
وقبل الزج به داخل سجون كوبا، لم يكن مالدونادو شخصية معروفة بين خصوم كاسترو، لكن علامة «إل سيكستو» البسيطة كانت مشهدًا شائعًا على جدران أحياء عدة بالعاصمة هافانا. وأثناء الفترة التي قضاها في السجن، رفض مالدونادو تناول الطعام لأسابيع كثيرة، وقد أنهى إضرابه عن الطعام هذا الشهر بعدما قالت السلطات الكوبية إنها تدرس الإفراج عنه.
وصرح مالدونادو لوكالة رويترز للأنباء بأن الحراس في سجن «فييه غراندي» أمروه بجمع أغراضه صباح يوم الثلاثاء، وأبلغوه بأنه سيفرج عنه في غضون 30 دقيقة. وبهذا الخصوص قال لـ«رويترز»: «الآن سأحاول استجماع طاقتي وأتواجد مع ابنتي... أريد السفر إلى الولايات المتحدة في المستقبل لأشكر جميع الناس الذين ساندوا قضية إطلاق سراحي».
واحتجز مالدونادو بعد 8 أيام فقط من إعلان أوباما والرئيس الكوبي راؤول كاسترو عزمهما إعادة العلاقات الدبلوماسية، والعمل على تطبيع العلاقة بين البلدين. وفي إطار هذا الاتفاق، وافقت الحكومة الكوبية على إطلاق سراح 53 محتجزا تعتبرهم الولايات المتحدة سجناء سياسيين.
إلا أن كوبا تصر أنه ليس لديها سجناء سياسيون. لكن اللجنة الكوبية لحقوق الإنسان، وهي جماعة منشقة على حكومة هافانا تحتفظ بإحصائيات عن النشطاء المحبوسين، تؤكد أنها تمتلك نحو 70 اسما على لائحتها، تضم أيضًا خاطفي طائرات ومسلحين متشددين، وأشخاصًا آخرين مدانين بهجمات عنيفة.
* خدمة: «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.